أنيقة، وانسيابية، وسريعة، صوتها يكاد لا يسمع، وزنها خفيف، وقودها طاقة رخيصة الثمن ومتجددة، منفوثاتها منخفضة وخالية من ملوثات الهواء، دهانها غير سام، وأجزاؤها قابلة لاعادة التدوير.
تلك هي أهم ميزات السيارة "الخضراء" الموعودة. انها مريحة وعملية وصديقة للبيئة. أما النموذج المثالي منها فقد لا يصبح حقيقة قبل سنوات. لكن شركات عدة حول العالم أنتجت بالفعل نماذج من هذه السيارة، بعضها قيد التجربة وبعضها دخل مرحلة التسويق. ومن هذه الشركات جنرال موتورز وفورد و ب.إم.دبليو ومرسيدس.
جنرال موتورز: أول سيارة كهربائية فـي الأسواق
بدأت جنرال موتورز انتاج نماذج من السيارات الكهربائية منذ العام 1912 بقصد الاختبار والتطوير. وفي مطلع 1996 اعلنت عن سيارتها الكهربائية "اي ڤي 1" (1VE) التي بدأ تسويقها في الولايات المتحدة في خريف تلك السنة، فكانت أول شركة سيارات كبرى تسوّق سيارة كهربائية. وفي أوائل 1997 بدأت "شفروليه" تسوق سيارة بيك أب كهربائية من طراز «إس» (Series-S)، خصصت للمؤسسات التجارية والحكومية.
وتجري جنرال موتورز اختبارات ميدانية على جيل جديد من هاتين السيارتين هما سيارة بيك أب كهربائية من طراز "A15-S" وسيارة كهربائية هجينة جهزت ببطاريات نيكل - هيدريد جديدة متطورة. ويصل مدى المسافة التي تقطعها البطاريات بالشحنة الواحدة الى 370 كيلومتراً، أي ضعف مدى بطاريات الرصاص الحمضية المستعملة اليوم. وهي تمكن السيارة من أن تقطع 130 كيلومتراً في كل غالون من وقود الميثانول (الغالون 3,7 ليترات). وقد أظهرت الأبحاث ان الميثانول ينتج ادنى مستوى من أوكسيدات النيتروجين، وأقل من نصف انبعاثات محركات الغاز الطبيعي والديزل.
وبطاريات النيكل - هيدريد معزولة ولا تحتاج الى صيانة ويمكن اعادة تدويرها بأمان لدى انتهاء استعمالها. ويبلغ عمرها ثلاثة أضعاف عمر بطاريات الرصاص الحمضية، لكن كلفة انتاجها أعلى. لذلك تركز جنرال موتورز الآن على خفض كلفة هذه التكنولوجيا. وصاحب هذا التطور اعلان جنرال موتورز عن جهاز متقدم لشحن البطاريات بالتيار الحثّي (induction) قوته 50 كيلوواط. وهو لا يحتاج الى أسلاك توصيل، ويمكنه اعادة شحن البطارية خلال دقائق بدلاً من ساعات. وقد أثبتت التجارب ان الشحن الحثّي للسيارات مأمون وسليم بيئياً. وفي الولايات المتحدة اليوم أكثر من 2000 جهاز شحن حثي في خدمة المستهلكين.
وتضم النماذج الجديدة من سيارات "1EV" طرازاً هجيناً يستخدم موتوراً كهربائيا للدفع والفرملة. ويستعمل مولد يديره محرك يعمل على الوقود، لتزويد الموتور بالطاقة الكهربائية واعادة شحن البطارية. وتستعمل مجموعة بطاريات لتوليد طاقة انتقالية وتخزين طاقة الفرملة.
وهناك طراز آخر بمحرك كهربائي يعمل بخلايا الوقود، فيحدث تفاعل كيميائي بين الأوكسيجين والهيدروجين لانتاج الطاقة الكهربائية. يؤخذ الأوكسيجين من الهواء، والهيدروجين اما يخزن على متن السيارة واما يؤخذ من وقود آخر بعد معالجته. وتستعمل مجموعة بطاريات لتوليد طاقة انتقالية وتخزين طاقة الفرملة. وقد تعهدت جنرال موتورز بانتاج سيارة تعمل بخلايا الوقود سنة 2004. وكشفت النقاب عن ابتكار محرك هجين يعمل بهذه الخلايا، ويستعمل في سياراتها الرياضية "1EV" التي تسير على الميثانول، وتبلغ منفوثاتها الصفر، ويصل مداها الى 480 كيلومتراً بين الشحنة والأخرى.
