Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
موضوع الغلاف
 
"البيئة والتنمية" الصحة والغذاء والصناعة: جذورها في الطبيعة  
أذار- نيسان 1998 / عدد 11
تزرع البندورة وقصب السكر ومئات المحاصيل الأخرى على نطاق تجاري عالمي. لكن هذا لم يكن ممكناً لو لم يستخدم خبراء التهجين جينات من أنواع برية. وقد تم تحسين نباتات الكاكاو والذرة والقمح والكسافا، والحيوانات المنتجة للحوم، بادخال جينات من أنواع برية. ان انتاج الغذاء والمواد الطبية والصناعية في المستقبل متوقف على حماية الأنواع البرية.
 
أدوية من البراري
استخدم الناس منذ القدم خلاصات علاجية مستخرجة من نباتات وحيوانات تعيش في البراري. ويصنع أكثر من 40 في المئة من الأدوية من موارد حية برية. ويستخدم سكان غابات الأمازون نحو 1300 فصيلة نباتية لأغراض طبية. ومن الأمثلة على أدوية حديثة نشأت من مصادر طبيعية التوبوكورارين، وهو عقار يرخي العضل ويستخدم في الجراحة، يصنع من مادة الكورار النباتية التي استعملها هنود أميركا الجنوبية لتسميم رؤوس السهام. ويستخدم في جنوب شرق آسيا نحو 6500 نوع نباتي كأدوية تقليدية، وفي الهند نحو 2500 نوع. وأحصي في الصين أكثر من 5000 نبات طبي، منها نحو 1700 نوع قيد الاستعمال. وتقدر منظمة الصحة العالمية أن 80 في المئة من الناس في البلدان النامية يعتمدون على الأدوية التقليدية، خصوصاً حين يحول الفقر او العزلة دون الحصول على بدائل للأدوية التقليدية.
ومع أن النباتات هي المساهم الأكبر في صنع الأدوية، فقد استعملت الحيوانات أيضاً لهذا الغرض. فالحيوانات التي تقطن الشعاب المرجانية تنزع الى المكوث وعدم الترحال، وغالباً ما يكون دفاعها ضد المتطفلين كيميائياً لا حركياً. ويأتي بعض المواد الطبيعية الأكثر سمية من كائنات بحرية. وقد شملت الدراسات جزءاً بسيطاً منها، لكن نتيجتها كانت عدداً كبيراً من الخلاصات والمركبات الكيميائية القيمة.  وتنتج من بعض المركبات البحرية عقاقير مقاومة لمرض السرطان. فالمصل المستخرج من السراطين البحرية يعمل على عزل خلايا الورم من دم مرضى السرطان، وهو أيضاً مصدر مواد تستعمل في اكتشاف السموم البكتيرية في دماء البشر. ويحتوي كبد سمك القرش على مواد دهنية تعزز مقاومة الجسم للسرطان. وينتج صدف البطلينوس خلاصات تؤخر تطور السرطان في الفئران. وينتج أكثر من 500 كائن بحري مواد كيميائية لديها احتمالات مماثلة في مكافحة مرض السرطان.
اما الحيوانات البرية فغالبا ما تلوذ بالفرار بدلاً من الدفاع الكيميائي، لذلك وفرت للطب عدداً أقل من العقاقير. فخنافس الدراريج تنتج مادة الكاثاريدين التي تستعمل في علاج الأمراض البولية والجلدية والتناسلية. وينتج العلق الهيرودين المضاد للتخثر. ويستعمل سم النحل في علاج التهاب المفاصل. ويستعمل السم المستخرج من حيّة برازيلية في انتاج الكابتوبريل الذي يساعد في ضبط ارتفاع ضغط الدم.
وقد تكون المساهمة الحيوانية الأكثر أهمية في الطب أتت من استخدام الحيوانات البرية في الأبحاث. لكن الأبحاث يجب ألا تعرض بقاء هذه الأنواع للخطر، كما يجب ان تجرى دائماً بانسانية. ويستخدم حيوان الأرماديلو المدرع في انتاج لقاحات ضد الجذام. وهناك حيوانات قليلة لا تصاب بالسرطان منها الجاموس الاميركي المعروف بالبيزون وأنواع من الحلزون، ومن المفيد فهم آلياتها الدفاعية.
لكن النباتات البرية تشكل المصدر الرئيسي للأدوية. فمنذ 5000 سنة عرفت خصائص اعشاب مثل الجنسغ والخشخاش. وفي القرن الأول الميلادي وضع الطبيب اليوناني ديوسقوريدس كتابه "المواد الطبية المفردة" الذي وصف فيه 500 نبات طبي وبقي مرجعاً لأكثر من 1500 سنة. وفي القرن الميلادي الثالث عشر ألف نجيب السمرقندي كتاب المواد الطبية المركبة "الأقراباذين". وفي مطلع القرن التاسع عشر ولدت الكيمياء العضوية في أوروبا. وحلل التقدم العلمي العناصر الفعالة في النباتات الطبية ووصف المركبات الكيميائية التي تحويها. وشكل ذلك مدخلاً الى صناعة الأدوية الحديثة.
