Friday 22 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
موضوع الغلاف
 
"البيئة والتنمية" السياحة والـبـيئة  
تموز-آب/ يوليو-اوغسطس 2000 / عدد 28-29
 العلاقة بين السياحة والبيئة بالغة القوة. فعوامل الجذب السياحي هي في الغالب عوامل "بيئية"، اذ يشكل ما تقدمه الطبيعة والمواقع الأثرية التاريخية بعض أهمّ الأسباب السياحية، سواء للترفيه والتسلية أو لاكتساب صحة جسدية ونفسية أو لتنمية المعرفة والثقافة. والسياحة تفيد من آخر انجازات العلم والتكنولوجيا، وترتبط بها ارتباطاً توأمياً، فلا يمكن مثلاً تصوّر نشاط سياحي لا يرتبط بوسائل النقل والمواصلات. والمطلوب بشدّة الآن أن تفيد البيئة السياحية من الانجازات العلمية لوقف تدهورها وشيخوختها ولتجديد شبابها، فثمة أنواع من النشاط السياحي تلتهم البيئة بشكل خطر. وصناعة السياحة، ككل صناعة أخرى، تسعى الى الربح، وهذا بديهي. لكن ازدياد نمو الشق الاقتصادي في المجال السياحي على حساب البيئة، أو تغلّب الأخذ من البيئة على ما يجب أن يقدّم لها، يشكل خطراً كبيراً مزدوجاً. ومن شأن هذا الاستنزاف أن يقضي على الطبيعة، أو على "الدجاجة التي تبيض ذهباً"، للسياحة، وأن يشكل خطراً على الانسان عبر الاخلال بالنظام البيئي. وقد نشأ مؤخراً مفهوم "السياحة البيئية"، التي تسعى الى التعرف على أسرار الطبيعة والتمتع بها مع الحفاظ عليها وحمايتها.
 
تشتمل صناعة السياحة على أنشطة متعددة الأشكال، مثل النقل والايواء وتوفير المأكل. وتخدم أكثر من631  مليون شخص سنوياً يتنقلون محلياً أو عبر الحدود. ويعمل فيها نحو 260مليون شخص، ويستثمر فيها سنوياً ما يزيد على800  بليون دولار. وهي تعتبر قطاعاً رئيسياً في الاقتصاد العالمي تبلغ حصته 11 في المئة من مجموع الناتج المحلي الاجمالي ويسجل معدل نمو يبلغ أربعة في المئة سنوياً. واستناداً الى حجم صناعة السياحة واتساع نطاقها، ليس من المستغرب أن ينصبّ الاهتمام على تأثيرها في البيئة بعد أن درج في السابق التقليل من شأن هذا الأمر. والتأثيرات متعددة ومتنوعة، وترتبط باستهلاك الموارد الطبيعية والتلوث واقامة المنشآت وغير ذلك. وقد بدأت بلدان نامية تشعر بالأخطار الناجمة عن السياحة، اذ لا تتوافر لديها الطاقات التكنولوجية والمالية الضرورية للتعامل مع استهلاك السياح للموارد وما ينتجونه من نفايات، وغالباً ما يكون هذا الاستهلاك وهذا الانتاج أكثر بكثير مما يتسبب فيه سكان البلد نفسه. ويقدّر، على سبيل المثال، أن كل سائح من الذين يتنقلون سيراً في النيبال، يحرق نحو ستة كيلوغرامات من الحطب يومياً في بلد يعاني اصلاً نقصاً حادّا في الوقود. ومثل آخر على ذلك أن فندقاً كبيراً في القاهرة يستهلك من الطاقة الكهربائية ما تستهلكه 3600عائلة مصرية متوسطة الدخل.
