Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
موضوع الغلاف
 
رؤية مستقبلية للبيئة العربية بالوقائع والأرقام  
حزيران/يونيو 2001 / عدد 39
  
"البيئة والتنمية" تستطلع أوضاع البيئة العربية في تقارير شاملة تتضمن شهادات رعيل الأوائل من البيئيين العرب وآخر الأرقام والمعلومات من الهيئات الدولية والاقليمية. القسم الأول عن وضع البيئة العربية الراهن والاستراتيجية المقترحة يعرض أجزاء من التقرير عن مستقبل العمل البيئي في الوطن العربي، الذي أعده مؤخراً فريق برئاسة الدكتور مصطفى كمال طلبه، عرض لمشاكل البيئة العربية بالوقائع والأرقام. وقد شارك في وضعه الدكتور اسامة الخولي والدكتور كمال ثابت. وفي أجزاء أخرى تحليلات جريئة لوضع البيئة العربية، في لقاءات خاصة لـ»البيئة والتنمية« مع الدكتور مصطفى كمال طلبه والدكتور محمد عبد الفتاح القصاص. كما يحتوي الملف على عرض لأربعة تحديات بيئية تواجه العالم العربي، أعدها مركز الشرق الأوسط للتكنولوجيا الملائمة خصيصاً لهذا العدد.
 
شهدت المنطقة العربية خلال النصف الأخير من القرن العشرين تطورات اجتماعية واقتصادية جذرية كان لها الأثر الكبير على الوضع البيئي. فقد تضاعف عدد السكان ثلاث مرات ونصف، ليرتفع من 77 مليون نسمة سنة 19501 الى 288 مليوناً عام 2000. وكان ذلك مصاحباً لتغيرات ما بعد الحرب العالمية الثانية واستقلال الدول العربية من قيود الاحتلال الأجنبي. وصاحب ذلك أيضاً تطور في الخدمات الصحية والتعليم وغيرها، مما أدى الى انخفاض معدلات وفيات الأطفال وزيادة العمر المتوقع، كما زادت معدلات الخصوبة في بادئ الأمر نتيجة زيادة الخدمات الصحية، وهي انخفضت بعد ذلك نتيجة برامج تنظيم الأسرة.
وجدير بالذكر أن معدلات تزايد السكان في المنطقة انخفضت بصفة عامة خلال السنوات العشر الأخيرة، غير أنها ما تزال أعلى من المتوسط العالمي. ومن المتوقع أن يصل إجمالي سكان المنطقة الى 466 مليون نسمة بحلول سنة 2025، مما يمثل تزايداً في الأعباء الاقتصادية والاجتماعية وفي الضغوط على الموارد الطبيعية والبيئية.
من الملاحظ أن دول المنطقة أحرزت تقدماً ملحوظاً خلال العقود الأربعة الأخيرة في مؤشرات التنمية البيئية والاجتماعية بصفة عامة، بمعدلات فاقت الكثير من المناطق الأخرى، غير أن هناك حاجة لبذل المزيد للعناية بالفئات المحرومة، وتحقيق التوازن في هذا النمو بين المناطق ضمن البلد الواحد وبين الدول المختلفة.
نجد مثلاً أن نسبة السكان التي تتلقى خدمات صحية أعلى من معظم مناطق الدول النامية، وتصل في المتوسط الى حوالى 85%. ويحصل نحو ثلاثة أرباع سكان المنطقة على مياه الشرب الآمنة، بينما تصل خدمات الصرف الصحي الى ثلثي السكان.
ونظراً الى التركيب العمري للسكان، نجد أن الفئة السكانية في عمر العمل (15 ـ 64 سنة) تمثل أكثر من نصف السكان (54%)، بينما تمثل فئة صغار السن (أقل من 15 سنة) حوالى 42,5%. وفي حين يعني هذا تزايد الطلب على الخدمات وفرص العمل، غير أن صغر عمر المجتمع يقدم أداة قوية للنمو الاقتصادي إذا تم تدريب الأجيال الناشئة والاستفادة منها بصورة جيدة.
وقد تطورت اقتصاديات دول المنطقة تطوراً كبيراً خلال النصف الثاني من القرن العشرين، بعد أن تخلصت من الاحتلال الأجنبي، حيث تنامت بدرجة كبيرة نتيجة لزيادة الاكتشافات البترولية وارتفاع عوائدها، لتصل الى أقصاها بعد حرب 1973، مما انعكس على الدول البترولية وغيرها. الا أن اقتصاديات المنطقة شهدت تذبذباً ملحوظاً، خصوصاً في العقدين الأخيرين، نتيجة لانخفاض أسعار البترول. ويمثل عقد الثمانينات انخفاضاً في سرعة النمو الاقتصادي لكثير من الدول العربية، خصوصاً تلك التي تعتمد على البترول كمصدر رئيسي للدخل القومي.
وبالرغم من النمو الاقتصادي البطيء في مطلع التسعينات، فقد شهدت دول المنطقة اقتصاداً قوياً في منتصف التسعينات، مردّه الى أن معظمها انتهجت سياسات إصلاح اقتصادي، من خلال إعادة التركيب الهيكلي للاقتصاديات وتحرير الأسواق وبرامج الخصخصة، وأدركت الدول البترولية أهمية التنوع في الأنشطة الاقتصادية بدلاً من الاعتماد فقط على الاقتصاد البترولي، واتجهت كثير من الدول الى التوسع في الصناعات التحويلية بدل الاعتماد على الصناعات الاستخراجية وحدها.