هناك نحو 119 مادة كيميائية أساسية تستخرج من النباتات وتستعمل في صنع الأدوية حول العالم. وقد وفر بعضها أساساً لنحو26 في المئة من جميع الأدوية التي بيعت في الولايات المتحدة خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية. ووفرت الكائنات الدقيقة أيضاً 13 في المئة والحيوانات 3 في المئة. وهكذا فان أكثر من 40 في المئة من الأدوية الأميركية يعتمد على مصادر طبيعية.
وشكلت بعض المركبات النباتية الأخرى نماذج في الكيمياء الطبيعية، ويتم حالياً تصنيع الأصناف الأساسية منها. ومثال على ذلك الأسبيرين. فقد وصف ديوسقوريدس الصفصاف الأبيض (Salix alba) بأنه قاتل للألم. وحُدّد عنصره الفعال في القرن التاسع عشر وسمي »ساليسين«. واستخرج مركب مماثل من اكليلية المروج (Spirea ulmaria) وسمي حامض الساليسيليك. وتبين عام 1899 ان مزج هذا الحامض مع حامض الأسيتيك ينتج مركباً جديداً أقوى فعالية هو حامض الأسيتيلساليسيليك، وسمي المركب الجديد أسبيرين نسبة الى النبتة. وهو ينتج الآن صناعياً، وبات أكثر الأدوية انتشاراً في العالم.
لم تخضع جميع المركبات لهذا التحول. فقفاز الثعلب الأحمر (Digitalis purpurea) ينتج الديجيتالين، وقفاز الثعلب اليوناني (Digitalis lanata) ينتج الديجيتوكسن. وكلا هذين المركبين منشطان هامان للقلب تدين لهما حياة ملايين الناس. وقد قاوما محاولات التصنيع. ولذلك ما زالت أوراق قفاز الثعلب المجففة تستعمل لاعداد الجرعات الطبية.
وحصل تطور لافت في علاج الملاريا. ففي العام 1920 انتجت مادة الكينين شبه القلوية من لحاء شجر الكينا. ولاقت نجاحاً كبيراً في علاج الملاريا. فكاد الاقبال عليها يأتي على الأشجار، الى أن استنبتت سلالة جديدة غزيرة الانتاج. وبعد الحرب العالمية الثانية أدى اكتشاف الـ".د.ت" القاتل للبعوض وانتاج أدوية اصطناعية مضادة للملاريا الى خفض الطلب على الكينين. ولكن منذ مطلع الثمانينات أظهرالمرض مقاومة متزايدة للأدوية الاصطناعية، فبرز الكينين من جديد علاجاً وحيداً لبعض الحالات.
ان الاستغلال الجائرللنباتات افقدها الكثير من التنوع الجيني الضروري للانتاج الكيميائي في الأنواع البرية. فقد لعب الحظ دوره في العثور على نوع جيني مختلف للكينا زاد انتاج الكينين الذي مكن من التصدي لانتشار الملاريا. لكن فرصة كهذه قد تكون ضاعت بالنسبة الى مادة الديوسجنين التي تعتبر أساس صناعة أقراص منع الحمل. وأهم مصدر لها نبتة Dioscorea deltoidea التي تنمو في سفوح جبال حملايا في شمال الهند. وقد تجاهلت الشركات الصناعية القيود المفروضة على استغلال هذه النبتة، وباتت العينات الصغيرة المتبقية لا تنتج سوى 15 في المئة من الديوسجنين الذي كانت تنتجه الجذور القديمة الكبيرة التي اقتلعت.
ان فقد مثل هذه الأنواع المفيدة يوضح أهمية المحافظة على التنوع البيولوجي صوناً لخيارات استخدامه في المستقبل. فلو افترضنا ان قفاز الثعلب وشجرة الكينا والصفصاف الابيض انقرضت قبل اكتشاف تأثيراتها الكيميائية، لزادت معاناة البشر كثيراً. ان تصنيف النباتات من أجل الاستعمالات الطبية ما زال في أول عهده. فالأدوية الأساسية المستخرجة من النباتات والمستعملة حالياً في أنحاء العالم، والتي يبلغ عددها نحو 120، تم الحصول عليها من اقل من 90 نوعاً من النباتات. وقد شملت الدراسات العالمية نحو 5000 نوع أملاً في أن تكون مصادر لأدوية جديدة. وينمو معظم هذه النباتات في المناطق المعتدلة، مما يعني ان المستوطنات النباتية الضخمة في الغابات الاستوائية لم تمس الا نادراً. وهذه المستوطنات آخذة في الاضمحلال مع زوال الغابات.
لماذا لم يقطع سوى شوط قصير في هذا المجال. أحد الأسباب ان صعوبة الحصول على براءات اختراع، ومشقات العمل في المناطق الاستوائية، والوقت الطويل الذي يستغرقه تطوير الأدوية، تجعل الاستثمار التجاري في صنع الأدوية غير جذاب. وفيما نحن نفكر في هذه المشاكل تستمر أنواع النباتات في الانقراض بمعدل سيصبح خارج السيطرة قريباً. وبانقراضها تختفي مجموعة من الأدوية لا يعرف حجمها ومدى فائدتها للجنس البشري.