وفي جزر الكاريبي يعتبر طلب السياح لثمار البحر السبب الرئيسي في زيادة الضغط على الكميات المتوافرة من المحار والكركند. والنشاطات السياحية تولد التلوث أيضاً، ومن ذلك تراكم النفايات الصلبة في الطبيعة وعلى الشواطئ وتصريف النفايات غير المعالجة في البحار أو الأنهر والانبعاثات الغازية والدخانية من وسائل النقل. وعلى سبيل المثال فان سفن الرحلات السياحية في البحر الكاريبي وحدها تنتج ما يزيد على 70ألف طن من النفايات سنوياً. كما أن انشاء المرافق السياحية وبناها التحتية يؤثر في البيئة. ومن الأمثلة على ذلك اختفاء ثلاثة أرباع الكثبان الرملية على الخط الساحلي المتوسطي بين اسبانيا وجنوب ايطاليا، والسبب الرئيسي امتداد العمران نتيجة تطوير السياحة.
ان دفع صناعة السياحة الى السير في طريق الاستدامة يتطلب المشاركة والتعاون داخل هذه الصناعة ومع الحكومات والسياح. وعلى الشركات السياحية أن تأخذ المبادرة في التنظيم الذاتي من خلال القيام بخطوات طوعية لتخفيف التلوث واستحداث قواعد للممارسة الجيدة والتقيد بها. أما الحكومات فتوفر قاعدة التخطيط الاستراتيجي للسياحة، وهي وحدها قادرة على ضمان تقييم التأثير البيئي للمنشآت والمشاريع السياحية ومعايير انبعاثات الغازات واحتياجات البنية التحتية والقدرة الاستيعابية للمواقع السياحية، والتأكد من تنفيذ الاجراءات التنظيمية اللازمة.
نمو السياحة المتوسطية
بينما تنمو السياحة في العالم كله، يتقدم الشرق الأوسط بمعدلات نمو سياحي هي الأسرع بين المناطق الأخرى. فقد زار المنطقة18  مليون سائح سنة 1999، بزيادة سنوية تبلغ نحو 18في المئة. وفي حين ارتفع حجم السياحة في سورية10  في المئة، حققت مصر مستوى نمو سنوي بلغ 40في المئة. ففي1999  زار سورية نحو ثلاثة ملايين سائح ومصر نحو خمسة ملايين سائح. واللافت انفتاح أسواق جديدة للسياحة العربية، بينها الامارات العربية المتحدة، اذ تجاوز عدد السياح الزائرين المليونين والنصف سنة 1999. وفـي حين أن الشمس والمناخ المعتدل والشواطئ تبقى العناصر المشتركة للسياحة في المنطقة، فهناك عناصر مختلفة تجتذب السياح في كل بلد. فإذ يجتذب التاريخ والآثار السياح الى دول المشرق ومصر، تجتذب تجربة الصحراء والتسوق السياح الى دول الخليج. وقد طورت دبي مثلاً انشاءات ضخمة للتسوق السياحي والاستجمام الساحلي ومراكز التسلية والرياضة، خاصة الغولف. وتعمل مناطق أخرى مثل الفجيرة، احدى الامارات العربية المتحدة، على اجتذاب نوع من السياح يبحث عن عطلة يتمتع فيها بسكون الصحراء وتزاوج طبيعتها العذراء مع الشواطئ الرملية المترامية. وبدأ لبنان يعود الى خريطة السياحة الاقليمية، إذ ينفرد بمنتجعات التزلج إضافة الى تميزه بالتراث والطبيعة الخضراء والمناخ المعتدل.
ويؤثر ازدياد النشاط السياحي على سواحل البحر المتوسط سلباً على النظام الايكولوجي الهش في المنطقة. اما المياه الداخلية فهي في حالة جيدة ومعظم نظمها الايكولوجية المتنوعة تبدو سليمة. هذا ما اوردته دراسة نشرتها وكالة البيئة الأوروبية. فالبحر المتوسط يؤوي عدداً كبيراً من الأنواع البحرية المختلفة ويعتبر من أغنى الموائل البحرية، اذ يضم نحو 8الى 9في المئة من جميع الأنواع البحرية في العالم. لكن النمو السكاني والسياحي على شواطئه يضفي مزيداً من الضغط على نظامه الايكولوجي الساحلي، حيث أن نسبة صغيرة فقط من الخط الساحلي هي في حالة جيدة.