إذا نظرنا الى هيكل الناتج المحلي الاجمالي للدول العربية، نجد أن قطاعات الانتاج السلعي تراجعت من نسبة 56,3% في 1985 الى 49,7% سنة 1998، ومن هذه القطاعات انخفضت حصة الصناعات الاستخراجية باطراد وارتفعت في المقابل حصة كل من القطاع الزراعي وقطاع الصناعات التحويلية، بينما بقيت مساهمات قطاعي التشييد والكهرباء ثابتة تقريباً منذ عام 1990.
لقد شهد نصيب قطاع الخدمات في الناتج المحلي زيادة مطردة منذ منتصف الثمانينات ليصل الى 50,3% عام 1998. وقُدِّر متوسط نصيب الفرد العربي من الناتج المحلي عام 1998 بحوالى 2182 دولاراً. ولكن هذا النصيب يتفاوت تفاوتاً كبيراً في دول المنطقة، فيصل الى ما يزيد على 16 ألف دولار أميركي في بعضها بينما يقل عن 500 دولار في دول أخرى.
الزراعة والإنتاج الزراعي:
لقطاع الزراعة إسهامات متنوعة في الدول العربية تشمل حصة في الدخل القومي تتراوح بين 7,1 و48,7% في 12 دولة عربية، بالاضافة الى استقطابه أكثر من 30% من مجموع القوى العاملة في المنطقة. وتبلغ مساحة الاراضي القابلة للزراعة في المنطقة 14% من مجموع المساحة الكلية، منها 4,2% فقط تحت الاستغلال حالياً. وتتركز معظم المساحات غير المستغلة في عدد قليل من الدول.
تنقسم المناطق المستغلة للانتاج الزراعي الى ثلاثة أنواع رئيسية: المناطق المطرية، وهي تعاني من نقص مستوى الانتاجية، خاصة بالنسبة الى الحبوب، مقارنة بالمستويات العالمية. والمناطق المرويَّة، التي تعطي 70% من الانتاج الزراعي، بالرغم من ضآلة مساحتها وشح المياه المتاحة. والمراعي الطبيعية، التي تعاني من تدهور الغطاء النباتي والرعي الجائر وضعف الانتاجية، بالرغم من أنها تشغل مساحات شاسعة تصل الى 473 مليون هكتار.
الصناعة:
تمثل الصناعة ما بين 25 و 50% من إجمالي الناتج المحلي في الدول العربية. وقد تم بناء نسبة كبيرة من القاعدة الصناعية في الستينات، ولذلك فمعظم الصناعات ذات تقنيات قديمة تسبب كثيراً من التلوث. وتسبب النشاطات الصناعية في الدول العربية القدر الأكبر من تلوث الهواء والماء، كما ينتج عنها الكثير من المخلفات السامة والخطرة.
ولا تعتبر دول المغرب العربي ذات كثافة صناعية عالية، ومع ذلك بدأت نسب التلوث ترتفع في أجزاء منها. أما في المشرق العربي، فقد تسببَّت التنمية الصناعية السريعة بزيادة واضحة في استهلاك الطاقة والمواد الأولية، الأمر الذي أدى بدوره الى زيادة التلوث الصناعي.
وقد شهدت منطقة الخليج وبعض الدول العربية في شمال افريقيا نمواً سريعاً في مجال استكشاف البترول وتكريره، وقامت فيها صناعات كثيرة مرتبطة بالبترول صاحبها قدر واضح من التلوث الصناعي.
المناطق الحضرية:
تعد المنطقة العربية من أكثر المناطق في العالم نمواً في التوسّع الحضري والمديني. وقد أدت الزيادة الكبيرة في النمو الحضري الى زيادة كبيرة في عدد السيارات ومشاكل المرور والمخلفات الصناعية والبلدية، مما تسبب بزيادة كبيرة في المشاكل الصحية والبيئية.
المواصلات:
أدت الزيادة في النمو الحضري في الدول العربية وزيادة عدد سكان المدن الى زيادة عدد رحلات النقل ومسافاتها، مما تسبب بضغوط على البيئة. ويزيد متوسط نصيب الفرد من استهلاك الطاقة في مجال المواصلات في الدول العربية عن 25% من الطاقة الكلية المستخدمة، التي زادت بنسبة 240% خلال السنوات العشرين الأخيرة، مقارنة بمتوسط الزيادة العالمية الذي لا يتعدى 32%.
النزاعات الاقليمية:
شكلت النزاعات بمختلف أنواعها عاملاً مؤثراً على البيئة في المنطقة العربية عبر التاريخ. وتعتبر ندرة الموارد المتجددة وغير المتجددة والخلافات حول توزيعها من أهم أسباب النزاعات، كما يتضح بصفة خاصة في الأنهار المشتركة.
ولعل العمل على وضع نظم للإنذار المبكر عن احتمالات مثل هذه النزاعات في المنطقة يشكل عاملاً هاماً في تجنبها أو تخفيف آثارها على الأقل.
أهم الانجازات والاخفاقات في مجال العمل البيئي
شهد العمل البيئي في المنطقة العربية تطوراً كبيراً خلال العقدين الماضيين، خصوصاً في عقد التسعينات، وشمل ذلك النواحي المختلفة من الترتيبات المؤسسية والقوانين البيئية واستراتيجيات وخطط العمل البيئي ونقل التكنولوجيا الملائمة بيئياً وزيادة الوعي البيئي والتعليم والمعلومات والانضمام الى الاتفاقيات الدولية وتنفيذها.
