تحدث الزلازل نتيجة انطلاق الطاقة الناتجة من احتكاك الصخور وتحرك طبقات الأرض حول الصدوع الكبيرة، أو الثورات البركانية والاختراق المفاجئ للمواد المنصهرة في باطن الأرض، أو التفجيرات النووية تحت سطح الأرض، أو سقوط النيازك، أو انهيار الكهوف الكبيرة تحت سطح الأرض، وما الى ذلك. إن قشرة الأرض ليست ثابتة، بل هي في حال اهتزاز دائم. لكن العلماء لم يتمكنوا حتى الآن من اكتشاف طريقة أكيدة للتنبؤ بحدوث الزلازل وتجنيب الانسانية ويلات لا تمحى من ذاكرة التاريخ.
تتعرض الأرض سنوياً لنحو مليون زلزال، لا يشعر الناس بمعظمها إما لضعفها وإما لحدوثها في مناطق غير مأهولة. فالانسان لا يحس بالزلزال عادة إلا حين تصل شدته الى 4 درجات في مقياس ريختر. ويعتبر الزلزال كبيراً حين تزيد قوته على 7 درجات في هذا المقياس. ويصنف العلماء الزلازل ثلاثة أنواع: الزلازل التكتونية والزلازل البركانية والزلازل الناتجة عن نشاطات بشرية. والزلازل التكتونية هي الأكثر شيوعاً، وتنشأ بشكل رئيسي من الضغوط الناتجة عن تحركات الصفائح المكوّنة للقشرة الأرضية. كما أن الزلازل قد تنشأ عن نشاطات بشرية على المدى الطويل، ولا سيما التفجيرات النووية وضخ النفط من الآبار وبناء السدود فوق صدوع زلزالية. وكثيراً ما يربط الناس حدوث الزلازل بالتغيرات المناخية، لكن العلماء لا يعترفون بتأثير حرارة الطقس بباطن الأرض.
ولكي يتسنى للمرء أن يفهم موضوع الزلازل والأسباب التي تؤدي الى هذا النوع من الكوارث الطبيعية، عليه أن يتعرف أولاً الى التركيب الداخلي للكرة الأرضية، والذي يتضمن اللب والوشاح والقشرة.
اللب (Core): يقع على عمق 2900 كيلومتر من سطح الأرض. الجزء الداخلي منه صلب، فيما الجزء الخارجي منصهر الى حدّ السيولة. ويتكون هذان الجزءان من عنصر الحديد.
الوشاح (Mantle): يحيط باللب، وتصل سماكته الى 2880 كيلومتراً. ويتكون من صخور صلبة عالية الكثافة يدخل في تركيبها عنصرا الحديد والمغنيزيوم. جزءه الداخلي صلب، والجزء الخارجي منصهر حتى عمق 400 كيلومتر من سطح الأرض.
القشرة الأرضية (Crust): وهي الغطاء الخارجي للوشاح، ومكونة من صخور أقل كثافة. تتراوح سماكتها بين بضعة كيلومترات تحت المحيطات و70 كيلومتراً تحت الجبال العالية. وهي نوعان: القشرة القارية (continental crust) والقشرة المحيطية (oceanic crust). ولقد حددت الموجات الزلزالية الفاصل بين قعر القشرة الأرضية وسطح الوشاح، حيث تزداد سرعة عبور هذه الموجات بصورة فجائية مما يدل على دخولها الى وسط من صخور أعلى كثافة هو السطح العلوي للوشاح. والحد الفاصل بين القشرة الأرضية والطبقة العليا للوشاح يسمى "الموهو" نسبة الى العالم الجيوفيزيائي التشيكي موهوروفيتشك.
كان عالم الأرصاد الألماني ألفرد فيغنر أول من نشر نظرية الانجراف القاري (continental drift) عام 1915، وأعاد فيها ترتيب القارات ومواقعها منذ 200 مليون سنة وحتى عصرنا هذا. فقد كانت القارات الخمس تشكل مجموعة واحدة متكاملة تعرف باسم Pangea أي "كل اليابسة". ونظراً الى الحركة المستمرة للصهير المكوّن للوشاح، وحركة الأرض منذ تكوينها، بدأت القارات بالانفصال في شكل كتل من القشرة الأرضية سابحة على الوشاح المنصهر. ويطلق على هذه الكتل اسم الصفائح التكتونية (tectonic plates).