ويتوقع التقرير ان يستمر النمو السكاني في البلدان المتوسطية من 450مليون فرد في 1997الى ما بين520 و570مليوناً بحلول سنة 2030 ويخلق هذا النمو السياحي والسكاني تنافساً شديداً بين الانسان والطبيعة على المساحات المكشوفة والأراضي والموارد. وقد اجتذب البحر المتوسط السياح منذ مئات السنين. وازدهرت السياحة في المنطقة في الثلاثينات من القرن الماضي، خصوصاً بعد الحرب العالمية الثانية. واليوم تأتي المنطقة في مقدم الأماكن التي يقصدها السياح، اذ تستأثر بنحو30 في المئة من السياحة العالمية. ففي عام1990وحده قصد سواحل البحر المتوسط135 مليون زائر. ويتوقع التقرير ان يزيد العدد بحلول سنة2025 الى ما بين 235و350مليون سائح.
من تأثيرات السياحة على البيئة في منطقة البحر المتوسط تدهور الأراضي ونقص المياه والتلوث والنفايات. والسياحة الساحلية تقلص المواقع الطبيعية والمساحات المكشوفة، مما يحدث تغيرات كبيرة في الأراضي ويذكي الخلافات على استغلال الأراضي والمياه والموارد الأخرى.
ويبين التقرير ان السياحة يمكن ان تساهم في حماية المواقع التي تستغلها وفي ادارتها واستخدامها بطرق مستدامة. وهذا يتحقق عن طريق بعض الحلول مثل اعتماد السياحة الايكولوجية من قبل جميع بلدان المنطقة دون استثناء وفرض ضرائب من شأنها حماية البيئة واعادة استثمار الأموال التي ينفقها السياح في مشاريع بيئية وتغريم مخالفي الأنظمة والقوانين البيئية.
السياحة قطاع حيوي يدر فوائد وأرباحاً على الأفراد والاقتصاد الأهلي، ولكن لا شك في ضرورة حماية الأنظمة البيئية التي تستند اليها هذه الصناعة. التحدي هو في تنمية السياحة وحماية البيئة في آن معاً. وتقدر المنظمة العالمية للسياحة أن هذا القطاع الاقتصادي سيكون الأسرع نمواً في السنين المقبلة، وسيوفر أعداداً كبيرة من فرص العمل الجديدة ويخفف من حدة الفقر في البلدان النامية. وهناك أمثلة جيدة على المؤثرات الايجابية للسياحة. فبعض صيادي الحيتان باتوا يرتزقون بصورة أفضل بمرافقة السياح في رحلات بالقوارب لمشاهدة الحيتان، بدلاً من اصطيادها. ونمو السياحة على مدى السنوات الخمسين الماضية ساهم في زيادة عدد المحميات الطبيعية في العالم عشرة أضعاف، وهناك اليوم نحو عشرة آلاف محمية وحديقة وطنية في أرجاء العالم. ويروج الاتحاد الدولي للسياحة ارشادات وتدابير عملية للسياحة المستدامة والمحافظة على الموارد الطبيعية في أماكن النزهة، مثل الاقتصاد في استهلاك المياه والكهرباء وترشيد استخدام الأراضي ومعالحة مياه الصرف وفرز النفايات تمهيداً لاعادة تصنيعها.
وأظهرت الأبحاث التي أجراها المجلس العالمي للسياحة والسفر ان السياحة في منطقة الكاريبي، التي يستثمر فيها نحو 15,4بليون دولار، أنتجت عام1998 نحو 32,5بليون دولار في النشاطات الاقتصادية عامة، وساهمت بنحو 24,7في المئة من الناتج المحلي الاجمالي، واستوعبت 25,1في المئة من الاستخدام المباشر وغير المباشر. وتوقع المجلس نمو قطاع السياحة والسفر في منطقة الكاريبي بنسبة6,3 في المئة سنوياً أي أكثر من مئة في المئة بين 1998 و2010.
