سهولة الانتقال من مكان الى آخر مرادفة للحرية الشخصية ونوعية الحياة، وهي عنصر ملازم لعصرنا الحديث. فالتنقل يؤمن العمل ويشجع الاتصال بين الناس والمناطق المختلفة، ويخلق فرصا جديدة. غير أننا غالباً نتمتع بحرية التحرك هذه على حساب البيئة. فشبكات الطرق تقطع المناطق الريفية والغابات فتقضي على عناصر طبيعية، والانبعاثات من وسائل النقل تلوث الجو، والمحركات تولد الضجيج. وانتاج مركبات النقل يحتاج الى موارد طبيعية، وعندما تنتهي مدة خدمتها علينا ان نتخلص منها.
وقد بدأت صناعة السيارات في السنوات العشرين الأخيرة برامج لتخفيف أثر السيارة على البيئة، تحت ضغط المجموعات البيئية والقوانين التي وضعت قيوداً على انبعاثات الغازات ومصروف الوقود.
واذا كانت شركات السيارات تسعى الى تطوير سيارة نظيفة وعملية في آن معاً، تستخدم تكنولوجيات جديدة، فلن تصبح سيارة كهذه سيدة الطرقات قبل عشرات السنوات. حتى ذلك الوقت، يعمل صانعو السيارات لادخال تحسينات على النماذج الحالية منها، تشتمل على: هيكل خفيف الوزن ومحرك متطور لتقليل استهلاك الوقود، تخفيف انبعاثات الغازات الضارة في الجو عن طريق استعمال المحول الحفاز (convertercatalytic) وعن طريق تعديل تصاميم المحركات وتقنيات أخرى، استعمال مواد لقطع السيارة يمكن اعادة تفكيكها وتصنيعها بسهولة. وتعتمد معظم محركات البنزين الجديدة حالياً على الوقود الخالي من الرصاص.
اذاً، البترول سيبقى المصدر الأساسي للطاقة المحرّكة على الطرقات خلال المستقبل المنظور، خاصة في المناطق المنتجة للبترول ومنها المنطقة العربية، والغاز الطبيعي، البديل الأنظف للسيارات، هو أحد مشتقاته. فالبديل الواقعي الآن هو المحركات النظيفة التي توفر في استهلاك الوقود، وتبث انبعاثات غازية ضارة أقل، أكانت تعمل على البنزين الخالي من الرصاص أو الغاز الطبيعي أو الديزل.
ولم تكن هذه التطورات ممكنة لولا سنّ القوانين التي أجبرت صانعي السيارات على ادخال تعديلات جذرية في طريقة عمل السيارة وصنعها لتخفيف الضرر البيئي، في انتظار السيارة البيئية الكاملة.
إعداد: "البيئة والتنمية"
بمشاركة: د. يوسف أبي فاضل (المحركات) وعماد فرحات (شركات السيارات)
منذ اخترع الألماني كارل بنز السيارة عام 1885، نمت صناعة السيارات بشكل فاق كل تصور. وقد ارتفع عدد السيارات في العالم من 30 مليوناً عام 1930 الى 130 مليوناً عام 1960، فالى 580 مليوناً عام 1990. ويتوقع ان يزيد عددها على 800 مليون سيارة سنة 2010، وان تبلغ عتبة المليار سنة 2025.
وقد ساعدت عوامل عدة على هذه الزيادة، منها ديموغرافية كالتوسع المديني وازدياد عدد السكان، ومنها اقتصادية كارتفاع المداخيل وانخفاض الاسعار، ومنها اجتماعية كازدياد فرص الترفيه والرحلات.
وتحتشد غالبية السيارات في المناطق الغنية من العالم. ففي العام 1993 استأثرت البلدان الصناعية المتقدمة بنحو 70 في المئة من سيارات العالم. وتأتي الولايات المتحدة في مقدمة هذه البلدان، حيث 58 في المئة من العائلات تقتني سيارتين أو أكثر. وقد بلغ معدل امتلاك السيارات 561 سيارة لكل ألف مواطن أميركي عام 1993، في مقابل معدل 366 سيارة لكل ألف مواطن في بقية البلدان الصناعية المتقدمة، و71 في أوروبا الوسطى والشرقية، و68 في أميركا اللاتينية وحوض الكاريبي، و45 في منطقة الشرق الأوسط، و1,4 في افريقيا، و1,5 في الصين.