تتحرك الصفائح بصورة دائمة، كل صفيحة على حدة كوحدة مستقلة متماسكة. أما حدودها، حيث تحدث الحركة، فهي معرضة دوماً للإجهاد والشد، مما ينتج طيات وتصدعات. تنتج الطيات عادة من الاجهاد المستمر، فيما يحدث التصدع بفعل الاجهاد العنيف المفاجئ. وهناك ثلاثة أنواع من الحركة الممكنة الحدوث على حدود الصفائح:
حركة تباعدية (spreading center)، مثال على ذلك تباعد قارتي أفريقيا وأميركا وتشكل المحيط الأطلسي بينهما، والتباعد بين الصفيحة العربية والصفيحة الأفريقية مما ولّد البحر الأحمر الذي يمكن أن يصبح محيطاً بعد ملايين السنين.
حركة تقاربية بين الصفائح في مناطق التصادم (subduction zone) وهي مناطق التحام الصفائح بعضها ببعض، فينتج عن ذلك تكوين الجبال الشاهقة مثل جبال حملايا، حيث التحم شبه القارة الهندية بقارة آسيا، وكذلك جبال الأنديز في الطرف الغربي من أميركا الجنوبية.
حركة انـــــــزلاقية على حـــــدود الصــــفائح، وتتم من خـــــــــلال صــــدوع انزلاقـــــــية ناقـــــلة للـحــــــركة (strike-slip faults أو transform faults). ومثال على ذلك ما يحــــــدث في فــــــالق ســـان أندرياس (San Andreas Fault) معبر الزلازل الشهير في ولاية كاليفورنيا الأميركية، وفالق البحر الميت الذي يبدأ في البحر الأحمر ويعبر البحر الميت ولبنان وسوريا وصولاً الى تركيا، وهو يشكل الحد الفاصل بين الصفيحة العربية والصفيحة المشرقية.
نشوء الزلازل
تحدث الزلازل عندما ينزلق جزء من القشرة الأرضية عن الأجزاء المجاورة. ولا تكون هذه الحركة الانزلاقية سلسة وناعمة غالباً، بل عنيفة ومتقطعة بسبب الاحتكاك بين الجزء المتحرك والأجزاء الملامسة له. وتُحدث هذه الحركة اهتزازات في الأرض تسمى الموجات الزلزالية. والواقع أن عنف الحركة المسببة للاهتزازات يحدد قوة الموجات الزلزالية بين الضعيفة التي تكاد لا تُحس والقوية المؤدية الى كوارث. وتنشأ الزلازل في نقطة ما داخل الأرض تدعى البؤرة (focus)، تتحرك منها الموجات الزلزالية الى الخارج، فيما تعرف النقطة التي تقابلها على سطح الأرض بالمركز السطحي (epicenter).
وهناك عدة أنواع من الموجات الزلزالية، أهمها: الموجات التضاغطية (compressional waves) التي تنتشر مثل الموجات الصوتية عبر الأجسام الصلبة والسوائل، وتزداد سرعتها بزيادة كثافة الوسط الذي تنتقل خلاله. وهناك الموجات الثانوية (S) وهي موجات القص(shear waves) التي تحدث فيها الذبذبة الى أعلى والى أسفل، وبالتالي فهي لا تنتقل إلا عبر الأجسام الصلبة وتتوقف وتتلاشى عند مقابلتها لنطاق سائل. وهنالك الموجات السطحية وهي نوعان: موجات لاف القصيرة (Love waves) وموجات رايلي الطويلة (Rayleigh waves).
وإذا راقبنا مواقع الزلازل على خريطة الأرض، نجد أنها لا تنتشر بصورة عشوائية، وإنما يتركز معظمها في ثلاثة أحزمة رئيسية تمتد مسافات طويلة عبر القارات والبحار. يقع أول هذه الأحزمة على طول الساحل الشرقي للمحيط الهادئ، ويشكل شريطاً طويلاً يحاذي أميركا الشمالية وأميركا الجنوبية واليابان والفيليبين ويصل الى اوستراليا ونيوزيلندا مشكلاً نحو 86 في المئة من زلازل العالم. وتعد زلازل هذا الحزام الأقوى في العالم، ومنها مثلاً تلك التي حدثت في ألاسكا عام 1946 وبيرو عام 1970 وشيلي عام 1985 واليابان في 1923 و1995. يعرف هذا بحزام حلقة النار لأن الزلازل فيه تترافق غالباً مع انبثاق بركاني، مثلما حدث في كولومبيا في 14 تشرين الثاني (نوفمبر) 1992، حيث انبثقت في اليوم التالي لحدوث الزلزال حمم بركانية على جبال الأنديز. ويمتد الحزام الثاني على طول الساحل الغربي للمحيط الهادئ، بدءاً من جزر اليابان شمالاً حتى إندونيسيا جنوباً، مروراً بقوس جزر تايوان. أما الحزام الثالث فيمتد عبر افريقيا وأوروبا وآسيا، من جبال أطلس في شمال افريقيا، عبر البحر الأبيض المتوسط وإيطاليا واليونان وتركيا، حتى الصين، مروراً بجبال القوقاز وزاغروس وحملايا. ويعرف هذا الحزام بحزام جبال الألب وفيه نحو 21 في المئة من زلازل العالم.
