3000 طن من الأسماك النافقة لفظتها مياه جون الكويت في شهري آب وأيلول (أغسطس وسبتمبر) الماضيين. وتضاربت الآراء حول سبب الكارثة: مواد كيميائية سامة، مخلفات مشعة، صرف صحي، تسرب نفطي، ارتفاع حرارة المياه، اصابة جرثومية، مد أحمر... النتيجة الرسمية المعلنة كانت أن "القاتل" هو بكتيريا تدعى "ستربتوكوكس" فتكت بالأسماك. لكن العالمين بالأمور، وإن اتفقوا على تجريم هذه البكتيريا كقاتل مباشر، يؤكدون أن أسباباً كثيرة اجتمعت وادت الى حالة النفوق الجماعي للأسماك، وأنها تتعلق بمصادر التلوث المختلفة التي تثقل مياه جون الكويت والخليج العربي برمته. ويحذرون من تكرار الكارثة ما لم تتوقف أسباب التلوث.
كتبه راغدة حداد بالتعاون مع "القبس" - الكويت
ترنحت السمكة ثم دارت حول نفسها دورة لولبية سريعة وماتت على الأثر. وفعلت مثلها ملايين الأسماك حتى امتلأت مياه الكويت بالجيف الطافية. بدأت الظاهرة أوائل آب (أغسطس) الماضي في جون الكويت، وانحصرت تقريباً في سمك شائع من نوع الميد (يعرف أيضاً بالبوري mullet).
"تعقدت!" بهذه الكلمة لخص الدكتور محمد الصرعاوي، أمين عام الهيئة الاتحادية للبيئة، الموقف بعد ثلاثة أسابيع. فالنفوق امتد إلى أسماك القاع التي تغذت على الأسماك النافقة، وازدادت المخاوف من توسع رقعته خارج جون الكويت عبر هجرة الأسماك المريضة. ولم يحدد سبب الكارثة بعد.
وشدد الخبراء على ضرورة رفع السمك النافق من البحر بسرعة لكي لا تنتقل العدوى إلى الأسماك الحية. فانطلقت حملة وطنية، دعيت "فزعة كويتية"، لتنظيف الجون من الجيف الطافية على سطحه، نظمتها اللجنة الكويتية للعمل التطوعي برئاسة الشيخة أمثال الاحمد. وتكاتفت الجهات الشعبية والرسمية، وتقاطرت الزوارق الكبيرة والقوارب الصغيرة والـ "جت سكي" للمشاركة في عملية الانتشال، وانضم المتطوعون من مواطنين عاديين وهيئات أهلية وصيادين إلى عناصر الجيش وخفر السواحل ومركز الإنقاذ البحري ووزارة الصحة. وتم انتشال نحو 3000 طن من الأسماك النافقة، أي ما يقدر بـ 70 مليون سمكة، وضعت في نحو 150 ألف كيس. وقدرت الخسارة باستهلاك الكويتيين من الأسماك على مدى خمس سنوات (الاستهلاك السنوي 600 ـ 650 طناً).
وقال مفتش في ادارة النظافة العامة في بلدية الكويت ان الصيادين يجلبون الأسماك النافقة بواسطة المراكب، فتتولى ادارة النظافة تحميلها في الشاحنات واعداد احصائية بكمياتها يومياً، ثم ترسل الى مطامر النفايات، وخصوصاً في منطقة الصليبية. هناك تطحن بواسطة آلات خاصة بعد تخليصها من الأكياس، وتخلط بالرمل وتردم في الموقع.
وأعلنت الهيئة العامة للثروة السمكية منع صيد السمك والروبيان (الجمبري)، كما منعت بيع الأسماك الطازجة والمبردة، المستوردة والمحلية، حتى إشعار آخر. وهكذا واجه نحو أربعة آلاف صياد و800 من أصحاب القوارب وسفن الصيد أوضاعاً صعبة وأزمة بطالة. وقال أحدهم: "نحن كالسمك، لكننا نموت ببطء. ليس لدينا غير هذا العمل نعيش منه نحن وعائلاتنا التي تتطلع إلينا، ولا نعلم متى تنتهي هذه المصيبة". ويتكون أسطول الصيد الكويتي من 903 قطع بحرية موزعة على الشكل التالي: شركة الأسماك المتحدة (20 سفينة)، الشركة الوطنية للأسماك (15 سفينة)، "اللنجات" الخشبية (118)، قوارب القطاع الحرفي (750).
واشتكى باعة الثلج من ذوبان بضاعتهم التي تكدست في السيارات بعد إغلاق أسواق السمك. وشُلت حركة بيع القوارب، وقال مسؤول أحد المعارض: "كنا نبيع طراد الـ22 قدماً بـ 1500 دينار، والآن أصبح سعره 1050 ديناراً، لكن الزبائن هجرونا". وبدت آثار النفوق على محلات بيع أدوات الصيد. وأحجم السباحون والغواصون وراكبو الأمواج عن رياضاتهم خوفاً من أن يصيبهم الوباء كما أصاب السمك. لكن مصدراً طبياً أكد أنه لم تدخل المستشفيات حالة صحية متضررة من نفوق الأسماك، وعزا بعض حالات الطفح الجلدي الى موسم الحساسية، مشيراً الى أن آثار النفوق لا تظهر الا على الأسماك، وان تكن رائحة الأسماك النافقة تؤثر على بعض مرضى الجهاز التنفسي والذين يعانون من الربو المزمن.
وحُرم الكويتيون أكل وجبتهم المفضلة، فلجأوا إلى التونة والسردين، وأقبلوا على الدجاج واللحوم التي ارتفعت أسعارها. وقال أحد الجزارين: "الزبون الذي كان يشتري مرة أو مرتين في الشهر بات يأتي أربع أو ست مرات. لقد نسي الناس جنون البقر والحمى القلاعية".
لكن كل ممنوع مرغوب. فقد قامت سوق سوداء لبيع السمك والروبيان بأسعار مرتفعة، اكتظت بالزبائن الذين حضروا للشراء دون التأكد من مصدر ثمار البحر المعروضة أو صلاحيتها للاستهلاك. وحين يدهم رجال الأمن المكان يهرب الباعة ويتفرق الزبائن وتصادر البضائع. أما مطاعم الأسماك فقد ظل بعضها مفتوحاً. وقال أحد أصحابها: "أبلغونا بقرار المنع، ولكن هناك شركات كبيرة تبيعنا الروبيان والسمك بشكل يومي، مثل البلطي المحلي الذي يجلب من مزارع الوفرة والبلطي المستورد من تايلاند والصبور والنقرور والهامور من إيران حسب ما يخبرنا التجار".