واذا كانت السيارة تعتبر عامل ازدهار وضرورة لا غنى عنها، فانها ايضاً مصدر رئيسي لتلوث يهدد المدن بالاختناق. فهي تستهلك كميات هائلة من الطاقة. ويستعمل نحو 30 في المئة من الطاقة المنتجة عالمياً في النقل. وتشكل مشتقات النفط المصدر الاساسي لوقود السيارات. ويستهلك حوالى نصف نفط العالم في قطاع النقل. ويساهم هذا الاستهلاك في تلوث الهواء محلياً وعالمياً، كما يشكل عبئاً اقتصادياً، خصوصاً في البلدان التي تستورد مشتقات النفط.
والسيارات تطلق من ملوثات الهواء أكثر من أي نشاط بشري آخر. ونحو 50 في المئة من انبعاثات أول أوكسيد الكربون والهيدروكربونات وأكاسيد النيتروجين في العالم الناتجة عن احتراق الوقود الاحفوري تأتي من المحركات التي تعمل على البنزين والديزل. وفي مراكز المدن، خصوصاً في الشوارع الشديدة الازدحام، تعتبر حركة السير مسؤولة عن 90-95 في المئة من أول أوكسيد الكربون في الجو و80-90 في المئة من أكاسيد النيتروجين والهيدروكربونات وكميات كبيرة من الجسيمات ومادة الرصاص.
وفي الولايات المتحدة عام 1993، كانت وسائل النقل مسؤولة عن 77 في المئة من انبعاثات أول أوكسيد الكربون و45 في المئة من أكاسيد النيتروجين و36 في المئة من المركبات الكيميائية الطيارة و22 في المئة من الجسيمات الملوثة. وفي بريطانيا، ازدادت تركيزات ثاني أوكسيد النيتروجين بنسبة 35 في المئة بين 1986 و1991، والسبب الرئيسي ازدياد انبعاثات السيارات.
والسيارات مصدر رئيسي لانبعاثات الرصاص. ويقدر أن 80 - 90 في المئة من الرصاص في الهواء مصدره احتراق البنزين. وترتفع مستويات الرصاص عادة في الشوارع التي تشهد ازدحاماً مرورياً. وتداركاً لأخطار الرصاص على الصحة، خفضت غالبية البلدان المتقدمة محتوى الرصاص في البنزين خلال العقد الماضي، كما بات البنزين الخالي من الرصاص متوافراً، والزامياً في الولايات المتحدة ومعظم الدول الأوروبية. أما في الدول العربية، فوجوده محصور في الكويت والامارات العربية المتحدة ولبنان وتستعد المملكة العربية السعودية لادخاله الى السوق.
ومن الملوثات الأخرى التي تطلقها السيارات الضجيج الناجم عن الهدير المتواصل للمحركات والاصوات المنبعثة من الأبواق والعجلات وأجهزة الراديو. هذا الضجيج يضر بالسمع والأعصاب والدورة الدموية، كما يقلل من قيمة الممتلكات المحاذية للطرق العامة.
ويشكل الازدحام «تلوثاً انتقالياً» يقوض الغرض الرئيسي من اقتناء السيارة، اي سهولة الوصول الى الناس والاماكن والخدمات. وهو يعطل الانتاج ويضاعف الملوثات الهوائية والضوضائية. وقلما يشكل توسيع شبكات الطرق حلاً مناسباً، فهو يستنزف الموارد ويتطلب مزيداً من الأراضي، مما يشكل عبئاً على البيئة ويؤدي على المدى البعيد الى زيادة استعمال السيارات.
