Sunday 24 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
موضوع الغلاف
 
ابراهيم نحال الصحراء تزحف  
أذار-نيسان/ /مارس - أبريل 1999 / عدد 17
 التصحر مشكلة عالمية، لكنه مشكلة الدول النامية بصفة خاصة. فهذه الظاهرة الخطيرة تؤثر في حياة مليار نسمة يشكلون نحو سدس سكان الأرض، بينهم أكثر من 250مليون عربي. وتتعاظم هذه المشكلة مع التزايد المتسارع لسكان المعمورة.
تقدر مساحة الاراضي المعرضة للتصحر نتيجة سوء استغلالها بحوالى 3,6مليار هكتار، أي 70في المئة من المساحة الكلية للمناطق القاحلة. وهي موزعة بين أكثر من ثلثي بلدان العالم.
إن هذه المناطق المتصحرة الجدباء، أو المهددة مستقبلاً بالتصحر نتيجة سوء الادارة والاستغلال، ستوسع رقعة الصحاري وأشباه الصحاري التي تعادل ثلث وجه البسيطة، فترتفع الى نحو 50في المئة من مساحة اليابسة.
أعد هذا التقرير: د. ابراهيم نحال
التصحر هو تدهور الاراضي في المناطق الجافة وشبه الجافة وشبه الرطبة القاحلة، الناتج بشكل رئيسي عن التأثيرات السيئة للانسان في البيئة. وشمل هذا التدهور التربة والماء المحلي وسطح الأرض والغطاء النباتي الطبيعي والمحاصيل الزراعية. وينتج عن التصحر انخفاض في الموارد الطبيعية المحلية المتجددة، من مياه وتربة وغطاء نباتي، بسبب الانجراف الريحي والمائي، أو التملح أو الغدق في الاراضي المروية، أو انخفاض عدد الأنواع النباتية والحيوانية البرية وزوال العديد منها، أو انخفاض انتاجية الأرض.
ولئن يكن السبب الرئيسي للتصحر هو سوء استغلال الانسان للموارد الطبيعية، فإن تكرر الجفاف يمكن أن يلعب دوراً في بعض الظروف. ولكن غالباً ما يختلط مفهوم التصحر مع حالات الجفاف في المناطق القاحلة. فالتصحر هو عملية بطيئة ونادرة تؤدي الى تدهور بيئي في أنظمة موارد الاراضي القاحلة. وهو ناتج من كون هذه الأنظمة هشة وسريعة العطب، ومن الاستغلال الجائر لهذه الأنظمة. واستغلالها الراشد يؤمن المحافظة على سلامتها ويحميها من التصحر. وتكرر الجفاف هو أحد الأسباب التي تجعل هذه الأنظمة هشة وسريعة العطب، وهو في الحقيقة طبيعي في المناطق القاحلة، ويعتبر من خصائص المناخ السائد فيها، ويحدث بصورة مفاجئة اذ يتعذر التكهن به، كما أن الخسارة الناتجة عنه يمكن أن تكون كبيرة جداً. ويجب أخذ هذه الخاصة في الحسبان عند استغلال هذه المناطق.
تحدث عملية التصحر بشكل رئيسي في المناطق الشديدة الجفاف والجافة وشبه الجافة وشبه الرطبة، أي خارج الصحاري. وهي تظهر في البداية على شكل بقع مبعثرة داخل هذه المناطق، في الأجزاء الأكثر تدهوراً والأكثر حساسية. ومع تقدم التصحر تتسع هذه البقع تدريجياً وتتصل حتى يعم التصحر المنطقة كلها.
ولما كانت هذه المناطق متاخمة للصحاري، فإن الاراضي المتصحرة تتصل بالصحاري. وهكذا تبدو الصحاري كأنها تتقدم وتزحف. لذلك سميت هذه الظاهرة في البداية "الزحف الصحراوي"، إذ كان يعتقد أن التصحر يشكل جبهة تهجم من المناطق الصحراوية في اتجاه المناطق المجاورة، كزحف الرمال الصحراوية.
والحقيقة أن زحف الرمال الصحراوية تحت تأثير الرياح ليس إلا حالة استثنائية من حالات التصحر. ولا يمكن اعتباره ممثلاً لعملية التصحر، بل يجب النظر الى عملية التصحر على أنها تتولد خارج الصحاري وتزحف نحوها. ولذلك من الضروري التمييز بين المناطق الصحراوية والمناطق المتصحرة.