الى ذلك انتجت جنرال موتورز سيارة تعمل بالغاز الطبيعي المضغوط الذي يدير محركاً داخلي الاحتراق.
فورد وميركوري: سلسلة سيارات عائلية
عام 1997 كشفت شركة فورد عن انتاج أول نموذج لسيارتها "بي 2000" (2000P). وهي الأولى في سلسلة سيارات صديقة للبيئة توفركثيراً في استهلاك الوقود، ومنفوثاتها تكاد لا تذكر. وهي سيارة عائلية متوسطة الحجم، هيكلها مصنوع من الألومنيوم الخفيف ووزنها نحو 900 كيلوغرام. وهي أخف من مثيلاتها التي تنتجها فورد بمقدار 543 كيلوغراماً، وأكثر اقتصاداً في استهلاك الوقود بنسبة 30 في المئة، وتقطع نحو 60 كيلومتراً بالغالون في مقابل 34 كيلومتراً، وتتفوق على مثيلاتها من حيث السعة.
ويهدف برنامج "2000P" الى انتاج سيارة عائلية متوسطة الحجم تزن اقل من سيارات اليوم بنسبة 40 في المئة وتحقق وفراً في الوقود يبلغ ثلاثة أضعاف، مع تلبية طموحات المستهلك من حيث السلامة والاداء والمتانة والراحة وقوة التحمل. وسيكون استعمال الالومنيوم الخفيف ضعفي الكمية المستعملة في السيارة العائلية الاعتيادية. وسيتم انتاج طراز منها أواخر سنة 1998.
كذلك اعلنت فورد أن النموذج "بي 2000 دياتا" (DIATA 2000P) سوف ينقل عائلة من خمسة أشخاص مسافة 107 كيلومترات بغالون الوقود. وكشفت عن سيارة قيد التجربة طراز "اكسبديشن" (Expedition) تعمل على الغاز المضغوط وانبعاثاتها ضئيلة جداً. وتتعاون فورد مع شركتي دايملر - بنز الألمانية وبالارد باور سيستمز الكندية لانتاج سيارة صالحة للتسويق تعمل بنظم خلايا الوقود مع حلول 2004.
وتتفوق خلايا الوقود على البطاريات العادية في ثلاثة مجالات: فهي تكلف أقل، ومداها ليس محدوداً كالبطاريات، ولا تترتب عليها نفقات تبديل.
وقد انتجت فورد سنة 1998 سيارة بيك أب كهربائية من طراز «رانجر اي ڤي» (Ranger EV)، تعمل على بطارية رصاص حمضية، ويبلغ مداها 85 كيلومتراً بين الشحنة والاخرى، ويستغرق شحنها 6 ساعات. وسوف تزود هذه السيارة سنة 1991 ببطارية نيكل - هيدريد يبلغ مداها 170 كيلومتراً بين الشحنة والاخرى. وتجري الشركة اختبارات على سيارة كهربائية مزودة ببطارية رصاص حمضية يمكن شحنها في دقائق بدلاً من ساعات. فجهاز الشحن السريع «بوزي تشارجر» (Posi Charger) الذي طورته الشركة يمكنه شحن البطارية في أقل من 20 دقيقة.
وانتجت فورد سيارة بيك أب طراز 250-F وسيارة ڤان تعملان على الغاز الطبيعي. وتقول فورد انهما الانظف في العالم بين مثيلاتهما من حيث الوزن والاوليان من حيث استيفاء مقاييس السيارة ذات الانبعاثات المنخفضة.
وتتميز سيارة فورد "توروس" (Taurus) بأنها تعمل على الميثانول أو على الايثانول. وهي تحتوي على نظام للوقود يمكنه العمل على البنزين أو الوقود الكحولي.