والسيارات مصدر حوادث لاتحصى. ففي 1993 قضى نحو 885 ألف شخص في حوادث سير حول العالم. وحدثت غالبية هذه الوفيات في العالم النامي. وحوادث السير تشكل سبباً رئيسياً للوفيات بين الجماعات الأكثر حيوية انتاجياً. وفي كل سنة، تؤدي حوادث السير في الاتحاد الأوروبي الى قتل 55 ألف شخص وجرح 1,7 مليون واعاقة 150 ألفاً.
مصادر التلوث فـي السيارة
السيارات أخطر مصادر تلوث الهواء في المدن، سواء بالمقارنة مع وسائل النقل الاخرى من طائرات وقطارات وبواخر أو بالمقارنة مع المصانع. ويعود ذلك الى حجم وتنوع الملوثات التي تبثها في الجو، والى تركزها في التجمعات السكنية وعند مستوى سطح الأرض. ويعتقد معظم الناس ان التلوث الذي تتسبب به السيارة ناتج عما تبثه العوادم فقط. لكن الأمر في الحقيقة أكثر تعقيداً. فالمكربن (كربورتور) وخزان الوقود وخزان الزيت (كارتر) والاطارات والفرامل تشكل مصادر مهمة أخرى للتلوث، وان كانت أقل خطورة من غازات احتراق البنزين او الديزل.
المكربن وخزان الوقود:
يشكل هذان الجزءان من السيارة مصدراً لتلوث الجو بالهيدروكربونات الاليفاتية والحلقية. وتنفرد المحركات العاملة على البنزين بهذا النوع من التلوث، نظراً لسهولة تطاير البنزين بالمقارنة مع المازوت المستعمل في محركات الديزل التي لا تحتاج الى مكربن.
ويتزايد تبخر البنزين مع ارتفاع حرارة الطقس، ويبلغ حده الأقصى في فصل الصيف وخلال فترات انخفاض الضغط الجوي. وتقدر كمية الهيدروكربونات التي يفقدها ابان مروره عبر أجهزة تغذية المحرك بنحو خمسة في المئة من مجمل الهيدروكربونات التي تبثها السيارة في الجو. أما تلك التي تتطاير عند تعبئة خزان الوقود فتشكل نحو 2.4 في المئة.
خزان الزيت:
عند تشغيل المحرك تقوم مضخة خاصة بضخ زيوت التشحيم من الكارتر الى الأجزاء المتحركة من المحرك بهدف منع احتكاك بعضها ببعض وتبريدها. وعلى رغم تكوّن الزيوت من هيدروكربونات ثقيلة ذات درجة تبخر عالية، فانها تتعرض للتفكك مع الوقت وتتبدل طبيعتها الكيميائية، فتظهر نتيجة ذلك هيدروكربونات أليفاتية وحلقية الى جانب هيدروكربونات عطرية متعددة الحلقات. وتتسرب الهيدروكربونات الخفيفة السهلة التبخر عبر قناة خاصة في أعلى المحرك لتدخل المكربن حيث تحترق جزئياً، ثم تتابع طريقها الى الخارج عبر العادم.
وفي الدول التي تنعدم فيها المراقبة الجدية للسيارات من قبل الدوائر الرسمية المختصة، يتسبب الزيت في المحركات القديمة بتلوث آخر أشد خطورة. فهو يتسرب عبر أساور المكبس (سيغمان) الى داخل الاسطوانات، فيتعرض هناك لعملية تكسير يحترق بنتيجتها الجزء الخفيف منه، ويخرج القسم الباقي عبر العادم مضفياً على غازات الاحتراق لوناً أزرق ورائحة كريهة مزعجة. ومن ناحية أخرى، يرشح الزيت من الخزان والمحرك عبر الوصلات ويتبخر تحت تأثير الحرارة.
الفرامل:
يتسبب استعمال الفرامل بتآكل عقودها (كولييه) التي يصنع معظمها من الأسبستوس (الأميانت). فتتطاير ألياف هذه المادة السامة المسببة لسرطان الرئة. ويلاحظ عادة ارتفاع نسبة ألياف الأميانت في أجواء المناطق الواقعة على جوانب الطرقات الشديدة الانحدار والتي تشهد حركة سير كثيفة.