إن المناطق المتصحرة لم تكن صحاري سابقاً، بل كانت مناطق منتجة وذات غطاء نباتي يتناسب مع درجة جفافها. لكن التدهور الشديد الذي نتج عن اختلال توازن أنظمتها البيئية، بسبب سوء استغلالها، أدى الى تغيرات بيئية محلية جعلها تأخذ صفات أقرب الى صفات الصحاري، لاسيما من حيث انتاجيتها. أما الصحاري فهي مناطق شديدة الجفاف يعود تشكلها الى عوامل طبيعية وليس للإنسان أي تأثير في هذا التشكل.
إذا وصل تدهور البيئة الى حده الأقصى، بحيث يؤدي الى انجراف التربة بشكل تام وظهور الصخرة الأم القاسية على السطح، فعندئذ لا يمكن اصلاح الوضع ولا يبقى أي أمل لاستعادة استغلال هذه الاراضي زراعياً أو رعوياً أو حرجياً. وفي هذه الحالة يكون التصحر عملية غير عكوسة، أي غير قابلة للعلاج. وهذا يعني أن المنطقة خرجت نهائياً من دائرة الاستثمار وتحولت أرضاً جدباء الى الأبد.
أما في الحالات الأخرى الأكثر انتشاراً، حيث يكون التصحر في مراحله الأولى أو المتوسطة ويؤدي الى تدمير جزئي للغطاء النباتي وخصوبة التربة، وما دامت التربة لا تزال موجودة، فيمكن اصلاح العطب باتخاذ التدابير اللازمة. وكلما كانت المعالجة باكرة كانت أضمن وأقل كلفة.
غير أن الحلول التقنية لا تعطي نتائج ايجابية الا اذا رافقتها إرادة سياسية لتطوير العادات المتبعة في استغلال الموارد الطبيعية. ويتم ذلك بإصدار تشريعات تكفل حماية هذه الموارد من العبث وتضمن حسن استغلالها، وبالعمل المستمر مع سكان المناطق المتصحرة ومشاركتهم في وضع خطط الاصلاح وتنفيذها.
أسباب التصحر
يرجع علماء البيئة أسباب التصحر الى تضافر ظاهرتين: الأولى، حدوث نوبات جفافية تدوم ما بين خمس وسبع سنوات. والثانية، تدهور التوازن البيئي بواسطة الانسان وحيواناته، عن طريق سوء استغلاله الموارد الطبيعية المتجددة من مياه وتربة وغطاء نباتي.
وقد قام العديد من الاختصاصيين بتحليل أسباب التصحر وآلياته، خصوصاً في المنطقة العربية. واتفقوا على أن عودة الفترات الجافة أمر مألوف في المناطق الجافة أو القليلة الأمطار، وعلى أن السبب الرئيسي للتصحر هو سوء إدارة واستغلال الأنظمة البيئية. وقد ساعد على تسارع التصحر في النصف الثاني من هذا القرن "الانفجار السكاني" الذي ميز هذه الفترة، والذي أدى الى ازدياد الحاجة الى الغذاء، وبالتالي الى الاراضي المزروعة والحيوانات. وقد حدث ذلك على حساب الغابات والمراعي الطبيعية والتربة الزراعية.
ويتجلى دور الانسان عملياً في ممارسات مثل: إزالة الغابات الطبيعية ولاسيما على المنحدرات، قطع الأشجار، حرائق الغابات، الرعي الجائر في الغابات والمراعي الطبيعية، حراثة البادية من أجل استغلالها للمحاصيل الزراعية، سوء حراثة الاراضي الزراعية ولاسيما على المنحدرات، الابتعاد عن الدورات الزراعية وعن استخدام المادة العضوية في التسميد، سوء ادارة الري والصرف.
وبينت دراسات عديدة أن المناخ العام في منطقة شرق المتوسط لم يتبدل منذ 500سنة قبل الميلاد، وأن كمية الأمطار ودرجة الحرارة والتبخر حالياً تشبه الى حد كبير مستوياتها في منتصف الألف الأول قبل الميلاد. ولذلك لا يعقل أن يعزى التصحر المتسارع الملاحظ في هذه المنطقة الى تغيرات مناخية في اتجاه ازدياد الجفاف.
تأثيرات وأضرار
للتصحر تأثيرات وأضرار يمكن أن تظهر على ثلاثة مستويات: تأثيرات محلية، وتأثيرات بعيدة عن المكان المتصحر، وتأثيرات إجمالية.