ألف سبب وسبب
في غياب أي تفسير رسمي جازم لنفوق الأسماك، تضاربت الآراء والاجتهادات حول السبب. فمن قائل بمواد كيميائية سامة، إلى قائل بارتفاع حرارة الجو والمياه، إلى مرجّح لإصابة جرثومية. ووجهت أصابع الاتهام إلى شركة نفط الكويت ومزارع الأسماك. وتخوف كثيرون من ان تكون مخلفات إشعاعية نشطة ألقيت في المنطقة. وأثار بعضهم عامل ازدياد ملوحة المياه نتيجة غسل الأراضي العراقية المتملحة بغرض استصلاحها وسكب مياه الغسيل في الأنهار التي تنتهي في الخليج. وعزا بعضهم السبب إلى تجفيف أهوار العراق، مما أحدث تغيراً فيزيائياً في تركيبة الجزء الشمالي من الخليج العربي الذي يعتبر حوضاً ترسيبياً للملوثات والرواسب الآتية من مصب شط العرب. وحمّلت الصحف العراقية القوات الأميركية مسؤولية النفوق، معتبرة أن "تلوثاً اشعاعياً" نجم عن استخدامها اليورانيوم المستنفد في حرب الخليج.
وشكلت لجنة عليا لدراسة ومعالجة ظاهرة النفوق برئاسة وزير الصحة الدكتور محمد الجارالله. وهي ألفت فريقاً لتقصي الحقائق ضم ممثلين عن الهيئة العامة للبيئة ومعهد الكويت للأبحاث العلمية وجامعة الكويت ومتخصصين من القطاع النفطي. وتم أخذ أكثر من ألف عينة من ماء البحر والأسماك النافقة لتحليلها والتأكد مما إذا كانت تحتوي على بكتيريا أو بلانكتونات أو مواد هيدروكربونية أو كيميائية.
ومع تدفق الأسماك النافقة إلى الشواطئ بدأ تدفق الخبراء الأجانب. وكلفت اللجنة خبيراً يابانياً وفريق خبراء أميركيين بإجراء دراسات وتحليلات منفصلة لتفسير الظاهرة وكشف أسبابها. فجاء في تقرير الخبير الياباني ان 99 في المئة من الأسماك النافقة هي من نوع الميد، وأن الدلائل توحي بأن الملوثات الكيميائية أو العوامل الطبيعية المحفزة لا علاقة مباشرة لها بالنفوق. وقد ظهر على كل الأسماك المصابة ضعف القدرة على السباحة، مما يعني حالة موت بطيء. أما الأعراض الخارجية فكانت عبارة عن جحوظ في العينين وتقرحات ونزيف داخل أغطية الخياشيم وحول الفم. واستنتج التقرير أن حالات النفوق والأعراض هذه تشبه إلى حد كبير ما تسببه بكتيريا الستربتوكوكس التي تصيب الأسماك البحرية، وأن تقارير كثيرة وردت سابقاً عن حالات نفوق جماعي مماثلة في كثير من المياه حول المدن ذات التعداد السكاني الضخم. وليست هناك سيطرة ناجحة على نفوق الأسماك الذي يحصل بصورة مفاجئة. وأضاف التقرير أنه، في حالة نفوق أسماك الميد في الكويت، يبدو أن مياه الجون الغنية غذائياً لها دور في وقوع الإصابة البكتيرية في المناطق الأعمق.
تقرير الخبراء الأميركيين استنتج أيضاً ان السبب الأساسي للنفوق هو الإصابة بالبكتيريا، التي ربما كان مصدرها مياه الصرف أو أعلافاً ملوثة تستخدم في أقفاص استزراع السمك. ويمكن للحرارة أن تضعف جهاز المناعة في الأسماك. كما ان التركيزات العالية للمغذيات في الجون قد تشكل بيئة جيدة للنمو البكتيري وإصابة الأسماك، ومرور فترة طويلة من هدوء الرياح والمياه ربما أدى إلى انتشار الإصابة. وقد لوحظ ان صغار الميد تقتات على السمك النافق، وهكذا تتناول البكتيريا وتنقلها عبر دائرة الغذاء. وفي منتصف آب (أغسطس) كانت كل الأسماك النافقة تقريباً من الميد، ولكن في أواخر الشهر وجدت أنواع أخرى. ومع تراكم الأسماك النافقة في المياه، هبط المزيد منها إلى القاع، مما جعلها متاحة للأكل من قبل أسماك القاع. واستبعد التقرير الأميركي ان يكون النفوق نتج عن مد أحمر سام كما حصل عام 1999. لكنه توقع ان تكون الظروف أصبحت ملائمة لبروز المد الأحمر، إذ ان أنواعاً عديدة منه تبرز عندما تتأثر مياه البحر بالمواد العضوية، وها ان الإصابة البكتيرية وتحلل أعداد ضخمة من الأسماك أنتجا بيئة عضوية غنية.
معركة البيان
أصدرت اللجنة العليا لنفوق الأسماك بياناً أعلنت فيه ان النفوق هو بسبب الإصابة ببكتيريا الستربتوكوكس الناجمة عن مياه الصرف. لكن أوساطاً علمية لاحظت أن التقريرين اللذين استند إليهما البيان تمت صياغتهما بناء على فرضيات، وجاءا خاليين من أي معطيات دقيقة ونهائية، واعتمدا صيغة الاحتمالات: قد، ربما، لعل، من المرجح... وفي حين قال الخبراء الأميركيون انهم استندوا في تقريرهم إلى نتائج معهد الكويت للأبحاث العلمية، فقد برزت في تقريرهم مغالطات اختلفت عما جاء في تقارير المعهد. فهم ذكروا أن تركيز الكتلة البيولوجية، مثل البلانكتون، قلل من تركيز الاوكسيجين المذاب في الماء، دون توضيح ذلك بأرقام أو إحصاءات ثابتة، بينما كان تقرير للمعهد ذكر ان نمو البلانكتون انخفض بشكل كبير وسجل تراكيز متدنية جداً وصلت إلى 0,01 ميكروغرام في الليتر، في حين أن تركيزه الطبيعي أكثر من 5 ـ 10 ميكروغرام في الليتر. وقد أوضح المعهد بياناته في جدول علمي وخريطة للجون أخذت بواسطة الاستشعار عن بعد في 27 آب (أغسطس) الماضي. وفي مغالطة ثانية، ذكر الخبير الياباني أن الملوثات خرجت من مزارع الأسماك أو مخارج الصرف الصحي، فيما كان المعهد أشار إلى أن كارثة النفوق بدأت من الصبية حيث لا وجود لمزارع الأسماك ولا مخارج للصرف الصحي.
وخاضت اللجنة العليا بكل ثقلها "معركة البيان" الرسمي الذي وصف بأنه قفز إلى النتيجة من دون أن يتصدى للأسباب، وشكك بصحته كثير من الخبراء الكويتيين والمواطنين الذين تخوفوا من أن اللجنة تخفي الأسباب الحقيقية. وفي مؤتمر صحافي لتبديد الشكوك، جدد الناطق باسم اللجنة الدكتور محمد الصرعاوي تحميل بكتيريا الستربتوكوكس المسؤولية، وقال أمام الصحافيين: "أقسم بالله العظيم ان هذه البكتيريا هي السبب الرئيسي لنفوق الأسماك، وليس هناك ما نخفيه، والله شاهد على ما أقول". وعن تقاعس الهيئة العامة للبيئة عن تنفيذ الخطة التي أعدتها عام 1999 بعد نفوق الأسماك بسبب المد الأحمر، قال الصرعاوي ان التقرير الذي أعدته الهيئة بهذا الشأن تم رفعه الى مجلس الوزراء، موضحاً أنها لم ترصد في الماضي أي نوع من البكتيريا لأن الأسماك لم يسبق أن تعرضت لمثل هذه الكارثة، مؤكداً أنها ستضع برنامجاً للانذار المبكر خاصاً بالبكتيريا. وأضاف أن الهيئة جهزت مختبراً متكاملاً لمراقبة المد الأحمر هو الأول على مستوى الخليج، كما اشترت قارباً لكشط الزيت وضخ الاوكسيجين في البحر. وقال مدير ادارة رصد التلوث البحري في الهيئة ان الادارة تقوم بعمليات الرصد البحري بشكل يومي واسبوعي وشهري، وان هناك 13 محطة ثابتة لرصد الشواطئ، وهي قريبة من مخارج الصرف الصحي ويتم أخذ العينات منها بشكل دوري لفحصها.