الاطارات:
تصنع الاطارات من مادة عضوية هي المطاط الطبيعي او الاصطناعي، ومن مادة غير عضوية هي جزيئات الكربون الدقيقة التي تضاف الى المطاط لتحسين خصائصه الميكانيكية. ويؤدي تآكل الاطارات خلال عمليات الانطلاق والفرملة الى تطاير جزيئات سامة في الجو تحتوي، من بين مواد أخرى، على البنزوبيرين المعروف بقدرته على التسبب بالسرطان.
غازات الاحتراق
يفترض مبدئياً أن يؤدي الاحتراق الكامل للبنزين ووقود الديزل (المازوت)، باعتبارهما مزيجين من المركبات العضوية، الى تكوّن بخار الماء وثاني أوكسيد الكربون. لكن الأمر الواقع مغاير لذلك. فالى هذين المركبين، تحتوي غازات الاحتراق التي تخرج عبر العادم على مزيج من الهيدروكربونات الخفيفة والثقيلة، المشبعة وغير المشبعة، الاليفاتية والحلقية، وعلى أول أوكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين ومركبات الألديهيد، بالاضافة الى الرصاص الذي يصدر عن المحركات العاملة على البنزين الحاوي لهذه المادة. ويعود ظهور هذه المجموعة من المركبات، باستثناء مركبات الرصاص، الى عوامل عدة تحول دون تحقيق الاحتراق الكامل داخل اسطوانات المحرك.
وهذه الحقيقة لم تغب يوماً عن أذهان الباحثين. فمنذ اختراع السيارة ينصب اهتمامهم على ايجاد طريقة تجعل الاحتراق أقرب ما يمكن من المثالي، بهدف الاستفادة القصوى من الطاقة التي يكتنزها الوقود والتخفيف من حجم المواد الملوثة. وقد تم صنع محولات حفازة (catalytic converters) قادرة على حفز عدد من التفاعلات الكيميائية التي تحوّل المواد السامة الناتجة عن الاحتراق الى مواد خاملة. فاذا ما وضع المحول الحفاز في عادم السيارة، فانه يؤكسد أول أوكسيد الكربون الى ثاني أوكسيد الكربون، ويسهل احتراق الهيدروكربونات التي لم تحظَ بالاحتراق داخل المحرك، كما تختزل أكاسيد النيتروجين الى نيتروجين وأوكسيجين. واصبح المحول الحفاز الزامياً في دول المجموعة الاوروبية منذ العام 1993.
ولا بد هنا من الاشارة الى مأخذين اساسيين على استعمال المحول الحفاز. أولهما، عدم قدرته على القيام بالمهمة الا عندما تفوق حرارته 300 - 400 درجة مئوية، وثانيهما، قيامه بضغط معاكس على الغازات التي ينفثها المحرك، فيعيق خروجها ويحد بالتالي من كفاية المحرك ويجعله يستهلك 5 - 7 في المئة من البنزين أكثر مما يستهلكه المحرك التقليدي.
أنواع وقود بديلة
منذ طرحت مشكلة ارتفاع حرارة جو الأرض، انتعشت الأبحاث الهادفة الى صنع محرك بديل عن محرك البنزين يستعمل وقوداً غير ملوث أو أقل تلويثاً للجو. ومن أهم أنواع الوقود المستقبلية البديلة:
الغاز الطبيعي المضغوط والبترولي المسيل:
لا يشكل استعمال هذين الغازين حلاً جذرياً لمشكلة تلوث الجو. لكنهما يتميزان بسهولة استعمالهما الذي لا يتطلب سوى ادخال تعديلات طفيفة على السيارة، تقتصر على استبدال خزان الوقود وطريقة تغذية المحرك بالوقود. ويكلف تحويل السيارة من نظام الوقود العادي الى نظام الغاز الطبيعي نحو 1500 دولار اميركي.