غذاء من أحضان الطبيعة
يساهم التنوع البيولوجي في الزراعة على مستويات ثلاثة: الخصائص الجينية والأنواع الحية والنظم الايكولوجية. فالتنوع في قطعة أرض زراعية ودرجة عزلة أحد المحاصيل قد يؤثران في الاصابة بالآفات. ومثال على ذلك ان محصول القطن في الباراغواي، الذي كان معزولاً في الماضي، يتعرض الآن لخنفساء القطن التي غزته آتية من الشمال. ويعود السبب جزئياً الى انخفاض تنوع الأنظمة الايكولوجية في أميركا الوسطى والجنوبية.
والموائل الطبيعية المحاذية للمحاصيل لا تساعد في عزلها فحسب بل تشكل أيضاً ملاذاً لحشرات تتغذى على الآفات الزراعية. ففي كاليفورنيا ،مثلاً، يؤمن العليق البري ملاذاً للزنابير التي تكافح احدى آفات الكرمة. وبهذا يوفر مزارعو الكروم نحو 125 دولاراً في الهكتار لانخفاض نفقات المبيدات. وتؤدي حشرات التلقيح البرية التي تقطن موائل غير مزروعة مساهمات كبيرة في انتاج ما لا يقل عن 34 محصولاً في الولايات المتحدة تزيد قيمتها السنوية على مليار دولار. ومن المحاصيل التي تعتمد على هذه الطريقة التوت البري والكاكاو والبرسيم الأحمر والكاجو والقرع والمنغا وجوز الهند والتفاح ودوار الشمس والجزر.
وعلى رغم مساهمة تنوع الأنظمة الايكولوجية في انتاج الغذاء، فان الأنواع هي التي تستهلك في النهاية. وبصرف النظر عن مدى التنوع البيولوجي، فان 75 في المئة من غذاء البشر توفره سبعة أنواع فقط: القمح والأرز والذرة والبطاطا والشعير والبطاطا الحلوة والكسافا. وتوفر الأنواع الثلاثة الاولى أكثر من 50 في المئة من الغذاء. وتنمو المحاصيل التي تشكل هذه القاعدة الغذائية الضيقة اما على اساس زراعة أحادية او في تشكيلات  جينية ضيقة. وفي كلتا الحالتين تكون هذه المحاصيل عرضة للآفات.
وأبرز مثال على الخراب الذي يلحقه المرض بالزراعة الأحادية المجاعة التي تعرضت لها ايرلندا في الأربعينات بسبب تلف موسم البطاطا الذي اودى بنحو 20 في المئة من السكان جوعاً ومرضاً. وتؤدي الامراض التي تصيب المحاصيل الى خسائر سنوية في أنحاء العالم تزيد على 25 مليار دولار. ومن الحلول الواضحة زيادة عدد الأنواع المستعملة لانتاج الغذاء. وقد استعمل للغذاء خلال تاريخ البشرية نحو 3000 نوع من النباتات، وثمة 75 ألف نوع آخر صالح للأكل. وهناك عشرات النباتات الغذائية الرائجة في بعض المجتمعات. وقد يكون ترويجها في أنحاء العالم أسهل من اقناع الناس بتناول الطحالب أو الحشرات او الأعشاب البحرية.
ومثال على تقبل نوع من الغذاء بسهولة ثمار الكيوي الصينية المنشأ التي أدخلت الى الولايات المتحدة عام 1962 فبات عشرات الملايين يشترونها اليوم. لكن مثل هذا النجاح السريع نادر، كما توحي قصة فول الصويا. فقد أدخل هذا الفول الى الولايات المتحدة من الصين قبل 220 سنة، وخلال سنوات الحرب شكل مصدراً غذائياً هاماً ورخيصاً، وقد روجت له صناعة الأغذية الصحية مؤخراً. ونجحت زراعته في الولايات المتحدة فتصدر عام  1985 قائمة الصادرات الزراعية. وعلى رغم هذا النجاح فان استعماله من قبل المستهلكين الاميركيين لم يزد على واحد في المئة من استعمال اللحم.
وتعود وفرة المحاصيل التي تنتجها الزراعة الحديثة غالباً الى تهجين أنواع مختلفة، وان يكن للري والأسمدة والمبيدات دور مهم. وتتميز المحاصيل الرئيسية الآن بالصفات التي يسعى الخبراء الى تحقيقها: ثمار كبيرة وجذور راسخة وجذوع قوية وما الى ذلك. لكن تهجين المحاصيل على أساس قاعدة جينية ضيقة يجعلها أكثر عرضة للمرض. والوسيلة الوحيدة لتوفير مقاومة شديدة ضد الأمراض هي التهجين مع سلالات مقاومة أو أنواع برية. ولكن يجب اعادة النظر في مقاومة المحاصيل التجارية للأمراض كل خمس سنوات الى خمس عشرة سنة، لأن الحشرات والأمراض قد تطور خلال هذه الفترة سبلاً للتغلب على دفاعات النباتات فتفتك بها من جديد.