وتدر السياحة أكثر من 8في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في اسبانيا، و7,5في المئة في تونس، و7في المئة في اليونان، و22في المئة في قبرص، و24في المئة في مالطا. ان المكاسب من العملة الأجنبية العائدة من السياحة تساهم في تعديل موازين المدفوعات والعجز التجاري في بلدان كثيرة. ففي تونس، مثلاً، تغطي العائدات السياحية نحو70 الى 80في المئة من العجز، على رغم ان الرقم يختلف من سنة الى أخرى. وفي تركيا مثلت هذه العائدات 25في المئة من جميع الصادرات في 1997. لكن هناك تبايناً كبيراً بين البلدان في العائدات المكتسبة والوظائف المستحدثة واختلافاً في تطور السياحة. فعائدات فرنسا وايطاليا وإسبانيا تقدر مجتمعة بنسبة80 في المئة من السياحة الدولية في المنطقة، وهذا النمو يخلق عدداً كبيراً من فرص العمل ويوقف الهجرة، لكنه يغير المجتمعات التقليدية ويحدث تبدلاً في سبل المعيشة وطرق الاستهلاك وتحولاً في الاستغلال الاجتماعي للمكان.
ويكون تأثير السياحة على البيئة والمناظر الطبيعية كبيراً في البداية. فالشواطئ تدمرها البنى التحتية الجديدة والمنشآت البحرية والتوسع المدني وزيادة عدد السكان والضغط على الموارد المائية، مع ما يستتبع ذلك من تصريف للنفايات السائلة والصلبة. وتتدهور موائل مهمة مثل الكثبان الرملية. ويمكن ان تزيد الطين بلة مشاريع التنمية السريعة وغير المدروسة.
لكن السياحة قد تكون لها تأثيرات بيئية ايجابية. فحاجة السياح الى بيئة جيدة، خصوصاً مياه نظيفة للاستحمام، تشكل دافعاً لتحسين مرافق تنقية المياه والتخلص من النفايات الصلبة في المناطق الشعبية. وينعكس هذا الاتجاه على مختلف المجالات لان السياح يكتشفون المنطقة والطبيعة عن طريق السياحة البيئية.
هجرة موسمية
السياحة مصدر فخر قومي للمواطن. وكل بلد نامٍ، مهما كان صغيراً أو كبيراً، يمكنه أن يهدف الى أن يصبح مقصداً سياحياً على المستوى العالمي. ولكن عليه أن يضع برنامج عمل للسياحة الشاملة و"ثقافة"الضيافة.
الخبير الدولي في السياحة المستدامة تيد ماننغ يصف السياحة بأنها الهجرة الموسمية الجماعية الكبرى في تاريخ البشرية، التي تحصل كل عام، وتصنّف ضمن أكبر الصناعات على الأرض، وربما الوحيدة التي يتدفق فيها النقد من الشمال الى الجنوب. ولكن اذا لم يتم تأهيل المرافق والبنى التحتية وتأمين حماية للمعالم والمواقع الطبيعية والتراثية المقصودة وتنظيم الأنشطة السياحية، فقد تصبح السياحة آلية تدمير للطبيعة والموارد بدلاً من أن تكون طاقة للتنمية البشرية والوطنية. ويلاحظ في العديد من البلدان، وعلى وجه الخصوص في منطقة الكاريبي وجنوب المحيط الهادئ، ان السياح في مواسم الذروة يزيد عددهم على عدد السكان المقيمين. والسفن السياحية التي تتوقف عند جزيرة صغيرة مثل غرانادا تحمل ما بين 700و3500راكب. وعندما ينزل هؤلاء الى البر يشكلون ضغطاً على البنية التحتية، بحيث يكاد يستحيل على المقيمين الحصول على أي خدمات. وليس مفاجئاً أن تكون السياحة غالباً مصدر تخريب ودمار. ولو أخذ كل سائح قبل عودته الى بلاده قطعة من سور الصين العظيم، لدمر السور في وقت أقل من الذي استغرقه بناؤه.
كثيراً ما تتبع أماكن السياحة مساراً متشابهاً في التطور. أولاً يأتي الأغنياء أو المغامرون، يليهم الكتاب السياحيون، فيصبح الموقع مكاناً رائجاً وتسيّر اليه الرحلات. ولكن في غياب الادارة السليمة والانماء الوافي تعم الفوضى وسط نقص الخدمات، وسرعان ما يعود السياح الى بلدانهم متذمرين من عطلة بغيضة. ان الرقابة الحكومية والادارة السياحية الجيدة والسلوك الذاتي الواعي يمكنها عكس دورة التدهور. ومن أكثر المهمات تحدياً تقدير الطاقة الاستيعابية للموقع: كم هو عدد السياح الذي يعتبر أكثر مما ينبغي؟ ان ثلاثة أشخاص يعتبرون "أكثر مما ينبغي"على شاطئ رومانسي عند الغروب. ومن ناحية أخرى، ففي منتجع للشباب لا يعتبر وجود المئات على الشاطئ أكثر مما ينبغي.
