Sunday 24 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
موضوع الغلاف
 
"البيئة والتنمية" وضع البيئة في العالم  
كانون الثاني - شباط 1997 / عدد 4
 
 في بداية سنة 1997، تعرض "البيئة والتنمية" جردة بيئية في العالم والمنطقة العربية، على الطريق الى القرن الحادي والعشرين.
 
أكد آخر اجتماع لوزراء البيئة في الدول الصناعية السبع أن وضع البيئة العالمية مستمر في التدهور ويحتاج الى عملية انقاذ عاجلة. فالمشاكل البيئية تتزايد بسرعة، فيما الاهتمام منصب على الشؤون الاقتصادية. والواقع أن الانسانية لم تواجه عقداً حرجاً مثل التسعينات. فالقرارات والانجازات التي تمت خلال هذا العقد من شأنها أن تحدد شكل العالم خلال القرون المقبلة. لذا، علينا العمل لمواجهة الارتفاع الاجمالي للحرارة، ووقف استهلاك غازات الكلوروفلوروكربون المتلفة لطبقة الاوزون، ووقف استنزاف الغطاء النباتي الذي يحول الأراضي الخضراء صحارى ويقضي على أكثر من 20 مليار طن من التربة المنتجة سنوياً. وإن فوّتنا هذه الفرصة فسوف نواجه خطراً محتوماً.
الانسان هو الذي يصوغ ويشكل بيئته التي تعطيه القوت وتتيح له النمو الفكري والخلقي والاجتماعي. لكن النشاطات الانسانية أفضت الى مشاكل بيئية جمة. فالبشر هم الذين جعلوا الأرض أكثر تعرضاً للفيضانات والجفاف بازالتهم الأشجار والغطاء النباتي الذي يثبّت التربة التي تمتص المياه وتخزنها.
 
من مراسلي "البيئة والتنمية" في جنيف ونيويورك ونيروبي
خلال العقد الأخير من القرن العشرين، يتعين على موارد كوكبنا الشحيحة أن تعيل ثلاثة أفراد جدد في كل ثانية، أي أن سكان العالم سيزدادون بمعدل 95 مليوناً كل عام، وهي أكبر زيادة سكانية في تاريخ البشر. وأعلن المعهد الوطني للدراسات السكانية ان عدد سكان الأرض سيبلغ ستة مليارات نسمة قبل السنة 2000 وثمانية مليارات بعد 30 سنة. وليست هذه الأعداد مهمة في ذاتها، بل المهم هو نوعية الحياة التي يعيشها هؤلاء الأفراد، والتي ترتبط بالنمو السكاني والتنمية والبيئة. ولا يمكن تحسين أحد هذه المجالات الثلاثة من دون احراز تقدم في المجالين الآخرين. فتحسين البيئة وتحفيز التنمية ضروريان للتحكم بالنمو السكاني. وتعتمد جهود تحسين البيئة على استئصال الفقر وعادات الاسراف والتبديد لدى الأغنياء، اذ ان أغنياء العالم، البالغ عددهم  مليار نسمة، يستهلكون معظم الموارد الطبيعية ويولدون الجزء الأعظم من النفايات.
وذكر تقرير حديث لبرنامج الأمم المتحدة الانمائي أن رجلاً من بين كل خمسة رجال في العالم يعيش بدولار واحد يومياً، وأن 47 شخصاً ينضمون كل دقيقة الى صفوف الفقراء بفعل المخدرات والأمراض والارهاب، أي أن جيش المحرومين يزيد 25 مليوناً سنوياً. ويشكل سكان الدول الخمسين الأكثر فقراً في العالم 20 في المئة من سكان الكرة الأرضية، لكنهم لا يحصلون الا على 2 في المئة من الدخل العالمي. ويزيد عدد الفقراء في الدول الصناعية على مئة مليون.