تمتاز هذه الأحزمة، فضلاً عن كثرة زلازلها، بنشاطها البركاني. ويعزى ذلك الى وقوعها عند التقاء الصفائح التي تكون قشرة الأرض الخارجية. والصفائح ترق تحت المحيطات وتكثف تحت القارات. وهي، كما ذكرنا، تطفو فوق طبقة أخرى من طبقات الأرض مكونة من صخور ثقيلة لزجة وساخنة، مما يساعد على انزلاق صفائح قشرة الأرض. وقد كشفت الأقمار الاصطناعية أن الصفائح تتحرك بين سنتيمتر واحد وعشرة سنتيمترات في السنة. لكن الزلازل تحدث أحياناً في مناطق لا علاقة لها بالأحزمة الزلزالية، فتنبع من داخل الصفيحة مثلما حدث في زلزال القاهرة في تشرين الأول (أكتوبر) 1992.
ويتوقف مدى تأثير الزلازل في حالات كثيرة على خصائص التربة في المنطقة. فحين تعمل التربة كناقل للهزات أو الذبذبات، تتراقص ويزداد تدمير المنشآت، أو تخسف مما يغير معالم سطح الأرض. ومن أهم مظاهر عدم ثبات التربة سيولتها. فلما كانت الاهتزازات الأرضية تؤدي الى تماسك حبيبات التربة المفككة، فإنها تفضي في التربة المشبعة بالمياه الى تماسك مصحوب بزيادة ضغط الماء في الفراغات بين الجزيئات. وبارتفاع الضغط، تتدفق المياه الى أعلى مما يحدث تميّعاً وسيولة في التربة، وهذا يسبب انزلاقها وخسوفها مع المنشآت القائمة عليها.
وقد تتسبب النشاطات البشرية في حدوث زلازل على المدى الطويل. ومن هذه النشاطات التفجيرات النووية التي تحرك الأرض. فقد تختزن بعض الطاقة الانفجارية في الصخور، وتستجمع الطاقة المكونة للزلزال في وقت أقصر مما كان سيحدث طبيعياً. لكن حدوث زلازل كهذه يقتضي سلسلة تفجيرات لا تفجيراً واحداً.
وسدود المياه أيضاً تشكل خطراً زلزالياً إن لم تصمم بدراية وتشيد في مواقع آمنة. فالكميات الهائلة من المياه المحجوزة تضغط على الطبقات الأرضية. وقد يحدث ذلك هزات طفيفة، خصوصاً إذا تحركت الفوالق تحتها. ومن أعظم كوارث السدود انهيار سد تيتون في الولايات المتحدة وإغراقه سكان الجوار. وكان هذا السد مبنياً فوق فالق زلزالي.
أما الخطر الرئيسي المتمثل في المنطقة العربية والناجم عن نشاطات الانسان فهو ضخ النفط من الآبار. فالنفط ليس موجوداً في برك تحت الأرض، بل هو يملأ مسام في الصخور. وحين يضخ الى السطح تفرغ المسام وتصبح ضعيفة ولا تعود تتحمل ضغطاً، ويختل توازن الصخور. وقد تتضعضع الأرض أو تخسف إذا بني عليها أو تعرضت لضغط كبير. ومثال على ذلك سلسلة الهزات التي تعرضت لها ولاية كولورادو الأميركية بسبب ضخ النفط. وفي كاليفورنيا المعرضة للزلازل، عمدت السلطات الى ضخ المياه الى الآبار لملء المسام التي فرغت من النفط والغاز.