ومن المسائل الادارية الرئيسية الأخرى، كيف يمكن نقل منافع السياحة الى المناطق الريفية مع إبقاء طبيعتها بمنأى عن التدهور؟ وكيف يمكن تحديد التهديدات التي تواجه الازدهار على المدى البعيد؟ ان الادارة السليمة، كما قال ماننغ، هي في الحفاظ على السياحة من التآكل الذاتي ومن تدمير القيم والثروات التي تجلب السياح أصلاً.
 
كادر
الصيد البري في تنزانيا
يرى فلاح من إحدى قرى تنزانيا أن الحيوان البري هو دائماً "ودودو"، وهي كلمة سواحيلية تعني "مؤذ"، سواء كان هذا الحيوان قرداً أو زرافة. فكثيراً ما تسحق مزروعات الحقول ويختفي الدجاج وتتعرض حياة الناس للخطر. اذاً، من وجهة نظر القرويين البسطاء، ليس من المهم حقاً أن تؤوي المحميات الطبيعية الحيوانات البرية النادرة، و70في المئة من فيلة البلاد. فبالنسبة اليهم، السهول المعشوشبة والغابات والمستنقعات والمراعي وضفاف الأنهر هي أماكن توالد كائنات شديدة الخطر. وقد ضاق هؤلاء ذرعاً بتحول أفريقيا الى حديقة حيوانات للعالم. يقول مزاليمو كايتا رئيس لجان الصيد الريفية: "اذا كنا نبغي المحافظة على التنوع البيولوجي، فلا بد من أن ينتفع السكان هنا من ذلك".
للمرة الأولى تقوم حكومة تنزانيا بمنح سكان الريف رخصاً للصيد في بلاد تحتوي على جنات للحيوانات شهيرة عالمياً مثل سيرينغيتي وفوهة بركان نغورنغورو. فلمدة تزيد على مئة عام ظل الصيد محظوراً في تنزانيا. وسياسة البلاد الصارمة في المحافظة على الطبيعة جاءت ردة فعل على الصيد الجائر للحيوانات الكبيرة الذي كان يمارسه المستعمرون. فمنذ القرن التاسع عشر كان البيض يمحقون حيوانات الصيد في مناطق بأكملها حتى دفعوا بأنواع كثيرة الى حافة الانقراض. وبعد استقلال البلاد نجح خبراء صون الحياة البرية من الأوروبيين في اقناع الحكومة الجديدة بمنع الصيد كلياً. وبرهنت المحميات الطبيعية أنها مربحة. واكتشفت بلدان افريقية مثل كينيا وتنزانيا وزيمبابوي مورداً جديداً للدخل من سوق السياحة المزدهرة. أما الخاسرون من هذا التحول الاقتصادي فهم الذين عاشوا في القرى القريبة من المحميات. فالدخل من السياحة الحيوانية كان يتدفق الى العواصم ويصب في الوزارات ووكالات السياحة، حيث لا يكترث أحد لما يفعله قطيع من الجواميس في حقل ذرة. وكانت النسوة يخيمن في العراء لطرد الحيوانات البرية خارج حقولهن.
أما الآن فهناك برنامج جديد للحماية يوفر للقرويين منفعة من الثروة الحيوانية البرية الموجودة في مناطقهم، اذ يسمح للجان الريفية باصطياد عدد معين من الحيوانات على مدار السنة. حراس المحمية يتحققون من مراعاة الحصة المقررة واصطياد النوع الصحيح، ثم يوزع اللحم على أهل القرية. وبعد تطبيق هذه الخطة أخذ استعمال كلمة "ودودو" يقل وصار الأهالي يكثرون من استعمال كلمة "وانياما" وتعني حيوانات أي لحماً.