لكن عدد الجياع انخفض في العالم بحسب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) وصندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسيف). ولا يزال 800 مليون شخص عاجزين عن شراء الغذاء الذي يحتاجون اليه، في مقابل 918 مليوناً في مطلع السبعينات و906 ملايين في الثمانينات. وتعتبر افريقيا القارة الوحيدة التي تفاقمت فيها مشكلة الجوع في السنوات الأخيرة، اذ ازدادت بنسبة 46 في المئة خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية. ويعزى ذلك الى الجفاف الحاد الذي تشهده منذ الثمانينات. وذكر التقرير السنوي للبنك الدولي حول البيئة أن 40 ألفاً يموتون جوعاً كل يوم في العالم ومعظمهم في الأرياف بعيداً عن الاعلام. وفي مؤتمر القمة العالمي للأغذية الذي عقدته الفاو في روما، تعهد المجتمعون خفض عدد الجياع الى النصف قبل حلول سنة 2015. وأعلنوا التزامهم بتقديم المساعدات اللازمة والبدء بسباق مع الزمن لانهاء مظاهر البؤس الانساني في القرن الحادي والعشرين.
النفايات الصلبة والخطرة
تنتج الصناعة سنوياً نحو 2100 مليون طن من النفايات الصلبة و338 مليون طن من النفايات الخطرة. وتنتج الدول الصناعية أكثر من 95 في المئة من النفايات الخطرة في العالم. وتتخلص منها عبر تصديرها الى الدول الفقيرة. أما البلدان النامية التي تضم ملايين الصناعات الصغيرة غير الخاضعة لضوابط، فتخلف نفايات يجري التخلص منها عشوائياً وبلا معالجة، مما يؤدي الى مشاكل بيئية حادة.
ولا تقتصر النفايات الخطرة على المواد الكيميائية، وانما تتعداها الى النفايات المشعة الناتجة عن فضلات المفاعلات النووية. ويتوقع أن يصل حجم النفايات النووية المتراكمة والعالية الاشعاع الى مليون متر مكعب مع حلول سنة 2000. وتؤثر النفايات الخطرة في صحة الانسان والحيوان. وتلوث المياه الجوفية التي تنتهي في الأنهار والبحار فتبيد الأحياء المائية.
أما التخلص من النفايات الخطرة فيتطلب طرقاً علمية مأمونة تقضي بتغيير خصائصها الكيميائية والفيزيائية وتخفيض حجمها وابطال مفعول مركباتها السامة وازالة السموم منها، قبل التخلص منها بشكل نهائي. وتختلف الطرق المتبعة في التخلص من تلك النفايات، اذ تعمد بعض الدول الصناعية الى الطمر في المناجم أو المقالع المهجورة، أو المعالجة الكيميائية أو البيولوجية، أو رميها بشكل عشوائي في البحر.
ولا ننسَ طبعاً قصص تهريب النفايات الخطرة من الدول الصناعية الى الدول النامية على أنها "مساعدات انسانية" أو مواد أولية. وتنظم اتفاقية بازل نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود. وتجتمع الدول الأطراف في الاتفاقية دورياً لتقييم الانجازات والنظر في ادخال التعديلات والتدابير المناسبة.
تلوث الغلاف الجوي
تواجه كل شعوب الأرض مشكلة تلوث الهواء الناجم عن انبعاث المواد الكيميائية من مصادر طبيعية ومن النشاطات الانسانية. وقد ازدادت هذه الانبعاثات بشكل هائل في العقدين الأخيرين مخلفة آثاراً سلبية في الصحة البشرية والبيئة. والتلوث الجوي العالمي كله ناتج أساساً من مصادر في الدول المتقدمة. وتستهلك الصناعة 37 في المئة من الطاقة، وينبعث منها 50 في المئة من ثاني أوكسيد الكربون 90 في المئة من ثاني أوكسيد الكبريت وغيرهما من المواد الكيميائية التي تلوث الهواء وتهدد بتلاشي طبقة الأوزون.
لكن انبعاثات أوكسيد الكبريت بدأت بالانخفاض نتيجة القوانين الصارمة للانبعاثات والتغيرات في ادارة الطاقة وأسعار الوقود واستخدام تكنولوجيات عالية الكفاءة. والواقع أن نوعية الهواء تحسنت في الدول الصناعية، لكنها تقهقرت في الدول النامية نظراً لعدم التزامها بقوانين الانبعاثات.