وقد أنشئت مؤسسات بيئية جديدة في عقد التسعينات على شكل وزارات أو هيئات، واكتسبت بعض المؤسسات القائمة وضعاً مؤسسياً أعلى وصلاحيات أفضل. غير أن عدداً من هذه المؤسسات ما زالت تفتقر الى العناصر البشرية الفاعلة أو الموارد المادية الكافية لتحقيق الأهداف المنشودة، مما يؤدي الى صعوبة تنفيذ السياسات البيئية وضعف القدرة على تنفيذ قوانين البيئة.
ونظراً لطبيعة المشاكل البيئية، التي تقطع عبر الكثير من المجالات والمؤسسات، نجد أن دور المؤسسات البيئية الرئيسي هو دور تنسيقي أكثر منه تنفيذياً. ولذلك يبقى نجاح هذه المؤسسات مرهوناً بدرجة التعاون الذي تتلقاه من الهيئات والوزارات الأخرى. ومن العوامل التي ينتظر أن تسهم في مزيد من العمل البيئي، الاتجاه الذي بدأ يظهر في عدد من الدول العربية بالتحول الى اللامركزية بدلاً من التركيز على السلطة المركزية وحدها.
أما بالنسبة للتشريعات البيئية، فقد صدر في دول المنطقة العديد من قوانين البيئة خلال العقدين الأخيرين. كما جرت مبادرات مختلفة خلال عقد التسعينات لتطوير القوانين البيئية وتحديد أدق للسلطات القائمة على تنفيذها. غير أن الصورة العامة تشير الى أن القوانين البيئية في العديد من الدول العربية ما زالت مجزأة ولا تشدد بصورة واضحة على ضرورة تطبيق مبادئ الإدارة البيئية السليمة في استخدام الموارد.
أما في مجال استخدام التكنولوجيا الملائمة بيئياً، فهناك العديد من النجاحات التي تمت في بعض المجالات في عدد من الدول العربية، مثل إدخال تكنولوجيا تقليل النفايات وتطويرها والتكنولوجيات الخاصة بترشيد استخدام الطاقة وتكنولوجيا الاستخدام الأكفأ للمياه وخفض الفقد فيها. وهناك العديد من التكنولوجيات الحديثة الأخرى التي تستخدم في الزراعة والري وفي خفض الانبعاثات الغازية للحفاظ على نوعية الهواء. غير أن معظم دول المنطقة لم تستخدم هذه التكنولوجيات على نطاق واسع بعد، نظراً لعدم توافر الموارد المالية الكافية وصعوبة الحصول على التكنولوجيات الحديثة وضعف التطبيق الاجباري للمعايير القياسية.
وفي نطاق الادارة البيئية، بدأت الدول العربية في استخدام بعض الأدوات والتطبيقات التي تضمن الادارة البيئية الجادة للمشاريع والمصادر الطبيعية. وقد أصبح تطبيق دراسات الأثر البيئي للمشاريع في معظم الدول مطلباً أساسياً للموافقة على إقامة المشروع، بنسب نجاح متفاوتة.
وبالنسبة الى مشاركة المجتمع المدني في العمل البيئي، أصبح هناك إطار أفضل لهذه المشاركة في معظم دول المنطقة، غير أن دور المنظمات غير الحكومية لا يزال ضعيفاً رغم تعددها وتشعب أنشطتها.
وفي مجال التعليم، ادخل البعد البيئي في مراحل التعليم المختلفة في معظم الدول العربية. ومع ذلك فما زال هناك نقاش ساخن حول فاعلية الطرق والمواد المستخدمة في تعليم البيئة ومدى توافقها مع طبيعة الحياة والثقافة في الوطن العربي.
ومن أجل اتخاذ القرار الراشد في العمل البيئي، أدخلت المعلومات البيئية كأداة للمساعدة في القرار في معظم المؤسسات البيئية الرئيسية، وأنشئت شبكات وطنية في بعض الدول، كما أدخلت نظم للرصد البيئي للهواء والمياه البحرية. غير أن قدرات هذه المؤسسات ما زالت ضعيفة وتحتاج الى الدعم الفني والمالي والهيكلة المؤسسية التي تمكنها من الاستفادة من المعلومات البيئية.
وفي نطاق الاتفاقيات الدولية، وقعت دول المنطقة أو قبلت أكثر من 75 اتفاقية دولية وإقليمية. ولكن أهمية هذه الاتفاقيات ودرجات تنفيذها تتفاوت بين دولة وأخرى. وتعد اتفاقيات التنوع البيولوجي وحماية طبقة الأوزون وتغير المناخ ومقاومة التصحر والتجارة الدولية في الأنواع المهددة بالانقراض من الاتفاقيات التي تم تحقيق نجاحات ملحوظة في تطبيقها. ومن أمثلة ذلك التخلص من المواد المستهلكة لطبقة الأوزون والتوسع في استخدام الوقود الخالي من الرصاص والغاز الطبيعي وإقامة المناطق المحمية لحماية الحياة الفطرية.
 
مستقبل العمل البيئي في العالم العربي
هذه النظرة المستقبلية لا تتحدث عن البيئة في العالم العربي باعتبارها قضية مستقلة، بل باعتبارها عنصراً أساسياً من المكونات الثلاثة للتنمية المستدامة، والتي تشمل النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية وحماية البيئة.
ومن هذا المنطلق، فإن المستجدات التي ظهرت على المستوى العالمي والتي تؤثر في التنمية تؤثر بالتبعية في حماية البيئة. وهناك عدد كبير من القوى العاتية تعيد تشكيل مشهد التنمية في كل بقعة في العالم، وتشمل هذه القوى المبتكرات في التكنولوجيا (الهندسة الوراثية، تكنولوجيا المعلومات، الالكترونيات الدقيقة، المواد الجديدة)، وانتشار المعلومات والمعرفة، وتقدم السكان في العمر، وظهور التكتلات الاقليمية (مثل قيام الاتحاد الأوروبي وتجمع الأميركيتين والنافتا والتجمع الآسيوي).