من المؤشرات التي تسبق حدوث الزلازل: تشوه سطح الأرض الذي تعتريه تموجات في المناطق القريبة من البؤرة الزلزالية، وتغير مفاجئ في مستوى سطح البحر، وحدوث سلسلة من الهزات الأولية الخفيفة قد تصل الى عدة مئات في الساعة، وتغير في سرعة الموجات الزلزالية، وتغير في المجال الكهربائي الجوي بفعل انطلاق جزيئات الهواء والجسيمات المشحونة إيجابياً في مسارات القشرة الأرضية نتيجة الضغط الشديد على الصخور، وتغير في المغناطيسية الأرضية، وانطلاق غاز الرادون من الآبار على امتداد الصدوع، وسلوك شاذ لبعض الحيوانات مثل هروب الفئران والثعابين من الجحور، وقفز الأسماك فوق سطح الماء، وخروج الماشية والخيل من مرابطها، ورفع الأرانب آذانها، ومداومة الحمام الطيران وعدم عودته الى أبراجه.
ما يفعله الزلزال؟
أدت الزلازل التي حصلت في أنحاء العالم في الفترة 1967-1991 الى مقتل نحو 646 ألف شخص وتأثر نحو 43 ألفاً بأشكال مختلفة. ويتوقف حجم آثار الزلازل على الطاقة المنطلقة من بؤرة الزلزال بشكل موجات اهتزازية تهز مساحات واسعة من الأرض واقعة على أطراف مركز الزلزال. وتتمثل أهم الآثار التخريبية الناتجة عن الزلازل في ما يأتي:
صدوع أرضية عمودية أو أفقية: خلال زلزال سان فرنسيسكو عام 1906 نتجت صدوع أفقية عرضها نحو ستة أمتار، فيما أدى زلزال كاليفورنيا عام 1874 الى نشوء أجراف صدعية، أو صدوع عمودية، بلغ ارتفاعها سبعة أمتار. وتخلّف هذه الصدوع آثاراً مفجعة على الطبيعة، وتعطل الشبكة المائية وتدمر الجسور وتقطع الطرق وتهدم الأبنية.
انهيارات وانزلاقات وتشققات أرضية: تدمر المنشآت العمرانية وتخرب الطرق وتغرق الأراضي الزراعية. ومن أبرز الانهيارات الأرضية ذلك الذي حدث في نفق للسكك الحديد إثر زلزال كاليفورنيا عام 1925. كما تسبب زلزال مينو آواري الذي ضرب اليابان عام 1891 في نحو 10 آلاف انزلاق أرضي. أما التشققات الأرضية فقد تكون كبيرة جداً، مثل الصدع الذي ظهر في وادي امبريال أثناء زلزال كاليفورنيا عام 1940 وبلغ عرضه 4,5 أمتار.
تداعي المنشآت العمرانية: تؤدي الزلازل التي تزيد قوتها على ست درجات في مقياس ريختر الى انهيار منشآت عمرانية، خصوصاً تلك التي لم تصمم لمقاومة الزلازل. ولعلّ أشهر مثل على ذلك ما حدث في أرمينيا عام 1988.
دمار البنية التحتية واندلاع حرائق ضخمة: هذا يسبب خسائر مادية وبشرية فادحة. وقد يكون حريق طوكيو الكبير في 1 أيلول (سبتمبر) 1923 أحد أبرز الأمثلة على الحرائق المدمرة الناتجة عن الزلازل.
طغيان مياه البحر بفعل الأمواج العملاقة: تحدث الزلازل العنيفة أمواجاً مائية عملاقة تدعى »تسونامي« تتكون في أعماق مياه البحر. تهجم هذه الأمواج على السواحل بسرعة 057 كيلومتراً في الساعة بارتفاع يراوح بين 30 و40 متراً، وتصبّ نحو 100 ألف طن من الماء على كل متر مربع من الشاطئ. وقد تفضي الى خسائر أفدح من خسائر الزلزال نفسه، مثلما حدث في الصين عام 1976.