وهناك أنواع عديدة من تلوث الهواء، مثل الضباب الدخاني والمطر الحمضي والتلوث الداخلي في المساكن والمباني العامة والمكاتب نتيجة النشاطات الانسانية واستخدام المعدات الكهربائية والمواد الكيميائية والعوامل الحرارية وتسرّب الملوثات الخارجية. وأهم الملوثات الداخلية دخان التبغ وألياف الأسبستوس (الأميانت) ومنتجات الاحتراق ومواد كيميائية أخرى ناتجة عن الاستخدامات في المنازل.
ويؤثر تلوث الهواء في صحة البشر والغطاء النباتي والتربة. وقد اتخذت دول العالم خطوات عدة لمعالجة تلوث الهواء. ففرضت قوانين صارمة على كمية الانبعاثات ونوعيتها، وجرى توقيع بروتوكولين عالميين في الثمانينات للحد من انبعاث أوكسيدات الكبريت والنيتروجين. وتعهدت اثنتا عشرة دولة أوروبية بتخفيض انبعاث أوكسيد النيتروجين بمقدار 30 في المئة من مستويات 1987 بحلول العام 1998.
استنفاد الاوزون وتغير المناخ
سجل ثقب طبقة الاوزون فوق القطب الجنوبي رقماً مذهلاً في تشرين الثاني (نوفمبر) 1996، اذ باتت مساحته تساوي مساحة الولايات المتحدة وكندا معاً. وذكرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن مساحة ذلك الثقب بلغت 6,9 مليون ميل مربع لمدة 50 يوماً، فيما كانت أكبر بقليل العام الفائت، اذ امتدت لغاية 7,7 مليون ميل مربع.
يعدّ الاوزون الجوي الموجود على ارتفاع يراوح بين 25 40 كيلومتراً فوق سطح الأرض المرشح الطبيعي الذي يمتص الأشعة فوق البنفسجية الضارة ويمنعها من الوصول الى الأرض. وتلحق الهالونات وغازات الكلوروفلوروكربون المنبعثة من الأرض أضراراً بهذه الطبقة، أفضت الى ثقب ضخم فوق المنطقة القطبية الجنوبية يتكون في كل ربيع لينسدّ في ما بعد على مدار السنة. ويزيد التركيز الحالي لتلك الغازات في الجو مرتين ونصف عما كان عام 1970.
ويقلل التعرض للأشعة فوق البنفسجية فاعلية الجهاز المناعي للجسم، ويسبب الأمراض، وخصوصاً سرطان الجلد واعتام عدسة العين. كما تتعرض النباتات والكائنات البرية والمائية لأضرار جسيمة. ونظراً لأهمية هذه المشكلة، حاول المجتمع الدولي التصدي لها من خلال توقيع بروتوكول مونتريال الخاص بحظر المواد التي تستنزف الأوزون الذي بدأ سريانه عام 1989، والتعديلات التي أضيفت الى البروتوكول في لندن عام 1990 وكوبنهاغن عام 1992. وبحلول كانون الثاني (يناير) 1994 كانت الدول المتقدمة تخلت عن استخدام الهالونات. ومع بداية 1996 استكملت عملية الغاء استخدام مركبات الكلوروفلوروكربون وكلوروفورم المثيل ورابع كلوريد الكربون. وقد أنشئ صندوق مشترك بمساهمة برنامج الأمم المتحدة للبيئة وبرنامج الأمم المتحدة الانمائي والبنك الدولي بهدف مساعدة الدول النامية على تنفيذ بروتوكول مونتريال. وأمهلت هذه الدول عشر سنين لاستكمال برنامج الالغاء.
من جهة أخرى، يزداد القلق من ارتفاع درجات الحرارة في العالم بسبب الاحتباس الحراري الناجم عن تكثف الغازات والانبعاثات الصناعية في الجو. ويؤدي حرق الوقود الأحفوري، أي النفط والغاز الطبيعي والفحم، الى زيادة هذه الغازات في الجو. ويقدّر العلماء أن تركيز ثاني أوكسيد الكربون الجوي سوف يستمر في الارتفاع حتى سنة 2010. وفي البيان الختامي لمؤتمر تغير المناخ الذي عقد في جنيف بين 8 و19 تموز (يوليو) 1996، أعلنت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن لا مفر من ارتفاع درجات الحرارة في القرن الحادي والعشرين، اذ ستزداد حرارة الأرض ما بين درجة و3,5 درجات. وبذوبان الكتل الجليدية يرتفع مستوى البحار ما بين 15 و95 سنتيمتراً. وسوف يؤثر ذلك سلباً على المناخ والزراعة. وأكدت الهيئة مسؤولية النشاطات الانسانية عن التغيرات المناخية، مشيرة الى أن هذا الارتفاع في الحرارة هو الأهم خلال العشرة آلاف سنة الأخيرة.