وأصبح الصيد غير الشرعي أكثر صعوبة الآن، ولم يعد الصيادون الذين يسعون وراء العاج أو قرون وحيد القرن يجدون من يعمل معهم من الحمالين ومتتبعي الأثر. وبذلك ارتفعت اعداد الحيوانات البرية.
يزور تنزانيا كل سنة نحو 700سائح صياد يدفعون رسوماً لممارسة هوايتهم. ويأتي مئتان منهم الى محمية الصيد في "سيلوس"، فيدفع كل منهم نحو2500 دولار في اليوم ليمارس رياضته الدموية. وهناك أيضاً رسوم على الحيوانات البرية التي يتم صيدها. فعلى سبيل المثال، يكلف اصطياد أسد 2000دولار. وتتقاضى الدولة4000 دولار لقاء اصطياد فيل واحد. الجزء الأكبر من عائدات اصطياد الحيوانات الكبيرة يذهب الى خزانة الدولة، وهذه بدورها تستخدم المال لدعم محميات الصيد. يقول مدير أحد مخيمات السفاري: "عاد السياح يفدون من جديد. ولم يعد الصيادون غير الشرعيين يستطيعون الاعتماد على الأهالي في مساندتهم، وهكذا أصبحت الفيلة أكثر وداً، ولم تعد تهرب عندما تحسّ بوجود بشر".
 
كادر
توجيهات بيئية للمنشآت السياحية في مصر
أصدرت وزارة البيئة في مصر مجموعة من التوجيهات البيئية الواجب الالتزام بها من قبل المنشآت السياحية والفندقية. وقد اعتمدتها وزارة السياحة التي تعمل على تعميمها وتطبيقها. وتولت اعداد هذه التوجيهات الدكتورة سامية جلال، المستشارة في وزارة البيئة المصرية والاستاذة في جامعة الاسكندرية. وهنا أهم ما جاء في هذه التوجيهات:
تقوم المنشآت السياحية والفندقية بترشيد استهلاك الموارد المائية، وذلك بإصلاح دورات المياه وجميع المصادر التي يمكن عن طريقها هدر المياه في غير أوجه الاستعمال اللازمة، بما يحقق توفير المياه. وتضع بطاقات تطلب تعاون النزلاء في توفير المياه من خلال ترشيد استهلاك المناشف وعدم ترك الصنابير مفتوحة. كما تقوم بترشيد استهلاك الطاقة عن طريق الحد من استخدام مصابيح الانارة في غير أوقات الحاجة، وكذلك أجهزة التكييف وسائر الاستخدامات الأخرى المعتمدة على الطاقة الكهربائية، وتدعو المنشآت لاستخدام مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وكذلك المصابيح المقتصدة في استهلاك الكهرباء.
وتقوم المنشأة بالتداول السليم لمخلفاتها الصلبة من خلال استبدال المنتجات البلاستيكية غير القابلة للتدوير بأخرى قابلة للتدوير، وتلتزم بتنفيذ نظام فصل الورق والمواد البلاستيكية والمواد المعدنية والنسيجية والزجاج عن المخلفات العامة وإعادة بيعها، للحد من حجم القمامة الواجب نقلها الى المطامر العامة. وتعتمد نظاماً لفصل المخلفات الصلبة الى مواد قابلة للاسترجاع ومواد عضوية، من خلال تخصيص أكياس مختلفة الألوان لجمع القمامة على أن يوضع الزجاج والبلاستيك في أكياس زرقاء والورق في أكياس بيضاء أو شفافة وباقي المخلفات في الأكياس السوداء المعتادة.
وتتحقق المنشأة من مدى تعرض العمال للحرارة والرطوبة والضوضاء وكذلك المذيبات العضوية والمواد الكيميائية بتركيزات أعلى من المسموح بها في القانون، عن طريق أخذ عينات هواء ورصد تركيز هذه المواد فيها بطريقة دورية. وتقوم بالحد من الضوضاء الناتجة عن نشاطها داخل المبنى وخارجه، وتتولى زرع النباتات والمساحات الخضراء خارج المبنى وداخله كلما أمكن ذلك لتنقية الهواء وللحد من تأثير الملوثات الهوائية على صحة الانسان. وتقوم بتجميع واعادة زيوت التشحيم وزيوت المحركات المستخدمة الى شركات النفط، وتمتنع عن القائها في شبكات المجاري أو على الأرض.