هل تتوافر السلالات البرية المطلوبة؟ لقد اختفى كثير من أنواع القمح البري. فانقرض 95 في المئة من أنواع القمح المحلي في اليونان خلال السنوات الأربعين الأخيرة. وفي الشرق الأوسط لم تجد سلالات القمح البري ملجأ يقيها شر الرعي الا في المدافن والخرائب. وتوافرت سلالات جديدة من الأرز وبضع أنواع أخرى بفضل تخزين مورثات جينية في المعهد الدولي لأبحاث الأرز في الفيليبين. وقد عثر على الذرة المكسيكية البرية تنمو في ثلاث رقع صغيرة لا يتجاوز مجموع مساحتها أربعة هكتارات، وهي غير معروفة في أي مكان آخر من العالم. وتوافرت جينات البن البري من اثيوبيا، علماً أن أكثر من 80 في المئة من الغابات الأصلية التي ينمو فيها قد زالت. فهل ستبقى غابة برية مع انتهاء هذا القرن؟ في مدغشقر نحو 50 نوعاً من البن البري، لكن 75 في المئة من الغابات الأصلية في البلاد زالت من الوجود.
ان الجينات البرية لا تستعمل فقط لحماية النباتات من الأمراض، وانما أيضاً من أجل تطوير محاصيل محسنة عالية الانتاجية. فالزيادة في الأراضي الزراعية في العالم لا يتوقع ان تتعدى 4 في المئة في العقدين المقبلين، فيما يحتاج سكان العالم في هذه الفترة الى زيادة في انتاج الغذاء تراوح بين 60 و 70 في المئة. والتهجين المدروس قد يعطي النتيجة المرجوة، لكنه يحتاج الى سلالات جينية ووقت كاف لتطويرها. فقد هجنت البندورة البرية في البيرو عام 1962 مع سلالة تجارية، وفي 1987 بلغت قيمة التحسن في المحتوى السكري للبندورة التجارية نحو ثمانية ملايين دولار في السنة.
وكثير من النباتات التي تعيش في المناطق الاستوائية والقاحلة تحوّل الطاقة الشمسية الى مادة نباتية بكفاءة أكثر من نباتات أخرى. وهي خلال هذه العملية تستهلك كمية أقل من الماء. وسوف يتضاعف الانتاج عند ادخال هذه الميزة في النباتات الزراعية. لكن هذا يتوقف غالباً على توافر النباتات البرية. وبحسب منظمة الاغذية والزراعة (الفاو) فان 9,5 ملايين كيلومتر مربع من الاراضي المستزرعة حول العالم هي مالحة أكثر مما تتحملة الزراعة العادية. ويعود بعض السبب الى خطأ في تنفيذ مشاريع الري او ادارتها. ويقدر أن 25 في المئة من الاراضي الزراعية التي استخدمت سابقاً في زراعة المحاصيل خربت بهذه الطريقة.
ومعظم محاصيلنا الحالية، كالشعير والدُخن والذرة والأرز والقمح، لها سلالات برية قريبة تستطيع النمو في الأراضي المالحة. وهذه يمكن تهجينها مع سلالات محلية لانتاج محاصيل جديدة في الأراضي غير المنتجة حالياً. فقد تم تطوير نوع من الشمندر الذي ينمو في مياه شبه بحرية. كما طور نوع من البندورة من سلالة برية عثر عليها في سواحل جزر غالاباغوس وتنمو في مياه شبه بحرية.
ان مستقبل الزراعة يتوقف على التنوع البيولوجي الذي لا يصمد الا بوقف التدهورالمأسوي للموائل التي تحتوي على خزانات التنوع.
الصناعة: منتجات من الأرض
عندما حصل هنري مورتن عام 1877 على 11 غرسة من شجر المطاط (Hevea brasiliensis) من حدائق كيو البريطانية، وجد أنها تنمو جيداً في سنغافورة في مناخ مماثل للمناخ السائد في موطنها الأصلي البرازيل. وبعد محاولات واختبارات في التهجين وبزل السوائل من شجر المطاط، أرسى أحد تلاميذه في 1896 الأساس لاستعمال المطاط في الصناعة. وعلى رغم ابتكار المطاط الاصطناعي، ما زال المطاط الطبيعي في مصاف المحاصيل الرئيسية في العالم. وهويشكل مصدراً رئيسياً للعملة الصعبة في ماليزيا واندونيسيا وتايلند.