ونفى وزير الأشغال فهد الميع مسؤولية وزارته عن الكارثة، مشدداً على أنها لم تضخ أي مياه صرف غير معالجة في البحر منذ فترة طويلة، لكنها ضخت في حالات الطوارئ المياه المعالجة ثنائياً. وأكد قرب إسدال الستار على قضية الصرف الصحي بعد الانتهاء من تنفيذ ثلاث محطات جديدة، فلا تبقى هناك أي مخارج للصرف الصحي بعد سنتين. ورداً على ما يثار حول قيام بعض الشركات بتمديد مجارير إلى الشبكة الصحية من دون إذن مسبق، قال: "كل من تثبت مخالفته سيتم إغلاق مجروره". واتهمت وزارة الأشغال لجنة النفوق بأنها "لم تتحرَّ الدقة العلمية في الأمر"، محملة المسؤولية لمزارع الأسماك والارتفاع المفاجئ وغير الطبيعي في درجات الحرارة، ومعتبرة أن بكتيريا الستربتوكوكس التي هاجمت الأسماك ليست من النوع الموجود في مياه الصرف الصحي، بل هي لاهوائية تعيش في أحواض مزارع الأسماك والرواسب الطينية وتكون في حالة سكون حتى تؤاتيها الظروف المناسبة التي تساعد على نموها وانتشارها، خصوصاً الحرارة المرتفعة وانخفاض الاوكسيجين المذاب في الماء وزيادة المغذيات، وهي من النوع الذي يقضي على أسماك معينة بسرعة.
ورداً على بيان وزارة الأشغال، قال الصرعاوي انها اعترفت بضخ كميات من مياه الصرف الصحي غير المعالجة في البحر في شهر تموز (يوليو) الماضي، وهذا دليل على مشاركة الصرف الصحي في المشكلة، مؤكداً أنه ليس من الضروري أن يكون تأثير مياه المجاري مباشرة على الأسماك، إنما متى تهيأت الظروف تتكاثر الستربتوكوكس، وهذا ما حصل.
وكان معهد الكويت للأبحاث العلمية أجرى مسوحات للمياه الإقليمية أظهرت ارتفاعاً واضحاً في درجة حرارة الماء في شهر آب (أغسطس) من العامين 2000 و2001، إذ بلغت 36 درجة مئوية، مقارنة مع الشهر ذاته في الأعوام السابقة حيث كانت لا تزيد على 31 درجة مئوية. وأشار فريق أبحاث في المعهد إلى إجراء تجربة تم فيها عزل بكتيريا الستربتوكوكس من أسماك الميد التي كانت على وشك النفوق، وحقنت بها مجموعة من أسماك الميد والشعم، فتبين ان هذه البكتيريا تقتل الميد تحديداً لقلة مناعته مقارنة بأسماك أخرى كالشعم لم يطلها النفوق في حينه.
وحذر المدير الاقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة الدكتور محمود عبدالرحيم من أن دولاً اخرى في الخليج قد تتعرض لكارثة النفوق »طالما استمرت مصادر التلوث المختلفة للبيئة البحرية«. والواقع أنه أفيد عن نفوق محدود للأسماك على الشواطئ الايرانية.
بكتيريا أم سموم؟
"هذا البحر ليس بحرنا"، عبارة رددها عدد من البحارة والنواخذة (ربابنة السفن) الكويتيين "العتاق" معلقين على تلوث ساحل الكويت بالزيوت والبقع المختلفة والسفن الغارقة التي تنهال منها مواد لا تعرف ماهيتها. ويلفت الخبراء إلى خصوصية جون الكويت من حيث ضحالته ومحدوديته وضعف تياراته وتأثره بمصادر التلوث. وقد جاء في كتاب "التلوث النفطي في البيئة البحرية بدولة الكويت"، الذي أصدره مركز البحوث والدراسات الكويتية لعام 2001، أن الصناعات الرئيسية في البلد تساهم بانسياب نحو 1830 طناً من النفط سنوياً في مياه الخليج. كما يصب في الخليج سنوياً، على سبيل المثال، 100 طن من النفط من محطات توليد الكهرباء وتقطير المياه في شرق الدوحة (في الكويت)، و510 أطنان من مصفاة النفط التابعة لشركة النفط الوطنية الكويتية في الشعيبة، و670 طناً من محطات خدمة السيارات. وتضخ خمس محطات لمياه الصرف الصحي في مدينة الكويت 34372 متراً مكعباً يومياً، إضافة إلى 600 متر مكعب تضخها يومياً منطقة الشعيبة الصناعية. ومن المصادر البحرية للتلوث النفطي في المياه الإقليمية الكويتية تسربات ناقلات البحر ومخلفات السفن، وعمليات ضخ النفط ونقله إلى موانئ الشحن.
لكن، لا مواد سامة في جون الكويت! تلك كانت نتيجة اختبارات معهد الكويت للأبحاث العلمية على عينات مياه أخذت من مناطق مختلفة في 12 آب (أغسطس) الماضي. وهكذا، فالمواد السامة، التي لا وجود لها، ليست السبب في نفوق الأسماك. إلا أن تقريراً سابقاً للمعهد أشار إلى حدوث كارثة بيئية في الجون مردها إلى مواد كيميائية سامة من مصدر قريب.
وفي حين أكدت تشخيصات خبراء بأمراض الأسماك أن جحوظ العينين والاحمرار حول الفم وداخل الجلد والتقرحات ونزيف الدماغ لا تأتي إلا من إصابة بكتيرية ولا دخل للتلوث الكيميائي فيها، أصر خبراء آخرون على أن الإصابة بالبكتيريا حدثت كعامل ثانوي بعد ضعف المناعة لدى الأسماك نتيجة التعرض للمانع الرئيسي "الذي لم يحدد". وأكدت الاختصاصية في المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية الدكتورة ناهدة بوطيبان أن في الأعراض الظاهرة على الأسماك المصابة دليلاً على وجود مواد كيميائية لم يتم قياسها وفحصها في عينات الأسماك التي تم تحليلها، لافتة إلى أن هناك مواد ذات سمية مباشرة قتلت الأسماك ولم تكتشفها اللجنة بعد. واستبعدت دور الصرف الصحي. وربطت بين حالة الحشرات عند رش المبيدات عليها وحركتها التي تكون لولبية سريعة تموت بعدها، والوضع نفسه الذي يحدث للأسماك المصابة التي تترنح ثم تدور حول نفسها دورة لولبية سريعة تموت على أثرها. ورأت في هذا دليلاً على أن السبب كيميائي.