وتستخدم المنشأة الكيماويات الصديقة للبيئة في جميع نشاطاتها، وخصوصاً المطابخ والمغاسل، وتحدد الأنواع الخطرة منها والتخلص السليم من عبوات هذه الكيماويات وبقاياها. وعلى المنشآت المقامة في المناطق النائية أو بجوار محميات طبيعية مراعاة الحفاظ على النباتات والحيوانات. ويترتب على الهيئات المسؤولة عن المنشآت الفندقية والسياحية اعداد دراسة تقييم الأثر البيئي لجميع مشروعات التوسع في المنشآت قبل تنفيذها. وبالنسبة للفنادق التي تحتوي على ماكينات للتنظيف الجاف، فلا بد من عزل المغسلة الجافة عن طريق احاطة مكانها بحاجز يصل الى السقف على أن يزود المكان بشفاط هواء من أسفل وضاغط للهواء من أعلى، بحيث يطرد الهواء المحمل بآثار المذيبات المستخدمة في التنظيف الجاف خارج الفندق لخطورته المسرطنة على العاملين في المغسلة. وتزود حمامات السباحة بنظام لمعالجة المياه ويعاد استخدامها بعد امرارها على مرشحات محتوية على كربون منشط.
 
كادر
البيرو تفرض قيوداً على اجتياز ممر إنكا سيراً على الأقدام
في محاولة للمحافظة على "ممر إنكا" الذي لحق به ضرر شديد، قررت البيرو اعتماد خطة تحصر عدد السياح الذين يسمح لهم باجتيازه سيراً على الاقدام يومياً وصولاً الى قلعة ماتشو بيتشو في قمة جبال الانديز بـ500فرد. وينص القانون الذي يسري مفعوله في 9آب (اغسطس) المقبل على انه يجب ان تصحب مجموعة السياح في رحلتهم شركة مسجلة، وان لا تزيد كل مجموعة على 30فرداً، بمن فيهم المرشدون والحمالون والطباخون. وسوف يزاد رسم ولوج الممر من 17 الى50  دولاراً. والهدف من ذلك تخفيف الضغط على الممر ومنع كثير من السياح الذين يفتقرون الى الخبرة من اضرام النيران وترك النفايات في الممر، فضلاً عن دفع محدودي الميزانية الى اجتياز ممرات أخرى.
ويحفل الممر الذي يبلغ طوله نحو 32كيلومتراً والذي يخترق جبال الانديز بمعالم أثرية تعود الى حضارة قبائل الإنكا في القرنين الرابع عشر والخامس عشر. وبعد ان دحر الاسبان قبائل الإنكا في القرن السادس عشر سدت الادغال الممرات التي تربط شبكة المدن المعقدة في المنطقة. وفي عام1911 اكتشف هيرام بينغام، عالم الآثار في جامعة بال، قلعة ماتشو بيتشو وبدأ التنقيب عن بلاطها الحجري الضخم وساعاتها الشمسية وهياكلها. وفي عام1998 ارتفع عدد الزوار الذين يجتازون الممر قاصدين القلعة الى 66000في السنة. وكل يوم يحتشد نحو200 شخص ليبدأوا سيرهم نحو القلعة في رحلة تستغرق ثلاثة الى خمسة أيام. وفي أوج الموسم السياحي في حزيران (يونيو)وتموز (يوليو)وآب(أغسطس)قد يتواجد أكثر من 1000شخص في الممر في وقت واحد. وتقع القلعة في جنوب البيرو على بعد نحو 490كيلومتراً جنوب شرق العاصمة ليما وقد أصبحت المعلم السياحي الأكثر اجتذاباً للزائرين في البلاد. (الصورة: صوفيا ملكة اسبانيا تزور آثار ماتشو بيتشو)
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
"البيئة والتنمية" السياحة والـبـيئة
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.