وتعتبر مصر أولى الدول العربية المهتمة بهذا النوع من الوقود. ففي مطلع 1997 افتتحت في الاسكندرية وبور سعيد محطتان لتحويل السيارات الى السير بالغاز الطبيعي سعياً الى تخفيف تلوث الهواء وتخفيض نسبة استهلاك البنزين.
وقد يتساءل البعض عن الفائدة من استعمال الغاز بدل البنزين ما دام كلاهما وقودين احفوريين. والجواب أن الغاز يمتزج بطريقة أكثر تجانساً مع الهواء، ويؤمن اشتعالاً جيدا للمحرك حتى في الطقس البارد، كما أن جزيء الميثان (4HC) يعطي طاقة أكبر من أي جزيء سائل، ويولد احتراقه جزيئاً واحداً من ثاني أوكسيد الكربون في مقابل ستة للبنزول مثلاً. فالسيارات التي تعمل على الغاز الطبيعي تنفث كمية من أول أوكسيد الكربون أقل بنسبة 95 في المئة مما تنفثه السيارات التقليدية العاملة على البنزين، ومن الهيدروكربون أقل بنسبة 80 في المئة، ومن أكاسيد النيتروجين المسببة لدخان المدن أقل بنسبة 30 في المئة.
الوقود المؤكسج:
يقصد بهذا الوقود الكحول المثيلي (HO3HC) والكحول الاثيلي (HO5H2C) اللذان يحتويان على قسم من الاوكسيجين الضروري لعملية الاحتراق، ويتمتعان برقم أوكتاني مرتفع ملائم لكفاية المحرك، ويولد احتراقهما كمية من الهيدروكربونات غير المحترقة وأول أوكسيد الكربون أقل بنحو 15 في المئة من الكمية التي يولدها البنزين. ويمكن تزويد السيارات التقليدية ببنزين محتو على الكحول ومشتقاته من الاثيرات (ethers)، من دون ادخال أي تعديل على محركاتها.
الهيدروجين:
يعتبر الهيدروجين وقوداً مثالياً بالنسبة الى مشكلة ارتفاع حرارة جو الأرض. فاحتراقه، وان تسبب بظهور كمية ضئيلة من أكاسيد النيتروجين، يولد البخار المائي غير الملوث. وتشكل نماذج السيارات العاملة على الهيدروجين، التي صنعتها شركة دايملر - بنز (مرسيدس) والتي تسيرها في شوارع برلين منذ اواخر الثمانينات تجربة ناجحة من الناحية البيئية، الا أنها ما تزال بعيدة عن منافسة السيارات التقليدية من الناحية الاقتصادية، وكذلك من ناحية الأمان الذي يوفره البنزين بالمقارنة مع الهيدروجين السهل الانفجار. وقد تطور استعمال الهيدروجين وطريقة تخزينه في السيارة.
محركات نظيفة
المحرك الكهربائي:
يعمل هذا المحرك بواسطة بطاريات يتم شحنها بالتيار الكهربائي. وهو سيشكل الحل الأمثل متى حُلت بعض المشاكل المتعلقة بوزن البطاريات، وثمنها، والمسافة التي تقطعها بالشحنة الواحدة، وامكان شحنها بتيار كهربائي منتج بطريقة غير ملوثة. ويبلغ ثمن البطاريات الضرورية لسيارة واحدة نحو ستة آلاف دولار، وقد يتعين استبدالها بعد حوالى 35 ألف كيلومتر. ومن المتوقع قريباً انتاج بطاريات لا تصدر اية انبعاثات ويصل مداها الى 380 كيلومتراً بين الشحنة والأخرى. وحالياً تراوح المسافة بين 100 و160 كيلومتراً.
وتقدر الشركات الكبرى اسعار السيارات الكهربائية في حدود 30 ألف دولار. ولكن ينتظر هبوط الأسعار عند بدء مزيد من الشركات ببيع سياراتها الكهربائية. وقد تكون سيارة بيجو 106 الكهربائية بداية تجربة ناجحة في هذا المجال، اذ بيع منها عشرات الألوف خلال فترة قصيرة من نزولها الى الأسواق.