وقال الدكتور جاسم الحسن، استاذ الكيمياء الحيوية في جامعة الكويت، ان سمك الميد المهاجر الذي يأتي من الجنوب يتعرض للأذى وكأن هناك مادة تؤثر عليه، ثم يصاب بالبكتيريا. ورأى أن اختلال الأسماك جاء من عدم قدرتها في السيطرة على الجهاز العصبي لتأثرها بمادة سامة موجودة في الجون. وكانت سفينة "القدس" للأبحاث أظهرت وجود تركيز عال من الفوسفات في شط العرب، علماً أن لا مصانع للفوسفات في الخليج. وأشار الحسن إلى أن الفوسفات يتواجد في الأسمدة الكيميائية والمبيدات الحشرية ويدخل في تركيب الأسلحة الكيميائية وغاز الأعصاب.
وانتقد رئيس جمعية حماية البيئة الدكتور مشعل المشعان عدم نشر المعلومات واصدار البيانات المبهمة عن الكارثة، مما أعطى فرصة للناس بأن يحللوا ويؤولوا. واتهم رئيس جماعة "الخط الأخضر" البيئية خالد الهاجري المسؤولين بإخفاء الحقائق، ملاحظاً أن الحكومة استعانت بخبراء من الخارج "ولكن هناك تكتماً وسراً لا يريدون أن ينكشف". وفي استطلاع للرأي أجرته "القبس" وشمل 300 مواطن في محافظات الكويت الست، رأى 87,1% ان هناك سبباً غير معلن وراء تفاقم نفوق الأسماك وتلوث البيئة البحرية في البلاد، ودعا 30,6% إلى استقالة الحكومة بسبب ما أحدثته الظاهرة من كارثة للبيئة البحرية، وطالب 77,4 بمحاسبة المسؤولين.
الأسباب كثيرة والموت واحد
كان تقرير معهد الكويت للأبحاث العلمية، الذي رفع إلى مجلس الوزراء بتاريخ 25/8/2001، تضمن أن نتائج التحاليل المختبرية التي أجراها المعهد بينت أنه "لم توجد أي طفيليات أو فيروسات أو بكتيريا على أجسام الأسماك النافقة أو في خياشيمها". واستبعد التقرير التلوث البحري بمياه المجاري، إذ "دلت التحاليل المختبرية لعينات مياه البحر التي جمعت على طول الساحل الجنوبي لجون الكويت حيث تقع مصادر مياه المجاري أن تراكيز الملوثات (مغذيات، طحالب، فطريات، بكتيريا) اعتيادية، مما ينفي أن تكون مياه المجاري هي السبب الرئيسي لظاهرة نفوق الأسماك، كما أن بداية ظهور المشكلة كان في شمال جون الكويت لا في جنوبه، ولا توجد هناك مصبات لمياه المجاري".
ودعت الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي إلى اجتماع لبحث الظاهرة بمشاركة الأجهزة المعنية بالبيئة والثروة السمكية في دول المجلس والمنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية والمكتب الإقليمي وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا. وخرجت بنتائج حددت عوامل ساعدت في تفاقم النفوق، لعل أهمها انعدام التيارات البحرية والرياح وارتفاع معدلات الرطوبة ودرجات الحرارة. وأشارت إلى المد الأحمر الذي لم يشاهد إلا في الأيام الأخيرة من الظاهرة عندما انخفضت نسبة الاوكسيجين وارتفعت نسبة المغذيات والمواد الكيميائية من آبار النفط في شمال الخليج، حيث تحقن كميات من مياه البحر في تلك الآبار لرفع مستوى النفط فيها ومن ثم تقذف في الخليج مرة أخرى.
وأعلنت الأمانة العامة للمجلس في بيانها أن سبب نفوق الأسماك في جون الكويت "بكتيريا ناتجة عن تصريف مياه الصرف الصحي مباشرة في البحر أو عن طريق التصريف غير المقبول من بعض المنازل التي ربطت غرف الصرف الصحي بشبكات تصريف السيول الرئيسية". وأضاف بيانها أن الخبراء الخليجيين والأميركيين والبريطانيين خلصوا إلى أن المواد الكيميائية بريئة من ظاهرة النفوق.
وزير الصحة ورئيس اللجنة العليا لبحث ودراسة ومعالجة ظاهرة نفوق الأسماك الدكتور محمد الجارالله قال ان هناك عوامل كثيرة أدت إلى تلوث مياه جون الكويت، مشيراً إلى ان "الجون مرهق بيئيا"، ومقاومة الأسماك فيه ضعيفة، والاوكسيجين منخفض. وأكد ان الإجراءات المستقبلية التي ستتخذها الحكومة، بعد التوصل إلى الأسباب الحقيقية لنفوق الأسماك، ستكون صارمة، مشيراً إلى أن الجميع على استعداد للموافقة على قرار إنشاء المحكمة البيئية، وعلى إجراءات كثيرة كان البعض يتردد في قبولها.
يؤكد عالمون بالأمور أن جون الكويت، بل الخليج العربي برمته، مرهق بيئياً، وأن عوامل كثيرة اجتمعت لتسبب كارثة النفوق الأخيرة. وصحيح أن البكتيريا قتلت الأسماك، لكن هذه البكتيريا لم تكن لتتكاثر وتزدهر لو لم تجد الوسط المناسب الغني بالملوثات العضوية. ولم تكن الأسماك لتتعرض لهذا النفوق الجماعي الكارثي، حتى مع ارتفاع درجة الحرارة، لو لم تكن مناعتها ضعفت نتيجة عيشها في بيئة عابقة بتشكيلة من الملوثات. ويحذر الخبراء من حتمية تكرر كارثة النفوق ما لم تعالج الأسباب ويتوقف التلوث من مصدره.
بعد تضاؤل أعداد الأسماك النافقة، سمحت هيئة الزراعة باستئناف عمليات صيد الروبيان والسمك، باستثناء الميد، اعتباراً من 15 أيلول (سبتمبر). لكن سوق السمك شهدت عودة خجولة لإحجام معظم المواطنين عن الشراء. وتعليقاً على انحسار نفوق الأسماك، قال أحدهم ان السبب ليس اكتشاف البكتيريا، بل لأن المخزون السمكي انتهى.
كادر
نفوق جماعي لأسماك الخليج العربي
مكرم أمين جرجس
في السنوات الخمس عشرة الماضية، شهدت منطقة الخليج العربي عدداً من الأحداث البيئية غير المعتادة، لوحظ خلالها نفوق أسماك على نطاق واسع في أجزاء مختلفة من الخليج. وتأثرت مجموعة متنوعة من الكائنات البحرية بهذه الأحداث، راوحت من الأسماك الصغيرة إلى الثدييات الكبيرة والزواحف والطيور. وفي بعض هذه الأحداث، لوحظ تواجد وتكاثر غير مسبوقين لأنواع معينة من الطحالب، وعثر على أسماك نافقة باعداد كبيرة على الشاطئ.