ولدى فورد سيارة ركاب طراز "كراون فيكتوريا" (VictoriaCrown) تعمل على الغاز الطبيعي. وكانت قد أدخلت سيارتها "كونتور" (Contour) الى أسواق الولايات المتحدة عام 1997، وهي تعمل على الغاز الطبيعي أو البنزين. ولدى فورد أيضاً سيارتان تعملان على الغاز هما "فييستا" (Fiesta) و"ترانزيت" (Transit) اللتان تتميزان بانبعاثات منخفضة وتوفران بديلاً مراعياً للبيئة.
والى جانب الحد من المنفوثات، تسعى فورد الى تصميم وصنع سيارة اقتصادية يمكن اعادة تدوير أجزائها في حدود المئة في المئة. وتضاعف الشركة استعمال المواد المستخلصة من النفايات، ومنها سجاد المنازل وقوارير البلاستيك والبطاريات القديمة والاطارات المستعملة ومبردات الماء ومصدات السيارات.
ب.إم. دبليو: بطاريات عالية الطاقة
عام 1972 واكبت سيارتان كهربائيتان من صنع شركة ب.إم. دبليو (BMW) عدائين في الألعاب الأولمبية. وعام 1981 أطلقت الشركة برنامج أبحاث عنوانه "السيارة الكهربائية ذات البطارية العالية الطاقة". وكان الهدف انتاج سيارات كهربائية عملية. لذلك انتجت الشركة ثماني نماذج لسيارات اختبار، بعضها تم استعماله في مكاتب البريد وفي الدوائر الحكومية.
شكل هذا البرنامج منطلقاً لانتاج السيارة الكهربائية "إي 1" (1E) التي عرضت في معرض فرانكفورت للسيارات عام 1991. وهي ذات مدى معقول ومرنة القيادة وتتسع لأربعة ركاب مع امتعتهم. وهي مثالية للاستعمال داخل المدن. تعمل على بطارية صوديوم - كبريت. لكن الشركة تجري اختبارات على بطاريات صوديوم - نيكل - كلور وبطاريات نيكل - كادميوم كبدائل.
وبعد سنتين من عرض السيارة "1E" الاصلية كشفت الشركة عن سيارتها "1E" الهجينة، التي تندفع على الكهرباء مع وجود محرك داخلي الاحتراق. وهي تزن 960 كيلوغراماً، بما في ذلك البطارية التي تزن 200 كيلوغرام. ويبلغ مداها بين الشحنة والأخرى 150 كيلومتراً. وللسائق أن يختار بين نوعي الدفع: فاذا كان داخل المدينة يستعمل الدفع الكهربائي حيث لا انبعاثات ولا ضجيج، واثناء القيادة خارج المدن يستعمل المحرك الذي يؤمن له قطع مسافات طويلة بسرعة عالية.
وفي موازاة ذلك، أدخلت الشركة نظام الدفع الكهربائي في سيارتها طراز "3 Series" التي شكلت جيلاً جديداً من السيارات الكهربائية يجمع بين الراحة والسلامة.
وتجري الشركة أبحاثاً لانتاج سيارة تعمل بنظام الاندفاع بواسطة الهيدروجين. والميزة الكبرى للهيدروجين أنه لا يولد غازات مسببة للاحتباس الحراري أثناء عملية الاحتراق. لكن المشكلة هي أيضاً الحاجة الى كهرباء لفصل الماء الى هيدروجين وأوكسيجين. لذلك تجري الشركة أبحاثاً لانتاج الكهرباء بواسطة الطاقة الشمسية. ولم يتحدد بعد الوقت الذي تعمم فيه "محطات" الهيدروجين.