قليلون هم الذين يقدرون مساهمة الأنواع البرية في الحياة اليومية. فالورقة التي تكتب عليها قد تكون صقلت بنشاء الذرة المستعمل في صناعة الورق. والحبر يحتوي على مادة هيدروكربونية ربما أتت من سمكة أو نبات ينتج بذوراً زيتية مثل الهوهوبا. وتستعمل النشويات الطبيعية في صنع النسيج والغراء والصابون ومستحضرات التجميل والأدوية وكثير من المواد الغذائية الجاهزة والأفلام الفوتوغرافية والمتفجرات والملونات واطارات السيارات والبلاستيك وعدد من العمليات الصناعية وحتى في حفظ مصل دم الانسان. وتساهم الدهون والزيوت الطبيعية في صنع المواد الكيميائية ومستحضرات التجميل والمواد اللاصقة والحبر ومواد منع الصدأ والدهانات والمواد الغذائية والمرطبات وزيوت التزليق ومواد التلميع وشمع الأرضيات والمستحضرات الواقية من الشمس ومجموعة كبيرة من الأدوية.
اننا نعتمد على المنتجات الطبيعية منذ تنظيف أسناننا في الصباح الى اللحظة التي نخلد فيها للنوم.
وتعتبر الأخشاب أكبر مساهم بري في الصناعة، اذ تبلغ قيمة تجارتها العالمية 40 مليار دولار في السنة. وهي بذلك تتفوق كثيراً على التجارة السمكية التي تأتي في المرتبة الثانية وتبلغ قيمتها 12 مليار دولار في السنة. ومع ازدياد "تدجين" الأشجار والأعشاب أصبحت هناك حاجة الى مخزون من الجينات البرية لحفظ قدرتها على التكيف وزيادة مقاومتها للأمراض.
الغابات التي خزنت الطاقة الشمسية منذ ملايين السنين تنتج النفط والفحم والغاز الطبيعي للصناعة. والعالم يستهلك الآن سنوياً، من الفحم وحده، ما يعادل الطاقة الشمسية المخزنة خلال 10 آلاف سنة. ان مصادر الطاقة هذه محدودة ولا يمكن تعويض النقص فيها. وقد أدت الازمة النفطية في أوائل السبعينات الى التفكير جدياً في البحث عن مصادر متجددة للطاقة. ان أقصر الطرق لتخزين الطاقة الشمسية في النباتات اليوم يتطلب تجميع كميات كبيرة من "الكتلة الحيوية" بسرعة وباستمرار. لذلك انصبت الجهود من جديد على النباتات السريعة النمو، كالذرة والكسافا وقصب السكر والشمندر السكري، التي يعتمد تهجينها على مصادر جينية برية. وتنتج البرازيل الآن نحو 30 في المئة من الطاقة التي تحتاجها من مصادر الكتل الحيوية المتجددة المخزنة في قصب السكر والتي ينتج منها الكحول الوقودي. وهي وفرت على البرازيل مليارات الدولارات من العملة الصعبة التي كانت ستنفق في استيراد النفط.
ويمكن انتاج بدائل للنفط بطريقتين أخريين. فالنخيل المنتج للزيت هو محصول رئيسي شأنه شأن النخيل المنتج لجوز الهند او التمر. وتنتج كل شجرة من النخيل الباباسي في الأمازون 40 كيلوغراماً من الزيت سنوياً، وتستعمل المخلفات علفاً للحيوانات. وفي المستقبل قد يحول التهجين هذا النخيل محصولاً رئيسياً. اما النباتات المنتجة للزيت فتتصدرها الهوهوبا التي تحتوي بذورها على شمع سائل خفيف أصفر اللون لا رائحة له نسبته 60 في المئة من الوزن. ولزوجة هذا الزيت تجعله صالحاً لتزييت المحركات، كما يمكن استعماله في مستحضرات الزينة والتجميل وكمادة مثبتة في صنع الأدوية. ويبدو أنه الزيت النباتي الوحيد المعروف الذي يمكن ان يحل مكان الزيت المستخرج من حوت العنبر. وتنمو هذه الأشجار في أراض شبه قاحلة، وتنتج عائدات على الاستثمار تبلغ 140 الف دولار للهكتار.
والدفاعات الكيميائية الطبيعية في بعض النباتات الاستوائية يمكن ان تؤدي الى تطورات جديدة في صناعة المبيدات. وكثير من الشعوب الفطرية يعرف هذه الخصائص ويستعملها كأدوية أو سموم. ومن المبيدات التي اكتشفت بهذه الطريقة كربونات المثيل المستخرج  من لوبياء كالابار (Physostigma venenosum) والبيرثروم المنتج من زهور الاقحوان البرية (Chrysanthemum cinerariaefolium).وهناك كثير من المصادر المحتملة الأخرى للمبيدات الطبيعية. ومثال على ذلك نوع يدعى racoyraC ينتج مركباً يسمم النمل الذي يقطع أوراق الأشجار في أميركا الوسطى فيتلف المواسم. وهناك كرمة (Paullinia cupana) تحوي من الكافيين ثلاثة أضعاف ما يحويه البن ويمكن استخدامها مبيداً للبعوض.
وكثيراً ما يتشابك انتاج الغذاء مع العمليات الصناعية. وتستعمل المحليات الاصطناعية كالسكارين والسيكلامات وغيرهما في المواد الغذائية الجاهزة. لكن الطعام الصحي الحديث يتطلب بدائل مستساغة الطعم ذات نسبة منخفضة من الوحدات الحرارية (كالوري) بعضها موجود في الطبيعة.