ان تكرُّر هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة، اضافة إلى ما حصل مؤخراً قبالة ساحل الكويت في أيلول (سبتمبر) الماضي، كان يسبب دائماً خسارة اقتصادية كبيرة في قطاع مصائد الأسماك وقلقاً لدى مستهلكيها في البلدان المتأثرة. لذلك تعتبر هذه الظاهرة من القضايا البيئية الرئيسية الناشئة في المنطقة، التي تستحق عناية خاصة ومزيداً من الاهتمام من جميع العاملين في مجالي البيئة ومصائد الأسماك. وفي ما يلي نظرة في مسألة النفوق الجماعي للأسماك من واقع الأحداث السابقة في المنطقة، والأسباب في كل حادثة، بهدف إلقاء المزيد من الضوء على المشكلة ووضع تصور للأسباب والعوامل الأكثر احتمالاً التي ساهمت في الحادثة الأخيرة.
لقد أبلغ عن نفوق جماعي للأسماك في منطقة الخليج العربي صيف 1986. وخلال الفترة من 23 آب (اغسطس) إلى 30 تشرين الأول (اكتوبر) من ذلك العام، وجدت أعداد كبيرة من الأسماك من مختلف الأنواع (تقدر بـ4000 ـ 8000 سمكة) والثدييات البحرية، منها الأطوم وحوت واحد من نوع غير معروف (طوله 6 أمتار) و527 دلفيناً، و58 سلحفاة بحرية وطيور ولافقريات، نافقة على ساحلي الخليج العربي شرقاً وغرباً. وحصل أضخم نفوق في أواخر آب (أغسطس) وأواخر أيلول (سبتمبر) من تلك السنة، وخصوصاً في منطقة أم سعيد على الساحل الشرقي لقطر والمملكة العربية السعودية. وبعد هذه الحادثة، في 10 تشرين الثاني (نوفمبر) 1986، عثر على نحو 2000 من طيور الخرشنة نافقة قبالة الساحل السعودي. وعلى رغم الفحوص المكثفة التي أجريت في ما يتعلق بهذه الحادثة على السواحل السعودية والقطرية، فضلاً عن مناطق أخرى على الخليج العربي بما في ذلك المنطقة الساحلية المتأثرة قبالة إيران، لم يتم التوصل إلى نتيجة نهائية تتعلق بالسبب الفعلي.
وبعد سبع سنوات، خلال الفترة من 15 آب (أغسطس) إلى 30 أيلول (سبتمبر) 1993، أبلغ عن نفوق واسع النطاق للأسماك في المياه الساحلية الإيرانية. وأظهرت التحقيقات علاقة مباشرة بغرق سفينة تجارية روسية قبل شهرين في مياه جزيرة لافان وعلى متنها 40 مستوعباً تسربت منها مواد كيميائية. وتسببت هذه الحادثة في نفوق مباشر لمجموعات كبيرة من الأسماك الأوقيانوسية (خصوصاً السردين الهندي قبالة جزيرتي لافان وكيش) تلاه نفوق أعداد كبيرة من أسماك الأعماق والقاع (السلَّور والاسبور الفضي والاسبور ذو الزعانف الصفراء والراقود).
وفي آب (أغسطس) وأيلول (سبتمبر) من العامين 1994 و1996، شوهدت ظواهر مماثلة في عدة مواقع من الخليج العربي، وتحديداً في البحرين وإيران والكويت وعمان وقطر والسعودية والإمارات. وعثر على ألوف الأسماك من أنواع عديدة، فضلاً عن بعض الدلافين، نافقة على سواحل هذه البلدان. وأشارت تقارير إدارة البيئة في إيران إلى نفوق 22 دلفيناً و3 حيتان وسمكتي قرش وكثير من السلاحف في الفترة 1993 - 1994 على ساحل إقليم بوشهر وحده. أما حادثة 1996 خلال الفترة من 22 تموز (يوليو) إلى 7 أيلول (سبتمبر) فقد شملت نفوقاً واسع النطاق لأسماك الأعماق (خصوصاً الاسبور الفضي واسبور الزعانف الصفراء والراقود). وعزي النفوق إلى ارتفاع غير عادي في درجة حرارة المياه وانخفاض كبير في محتواها من الأوكسيجين وقت وقوع الحادثة.
وحصل نفوق آخر في آب (أغسطس) 1998، في المياه الإقليمية لدولة البحرين. وقد سجل ارتفاع استثنائي لدرجات حرارة المياه آنذاك. وأجريت تحريات للأسباب المحتملة، بمساندة صور بالأقمار الاصطناعية تبين درجة الحرارة الفعلية لسطح الماء خلال فترة الحادثة، وتحليل دقيق لعدد من عينات السمك النافق. وفي ضوء الزيادة التي سجلت في حرارة المياه، إذ كانت في حدود 35 درجة مئوية بالمقارنة مع 32 درجة سجلت في شهر آب (أغسطس) 1995 و30 ـ 33 درجة في الشهر نفسه من العام 1997، وكون الأسماك النافقة التي فحصت تميل إلى التجمع أساساً في المياه الضحلة، فان صدمة حرارية مصحوبة بنقص حاد في الاوكسيجين تبدو السبب الأكثر احتمالاً للنفوق، علماً أن بعض أنواع الأسماك في منطقة الخليج العربي تعيش في درجة حرارة قريبة من حدود تحملها الحراري، بفارق درجة واحدة أحياناً، لذلك فان أي زيادة مفرطة في حرارة المياه تؤدي إلى نفوق خطير لهذه الأنواع.
في النهاية، ليس هناك تفسير واحد لكل حالات النفوق الجماعي للأسماك، وما من سبب وحيد تنسب إليه جميع الحالات. وكثيراً ما تتزامن هذه الظاهرة، وتبدو مرتبطة، مع عوامل بيئية مختلفة، تشمل مستويات عالية من الملوثات الناتجة عن الإنسان (مياه الصرف الصناعي والمنزلي) في النظم الايكولوجية المتأثرة أو في أنسجة الكائنات المتأثرة، وارتفاع استثنائي في درجات حرارة المياه، وزيادة كبيرة في نمو الطحالب الضارة وما يرافقها من ظاهرة المد الأحمر، وأمراض سمكية متنوعة، وسموم بيولوجية متسربة إلى البيئة البحرية، وتغيرات محتملة في مصادر الغذاء. وهناك سبب آخر محتمل يجب النظر فيه، خصوصاً في حادثة النفوق الأخيرة في الكويت، هو المغذيات الناشئة عن مزارع الأسماك، التي ثبت أنها موجودة من معطيات سابقة حول المغذيات في المياه الساحلية الكويتية، والتي قد تكون مسؤولة عن فورة بكتيرية في أماكن مثل جون الكويت. هذا الأثر، إذا أضيفت إليه مدخلات أخرى من صنع الإنسان، مثل مياه المجاري والمنتجات النفطية، ستكون له بشكل شبه مؤكد عواقب كارثية على أسماك المنطقة.
باختصار، قد يكون هناك عامل مشترك أو عوامل مشتركة. لكننا لا نستطيع التعميم، ويجب أن ننظر في كل حادثة على حدة بغية الوصول إلى نتائج دامغة علمياً وصحيحة بيئياً.