كل هذا بالاضافة الى عوامل ستة لها ثقلها الخاص في التأثير على برامج التنمية في العالم العربي، هي: العولمة، والاتجاه الى اللامركزية، وتحرير التجارة العالمية، والطلب العالمي على النفط، وتنامي دور المجتمع المدني والقطاع الخاص، ونشأة ونمو مجتمع المعلومات.
العولمة:
تجد العولمة ترحيباً في بعض الأوساط على أساس أنها تهيئ فرصاً جديدة للأسواق المتوسعة ولانتشار التكنولوجيا والخبرة الادارية، وهي بدورها تبشر بقدر أكبر من الانتاجية وبمستوى أعلى للمعيشة. وعلى النقيض من ذلك، فإن هناك خشية من العولمة وإدانة لها في أوساط أخرى بسبب ما قد تجيء به من عدم استقرار وتغييرات غير مرغوب فيها، ان بالنسبة للعمال الذين يخشون أن يفقدوا أعمالهم بسبب المزاحمة من جانب الواردات، أو بالنسبة للبنوك وللنظم المالية بل والاقتصاديات بأسرها، التي قد تطغى عليها تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية وتدفعها الى الكساد. ويؤكد هذا الاندماجات المتسارعة بين الشركات الضخمة المتعددة الجنسيات والاتجاه المتنامي الى تكوين تكتلات اقتصادية إقليمية قوية.
الاتجاه الى اللامركزية:
أما الاتجاه الى اللامركزية، بمعنى نقل مزيد من السلطات المركزية الى السلطات المحلية، فهو يلقى تأييداً على أساس أنه يرفع من مستويات المشاركة والمساهمة، ويهيئ للناس قدرة أكبر على تشكيل سياق حياتهم الخاصة. ومن شأن الاتجاه الى اللامركزية اتخاذ مزيد من القرارات على تلك المستويات، تكون أقرب الى الناس وتسفر عن المزيد من التجارب والتوجيه المحلي. ولكن عندما يكون تصميم اللامركزية غير منضبط، فانها قد تسفر عن وجود سلطات محلية تنوء بالأعباء من دون أن تكون لديها الموارد أو القدرة على الوفاء بمسؤولياتها الأساسية، وهي توفير البنية الأساسية المحلية والخدمات. كما أن من شأنها أن تهدد استقرار الاقتصاد القومي إذا ما قامت الحكومات المحلية بالاستدانة الباهظة والصرف بغير حكمة.
ان ما يجري حولنا في مجالي العولمة والاتجاه الى اللامركزية، يدعو الدول العربية الى النظر في إمكان تحقيق أهدافها الانمائية، عن طريق المشاركة والتعاون الاقليمي العربي واستكمال الخطوات الجادة التي بدأت باقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وصولاً الى السوق العربية المشتركة وتحقيق التكامل الاقتصادي العربي، بالاضافة الى وضع ترتيبات دستورية ومؤسسية على الصعيد الوطني لتفعيل المشاركة بين مستويات الحكومة المختلفة وعناصر المجتمع المدني داخل البلد الواحد.
تحرير التجارة العالمية:
كان توسع التجارة العالمية في السلع والخدمات القوة الدافعة وراء العولمة. وسيستمر هذا التوسع في دفع العولمة على مدار العقود الأولى من القرن الحادي والعشرين على الأقل. ولهذا أهميته البالغة للدول العربية لأسباب خمسة:
1. ان تحرير التجارة العالمية يمكن أن يكون الوسيلة الأولى لتحقيق منافع العولمة. فالبلدان عادة تنتعش اقتصادياتها عندما تفوز بالوصول الى الأسواق الخارجية لصادراتها وبالحصول على التكنولوجيا الجديدة من خلال عمليات نقلها على الصعيد الدولي، وعندما تعمل ضغوط المنافسة المتصاعدة على تحسين تخصيص الموارد فيها.
2. ان الاستمرار في نقل مقارّ أنشطة التصنيع من البلدان الصناعية الى البلدان النامية يتيح فرصة رحبة لتوسيع التجارة، ليس فقط في السلع بل أيضاً في الخدمات التي أصبحت قابلة للتداول بشكل متزايد. وقد تتجاوز التجارة العالمية في الخدمات مثيلتها في السلع خلال عقود قليلة.
3. تتضافر التجارة مع عنصر آخر من عناصر العولمة، هو اتجاه الشركات العملاقة المتعددة الجنسيات الى فصم عمليات الانتاج المتسلسلة التي درجت العادة على تنظيمها في موقع واحد، ونشرها عبر الحدود الوطنية. وهذا أمر يحتاج الى دراسة متأنية في العالم العربي، لاغتنام وسائل الافادة منه وتحديد أثره على البيئة للتعامل معه.
4. نرى محاولات جادة للربط بين التجارة والبيئة على النحو الذي كان مفروضاً أن يحدث في اجتماع سياتل لمنظمة التجارة العالمية. فان صادرات الدول، والعالم العربي بينها، سوف ترى قريباً اشتراط مواصفات بيئية معينة لقبولها في الأسواق العالمية. ولعل أهم هذه المواصفات ما يسمى "إدارة المنتج وأسلوب إنتاجه" (product and process management). والقضية الأساسية هنا هي ضرورة إعداد الكوادر العربية القادرة على المشاركة بفعالية في منظمة التجارة العالمية، متعاونة في ذلك مع الدول النامية، حتى لا نفاجأ بالموافقة على ما يضر بمصالحنا الاقتصادية في الجولة المقبلة لمفاوضات المنظمة.