وتهدد التغيرات في درجات الحرارة بانقراض أنواع كثيرة من الكائنات الحية، وحصول كوارث طبيعية مثل الفيضانات والأعاصير والجفاف.
تدهور الأرض وتصحرها
يتوقع علماء بريطانيون أن تشهد افريقيا الجنوبية موجة جفاف لم يسبق لها مثيل، وتستمر قرناً كاملاً. ويعزى ذلك الى التغيرات المناخية التي ثبت تورط الانسان في تفاقمها . فقد نجح الجنس البشري في تغيير معالم الأرض. وتشكل المساحة الكلية للأراضي في العالم 13 مليار هكتار، منها 11 في المئة أراض مزروعة، و24 في المئة مراعٍ دائمة و31 في المئة غابات. ويزرع حالياً 11 في المئة فقط من المساحة الكلية للأراضي الزراعية في العالم. والسبب سوء ادارة الأراضي الزراعية، مما يقوّض التربة التي تعتبر أساس الانتاج البشري. فالتربة تحتاج الى ملايين السنين لكي تتكوّن، فيما لا يستغرق تدميرها أكثر من سنتين. وتقف تعرية الاراضي والاستغلال المفرط لها وراء ازالة أكثر من 25 مليار طن من التربة الزراعية سنوياً. وتفيد آخر الاحصاءات أن 15 في المئة من أراضي العالم تدهورت نتيجة النشاطات البشرية. وهذا التدهور المعروف بالتصحر يؤثر في 47 في المئة من أراضي المحاصيل المروية بمياه الأمطار و30 في المئة من المناطق المروية بالمياه الجوفية و73 في المئة من أراضي الرعي. وقد تقوضت حياة مئات الملايين من المزارعين الصغار.
يقول الدكتور مصطفى كمال طلبة، المدير التنفيذي السابق لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ان "الناس هم العوامل الرئيسية لتدهور حالة الأرض وتصحرها، لكنهم ضحاياها أيضا". فالجفاف يجبر الناس على هجر بيوتهم ليصبحوا لاجئين بيئيين يطاردهم الفقر والمرض وسوء التغذية والعجز والموت. وتعتبر الغابات مصدراً للوقود ومواد البناء والأغذية والعلف والأدوية والألياف وفرص العمل بالنسبة الى الملايين من سكان الدول النامية. ويفقد هؤلاء رزقهم نتيجة تعرية الغابات المقدرة حالياً بمعدل 16,8 مليون هكتار في السنة. كما تزداد حدة الفيضانات وانجراف التربة والجفاف. ويتأثر التنوع البيولوجي سلباً، اذ تموت آلاف الأنواع من الكائنات الحية بفعل تهدم موطنها الطبيعي.
قد يكون الحل الأمثل لتعرية الغابات في حماية ما تبقى منها وتحسين ادارتها وزرع المزيد من الأشجار.
تلوث المياه
يتخوف العلماء حالياً من أن العالم مقبل على "صدمة مياه" بعد "الصدمة النفطية" التي أصابته في السبعينات. فلن تتوافر لمعظم الدول الا نصف كمية المياه التي كانت متاحة لها عام 1975. ولن تقتصر هذه الظاهرة على البلدان النامية، بل ستتعداها الى الدول الصناعية. فنحو 50 في المئة من المياه تذهب هدراً في العالم النامي. وهناك 1,7 مليار نسمة لا يعرفون نظام الصرف الصحي اطلاقاً، ويحصل نحو مليار شخص فقط على مياه نقية للشرب.