كادر
آثار بيئية لمزارع الأسماك
يعتمد بليون فرد في البلدان النامية على الأسماك كمصدر رئيسي للبروتين. وفيما يتوقع أن يتضاعف عدد سكان العالم خلال هذا القرن، تشهد المخزونات السمكية تراجعاً سريعاً، خصوصاً بسبب الصيد الجائر والتلوث. وتعويضاً للنقص، أخذت تنتشر في بعض بلدان العالم صناعة استزراع الأسماك. لكن لهذه الصناعة جملة من الآثار البيئية.
تنتج تربية الأسماك نوعين رئيسيين من النفايات العضوية: نوع جامد يتكون من فضلات العلف التي لم تأكلها الأسماك، ونوع يذوب مباشرة في المياه ويتكون من البراز ومفرزات الجسم. وتترسب فضلات العلف تحت أقفاص مزرعة الأسماك أو قربها، فتجذب في بادئ الأمر حيوانات "كاسحة" تقتات بالقمامة وتساهم في تنظيف قاع البحر مثل الديدان ونجوم البحر والسرطانات. وعندما تتكاثر هذه الفضلات تؤثر في طبيعة قاع البحر مما يجعل هذه الحيوانات غير قادرة على العيش هناك فتجلو عنه. أما البراز ومفرزات الجسم فتنقلها التيارات المائية بعيداً عن المزارع، ويخشى أن تكون لها آثار تلوث بالغة، خصوصاً في عمود الماء. فهي تؤدي إلى تزايد النيتروجين الذي يحد من إنتاج النباتات في البيئة البحرية، ومنها العوالق التي تشكل غذاء اساسياً للكائنات البحرية.
ومزارع الأسماك قد تنقل أمراضاً غريبة إلى الأسماك الطليقة، خصوصاً عندما تتعرض هذه الأسماك للإجهاد بفعل عوامل أخرى كالملوثات وارتفاع درجة الحرارة. وتتعرض الأسماك في حظائرها وأقفاصها المكتظة للإجهاد والمرض. وعندئذ تعالج بمضادات حيوية وعقاقير أخرى تلقى في المياه. والإكثار من هذه المضادات، التي تستعمل أيضاً لمعالجة أمراض بشرية، يزيد المخاوف من نشوء سلالات بكتيرية مقاومة للمضادات الحيوية يمكنها نقل مقاومتها إلى أنواع أخرى من البكتيريا التي تنتقل إلى الإنسان نتيجة تناول أسماك المزارع. وتنتقل هذه الأدوية أيضاً إلى القواقع وكائنات بحرية أخرى.
وتنتج مزارع الأسماك الكبيرة كميات هائلة من النفايات التي تتحول إلى نوع من السماد البحري. ويكوّن هذا السماد طبقة من البكتيريا في قاع البحر تحبس الاوكسيجين تحتها، وهذه تضر بالقواقع التي تتلوث مسطحاتها بالسموم. وتتصاعد منها فقاقيع سامة تجعل من الصعب على أسماك المزرعة ان تتنفس. لذلك يتم نقل المزارع بعيداً في البحر فتنشر ضررها في أماكن أخرى.
هل حقاً تموت البحار؟
محمود عبدالرحيم
إذا كنا نؤمن بأن الأنظمة البيئية هي عبارة عن كائنات حية تتفاعل في ما بينها وأيضاً مع البيئة حيث تعيش، بما فيها من كائنات حية وغير حية، فيجدر بنا أن ندرك أيضاً أن لهذه الأنظمة قدرة محدودة على التكيف مع التغيرات الطبيعية أو التي يحدثها أو يستحدثها الإنسان، وأنه في حال تجاوز الحدود القصوى لتلك القدرة فإن هذه الأنظمة قد تتدهور حالتها وقد تموت. ومن يتابع ما يحدث من تغيرات في بحار العالـم الأخرى، لا بد من أن يتوقف عند بحر آرال الذي فقد أكثر مـن 60% من مساحته وبات شبه ميت بعد تدهور بيئته، والبحر المتوسط وبحر البلطيق اللذين يعانيان أيضاً من بؤر تلوث تؤدي بين الحين والآخر إلى ظواهر بيولوجية كالمد الأحمر ونفوق للأسماك. وليس الخليج العربي بمنأى عن مثل هذه الظواهر.
لو تفحصنا الشكل الجغرافي للخليج، لوجدنا أن هذا الذراع الممتد من بحر العرب عبر مضيق هرمز، بطول حوالى 1000 كيلومتر وبعرض لا يزيد على 350 كيلومتراً، هو خليج ضحل لا يتجاوز عمقه 100 متر بمعدل حوالى 35 متراً. وإذ تتأثر حركة تبادل المياه بين الخليج وبحر العرب، عبر خليج عمان، بحركة المد والجزر، إلا أنها تعتمد أساساً على التفاوت في الملوحة بين كتلتي المياه على جانبي مضيق هرمز. ونظراً لارتفاع معدلات البخر في الخليج وعدم تعويض ذلك سوى بنسبة بسيطة من خلال تدفق مياه الأنهار، وعلى الأخص شط العرب، فإن مياه الخليج تزداد ملوحتها وبالتالي كثافتها، وتتجه إلى القاع لتعبر إلى خليج عمان عبر مضيق هرمز، ولكن من القاع أيضاً لكي تحل محلها من مستوى السطح مياه جديدة من خليج عمان.
هذا يعني أن تبادل المياه بين الخليج والمحيط يبقى محدوداً، مما يعطي فرصة أكبر لبقاء الملوثات فترة أطول، وخاصة في المناطق شبه المغلقة كالخلجان ومسطحات المد والجزر.
تدهور بيئة الخليج
لمقاربة العوامل التي تؤدي إلى تدهور البيئة البحرية وانتشار ظواهر مثل الطحالب الحمراء ونفوق الأسماك، لا بد من فهم بعض الظروف الطبيعية والأنشطة البشرية التي تؤثر على بيئة الخليج العربي. ويمكن ايجاز أهمها كما يأتي:
أولاً، يتعرض الخليج لمناخ حار وجاف في فترات الصيف، تهب خلالها الرياح الشمالية الغربية المحملة بالأتربة من صحراء العراق، والتي تعتبر مصدراً للعناصر الغذائية (النيتروجين والفوسفور والسيليكون والمواد العضوية) التي ترتفع معدلاتها وكأنها تستعد للخريف، حيث تنخفض درجة حرارة المياه نسبياً وتنشط حركة الهوائم النباتية مستفيدة من هذه العناصر، لتبدأ دورة المياه من جديد وتزدهر مجموعات الأسماك والقشريات.
ثانياً، قسوة فترة الصيف، إذ تتجاوز حرارة المياه 30 درجة مئوية وقد وصلت عام 1999 إلى 35 درجة مئوية مما أدى إلى نفوق أسماك في عدد من الخلجان الضحلة نتيجة للحرارة ونقص الأوكسيجين الذائب في الماء والذي يقل تركيزه كلما ارتفعت الحرارة.