5. من الأمور التي سوف تؤثر على نوعية مشاكل البيئة ما نشهده من زيادة صادرات الدول النامية الى الدول الصناعية، مع تغيُّر بنية تلك الصادرات. ومن البديهي أن الدول العربية سوف تسير في الاتجاه نفسه في العقدين القادمين وما بعدهما، مما يؤدي بداهة أيضاً الى تغير أنماط مشاكل التلوث البيئي.
ومعنى هذا كله أن الدول العربية بحاجة الى إعادة النظر في مؤسساتها لتكون قادرة على مواكبة التغيرات العالمية التي حدثت، وأن يكون في مقدمة اهتمامات هذه المؤسسات القدرة على اختيار التكنولوجيا المناسبة لكل بلد وتحديد الآثار البيئية لما تود المشاركة فيه من العمليات التجارية، بما يسمح لها باتخاذ الاجراءات الكفيلة بالتعامل معها.
الطلب العالمي على النفط:
يعتمد العديد من الدول العربية على إنتاج النفط وتصديره، وكلاهما له آثار بيئية سلبية حددتها الدول العربية وتعمل جهدها للتعامل معها. فماذا عن المستقبل؟ هناك خمسة عوامل تضغط باتجاه انخفاض الطلب العالمي على النفط نشهدها أساساً في الدول الصناعية:
1. تحول النمو في الاقتصاديات من القطاعات التقليدية الى القطاعات ذات الاستهلاك المحدود للطاقة كالهندسة الوراثية وتكنولوجيا المعلومات.
2. تزايد الاهتمام بالبيئة وبالتالي محاولة الحد من استعمال النفط باعتباره أحد مصادر التلوث وخاصة انبعاث الغازات المسببة لتغير المناخ.
3. التطور التكنولوجي ودوره في تقليص استعمال الطاقة، ضمن تقليص استخدام مصادر الثروة الطبيعية في العمليات الانتاجية بمعدلات تصل الى الربع وتهدف في ما بعد الى العشر أو ما يسمى حالياً بمعامل 4 ومعامل 10.
4. الضرائب المتصاعدة على استهلاك النفط.
5. الاتجاه الى الاستعاضة عن النفط بالطاقة النووية والغاز الطبيعي، وبالتالي هبوط حصة النفط ضمن مجموع استهلاك الطاقة.
وعلى الجانب الآخر، فان الطلب على النفط يتزايد من الدول التي تنتقل حالياً الى مرحلة متقدمة من التصنيع، كالصين والهند والبرازيل، وفي المستقبل سينتقل كثير من الصناعات المستخدمة للطاقة الى الدول النامية، في توزيع جديد لخارطة تقسيم العمل الدولي، وستنتقل مصادر استهلاك الطاقة الى الدول النامية. ولذلك فان هناك ضرورة لدراسة هذا الموضوع دراسة دقيقة وتحديد اتجاهات المستقبل بالنسبة لانتاج النفط والصناعات القائمة عليه، وعلى ضوء ذلك تحدد المشاكل البيئية المتوقعة ويوضع أسلوب محدد للتعامل معها.
تنامي دور المجتمع المدني والقطاع الخاص:
من أبرز الملامح التي ظهرت في مجال العمل البيئي خلال العقدين الماضيين:
1. الزيادة المطردة في دور القطاع الخاص في تنفيذ برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذي يستوجب أن يكون هذا القطاع ملتزماً بمسؤولياته تجاه البيئة، بحيث لا يؤثر هدفه المشروع لتحقيق الربح تأثيراً سلبياً على البيئة ومصادر الثروة الطبيعية المكونة لها.
2. المشاركة الشعبية ممثلة في مختلف منظمات المجتمع المدني كأمر أساسي في اتخاذ القرارات اللازمة لحماية البيئة، سواء عن طريق التعامل مع التلوث البيئي أو الاستخدام غير الرشيد لمصادر الثروة الطبيعية.
مجتمع المعلومات:
أدى التطور السريع في تكنولوجيا المعلومات في العقد الأخير من القرن الماضي الى تغيرات عميقة في أنماط الحياة وأساليب العمل في مختلف قطاعات النشاط الاجتماعي والاقتصادي. ولقد أتاح هذا فرصاً ضخمة للتواصل المباشر والحصول بيسر على قدر ضخم من المعلومات من أعداد هائلة من المصادر المنتشرة في كل ربوع العالم، ومن ثم إنجاز أنواع مختلفة من المهام بأساليب فائقة السرعة زهيدة الكلفة الى درجة كبيرة.
والوطن العربي بدأ مؤخراً في الافادة مما يوفره هذا المجتمع الجديد من إمكانات، والتنبه الى ما قد يأتي به من مخاطر وسلبيات.
التحديات الأساسية
يواجه العالم العربي قدراً كبيراً من التحديات في كل جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية والعلمية والاقتصادية. ونحن هنا نتحدث عن أهم التحديات التي تؤثر على البيئة في العالم العربي. فمع أن كل نشاط إنساني يؤثر سلباً أو إيجاباً في البيئة، نود أن نركز على أمور ثلاثة رئيسية:
السكان:
زاد عدد سكان العالم العربي ثلاث مرات ونصف بين عامي 1950 و2000، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم الى 360 مليوناً سنة 2010. وصاحب هذه الزيادة الضخمة توسع في المناطق الحضرية نتيجة ازدياد النشاط الانتاجي في المدن، أدى الى هجرة الكثير من سكان القرى والبادية للحصول على عمل في المدينة، بعد أن تقلصت فرص العمل في الريف والبادية نتيجة لضعف برامج التنمية الريفية وانتشار المكننة الزراعية التي لا تحتاج الى عمالة كثيفة. وأدى هذا طبعاً الى كثافة سكانية عالية في المدن وزيادة المباني الشاهقة الارتفاع، مع ما تبع ذلك من تدهور في البنية الأساسية والخدمات، نتج عنه تدهور واضح في حالة البيئة.