وأعلن خبراء من الأمم المتحدة في المؤتمر الاوروبي المتوسطي الأول عن الادارة المحلية للمياه، الذي عقد في مرسيليا في تشرين الثاني (نوفمبر) 1996 ان الضغوط على المياه في منطقة البحر الأبيض المتوسط ستفضي الى أزمة كبيرة عندما سيصل نصف سكان المنطقة الى عتبة النقص سنة 2025. وحذروا من بلوغ الوضع طريقاً مسدوداً ما لم يتم التخلي عن الممارسات غير الرشيدة المتبعة حالياً في الري، والذي يستهلك نحو 80 في المئة من المياه الموزعة.
والمياه متوافرة بغزارة على الأرض. لكن 94 في المئة منها مالحة، فيما الستة في المئة الباقية محتجزة بمعظمها تحت الأرض أو في أنهار الجليد. ولا يحصل سكان العالم الا على 9000 كيلومتر مكعب من المياه العذبة سنوياً. ومع ازدياد عدد السكان وتكثف استعمال المياه، ازدادت ندرتها. والبلدان الصناعية هي المستهلك الأكبر للمياه، لكن الكمية المخصصة للاستعمالات الشخصية ضئيلة جداً، اذ ان 69 في المئة من المياه المستهلكة على الأرض تستخدم في الزراعة، و23 في المئة في الصناعة، و8 في المئة فقط للحاجات المنزلية. واللافت أن نصف المياه المستخدمة في الري يتبدد قبل وصوله الى الزرع بسبب تبخره أو تسربه من الخزانات الضخمة.
وتتلوث المياه بفعل النفايات الصناعية والفضلات البشرية والمبيدات والأسمدة الكيميائية. وينتهي التلوث الذي يصيب الأنهار في المحيطات مع بقية الملوثات الأرضية والجوية، ليقضي على الكائنات المائية. ولهذا الأمر أهمية بالغة، اذ يعتمد نصف سكان البلدان النامية على الأسماك للحصول على البروتين. وتتأثر البيئة نفسها بتلوث المياه. ولعلّ بحر آرال خير شاهد على ذلك. فقد أدى سوء ادارة المياه الى جفاف 40 في المئة من مساحة البحر الأصلية وتحولها صحراء قاحلة. وليس بعيداً أن يختفي نهائياً بعد أعوام.
أمام هذه التحديات، رأى المجتمع الدولي ضرورة التحرك. فعقدت الاتفاقيات الدولية، وكان أبرزها اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار التي وقعتها 160 دولة ويفترض أن تؤدي دوراً رئيسياً في ادارة موارد المحيطات. وعلى المستوى البشري، كان العقد الدولي لتوفير مياه الشرب والمرافق الصحية، الذي أعلنته الجمعية  العامة للأمم المتحدة عام 1980، أحد أهم الانجازات. فقد انخفض عدد الذين يفتقرون الى المياه المأمونة من 1825 مليوناً الى 1232 مليوناً، فيما بقي عدد المفتقرين الى خدمات الصرف الصحي هو نفسه تقريباً. واذا استمر تنفيذ البرنامج على معدله الحالي، فمن المنتظر أن ينخفض عدد المفتقرين الى المياه المأمونة الى 767 مليون نسمة  بحلول سنة 200.
التنوع البيولوجي
يؤوي العالم 4630 نوعاً من الثدييات، ربعها مهدد بالانقراض بحسب تقرير حديث صدر عن الاتحاد العالمي لصون الطبيعة خلال مؤتمر مونتريال الذي عقد بين 23 و27 تشرين الأول (أكتوبر) 1996. وكشف التقرير أن تغيير المساكن الطبيعية للحيوانات أو تدميرها هو السبب الرئيسي لانقراض تلك الحيوانات. وأوضح أن 11 في المئة من أصل 9672 نوعاً من الطيور عرضة لخطر الانقراض، فيما 52 في المئة من الضفدعيات و20 في المئة من الزواحف و54 في المئة من الرخويات تدخل في خانة الأنواع المهددة. وأضيف أكثر من 100 نوع من الأسماك البحرية الى "اللائحة الحمراء"، ومنها سمك القرش والتون وأسماك الشعب المرجانية. وذكر التقرير أن 30 في المئة من أنواع أسماك المياه العذبة الموجودة في أوروبا مهددة أيضاً بالانقراض.