وإذا استعرضنا حوادث التسونامي المسجلة في التاريخ نجد أنها تتخطى الألف. لكن أقدمها ربما كان ذاك الذي ضرب الطرف الشمالي من بحر ايجه عام 479 قبل الميلاد. وشهد القرنان الماضيان نحو 300 تسونامي تركت مظاهر متعددة من التخريب والدمار. وأهم ظاهرة تسونامي عرفها التاريخ تلك التي ضربت الساحل الشرقي من جزيرة هونشو اليابانية، نتيجة زلزال بحري ضخم انطلق في 5 حزيران (يونيو) 1896 في منطقة الصدع تحت البحري في أخدود اليابان. فقد اندفعت أمواج البحر الزلزالية نحو اليابسة بارتفاع نحو 30 متراً وغمرت قرى بكاملها وجرفت أكثر من عشرة آلاف منزل وأغرقت نحو 26 ألف شخص. وانتشرت أمواج التسونامي شرقاً عبر المحيط الهادئ لتصل الى جزيرة هيلو في هاواي، ثم توجهت الى الساحل الأميركي وانعكست مرتدة في اتجاه نيوزيلندا واوستراليا. أما الزلزال الذي حدث في تشرين الثاني (نوفمبر) 1929 في المحيط الأطلسي على بعد نحو 11 ألف كيلومتر من مدينة نيويورك، فسبب أمواجاً قطعت أسلاك الكابلات في البحرية ودمرت السفن في موانئ جزيرة نيوفاوندلند الكندية، على رغم عدم إحساس الناس به على البر القاري.
تؤثر الزلازل بصورة مباشرة في كل قطاعات المجتمع. ويتحتم على السلطات المحلية التركيز أولاً على إنقاذ الضحايا وانتشالهم، وتأمين المساعدات الطبية الطارئة، خصوصاً خلال الاثنتين والسبعين ساعة الأولى. ثم يجري مسح للحاجات والأضرار لاعلام الوكالات المحلية والدولية، وتوفير الاغاثات للناجين. ولا بد من الاهتمام بإعادة فتح الطرقات، وتأمين وسائل الاتصال، وإجراء تقييم للكارثة. وعند انتهاء مرحلة الطوارئ، تأتي مهمة إعادة إصلاح خدمات المياه والكهرباء والهاتف، وتقديم المساعدات المادية والتقنية لترميم المنازل والمباني العامة، وتوفير المساعدات المالية والقروض للأفراد والمصالح لاعادة إحياء الاقتصاد.
الحد من المخاطر
يستحيل عملياً توقع حدوث الزلازل على رغم بعض المحاولات الناجحة في عدد من الدول المتقدمة. ففي شباط (فبراير) 1975، مثلاً، توقع علماء الزلازل في الصين حدوث زلزال قبل 24 ساعة من وقوعه. لكن زلزالاً مدمراً ضرب المنطقة نفسها عام 1976 من دون أن يتوقعه أحد، وخلّف 650 ألف ضحية. وفي الاتحاد السوفياتي السابق نجح العلماء في توقيت زلزال وقع في فيرغاتا عام 1987.
الحل الأمثل للحد من مخاطر الزلازل هو ابتكار طريقة علمية دقيقة للتنبؤ بها قبل وقوعها بمدة كافية تتيح للناس النجاة بأرواحهم، وعدم التغاضي عن الآثار المدمرة المحتملة للزلازل في المناطق المهددة، واتباع الطرق الوقائية التي تحمي السكان وتقلل من حجم الخسائر المادية. وتتمثل هذه الطرق في ما يأتي:
- إجراء دراسات جيولوجية وزلزالية وافية عند إنشاء مشروع عمراني، وتحليل قوام التربة وسماكتها وانحدارها.
- عدم إقامة مشاريع عمرانية واقتصادية في مناطق الزلازل العنيفة، والتأمين على المشاريع القائمة في تلك المناطق.
- تطوير تقنية البناء المقاوم للزلازل، وإزالة الأبنية غير الآمنة أو القائمة في مواقع غير آمنة.
- تطوير البناء المستقبلي، ومراقبة وجهة استخدام الأراضي، ووضع معايير وأنظمة موحدة ووسائل تدعيم وتقوية، وفرض ضرائب منخفضة وتقديم قروض ومساعدات مالية للمواقع الصالحة للبناء في المناطق المعرضة للخطر، وتطبيق شروط السلامة.
- التخفيف من الأضرار الثانوية، بوضع مطافئ وآلات خاصة تمنع اندلاع الحرائق في حال انقطاع خطوط الكهرباء أو أنابيب الغاز، والتأكد من متانة السدود في مواجهة الزلازل.