أوبل: السبّاقة بيئياً فـي أوروبا
كان هدف "أوبل" الدائم منع الأضرار التي تلحقها سياراتها بالبيئة، بدءاً بصنع مكونات السيارة، مروراً بمراحل الانتاج والتشغيل، وانتهاء بالتخلص من السيارات القديمة. وقد اتخذت الشركة المقاييس البيئية معياراً للمنافسة. فانصبت جهودها على ايجاد مواد بديلة مراعية للبيئة واعتماد تصاميم تأخذ في الاعتبار احتياجات اعادة التدوير في النهاية وادخال تحسينات تؤمن مزيداً من الاقتصاد في الوقود وخفض معدلات الاحتكاك، مع ضمان تخطيط مواقع الانتاج بطريقة سليمة بيئياً. ولم تخف على الشركة السموم التي تحويها الدهانات التقليدية، وفي العام 1982 كانت أول شركة سيارات تستعمل الدهانات المرتكزة على الماء في ورش الدهان التابعة لمرافق الانتاج. ويعتبر مصنع أوبل في ايسناخ الأقل انتاجاً لانبعاثات المذيبات في العالم بفضل هذه التكنولوجيا. وكانت أوبل عام 1989 أول شركة سيارات في أوروبا تستعمل محولاً حفازاً بدائرة مقفلة في جميع سياراتها العاملة على البنزين.
وفي العام 1995 كان استهلاك سيارات أوبل 7,08 ليترات من الوقود لكل مئة كيلومتر، أي أقل بنصف ليتر من معدل استهلاك السيارات الألمانية اجمالاً.
وقد أقامت أوبل في ألمانيا شبكة واسعة لاسترجاع سياراتها العتيقة واعادة تدويرها بعد انتهاء خدمتها على الطرق.
وكانت أول شركة سيارات من نوعها في ألمانيا تعيد تدوير بلاستيك السيارات. وتستعمل سيارة اوبل "أسترا" البلاستيك المعاد تدويره أكثر من أي سيارة أخرى في العالم.
انتجت شركة "أوبل" في ربيع 1997 طرازاً جديداً لسيارتها "كورسا" (Corsa) يحوي أول محرك أوروبي مدمّج من سلسلة "ايكوتيك" (ECOTEC) بثلاث أسطوانات وأربع صمامات.
تعمل هذه السيارة على البنزين وتصل سرعتها الى 150 كيلومتراً في الساعة. وتمتاز بكفاءتها الثرمودينامية العالية، وانخفاض معدلات احتكاك العجلات والقطع الداخلية، وخفة الوزن، مما يخفض استهلاك الوقود بشكل ملحوظ. وتقول الشركة ان هذه السيارة هي أكثر السيارات الأوروبية توفيراً للوقود بين مثيلاتها. وتعمل عجلة القيادة على الكهرباء. ونظراً لخفة وزن السيارة، فان عجلة القيادة لا تحتاج الى طاقة الا عند الانعطاف، مما يخفض أيضاً استهلاك الوقود بنحو خمسة في المئة. ويحتوي المحرك على وحدة تحكم كهربائية هجينة هي أصغر من الأنواع التقليدية.
وتستخدم وحدة الطاقة في الصمامات نظاماً للحقن التتابعي يؤمن احتراقاً أمثل للوقود والهواء. وهذا الاحتراق يحول دون خروج وقود غير محترق من العادم مما يخفض الانبعاثات. وقد ركّب الى جانب المحرك، قرب مشعب العادم مباشرة، محول حفاز ثلاثي الاتجاهات ذو دائرة مقفلة. وبسبب قربه من المحرك، يسخن هذا المحول سريعاً، حتى في المدن حيث يكثر التوقف والانطلاق، فلا تنخفض حرارته الى ما دون المستوى الضروري لتشغيله. وهذا يخفض كثيراً من المنفوثات الضارة.
شركات أخرى
تنتج شركة تويوتا اليابانية سيارة كهربائية من طراز "EV-4RAV". وقد طلبت سلطات مدينة نيويورك مؤخراً 37 سيارة من هذا النوع لاستعمالها في مرافق الخدمات العامة. وتكمل المجموعة طلباً سابقاً لعشرين سيارة من الطراز ذاته وضعت في الخدمة. وتعمل هذه السيارات على بطاريات حديثة صنعت من النيكل - هيدريد، وهي تقطع مسافة 190 كيلومتراً بالشحنة الواحدة بسرعة 125 كيلومتراً في الساعة، وتتسع لخمسة ركاب.