ثالثاً، كميات تعويض الفاقد من المياه، وخاصة من الأنهار أو من تساقط الأمطار، تقل كثيراً عما يفقده الخليج نتيجة معدلات البخر المرتفعة، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع الملوحة. إلا أن مياه الأنهار، وخاصة شط العرب، هي مصدر رئيسي للعناصر الغذائية التي يحملها الغرين مكوناً بيئات خاصة عند مصبات الأنهار تسعى إليها الأسماك المهاجرة من المحيط الهندي أو تلك التي تنتقل بين الأهوار في جنوب العراق وإيران في مواسم التكاثر، كما أنها مناطق حضانة للقشريات وعلى الأخص الروبيان.
والخليج نظام بيئي يعتمد على توازن دقيق بين ما يصله من مغذيات من مصادر طبيعية وظروف مناخية قاسية تكيفت الكائنات البحرية معها. وتبقى نقطة الضعف فترة الصيف، حين يؤدي ارتفاع حرارة المياه إلى انخفاض معدلات الأوكسيجين المذاب وبالتالي يجعل من الخليج العربي، وعلى الأخص الخلجان مثل جون الكويت، أكثر حساسية لارتفاع مستوى المواد العضوية والتي يتطلب تحللها إلى عناصرها الأساسية استهلاك الأوكسيجين من قبل البكتيريا. وإذا ما حدث ذلك في أشهر الصيف فقد يؤدي إلى انخفاض معدلات الأوكسيجين إلى المستويات الحرجة وربما إلى تهديد حياة الأسماك.
فما هي الأنشطة التي أدت إلى تدهور الوضع البيئي في الخليج؟
لقد مرت المنطقة خلال الخمسين سنة الماضية بطفرة عمرانية وتجارية وصناعية لا تزال تزدهر وتتركز على ضفاف الخليج. وتقدر المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية أن عدد السكان في الدول الثماني المطلة على الخليج ارتفع من 50 مليون نسمة عام 1950 إلى أكثر من 115 مليوناً في عام 1999. وهذا انعكس سلبياً على المناطق الساحلية التي تعرضت للردم والتجريف نتيجة للتوسع العمراني وبناء الموانئ وحفر قنوات الملاحة.
وقد صاحب هذه الزيادة السكانية الكبيرة زيادة مطردة في الطلب على الموارد الطبيعية، بما في ذلك الثروة السمكية، وضغط على مرافق الخدمات ومن أهمها محطات معالجة الصرف الصحي. فكانت النتيجة ازدياد معدلات صرف مياه المجاري ـ المعالجة وغير المعالجة ـ إلى البحر مباشرة، على رغم معالجة حوالى مليوني متر مكعب من المياه يومياً يصرف ثلثها مباشرة إلى البحر.
أما التوسع الصناعي فقد تمثل بانتشار محطات تحلية مياه البحر وإنتاج الكهرباء، التي يقترب إنتاجها اليومي من 0,5 بليون متر مكعب يومياً (نحو 65% من الطاقة الإنتاجية العالمية). وذلك يعني أن هذه المحطات تسحب ما يعادل عشرة أضعاف هذه الكمية من مياه البحر، وتضيف إليه الكلور لقتل الكائنات الحية حماية للمبادلات الحرارية ، ثم يعاد صرفها للبحر بما تحويه من بقايا تفاعل الكلور مع مكونات مياه البحر، بالإضافة إلى بقايا مواد كيميائية تستخدم لتسهيل عمليات التحلية وحماية المبادلات الحرارية.
وفي القطاع النفطي، تم إنشاء عشرات من مصافي النفط (تنتج نحو مليوني برميل يومياً) ومصانع البتروكيميائيات على شواطئ الخليج وموانئ الشحن، التي تؤمن النفط لحوالى 10,000 ناقلة تعبر ممر هرمز سنوياً وتلقي ما يعادل 1,2 مليون برميل من النفايات النفطية سنوياً. وتقدر المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية أن هناك 34 حقلاً بحرياً في منطقة الخليج تضم نحو 800 بئر منتجة، بينما تستمر عمليات الاستكشاف والحفر التي تخلف الطمي والزيوت والمياه العالية الملوحة التي تجد طريقها في العديد من الحالات إلى البحر مباشرة.
وانتشرت في السنوات الأخيرة مشاريع استزراع الأسماك والروبيان على المستوى التجاري، وخاصة في إيران والمملكة العربية السعودية والكويت. وتعتبر مزارع الأسماك من مصادر التلوث البحري بالمواد العضوية، وعلى رغم أهميتها للمنطقة لم تدرس جميع تأثيراتها المحتملة، وعلى الأخص ملاءمة البيئة المحلية للأنواع المستوردة وإمكانية أن تنقل إلى المنطقة الطفيليات أو الميكروبات الموجودة في بيئتها الأصلية. وهذه هي المشكلة ذاتها التي ترتبط بصرف مياه التوازن من ناقلات النفط، إذ يمكن أن تنقل يرقات أو ميكروبات من بيئتها الأصلية حيث تعيش في توازن تام، وعلى الأخص في وجود كائنات أخرى تتغذى عليها قد لا يكون لها مثيل في منطقتنا، وبالتالي تزدهر هذه الكائنات لغياب ضوابط تكاثرها.
وعمليات الردم والتجريف والزحف على البحر مستمرة في جميع الدول. وأدى تجفيف الأهوار في العراق إلى تناقص كميات المياه العذبة التي تصل عبر شط العرب، وتهديد مناطق تكاثر الأسماك في تلك المنطقة وابتعاد الطيور المهاجرة عنها والقضاء على أنواع عديدة من الأسماك والكائنات الأخرى. وكذلك فإن قنوات الصرف التي أنشئت وتم إيصالها إلى الخليج عبر خور الزبير لتصب عند الحدود العراقية الكويتية أصبحت مصدراً جديداً لمياه الصرف الزراعي والمغذيات (الأسمدة النيتروجينية والفوسفورية)، بالإضافة إلى تغير الملوحة في تلك المنطقة الطينية مما يهدد بتغيير الخصائص البيئية هناك، ويرفع من معدلات وصول المواد العضوية والملوثات إلى جون الكويت الذي تصله مياه الصرف الزراعي عبر خور الصبية.
إن جميع هذه العوامل جعلت من الخليج منطقة مؤهلة لحالة التخمة (eutrophication). وقد شهدت المنطقة إنذاراً عام 1999 في شهري آب وأيلول (أغسطس وسبتمبر) عندما ارتفعت حرارة المياه إلى 35 درجة مئوية في بعض مناطق الخليج وظهرت أنواع من الطحالب السامة بأعداد كبيرة أحدثت نفوقاً للأسماك.
ماذا حصل في جون الكويت؟
جون الكويت، الذي لا يتجاوز طوله 35 كيلومتراً ويقل عرضه الأقصى عن 20 كيلومتراً، هو أيضاً خليج صغير ضحل شبه مغلق. فعمق المياه يقل عن 10 أمتار في معظم أجزائه، وهو يتصل بالخليج عبر قناة ضيقة عميقة نسبياً (حوالى 20 متراً) تقع بين رأس الأرض وجزيرة فيلكا، تندفع عبرها مياه المد والجزر بسرعة كبيرة ( ما يسمى محلياً الدردور). كما أن الجون يضم أحواضاً صغيرة أهمها حوض الصليبيخات، وكان يتصل بالجون عبر قناة صغيرة تسمى الدريدير أغلقت بعد توسع ميناء الشويخ في السبعينات مما حول حوض الصليبيخات إلى منطقة راكدة المياه في أغلب الأحيان وعرضة لتراكم الملوثات.