وعلى الرغم من الجهود التي تبذل في عدد من الدول العربية لنشر الوعي بضرورة تنظيم الأسرة، الا أن معدلات النمو السكاني في العالم العربي عامة لا تزال أعلى بكثير من معدلاتها العالمية، وسوف تستمر كذلك للعقود الأولى من القرن الحادي والعشرين على الأقل.
ومعنى هذا أن على كل دولة عربية أن تحدد الحد الأقصى المنتظر لمصدرَي الثروة الطبيعية الرئيسيين فيها، أي المياه والأرض، وطاقة بيئتها على التعامل الطبيعي مع الملوثات، وترسم سياسة واضحة للاستخدام الأمثل لمصادرها الطبيعية وقدرتها على استيعاب الملوثات، في ضوء الزيادات المتوقعة في عدد السكان، بالاضافة الى التغيرات المتوقعة في برامج التنمية واختلاف مستوى المعيشة، بما يضمن عدم حدوث انهيار للبيئة في كل منها.
محدودية بعض الموارد العربية البيئية وهدر الكثير منها:
لعل أكثر المصادر الطبيعية محدودية في العالم العربي هي المياه والأرض، ويضاف إليها، في كثير من الدول العربية، الطاقة.
والمياه بصفة خاصة من أعقد المشاكل في العالم العربي، الذي يقع معظمه في المناطق الجافة حيث لا تسقط الأمطار إلا في القليل النادر. أما الدول التي لديها مياه سطحية، فإن معظمها ينبع في غير أراضيها، مثل النيل والفرات، أو تتنازع عليه بعض القوى الخارجية كما هي الحال في الأردن والليطاني وبحيرة طبرية. وأما المياه الجوفية فهي محدودة وكثيرها غير متجدد. ومع ذلك فإن استخدام المياه في العالم العربي كله أبعد ما يكون عن الاستخدام الرشيد، خاصة في الزراعة. والكل يعلم أن العالم العربي يقع حالياً ضمن الدول التي تعاني من شح المياه، وسوف تؤدي زيادة السكان واستمرار الاستخدام غير الرشيد للمياه الى كوارث لا بد من التصدي للأسبابها قبل وقوعها.
أما الأرض، وخاصة الأرض الزراعية المحدودة، فقد أصابها الكثير من الأذى نتيجة استخدامها لغير ما شرعت له (في المباني والطرق والمطارات ...الخ) وهو أمر لا يمكن أن يتفق مع ما تسعى اليه كل الدول العربية من محاولة تحقيق قدر معين من الأمن الغذائي.
آثار التغيرات العالمية على البيئة العربية:
هناك العديد من التغيرات العالمية التي تؤثر على العالم العربي، يأتي في مقدمتها تغير المناخ، وانحسار طبقة الأوزون العليا، وفقد التنوع البيولوجي، وانتقال المخلفات الخطرة من الدول الصناعية الى الدول الأخرى ومنها الدول العربية. ولعل أهم هذه التغيرات بالنسبة للعالم العربي حالياً قضية تغير المناخ. وعندما تبدأ الدول الصناعية في تنفيذ اتفاقية كيوتو للمناخ، فستبدأ أيضاً في الضغط على الدول النامية، ومن ضمنها الدول العربية، للانضمام اليها. وهذا يستلزم دراسة متأنية للربح والخسارة المترتبين على الانضمام الى هذه الاتفاقية من قبل كل دولة.
أما الموضوعات الأخرى فتحكمها اتفاقيات دولية انضمت إليها معظم الدول العربية وسارت خطى حثيثة في سبيل تطبيقها. ومن البديهي أن تظهر مع مرور الزمن تغيرات كوكبية أخرى. وقد بدأ الحديث فعلاً عن دور المواد العالقة بالجو في التغيرات المناخية وعن احتمالات الانقلاب الحراري في مياه المحيطات.
المشكلات البيئية ذات الأولوية في العالم العربي في مطلع القرن 12
ان معظم القضايا البيئية ذات الأولوية في ختام القرن العشرين هي القضايا البيئية نفسها المطروحة مع بداية القرن الجديد، وإن اختلفت حدتها وترتيب أولويتها. وتضم هذه القضايا: ندرة المياه وتدني نوعيتها، محدودية الأرض، التصحر، التأثير البيئي لتزايد إنتاج الطاقة واستهلاكها، تلوث المناطق الساحلية، فقد الغابات، الاستهلاك غير الرشيد لمصادر الثروة الطبيعية، تدهور بيئة المدن والنفايات الصلبة والسائلة وكذلك النفايات الخطرة.
تعد قضية ندرة المياه ونوعيتها من أهم القضايا البيئية في المنطقة، خصوصاً مع التزايد المطرد في الطلب عليها، المصاحب لزيادة السكان والنشاطات التنموية من صناعة وزراعة وسياحة وغيرها. وتقدر الموارد المائية المتجددة المتاحة في الوطن العربي بنحو 265 بليون متر مكعب في السنة، ويقدر متوسط نصيب الفرد بحوالى 977 متراً مكعباً في السنة. والمتوقع أن يتناقص هذا النصيب الى نحو 500 متر مكعب في السنة في معظم دول المنطقة بحلول سنة 2025، علماً أن نحو نصف هذه المياه ينبع من مصادر خارج الوطن العربي، كما أن هذه الموارد غير مستغلة بكاملها بل يتم استغلال نحو 68% منها فقط، وتتفاوت درجات الاستغلال بين دول المنطقة.