ونبتة كاتيمفي في شاطئ العاج هي أحلى من السكر بنحو 1600 مرة وزناً. وفي الباراغواي يحلى شراب المتة الشعبي المر المذاق بأوراق شجيرة صغيرة (Stevia rebandiana) هي أحلى من السكّر بنحو 300 مرة، والآن يسوّق عنصرها الفعال في اليابان. وفي المكسيك أوراق شجيرة أخرى أحلى من السكّر بنحو 1000 مرّة تجرى عليها اختبارات لاستعمالها في معجون الأسنان وسوائل غسل الفم.
ان كثيراً من العمليات الصناعية يترك آثاراً جانبية سامة أو ملوثة. وتركز التكنولوجيات الحديثة لتنظيف التربة من الملوثات على الكائنات الدقيقة. وقد عثر على سلالات متنوعة من البكتيريا وادى تهجينها الى نشوء شكل جديد يبدد النفط بكامله. وعثر على سلالات  أخرى تحلل مجموعة من الكيميائيات السامة المعروفة بالبيفنيلات المتعددة الكلورة  (PCB). وتستطيع احدى هذه السلالات التي تم تطويرها هضم 98 في المئة من مبيد الأعشاب الفعال“2,4,5-T” في فترات تراوح بين أسبوع وستة أسابيع وفقاً لدرجة تركيزه.
ان ما يساهم به التنوع البيولوجي في العمليات الصناعية كبير. وهناك خصائص أخرى كامنة في الطبيعة قد تكون أهم من ذلك. ولا يمكن تحقيق كل الامكانات التي يوفرها التنوع البيولوجي الا بضمان بقاء هذه المواد الأولية.
 
كادر
النظم الايكولوجية في العالم العربي
وفرت الخصائص الجغرافية والمناخية التي يتميز بها العالم العربي فرصاً لا تحصى لوجود أنظمة ايكولوجية مختلفة. فموقعه الجغرافي بين خطي العرض 37 شمال خط الاستواء و1 جنوبه وفر تنوعاً اقليمياً نباتياً وحيوانياً. وفي المنطقة منخفضات عميقة تصل الى ما دون 003 متر تحت سطح البحر كمنطقة البحر الميت. ويتخلل الصحارى عدد من الواحات التي تتوافر فيها اشجار النخيل وينابيع المياه. وتنتشر في المنطقة جبال عالية يزيد ارتفاعها على 3000 متر فوق سطح البحر. وهذه كلها تمثل موائل خاصة لأنواع نباتية وحيوانية نادرة، ومنها جبال في المملكة العربية السعودية وعمان واليمن. ويحوي جبل في سيناء تنوعاً نادراً من شجر العرعر.
وتمتد شواطئ طويلة على المحيط الأطلسي والبحرالمتوسط والبحر الأحمر والمحيط الهندي وبحر العرب وخليج عمان والخليج العربي، لذلك نشأت أراض رطبة واسعة، عززتها بحيرات ساحلية وداخلية وأهوار (بحيرات ضحلة) ومستنقعات ومصبات أنهار (دلتا) وخلجان ضيقة. وتشكل هذه الأراضي الرطبة مستوطنات نباتية خاصة وموائل لنمو وتكاثر الأسماك والأحياء الفطرية. وتشكل الجبال الصحراوية معالم بارزة ذات ظروف بيئية خاصة وتنوع نباتي مميز، وهي تمثل أنظمة تحوي كثيراً من الأنواع المحلية.
ويشكل نهر النيل الذي يعبر السودان ومصر، ونهرا دجلة والفرات في العراق وسوريا، وعشرات الأنهار الصغيرة في سوريا ولبنان والمغرب وغيرها، مناطق خصبة فريدة وسط الصحارى الجافة. وقد أثرت النشاطات الزراعية المكثفة في هذه المناطق على الحياة النباتية والحيوانية. وتضم الاعشاب البرية، والنباتات والحيوانات التي تعيش في المياه العذبة، والطيور والقوارض والزواحف، فصائل مختلفة عن تلك التي تعيش في الصحارى المجاورة. لكن تشييد السدود غيّر طبيعة هذه الأنظمة المائية. ففي النيل اختفت بعض الأنواع بسبب توقف الفيضانات السنوية. وزوال أحياء النيل ليس جديداً، فقد اختفت حيوانات كثيرة مثل أفراس النهر والتماسيح وطيور أبي منجل منذ زمن بعيد. ولم تسجل الا بقايا من نباتات البردى في مناطق محدودة جداً.
مراكز للتنوع البيولوجي
يتفاوت عدد الأنواع النباتية المسجلة في البلدان العربية من بلد الى آخر. فهي تراوح بين نحو 300 نوع في قطر والكويت وأكثر من 3000 نوع في الجزائر والمغرب والصومال والسودان ولبنان وسوريا. وتختلف الأنواع المحلية كثيراً. فهناك بلدان لم تسجل فيها أنواع مفردة، أي خاصة بها، في حين سجل في بلدان أخرى كالمغرب أكثر من 600 نوع مفرد. وهناك عدد كبير من الأنواع المهددة بالانقراض في المغرب واليمن ولبنان وسوريا والجزائر ومصر والصومال وليبيا وغيرها.