ويجدر بالمجتمعات المعرضة لخطر الزلازل وضع برامج لمواجهتها، مثل تثقيف الناس حول أسباب الزلازل وخصائصها، وما عليهم فعله عند وقوعها. وعلى المسؤولين إعداد خطط خاصة استعداداً لمثل هذه الحوادث الطارئة. ولا بد من بث برامج التوعية لتخفيف الآثار المادية والاجتماعية للزلازل، على أن تشرح أسباب الكوارث والاشارات المنذرة بها، وسبل التخفيف من التعرض الشخصي للخطر، وما يجدر فعله عند وقوع الكارثة، وكيفية تشكيل فرق للمساعدة في البحث عن الجرحى والقيام بنشاطات لاعادة الوضع الى ما كان قبل الكارثة.
وتقع على السلطات المحلية مسؤولية تأمين التسهيلات والمرافق الضرورية للاستجابة لمتطلبات الكوارث، كالمستشفيات ومراكز الاطفاء وخطوط الاتصال، وتدريب فرق البحث والانقاذ وتأمين المعدات الضرورية، وتدريب جهاز للعناية بالصدمات، وتحديد المواقع الآمنة لايواء السكان المشردين، ووضع خطط لتوفير بدائل لموارد المياه، واخلاء الطرقات للحالات الطارئة، وإعداد نظام للاتصالات الطارئة، وإعلام الجمهور بما يتعلق بسلامته؟
شارل تابت، مدير مركز الأبحاث الجيوفيزيائية، بحنس - لبنان
كادر
قياس الزلازل مقياس ريختر
ابتكر عالم الزلازل الأميركي تشارلز ريختر هذا المقياس عام 1936. وهو يشير الى قدر الطاقة المنطلقة من مركز الزلزال بالرجوع الى سعة الموجة الزلزالية المتكونة وقياسها بواسطة آلة تدعى السيزمومتر(seismometer) إنه مقياس لوغاريثمي من تسع درجات، تزيد فيه كل درجة عشرة أضعاف على سابقتها. فزلزال من سبع درجات هو أقوى عشر مرات من زلزال بقوة ست درجات، ومئة مرة من زلزال بقوة خمس درجات. وبالنسبة الى الطاقة المنطلقة، فإن زلزالاً بقوة سبع درجات تنطلق منه طاقة تزيد 30 مرة على زلزال بقوة ست درجات، و900 مرة (30×30) على زلزال بقوة خمس درجات. وتنقسم قوة الزلازل الى زلازل عظمى (بين 5,6 و5,7) وزلازل كبرى (بين 5,5 و5,6) وزلازل صغرى (بين 5,4 و5,5). وقد سجلت المراصد العالمية خلال الثلاثين سنة الماضية ما لا يقل عن 140 ألف زلزال راوحت بين 4 و7 درجات، ونحو 053 زلزالاً من 7 درجات أو أكثر. وفي العام 1988 وحده سجلت المراصد 99 زلزالاً من 6 درجات أو أكثر.
مقياس ميركالي
يعتمد مقياس ميركالي، الذي ابتكره الجيولوجي الايطالي غيسيب ميركالي، دراسة إحصائية تجرى بعد حدوث الزلزال، وتبين قوته وتأثيره على الناس والأبنية بمقدار يراوح بين درجة واحدة و12 درجة. أما درجاته فيمكن وصفها كما يأتي:
1. لا يشعر بالزلزال إلا عدد قليل من الناس في ظروف معينة.
2. تشعر به قلة من الناس أثناء الراحة، وتتأرجح الأشياء الخفيفة المعلقة في الهواء.
3. يشعر به الناس داخل البيوت، وتهتز السيارات الواقفة.
4. يستيقظ النيام، وتتلاطم السيارات الواقفة، وتصطفق الشبابيك.
5. تتحطم الأطباق، وتتوقف ساعات الحائط.
6. يشعر به الجميع ويصابون بالذعر، ويتحرك أثاث المنزل.
7. يهرع قاطنو البيوت الى الخارج، ويشعر به راكبو السيارات المتحركة.
8. تتداعى المنازل السيئة البناء، وتغير المياه مجاريها في الأحواض.
9. يعمّ الهلع الناس، وتتداعى المنازل الجيدة البناء، وتنشأ أخاديد في الأرض، وتتحطم أنابيب المياه تحت الأرض.
10. تخرج المياه من مجاري الأنهار، ولا يبقى إلا بعض المباني.
11. إنه الرعب. تخرج الأنابيب المدفونة في الأرض، وتنشأ أخاديد واسعة.
12. دمار شامل. تتغير معالم الطبيعة وتطير الأشياء في الجو.