تظهر التأثيرات المحلية بشكل تغيرات تحدث في التربة وفي حياة النبات والحيوان والانسان. فتنخفض الكتلة الحية للأغطية النباتية، وتقل الانتاجية الأولية، وتنقرض بعض الأنواع، ويحدث انخفاض في جماعات الحيوانات البرية، بما فيها حيوانات التربة، وتتدهور القطعان. وتتعرض التربة للانجراف بفعل المياه أو الرياح، وتضيع المادة العضوية والعناصر الغذائية والمياه، مع إمكان حدوث تملح وغدق. وتؤدي هذه التأثيرات الى تدني انتاجية التربة. وقد يسبب التصحر هجرة السكان الى مناطق أخرى. وهذه التغيرات غالباً ما تسبب تغيرات في المناخ المحلي وترفع كمية الغبار في الجو بسبب ازدياد العواصف الترابية. وينعكس ذلك مباشرة على معيشة السكان وصحتهم.
أما التأثيرات البعيدة عن المكان المتصحر فهي عديدة ومتنوعة. منها انتقال المواد المنجرفة من التربة بواسطة المياه والرياح، وتجمّعها في المناطق المنخفضة مسببة الاطماء خلف السدود وفي قنوات الري. والسيول الناتجة يمكن أن تضر بالأراضي الخصبة وقنوات الري والسكك الحديد والطرقات والمنشآت العامة وغيرها. ويتشبع الهواء بالغبار، مما ينعكس مباشرة على صحة الانسان والحيوان.
ومن التأثيرات الاجمالية للتصحر انخفاض انتاجية الغذاء على المستوى العالمي، وخسارة التنوع البيولوجي مع انقراض النباتات والحيوانات وبعض النظم البيئية. وقد تحدث تغيرات في المناخ نتيجة الغبار الزائد في الهواء الذي يمكن أن يسبب تبدلاً في انتشار وامتصاص الأشعة الشمسية في الجو، وهذه شبيهة بتأثيرات الملوثات الجوية الأخرى المعروفة باسم غازات الدفيئة. ثم ان زوال الغطاء النباتي أو تدهوره يؤثران في ميزان الطاقة ودرجة حرارة الهواء في المناطق المجاورة. ويحدث هذا التأثير بواسطة عمليتين: الأولى ازدياد الألبيدو (Albedo) أي الطاقة الانعكاسية، مما يعني انخفاض الأشعة على سطح الأرض، والثانية انخفاض في ازالة رطوبة التربة عن طريق التبخر نظراً لتدهور الغطاء النباتي. وبينت الدراسات أيضاً وجود ارتفاع واضح في درجة حرارة سطح التربة وطبقة الهواء المجاورة له نتيجة التصحر.
خسائر طبيعية واقتصادية
خسارة الاراضي المنتجة هي من أهم نتائج التصحر. وتبلغ مساحة الاراضي المتصحرة أو المصابة بشكل من أشكال التدهور نحو 3,6مليار هكتار في العالم، أي ما يعادل 70في المئة من المساحة الكلية للمناطق القاحلة. ويقع 1,5مليار هكتار من هذه المساحة المتصحرة  في البلدان الصناعية القادرة على مكافحة التصحر من الوجهتين المالية والتقنية. أما البقية، أي نحو 2,1مليار هكتار، فتقع في البلدان النامية. وهنا تكمن الصعوبة في مكافحة التصحر عالمياً، لأن هذه البلدان تفتقر الى المال والخبرة، وهي بحاجة ماسة الى مساعدات، عبر تعاون دولي لمكافحة التصحر باعتباره يمس البشرية جمعاء.
ولا تتوافر طرائق دقيقة لتقدير الخسائر الاقتصادية الكلية الناتجة عن التصحر. فكثير منها لا يمكن تقديره مالياً، مثل الخسائر الاجتماعية والثقافية والجمالية، وتلك الناتجة عن انقراض النباتات والحيوانات البرية، وتلك التي تحدث بعيداً عن المكان المتصحر. ويمكن تقدير الخسارة الناتجة عن التأثيرات المحلية للتصحر بشيء من الدقة عن طريق حساب الخسارة في القدرة الانتاجية التي يسببها تدهور الاراضي.
ويمكن اجراء هذا التقدير بالاعتماد على تجارب عدد من الدول.