وتشكل بعض البلدان العربية، خصوصاً تلك التي يضمها الهلال الخصيب أي العراق وسوريا ولبنان والأردن وفلسطين، مراكز قديمة وهامة للتنوع البيولوجي. فقد دلت الحفريات التنقيبية على تدجين زراعة القمح والشعير والعدس والحمص والأشجار المثمرة والخضر منذ نحو 7000 سنة. وهناك كثير من الأنواع البرية القديمة والمحاصيل البدائية وسلالات قريبة من محاصيل حالية هامة. وتشمل نباتات المنطقة أنواعاً ممتازة من العلف، لكنها أصبحت نادرة اذ أهملت في برامج التأهيل حيث أعطيت الأفضلية لأنواع دخيلة مشكوك في تكيفها الايكولوجي مع الظروف السائدة في المنطقة. كما أهمل نظام الحِمى العربي القديم مع تغيّر الأنظمة الاجتماعية التي تدعمه. ويتعرض معظم أنواع الاشجار والشجيرات في المنطقة للقطع طمعاً بالحطب والخشب والفحم. وتقطع بعض الأشجار لأغراض خاصة، كشجر الأراك الذي تتخذ منه مساويك لتنظيف الأسنان.
وقد استغلت مئات الأنواع النباتية البرية منذ قديم الزمان حتى بات كثير منها معرضاً للخطر وأوشك بعضها أن ينقرض. ولم تتخذ حتى الآن أية تدابير جدية للحفاظ على هذه النباتات. ومن النتائج غير المنظورة لاختفائها خسارة خصائصها الطبية وزوال تراث قيم من الثقافة التقليدية.
وهناك مشكلة كبيرة تتمثل في فقدان ألوف الأنواع من المحاصيل والخضر والثمار. على سبيل المثال، كانت البلدان العربية تنتج أنواعاً لا تحصى من القرع. ومع قدوم "الثورة الخضراء" التي شجعت استعمال عدد محدود من الأنواع الوفيرة الانتاج، فقدت سلالات محلية كثيرة كانت تكيفت مع الظروف البيئية السائدة كالجفاف والملوحة. وهذه السلالات القديمة هي أقل انتاجية من تلك التي يتم تطويرها، لكنها ضرورية لبرامج التهجين والهندسة الوراثية.
وتؤوي البلدان العربية مجموعة دخيلة من النباتات أحضرت من مناطق جغرافية متنوعة ودخلت معها تشكيلة من الأعشاب الضارة والبذور والكائنات الدقيقة. ويؤدي استصلاح الصحارى وزراعتها الى تغير كبير في طبيعتها النباتية والى تلاشي التنوع النباتي الفطري.
حيوانات تنقرض
حين يتكلم الناس عن الحيوانات البرية يفكرون غالباً في الثدييات والطيور المغردة والزواحف الكبيرة والبرمائيات. لكن الشعاب المرجانية في السواحل العربية تشبه غابات المطر الاستوائية من حيث وفرة الأنواع والانتاجية البيولوجية. غير أن الأخطار التي تتهدد هذه الموائل كبيرة، ومنها مشاريع الجرف والطمر وتصريف الملوثات.
والمنطقة العربية غنية بالثدييات البرية الصغيرة بأشكالها المتنوعة، ومن أكثرها صموداً القوارض. ومن الثدييات الكبيرة أنواع تكيفت مع ظروف المنطقة، لكن الصيد الجائر خفض أعدادها فاختفى بعضها وأوشك بعضها ان ينقرض، ومنها الغزلان والذئاب والضباع والثعالب. ويضم السودان أوسع تشكيلة ثدييات في العالم العربي اذ يعيش فيه 267 نوعاً.
وتمثل الأراضي الرطبة الساحلية والبرية في المنطقة ممراً رئيسياً للطيور المهاجرة. وقد تدهورت هذه الأراضي نتيجة النشاطات البشرية، خصوصاً التلوث الناتج من المبيدات والأسمدة الكيميائية والمعادن الثقيلة. وتتفاوت أعداد الطيور المسجلة بين 329 نوعاً في لبنان و416 نوعاً في المغرب و937 نوعاً في السودان. وهناك عشرات الأنواع المهددة بالانقراض.
 
كادر
الحيوانات الأليفة: التهجين ينتج سلالات أقوى
بدأ تدجين الحيوانات البرية قبل نحو 12 ألف سنة في الشرق الأوسط وغرب آسيا. وكانت الأبقار والكلاب والماعز والخراف أولى الحيوانات الأليفة. ومنذ ما قبل العام 1600 قبل الميلاد دجنت الجمال والقطط والحمير والخيول واللاما والرنة والجواميس في أجزاء مختلفة من العالم.