وتنتج شركة مان (MAN) في ميونيخ بألمانيا باصات تعمل على الغاز الطبيعي. وهي تستخدم على نطاق واسع في تورنبرغ واوغسبرغ ومدن ألمانية أخرى. ومن المقرر ان ينطلق في شوارع فلوريدا هذا الشتاء باص يسير على خلايا الوقود. وسيقوده باحثون من جامعة فلوريدا أملاً في الترويج لتكنولوجيا خلايا الوقود المستجدة. وهذا الباص اكثر كفاءة بنسبة 10 في المئة من باصات الديزل المماثلة. وعندما يحول نظام معالجة الوقود في الباص كحول الميثانول الى هيدروجين، ينتج ثاني أوكسيد الكربون، لكن بمستويات أدنى كثيراً من محركات الديزل، كما أن منفوثاته من الهيدروكربونات وأكاسيد النيتروجين والجسيمات تقل كثيراً عنها في محركات الديزل.
وتبدي شركة دايملر - بنز الالمانية اهتماماً جدياً بانتاج سيارة تعمل على خلايا الوقود. وقد قطعت شوطاً كبيراً في صنع سيارة ڤان من طراز "نيكار" (NECAR) باعتماد تكنولوجيا خلايا وقود متقدمة تتولى حرق الهيدروجين. ويتوقع أن تعرض هذه السيارة للبيع سنة 2004 او 2005. وقد وضعت باصات وسيارات تعمل على الهيدروجين في التشغيل التجريبي في مطار ميونيخ.
وسوف تسوق شركة كرايزلر سيارة ميني ڤان كهربائية. وكذلك ستفعل شركة هوندا.
وقد وافق وزراء البيئة في الاتحاد الأوروبي، في تشرين الأول (اكتوبر) 1998، على عرض قدمته جمعية صانعي السيارات في أوروبا يقضي بأن تخفض طوعاً كمية ثاني أوكسيد الكربون المنبعثة من عوادم السيارات الجديدة بمقدار الربع خلال السنوات العشر المقبلة. وسيساعد هذا الاتفاق الاتحاد الأوروبي على تحقيق هدفه لسنة ،2010 وهو خفض انبعاث ستة غازات دفيئة 8 في المئة عن مستويات 1990.
وهكذا تبذل شركات السيارات جهوداً جدية لانتاج سيارة "خضراء" على نطاق تجاري. ويؤمل ان تكثف هذه الشركات جهودها، وأن يقترن ذلك بدعم جدي من الحكومات، لكي يعمّ استخدام هذه السيارات قريباً، علّ كابوس التلوث ينقشع وتبدأ مدن العالم تتنفس الصعداء.
الكويت تتحول الى البنزين الخالي من الرصاص
في مطلع تشرين الأول (أكتوبر) 1998 تحولت جميع محطات الوقود في دولة الكويت الى بيع البنزين (الغازولين) الخالي من الرصاص حصراً. وسيبقى البنزين العادي متوافراً في بعض المحطات لفترة انتقالية. فكانت أول دولة في المنطقة تقوم بهذا التحول الشامل.
كذلك تستعد المملكة العربية السعودية لادخال البنزين الخالي من الرصاص. وكانت الشركة السعودية للصناعات الاساسية "سابك" بدأت خلال العامين الماضيين انتاج وتسويق مادة مثيل ثالثي بوتيل الايثر (MTBE)، الذي يضاف الى البنزين بدلاً من مركبات الرصاص، ويقوم مكانها برفع نسبة الاوكتان وتحسين عملية الاشتعال.
وفي المنطقة العربية، يتوافر البنزين الخالي من الرصاص أيضاً في محطات الوقود في الامارات العربية المتحدة ولبنان.
استخدمت صناعة السيارات منذ مطلع هذا القرن وقوداً يحتوي على بنزين أساسي يضاف اليه مقدار من الرصاص لزيادة نسبة الأوكتان، لضمان حدوث اشتعال مناسب أثناء الفصول الباردة وتحسين القيادة في الفصول الحارة.
ولم يتغير تركيب البنزين المستخدم مذذاك تغيراً جوهرياً. انما عززت نسبة الأوكتان فيه، خصوصاً مع تطور صناعة السيارات وادخال محركات الاحتراق الداخلي ذات الضغط الأعلى. فاستجاب أصحاب مصافي التكرير بتسويق أنواع من البنزين المعزز بنسب أعلى من الأوكتان لتلبية مقاييس الأداء الجديدة.