أما الأنشطة القائمة في الجون فهي جميع ما ذكر سابقاً بالنسبة للخليج، ما عدا آبار النفط البحرية. ففي الجون ثلاث محطات لتوليد الطاقة وتحلية المياه، وميناءان ومرفأ لتزويد آبار النفط بمياه البحر لأغراض استخراج النفط. وهناك مخارج مياه الصرف الصحي للحالات الطارئة (وهي تتكرر كثيراً في فصل الصيف نتيجة أعطال محطات الرفع والضخ لشبكة المجاري). وهناك عمليات تعميق الممرات المائية الدورية، بالإضافة إلى مزرعة أسماك في منطقة الجون. كما أن مياه الصرف من الأراضي العراقية أخذت تصب في الجون عبر خور الصبية في السنوات القليلة الماضية لتضيف مصدراً آخر للتلوث العضوي.
وتبين المؤشرات البيئية أنه، لو قسمت درجة التدهور البيئي من 1-4، يمكن القول بأن الوضع البيئي في الخليج يتراوح بين 2-3، بينما يصل في جون الكويت إلى 4، وهو الأسوأ في الخليج نتيجة للعوامل المذكورة.
وعلى ضوء هذه الخلفية ونتائج الدراسات والتحاليل التي اجريت في العديد من المختبرات في الكويت ودول أخرى، يمكن وضع السيناريو التالي:
1. تعرض الجون خلال الفترة من أيار (مايو) وحتى تموز (يوليو) من هذه السنة إلى هبوب الرياح الشمالية الغربية المحملة بالأتربة، مما زاد تراكيز السيليكون والمغذيات الأخرى التي تحملها الرياح عبر الأراضي العراقية الكويتية، وخلق وضعاً ملائماً لازدهار نمو الطحالب.
2. تسبب هبوب الرياح الجنوبية الشرقية على المنطقة، وركود الهواء وضعف حركة تبادل المياه بين الجون والخليج، في ارتفاع درجة حرارة المياه حيث بلغت 33 درجة مئوية.
3. طرح مياه الصرف الصحي، وان لم يكن متواصلاً مع فترة الركود، أدى إلى زيادة المطلب الحيوي على الأوكسيجين المذاب.
4. استمرار تدفق المواد العضوية من قناة الصرف الزراعي عبر خور الصبية، وبالتالي زيادة الحمل العضوي في المنطقة.
5. وجود المواد العضوية الناتجة عن مزرعة الأسماك.
6. استمرار ضخ المياه العادمة من محطات الطاقة وتحلية المياه وربما من محطة الضخ التابعة لشركة النفط.
هذه العوامل جميعها جعلت الجون كالمستنقع وساعدت على تدهور الظروف البيئية ووضع الأسماك والكائنات البحرية الأخرى تحت ضغط شديد أضعف مناعتها وجعلها أقل استعداداً لمقاومة أي ملوثات أخرى أو ميكروبات مرضية. وحتى لو استبعدنا وجود عامل خارجي للتلوث، فإن ظروف البيئة هناك كانت مؤاتية لحدوث الكارثة.
إن البكتيريا التي أجمع الخبراء على أنها كانت السبب الأول لنفوق الأسماك هي من نوع (Streptococcus iniae) وليست غير مألوفة لدى مزارع الأسماك في العديد من مناطق العالم. وقد يكون أصلها مرتبطاً بمياه الصرف الصحي، ويمكن لها أن تنتقل مع اليرقات المستوردة. ويزدهر نشاط هذه البكتيريا في البيئة البحرية عند ارتفاع درجة الحرارة، لذا، وبوجود الظروف الملائمة وضعف المناعة لدى الأسماك، تمكنت من إصابتها. وقد أكد وزير الصحة الكويتي الدكتور أحمدالجار الله أن النفوق بدأ أولاً في مزارع الأسماك قبل أن يصيب الأنواع الأخرى. وتشير البيانات الميدانية الى أن نوعاً واحداً أصيب بالدرجة الأولى وهو ما يسمى بالميد أو البوري(mullet)، وهي أسماك سطحية تتغذى على الطحالب ولها سلوك خاص عندما تكون معرضة للخطر. فهي تتجمع في مكان واحد، وهذا يفسر وجود موجات من الأسماك النافقة وبأعداد كبيرة قدرت بحوالى 3000 طن.
مهما كان السبب المباشر لما حدث في جون الكويت، وإن كانت الأعراض الباثولوجية تشير إلى أنه البكتريا، فالوضع البيئي المتدهور هو في الحقيقة المسبب الأول. فالبكتريا لا تنتشر في البيئة الصحية الخالية من التلوث.
اذاً، ماذا يمكن أن نقول لأجهزة حماية البيئة في الكويت ودول الخليج؟
أولاً، أن تسعى دولة الكويت إلى الحد من مصادر التلوث في الجون ومعالجة التلوث من المصدر، وعلى الأخص بالنسبة لمياه الصرف الصحي والملوثات العضوية من الموانئ والمراسي والسفن. وكذلك التفكير في نقل مزارع الأسماك إلى أماكن أكثر ملاءمة، وإجراء دراسات المردود البيئي لاستزراع الأسماك وعدم استزراع الأنواع غير المألوفة في البيئة المحلية.
ثانياً، تعزيز نظام الرقابة البيئية وإيجاد نظام للإنذار المبكر يساعد في التعرف على احتمالات وأسباب نفوق الأسماك، تفادياً لحدوث الجدل والارتباك الذي لا ينفع في حالات الطوارئ.
ثالثاً، إعادة النظر في مشاريع التنمية على الجون.
رابعاً، الاستفادة من وجود المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية في الكويت، والسعي نحو تطبيق البروتوكول الخاص بحماية البيئة البحرية من مصادر التلوث على اليابسة. وذلك بأخذ المبادرة لتفعيل البروتوكول والحد من مصادر التلوث على مستوى الخليج ككل.
خامساً، الاستفادة من برنامج الأمم المتحدة للبيئة العالمي الخاص بحماية البيئة البحرية من مصادر التلوث على اليابسة، والذي مقره في لاهاي، وأخذ الريادة بالمشاركة في البرنامج الإقليمي المنبثق عنه والذي يديره مكتب غرب آسيا بالتعاون مع المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية والمنظمات الإقليمية الأخرى. وذلك لتنفيذ مشروع رائد لتقييم ومعالجة الوضع البيئي في جون الكويت ووضع التدابير واللوائح التي تضمن التعاون الوطني والتنسيق الإقليمي لمعالجة البيئة المتدهورة في الخليج. وهو شيء ليس بمستحيل متى وجدت الإرادة السياسية ووضعت برامج واقعية للتعاون الإقليمي. وهناك تجارب ناجحة كهذه في بحار أخرى في العالم.