لقد أدى النشاط البشري الى انخفاض هائل في أنواع الكائنات الحية التي تعيش على هذه الأرض. ويتوقع أن ترتفع نسبة الانقراض في السنوات الثلاثين المقبلة الى 100 نوع في اليوم الواحد. ويضم العالم نحو 30 مليون نوع من الكائنات الحية، منها 750 ألف نوع من الحشرات و46 ألف نوع من الفقاريات و250 ألف نوع من النباتات. أما البقية فهي من اللافقاريات والفطريات والكائنات العضوية الدقيقة. وتعيش معظم هذه الأنواع في المناطق الاستوائية والشعاب المرجانية، فيما تندر كثيراً في المناطق القطبية.
لقد انقرض نحو 99 في المئة من الأنواع التي عاشت على هذه الأرض. ويعمل النشاط البشري حالياً على ابادة المزيد بصورة أسرع بسبب تلوث الماء والهواء والتربة، وادخال أنواع منافسة في الأنظمة الايكولوجية، مما يدمر الأنواع الضعيفة المعرضة للخطر. واذا استمرت الحال على هذا المنوال، سينقرض ربع الأنواع الموجودة حالياً خلال السنوات الثلاثين المقبلة.
اتخذ المجتمع الدولي خطوات عديدة للمحافظة على التنوع البيولوجي، منها الحرص على استخدام النباتات والحيوانات على نحو قابل للاستمرار، وانشاء المحميات لصون الموائل والأنواع المهددة بالخطر. وتمّ تأسيس بنوك جينية لسلالات النباتات البرية الطبيعية والمزروعة، وفرض قوانين لخفض التلوث البيئي. ووضعت اتفاقيات وبرامج وطنية واقليمية وعالمية لتنفيذ هذه التدابير. ويتولى برنامج الأمم المتحدة للبيئة ادارة اتفاقية التجارة الدولية بالأنواع الحيوانية والنباتية المهددة بالانقراض (CITIES) التي وقعت في واشنطن عام 1973، وتم بفضلها انقاذ مئات الأنواع التي كانت مهددة. وفي العام 1983، أقرت معاهدة الحفاظ على الأنواع المهاجرة. وشهد مؤتمرالريو عام 1992 التحضير لاتفاقية التنوع البيولوجي التي أصبحت نافذة المفعول في كانون الأول (ديسمبر) 1994. وتبقى الحاجة الى جهد عالمي تستطيع الدول من خلاله غرس روح جديدة من التعاون في مجال حفظ التنوع البيولوجي باعتباره عنصراً أساسياً في التنمية المستديمة.
لقد أثبتت المخاوف البيئية أنها ليست مجرد هلوسات. فقد تعدّت الاهتمامات البيئية الأفراد لتصل الى الدول والسلطات الرسمية. ونما الوعي البيئي وبات عنصراً ضاغطاً. ولكن بالرغم من تطور ادراكنا، لا نزال قاصرين عن حساب كلفة الأضرار البيئية. ولا تزال قاعدة البيانات البيئية في العالم غير مكتملة. وتفتقر الدول النامية الى المهارات والمعدات المطلوبة لتطبيق التطورات العلمية في المعالجات البيئية. ولم يتم التوصل الى اتفاق عام على معايير البيئة اللائقة أو على المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية للعلاقة الصحيحة بين السكان وبيئتهم. وما زال صعباً اجراء تقييمات شاملة لحالة البيئة وقدرة استيعاب الأرض. ولا بد من الاعتراف بأنه في حال استمر العالم في قبول اختفاء الغطاء النباتي وتدهور الأرض وتوسع الصحارى وخسارة التنوع البيولوجي وتلوث الماء والهواء وتغيير كيمياء الغلاف الجوي، سيتحتم عليه أيضاً قبول التدهور الاقتصادي والتفكك الاجتماعي والانهيار الأمني المترتبة على هذه الأمور.
قبل ولوج القرن الحادي والعشرين، علينا الاتفاق على سبل الامتثال للمعاهدات البيئية، وانشاء آليات للتحقق من تنفيذها، وتخفيض كمية النفايات الخطرة المولّدة، ووضع حدّ للتصحر في العالم، واستكمال مسح المواطن الطبيعية الفريدة بتنوعها البيولوجي، وحمايتها من الخطر.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
"البيئة والتنمية" وضع البيئة في العالم
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.