وتشير التوقعات الى زيادة حدة مشكلة المياه في المنطقة، خصوصاً اذا لم تتخذ الاجراءات المناسبة من وضع استراتيجيات وسياسات مناسبة لادارة المياه وبقاء ظروف مصادر المياه واستثماراتها كما هي عليه.
وبالنسبة الى مصادر الأراضي، فان المنطقة العربية تعاني من ندرة الاراضي أيضاً، حيث أن 54,8% من مساحتها تعد أراضي خالية وتمثل المراعي 26,8% والأراضي القابلة للزراعة 14,5% والغابات حوالى 3,9%. وتمثل الاراضي المزروعة حوالى 29% من مساحة الاراضي القابلة للزراعة أو حوالى 4,2% من إجمالي مساحة المنطقة العربية.
أما غابات المنطقة، والتي تمثل حوالى 9,3% من إجمالي مساحة الوطن العربي، فان أكثر من 08% منها يقع في السودان والجزائر والمغرب. وهناك دول مثل البحرين ومصر والكويت وقطر لا تملك أي غابات وتعتمد على التشجير.
وتتعرض غابات المنطقة الى ضغوط متزايدة وتفقد 1,59% بمعدل سنوي. وتعد إعادة زراعة الغابات الطريق الفعال لتعويض الفقد، غير أن معدل التشجير وزراعة الغابات لا يوازيان معدلات الفقد، فضلاً عن أن إعادة زراعة الغابات لا يعوض الفقد الذي يحدث فعلاً في التنوع البيولوجي الذي تضمه الغابات الأصلية.
وتكتسب المناطق الساحلية البحرية أهمية خاصة في المنطقة العربية نظراً لأن كل دول المنطقة ساحلية، وإن تفاوتت أطوال السواحل فيها. وتطل دول المنطقة على ثلاثة بحار رئيسية هي البحر المتوسط والبحر الأحمر والخليج.
وتتزايد الأنشطة الاقتصادية في المناطق الساحلية، وخاصة التوسع العمراني والصناعي. وتعيش نسبة كبيرة من السكان قرب الشواطئ حيث تتراوح من 40% الى 50% بالنسبة لمناطق البحر المتوسط ومن 8% الى 94% لمناطق الخليج، بينما تصل هذه النسبة الى حوالى 4,3% في مناطق البحر الأحمر.
ويهدد التلوث البترولي المناطق البحرية في الدول العربية، خصوصاً الخليج والبحر الأحمر، بينما تتزايد نسبة التلوث بالعناصر الثقيلة في البحر المتوسط. كما بدأت الآثار السلبية لتراكم العناصر المغذية (eutrophication) تظهر في بحار المنطقة وفي الخليج العربي.
وبينما تقدم السياحة والصيد والبترول أهم ثروات المناطق الساحلية والبحرية، فهي تمثل أيضاً الضغوط الرئيسية على بيئتها.
ويعد البحر المتوسط الأكثر تلوثاً، بينما تتزايد الضغوط على البحر الأحمر. ويهدد ارتفاع مستوى سطح البحر بعض المناطق على سواحل المتوسط وعلى وجه الخصوص دلتا النيل.
أما دور المنطقة في انبعاثات الاحتباس الحراري فما زالت متواضعة نسبياً اذا ما قورنت بالدول الصناعية والدول ذات الاقتصاديات الانتقالية. فعلى سبيل المثال، لا تزيد انبعاثات المنطقة من ثاني أوكسيد الكربون عن 4% من إجمال الانبعاثات العالمية.
إن احدى المشاكل الرئيسية بالنسبة للمنطقة هي تلوث هواء المدن نتيجة حرق الطاقة التي تزايد إنتاجها بشكل ملحوظ، خصوصاً في الدول البترولية، كما تساهم الصناعة والنقل بدرجة كبيرة في هذا التلوث.
ملامح لاستراتيجية العمل البيئي العربي
إن تحقيق أية أهداف مبتغاة يحتاج الى تعريف استراتيجية للعمل على ذلك. ويُقصد بالاستراتيجية عدد من التوجهات العريضة التي تجري صياغة برامج العمل ومشروعاته على هدى منها. وتتحدد هذه التوجهات على أساسين: أولهما، نقاط القوة والضعف في الواقع العربي البيئي الراهن، والثاني دراية واسعة بما يجري في العالم حولنا في مختلف مجالات العمل البيئي.
ونوجز هنا ملامح لاستراتيجية العمل البيئي في المرحلة المقبلة، تستند الى استيعاب الوضعين العربي والعالمي في أهم خصائصهما، كأساس لصيانة استراتيجية فعالة لتحقيق أهداف العمل البيئي في المستقبل:
- العمل على إطارين زمنيين. يتناول الأول صياغة خطط قصيرة المدى لا يتجاوز إطارها الزمني خمسة أعوام، مثلاً. وهذه هي مجموعة من البرامج التي تعالج مشاكل ذات طبيعة ملحة، أو تلك التي تتوفر فرصة حقيقية لنجاحها في إطار الواقع العربي الراهن، بمحدداته المادية والفنية والثقافية والسياسية. وسيكون للنجاح في تحقيق أهداف هذه المجموعة من البرامج أثر طيب وملموس في حشد المزيد من الموارد بأنواعها لتحقيق وتيرة أسرع وأبعاد أكثر عمقاً في مواصلة جهود إصحاح البيئة العربية وحمايتها.