وتدل درجة الأوكتان في الوقود على قدرته على مقاومة الاشتعال الذاتي أو الخبط (الطقطقة) قبل اللحظة المثالية للاشتعال في اسطوانات المحرك. واذا حدث الخبط بشكل متكرر أو مركز جداً، فإنه يستطيع أن يخفض أداء المحرك ويحد من التسارع ويزيد المواد المنبعثة، كما أنه يلحق الضرر بالقِطَع. ويعتبر السائقون نسبة الأوكتان مقياساً مهماً لجودة الوقود.
ويقوم معظم مكرري النفط الخام، منذ العام 1920، بتقوية درجة الأوكتان في البنزين باضافة كميات متزايدة من رابع إثيل الرصاص.
لكن في منتصف السبعينات، أعلن أن الرصاص المنبعث من عوادم السيارات يعتبر مصدراً رئيسياً للتلوث والاخطار الصحية. يدخل الرصاص جسم الانسان عن طريق استنشاق البخار وتناول السوائل أو الامتصاص عن طريق الجلد. وهو يهاجم الدم والكلى والجهاز العصبي المركزي، ويمتد الى الأجهزة الأخرى. وفي حالات تركيز الرصاص العالية يمكن ان يسبب فشلاً كلوياً أنيمياً مع ضرر كبير وخلل بالدماغ وربما الوفاة.
وقد أظهرت الدراسات أن للرصاص تأثيرآً حاداً جداً على الأطفال، فعندما يرتفع مستوى الرصاص في أجسامهم يعاني هؤلاء من مشاكل سلوكية، وانخفاض في الذكاء وضعف في التركيز. فبدأ العمل على تخفيض استعمال مركبات الرصاص واستبدالها بهيدروكربونات عطرية عالية الأوكتان، لتحل مكان الأوكتان المفقود في البنزين. ويجري الآن استبدال هذه العطريات بمركبات أوكسيجينية وبدائل أخرى مثل "MTBE"، نظراً لتأثيرها السلبي على الصحة والبيئة هي أيضاً.
الخطوة الكويتية
ينتشر البنزين الخالي من الرصاص في معظم انحاء العالم. وتقوم حملات الدعاية والتوعية لاستخدامه بدلاً من البنزين العادي. وفي الكويت، قامت مؤسسة البترول الوطنية، من خلال شركة البترول الوطنية، وبمباركة وزارة النفط، بانتاج الوقود الخالي من الرصاص وتوزيعه على جميع المحطات ليصبح إلزامياً.
وقال مساعد مدير تخطيط المشاريع في شركة البترول الوطنية بدر سعود السميط ان التحول الكامل الى البنزين الخالي من الرصاص يعكس التزام القطاع النفطي الكويتي بمسؤولياته تجاه المحافظة على البيئة، وحرصه على حماية صحة المواطنين. واضاف أنه على الرغم من التكلفة الباهظة، والتي وصلت الى 56 مليون دينار (186 مليون دولار)، فقد حرص وزير النفط الشيخ سعود ناصر الصباح على ابقاء سعر البنزين الخالي من الرصاص من دون زيادة.
يذكر أن أكثر من 930 ألف سيارة تسير في شوارع الكويت يومياً، بمعدل سيارة لكل مواطنين. وتشكل انبعاثات عوادمها السبب الرئيسي لتلوث الهواء. ويصل نصيب الفرد من استهلاك البنزين الى 1500 ليتر في السنة.
وسوف يباع البنزين الخالي من الرصاص بسعر 40 فلساً لليتر البنزين الممتاز و50 فلساً للبنزين الخصوصي، بينما سيكون سعر البنزين المحتوي على الرصاص 60 فلساً، وسوف يباع فقط في 21 محطة موزعة في الدولة لتلبية احتياجات أنواع من السيارات القديمة.
وأشار مدير الاعلام في مؤسسة البترول الكويتية طلال الياقوت الى أن الكويت تفخر بأن تكون أول دولة في منطقة الشرق الأوسط تحقق التحول الكامل الى البنزين الخالي من الرصاص.