ففي العام 1977، أجرى المؤتمر الدولي المعني بالتصحر تقديراً للخسارة الناتجة عن التصحر الحاصل في الاراضي القاحلة في العالم. ووجد أن انخفاض القدرة الانتاجية للأراضي يعادل 26مليار دولار سنوياً على وجه التقريب. ثم أجري تقدير لاحق عام 1980، فتبين أن عدم وقف التصحر خلال العشرين سنة التالية سوف يؤدي الى خسارة تقارب 520مليار دولار، اضافة الى المشاكل الاجتماعية والصحية التي ترافق عمليات التصحر وانعكاسها على حياة سكان المناطق المجاورة. وقام برنامج الأمم المتحدة للبيئة خلال العامين 1990و1991باجراء تقويم جديد للخسارة الناتجة عن التصحر،  اعتماداً على أسعار العام 1990، فوجد أنها تعادل 42,5مليار دولار سنوياً على مستوى كل القارات، وهذا يعني خسارة 850مليار دولار خلال 1990 - 2010. وسيجرى تقويم آخر سنة 2000للخسارة التي ستنتج خلال الفترة 2000 - 2020.
هذه الأرقام تعطي، في حدها الأدنى، فكرة تقريبية عن الخسارة المباشرة في عدم مكافحة تصحر الاراضي. ولكن ليس هناك حتى الآن أي تقدير للخسارة الناتجة عن تأثيرات التصحر البعيدة عن المكان المتصحر، والتي يمكن أن تصل، بحسب بعض التقديرات، الى عشرة أضعاف الخسارة الناتجة عن التأثيرات المحلية.
أساليب للمكافحة
مكافحة التصحر جزء لا يتجزأ من عملية استغلال الموارد الطبيعية في المناطق القاحلة. لذا من الضروري أن تتكامل برامج مكافحة التصحر مع برامج الاستغلال المتكامل للمياه والتربة والغابات والمراعي، ومع برامج التنمية الريفية. ومكافحة التصحر في المناطق القاحلة باهظة الثمن، بحيث تكون غالباً غير مشجعة للحكومات، خصوصاً اذا قورنت بمشاريع أخرى عالية المردود. ولكن يتوجب على هذه الحكومات ان تقدر أن مشاريع مكافحة التصحر، على رغم ضعف مردودها المالي، هي ذات قيمة عالية جداً من الناحيتين الاجتماعية والانسانية، لأهميتها في الأمن الغذائي والانتاج الوطني وحماية البيئة.
وقد قدرت تكاليف مكافحة التصحر على المستوى العالمي عام 1990بما يراوح بين 10مليارات و22مليار دولار. وهذا يعني أن الخسارة الناتجة عن عدم مكافحة التصحر هي أكبر بكثير من تكاليف مكافحته، وتراوح بين ضعفين وأربعة أضعاف، فضلاً عما لمكافحة التصحر من فوائد أخرى تتعلق بحياة الانسان وتحسين البيئة وحماية التنوع الأحيائي وجمال الطبيعة وغير ذلك، وهذا لا يمكن تقديره بالمال.
تعتمد في مكافحة التصحر وسائل لحماية التربة من الانجراف والمحافظة على خصوبتها، ومنع هدر مياه الأمطار والمياه الجوفية، والمحافظة على الغابات والمراعي الطبيعية. وتتفاوت هذه الوسائل باختلاف طبيعة المناطق المتصحرة.
ففي مناطق الزراعة المطرية (البعلية)، يمكن انشاء مصاطب مدرّجة (جلول) لزراعة الأشجار المثمرة في الاراضي المتوسطة الانحدار، وحراثة الاراضي أفقياً (contour ploughing) في المنحدرات الخفيفة، وانشاء المدرجات في المنحدرات الشديدة. أما في المنحدرات المتوسطة فيمكن اعتماد الزراعة الشرائطية المتناوبة (strip cropping)، فتقسم الاراضي الى حقول في شكل شرائح مستطيلة متعامدة على اتجاه الرياح السائدة، بحيث لا تزرع شريحتان بالمحصول نفسه، وتترك الحقول البور بالتناوب مع الحقول المشغولة، وتتناوب الشرائح المزروعة بالمحاصيل الحولية أو البور مع الشرائح المزروعة بالأعشاب المعمرة.
وفي المناطق الحرجية، يجب منع القطع والرعي الجائرين، وتحسين استثمار الغابات، ومكافحة الحرائق، والحد من زحف الاراضي الزراعية.
وللمحافظة على التربة والمياه، يجب تحريج الاراضي العارية الشديدة الانحدار، وزراعة الأشجار على الاراضي المتوسطة الانحدار بانشاء المدرجات، وحراثة التربة أفقياً لزراعة المحاصيل على المنحدرات الخفيفة، ووضع خطة إدارية متكاملة لاستغلال مساقط المياه، واعتماد الري بالرش أو التنقيط للتخفيف من استهلاك الماء، وتجميع مياه الأمطار على المنحدرات البسيطة.