وتطورت مع الوقت سلالات محلية كثيرة، اما بصورة طبيعية لتكيفها مع الظروف المحلية واما عن طريق التهجين. أما الآن فقد أصبحت تربية المواشي في العالم المتقدم مبنية فقط على عدد صغير من السلالات التجارية. وتراجعت أهمية كثير من السلالات المدجنة، وبعضها أصبح نادراً أو منقرضاً.
ان وجود مجموعة من السلالات ضمن أحد الأنواع يوفر للخبراء مخزوناً واسعاً من الخصائص التي تساعد في تحسين سلالات موجودة وتطوير سلالات أقوى. وقد يكون تطوير مواش جديدة عن طريق ادخال جينات من سلالات أخرى، وهو ما يسمى بالهندسة الوراثية، أسرع بكثير من اختيار حيوانات تتمتع بالخصائص المطلوبة من ضمن السلالة ذاتها. غير ان السلالات المحلية توفر مادة جينية أساسية في عملية التهجين. وهذا ما لا يتم التنبه اليه دائماً. ويمكن نظرياً تربية أية سلالة من المواشي في أي بلد اذا توافرالغذاء الخاص والعناية البيطرية والمأوى. الا أن محاولات تحسين انتاج المواشي بادخال سلالات جديدة لا ينتظر ان تكون مستديمة او قابلة للتطبيق اقتصادياً ما لم تشتمل على شيء من التهجين مع سلالات محلية تكيفت مع الظروف القائمة.
أخفق كثير من برامج المساعدة في البلدان النامية لأنها ركزت على التربية المكثفة لسلالات مستوردة. فقد أرسلت أعداد كبيرة من الأبقار الحلوبة من أميركا الشمالية وأوروبا الى أميركا الجنوبية خلال الثمانينات بموجب برامج أعانة. وكانت نسبة الأبقار التي نفقت مرتفعة جداً. وفي هذه الحالة يمكن أن يؤدي التهجين مع أبقار محلية الى تحسين فرص العيش من دون أن يخفض انتاج الحليب الى حد كبير.
وفي أميركا الشمالية والجنوبية طورت سلالات كثيرة من مواشي المراعي الاسبانية الأصلية. وهذه كانت تربى في البداية من أجل جلودها. ولكن مع توافر النقل المبرد أصبح انتاج اللحم على نطاق واسع ممكناً. وقد هجنت مواشي المراعي بنجاح مع سلالات من البقر البريطاني اللاحم لتناسب الأسواق الجديدة. وفي الآونة الأخيرة استوردت بلدان كثيرة سلالات لاضافة خصائص جينية ناجحة الى مواشيها المحلية. وأصبحت الأراضي القاحلة في الولايات المتحدة مراعي مناسبة بعد تهجين الأبقار المحلية مع الدرباني، وهو ثور على غاربه سنام، لانتاج سلالة تستطيع التكيف مع ظروف الجفاف.
 
كادر
السلالات البرية تنقذ المحاصيل الزراعية
تقدر أنواع النباتات المزهرة والمثمرة في العالم بنحو 250 ألف نوع، ولا يستغل منها كغذاء الا نحو 3000 نوع. ومن هذه نحو 200 نوع تزرع ونحو 20 نوعاً من المحاصيل ذات أهمية اقتصادية كبرى. ويعتقد أن زراعة النباتات كمصدر للغذاء بدأت قبل خمسة آلاف الى عشرة آلاف سنة خلت في الشرق الأوسط والصين وجنوب المكسيك وجبال الأنديز. وازداد تنوع المحاصيل عندما حدث تهجين بين أنواع زراعية وأخرى برية، عمداً او مصادفة، ولدى تكيف أنواع غريبة مع ظروف ايكولوجية  في مناطق جديدة.
ويشكل نطاق التنوع في النباتات المزروعة وقريباتها البرية مستودعاً لموارد وراثية ذات قيمة فائقة في الزراعة التقليدية وفي تهجين المحاصيل التجارية. فالمزارعون التقليديون في المكسيك، مثلاً، يتركون الذرة البرية تنمو الى جانب قريباتها الزراعية بحيث يحدث تهجين طبيعي بينها. وبعدئذ تستعمل أنسب السلالات لتحسين خصائص الذرة الزراعية. وفي برامج تحسين المحاصيل التجارية تستعمل موارد جينية من أنواع برية لاحداث مقاومة ضد الحشرات والأمراض في الأنواع الزراعية.
لكن التنوع الجيني ضمن المحاصيل، الذي تطور خلال آلاف السنين، هو الآن في خطر. فقد دمر كثير من مستوطنات الأنواع النباتية البرية وتحول الى مراع. وأساليب الزراعة المكثفة الحديثة، التي تنتج جزءاً كبيراً من غذاء العالم، مبنيةعلى محاصيل متماثلة جينياً. ففي اليونان أدى ادخال انواع من القمح العالي الانتاجية الى خسارة 95 في المئة من أنواع القمح المحلية خلال السنوات الأربعين الماضية. ان التماثل الجيني في المحاصيل هو سبب كثير من التلف الذي يصيبها، لأن المحاصيل المتماثلة تكون أكثر عرضة للأمراض. 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.