وعلى رغم الأبحاث التي تجريها معظم شركات انتاج السيارات في العالم بهدف بناء سيارة كهربائية رخيصة قابلة للمنافسة، فان وضع هذه السيارة قيد الاستعمال بشكل واسع يبقى رهناً بالسياسات التشجيعية التي يمكن للسلطات اتخاذها. ومن الاجراءات المطروحة تخفيض الضريبة على السيارة الكهربائية، وزيادتها على السيارة التقليدية، وتعميم محطات الشحن الكهربائي، واصدار قوانين تلزم الشركات ببيع السيارات الكهربائية، شبيهة بالقانون الذي أصدرته ولاية كاليفورنيا والذي يجبر مصانع السيارات على أن تشمل مبيعاتها في الولاية نسبة 2 في المئة من السيارات الكهربائية على الأقل منذ 1998، وقد أجل تطبيق هذا القانون الى سنة 2003.
العنفة (Turbine):
ينبع الاهتمام بالعنفة من قدرتها على التأقلم مع مختلف أنواع الوقود، كالديزل والكاز والغاز الطبيعي والهيدروجين، ومن المستويات الضئيلة للمواد الملوثة التي تبثها في الجو. فبالمقارنة مع محركات الديزل والبنزين المطورة، تبث العنفة من خمس الى عشر مرات أقل من أول أوكسيد الكربون، ونحو عشرين مرة أقل من أكاسيد النيتروجين. ويمكن لكمية الغازات المذكورة ان تكون أقل لو جهزت العنفة بمحول حفاز. وينتظر أن يثمر برنامج «أغاتا» (Agata) للتعاون بين شركات مرسيدس و«ب.إم.دبليو» وفولفو وبيجو ورينو وفولكسفاكن وفيات عن ظهور نموذج متطور لمحرك سيارة يعمل بطريقة العنفة.
الخلية الوقودية (Fuel Cell):
تولد الخلية الوقودية الطاقة من تفاعل كهروكيميائي بين الهيدروجين المحمول في السيارة وأوكسيجين الهواء. ففي الخلية يمتزج الأوكسيجين بالهيدروجين عبر فلتر الكتروليتي، ويقسم الالكترويت هذين الغازين الى جسيمات موجبة وسالبة، فتتولد طاقة كهربائية تشغل المحرك من دون احتراق. والخلية الوقودية أكثر كفاءة لانها لا تهدر الحرارة بالقدر الذي تفعله المحركات الداخلية الاحتراق. وهي تحقق وفراً في الوقود يراوح بين ضعفين وثلاثة أضعاف. ويسعى الباحثون الى انتاج الهيدروجين بالطاقة الشمسية بدلاً من الوقود الاحفوري.
السيارة الهجينة (Hybrid Car):
تهدف هذه التكنولوجيا الى الحد من التلوث في المدينة مع المحافظة على قدرة السيارة على اجتياز مسافات طويلة. وتستعمل المركبة الهجينة وسيلتين للدفع متصلتين وقابلتين للتأقلم مع مكان الاستعمال ونوعيته، وهما الكهرباء والوقود. ومن بين المشاريع تطوير نماذج مجهزة بدفع كهربائي تغذيه بطارية صغيرة للمسافات القصيرة داخل المدن، على أن يقوم المولد العنفي الرئيسي بتشغيل المحرك الكهربائي خارج المدن وشحن البطارية الاولى. ولقد كانت شركة فولفو السويدية سباقة في هذا المجال، اذ عرضت عام 1993 سيارة هجينة تعمل ببطارية نيكل /كادميوم ومزودة بعنفة مولدة للكهرباء، وتبلغ سرعتها القصوى 175 كيلومتراً في الساعة، وباستطاعتها اجتياز مسافة 650 كيلومتراً قبل التزود مجدداً بالوقود وشحن البطارية. وتنوي فولفو تسويق هذه السيارة قبل سنة 2000.