هذه الوسائل كلها تهدف، في نهاية المطاف، الى ترشيد استخدام الأرض واستغلالها بشكل مستديم.
ولئن تكن النظم الاجتماعية والسياسية المتصلة بصنع القرارات وتنفيذ الخطط، وعدم توافر مصادر التمويل، تشكل عوائق ضخمة لعمليات مكافحة التصحر وإعادة إعمار المناطق المتصحرة، فمن الضروري معالجة التصحر وإصلاح الاراضي المتدهورة في القريب العاجل. فالتأخير سيؤدي الى خسارة نقدية أكبر مع تفاقم التدهور، ويصبح الاصلاح عالي الكلفة، وربما مستحيلاً.
 
كادر
تدهور الاراضي من أيام بابل
تدهور الاراضي ظاهرة قديمة قدم الحضارة، من الهلال الخصيب في المنطقة العربية الى سهول الصين وهضاب امبراطورية الانكافي البيرو. وتخبرنا احدى أولى قصص العالم المكتوبة، وهي ملحمة جلقامش، كيف أن رجلاً اجتث أشجار غابات بلاد ما بين النهرين فأنزل بها اللعنة. ولم يلتفت قدماء السومريين الى ذلك المثل فاستمروا في قطع الأشجار. وتتضمن مخطوطات لهم تعود الى 2000سنة قبل الميلاد أوصافاً للتصحر مثيرة للتأمل. وها هي مدينتهم العظيمة أرك، التي كان تعدادها في وقت ما 50ألف نسمة وكانت تنتج محاصيل زراعية تضاهي إنتاج أميركا الشمالية اليوم، عبارة عن مجرد كومة من الرمال اليوم.
وكتب أفلاطون عن أتيكا في القرن الرابع قبل الميلاد: "إن أرضنا، بالمقارنة مع ما كانت عليه قبلاً، أشبه بهيكل بدن أنهكه المرض". وسلّة خبز الامبراطورية الرومانية في شمال أفريقيا، حيث ازدهرت في وقت ما 600مدينة، هي صحراء الآن. وقال كريستوفر كولومبوس إنه لم يشاهد مطلقاً شيئاً أجمل من الغابات التي وجدها تكسو هضاب هايتي، وهذه الهضاب نفسها هي الآن قاحلة.
 
كادر
اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر
يرجع أول جهد دولي محدد لمكافحة التصحر الى نهاية موجة الجفاف والجوع الهائلة التي اجتاحت منطقة الساحل في أفريقيا في الفترة 1968 - 1974والتي مات خلالها ما يزيد على 200ألف شخص ونفقت ملايين الحيوانات. وأنشئ مكتب الساحل السوداني التابع للأمم المتحدة عام 1973، لمساعدة تسعة بلدان معرضة للجفاف تقع غرب أفريقيا. لكن أنشطة المكتب اتسعت في ما بعد.
وتصدت الأمم المتحدة للمسألة على النطاق العالمي لأول مرة في مؤتمر الأمم المتحدة بشأن التصحر الذي عقد في نيروبي عام 1977، والذي وضع القضية على جدول الأعمال الدولي كمشكلة اقتصادية واجتماعية وبيئية عالمية النطاق. وأصدر المؤتمر خطة عمل لمكافحة التصحر.
وفي 17حزيران (يونيو) 1994تم اعتماد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في البلدان التي تعاني من الجفاف الشديد أو من التصحر، وبخاصة في أفريقيا.
وهي تلزم البلدان الأعضاء باتخاذ اجراءات فعالة مدعومة بتعاون دولي بهدف الإسهام في تحقيق التنمية المستدامة في المناطق المتأثرة. وتعتمد استراتيجيات متكاملة طويلة الأجل تركز، في المناطق المتأثرة، على تحسين انتاجية الاراضي، وإعادة تأهيلها، وحفظ الموارد من الاراضي والموارد المائية وإدارتها إدارة مستدامة، مما يؤدي الى تحسين أحوال المعيشة، ولا سيما على مستوى المجتمعات المحلية.
وتتعهد الأطراف من البلدان المتقدمة بدعم جهود البلدان النامية المتأثرة في مكافحة التصحر  وتخفيف آثار الجفاف، وبتقديم موارد مالية كبيرة وأشكال دعم أخرى لمساعدة هذه البلدان على وضع وتنفيذ الخطط والاستراتيجيات الطويلة الأجل الخاصة بها، وبتعزيز حصولها على التكنولوجيا والمعرفة والدراية العملية المناسبة.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.