يأتي المستوى الثاني متزامناً مع مخططات أخرى، تعتمد أطراً زمنية أطول وتتصدى لمسائل أخرى تحتاج الى جهد متواصل، وتقوم على فهم دقيق لطبيعة تلك المشاكل وأسبابها، والظروف التي ظهرت فيها، وتطورها مع مرور الزمن، والتحليل الوافي للمحاولات التي تكون قد جرت لمعالجتها، سعياً الى تحقيق نجاح ملموس في هذه الجهود.
- البدء بوقف أسباب التدهور البيئي، قبل الانصراف الى معالجة آثاره. ومع أن هذه النقطة تبدو بديهية، إلا أن كثيراً من الجهد في الماضي انصرف الى معالجة آثار التدهور البيئي دون الاهتمام بوقف أسبابه. ومن الواضح أنه سيكون من الضروري، في حالات كثيرة تشتد فيها حدة الآثار، توزيع الجهد بين معالجة الآثار الحادة ووقف الأسباب التي أدت الى وقوعها. وسوف يكون حجم الجهد في هذه الظروف كبيراً بدرجة ملموسة، الأمر الذي يؤكد المبدأ القائل بأن "دحرجة" المشاكل البيئية من مكان الى مكان، أو من وقت الى وقت لاحق، يؤدي دائماً الى كلفة طائلة كان من الممكن تلافيها لو أن هذه المشاكل لقيت الاهتمام المناسب في وقت مبكر.
- تعزيز القدرات العربية ودعم التطوير المؤسسي، عن طريق: ايلاء أمر التنمية البشرية، على كل مستويات العمل، وفي مختلف التخصصات البيئية، اهتماماً حقيقياً، والسعي الى تطوير مناهج التعليم في مختلف مراحله لتصبح البيئة مكوناً أساسياً فيها من أجل تربية جيل واعٍ مدرك لمسؤوليته في حماية البيئة، إدراكاً قائماً على فهم سليم لقضايا البيئة، وسلوك يحترم قدراتها، وعمل فاعل لحمايتها أياً كان موقع عمله.
ولا بد من حفز وسائل الاعلام العربية الى مزيد من الاهتمام والتركيز والوضوح في تعريف المواطن العربي، طفلاً كان أو شاباً أو شيخاً، رجلاً كان أم امرأة، ومهما كان نصيبه من التعليم أو الجاه، بالمشاكل البيئية، وتشجيعه على سلوك أفضل يساند جهود حماية البيئة ويجعل منه داعية مخلصاً وراعياً أميناً لهذه الجهود.
كما ينبغي السعي لتطوير مؤسسات العمل البيئي العربية مع الاسترشاد بتجارب الآخرين، والاستناد الى الواقع الاجتماعي والقيم الأصيلة، والعمل على تحقيق قفزة نوعية في جهود مؤسسات البحث العلمي والتطوير التكنولوجي في توفير القاعدة العلمية والخبرة الميدانية لمواجهات حاسمة في معالجة المشاكل البيئية التي تراكمت في السنوات الأخيرة، وبالذات الأبعاد العالمية الجديدة لهذه المشاكل وآثارها على المنطقة العربية.
- دعم دور القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، بعد أن أصبح لزاماً على المؤسسات الحكومية القائمة على شؤون البيئة في الدول العربية أن تعطي دعماً كبيراً للقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني في وضع الخطط اللازمة لحماية البيئة وتنفيذها، والتركز في هذا المجال على دور الأسرة والمرأة لضمان مشاركتها الفاعلة.
- تطبيق أدوات الاقتصاد البيئي الحديث، لأن الاهتمام بامتلاك ناصية هذه الأدوات الحديثة كفيل بأن يوفر لصانع القرار مقارنة دقيقة بين الذي يحققه القيام بالاجراءات اللازمة لمواجهة مشاكل البيئة في وقت مبكر والضرر الناجم عن التراخي في هذه المواجهة.
إن أدوات مثل حساب الخارجيات (externalities)، وتعديل حسابات إجمالي الناتج القومي لتأخذ في الحسبان ما يستهلك من موارد وما يحدث من تلف بيئي، والقيمة الحقيقية للاستثمارات مع مرور الزمن (discounted value) متاحة الآن، والعمل مستمر في تطويرها وتيسير تطبيقها. ويمكن أن تكون هذه الأدوات سنداً حقيقياً لصانع القرار العربي في اتخاذ قرارات رشيدة لمعالجة المشاكل البيئية بقدر أكبر من الاطمئنان.
- اعتماد استراتيجية "الانتاج الانظف"، التي يجري تداولها في حالات كثيرة على أنها مجرد وقف انبعاث الملوثات. ولا يعكس هذا فهماً دقيقاً لحقيقة المصطلح وأبعاده، الذي هو في الواقع واحد من أهم ما توصل إليه الفكر البيئي في العقدين الأخيرين. إن استراتيجية "الانتاج الأنظف" تمتد من خفض استهلاك الموارد البيئية خفضاً جذرياً ملموساً، الى تجنب استخدام مواد خطرة (عالية السمية أو ضارة بالبيئة) ما أمكن ذلك، ورفع كفاءة تصميم المنتجات وطرق إنتاجها لتحقيق هذين الهدفين، ثم الحد من الانبعاثات والتصريفات والمخلفات أثناء عملية الانتاج والاستخدام، وتدوير المخلفات، حتى تصل الى حد النظر في أنماط الاستهلاك والظروف الاجتماعية التي نشأ عنها الطلب الاجتماعي على المنتجات أو الخدمات ومحاولة تعديلها للتقليل من الاستهلاك الترفي المهدر للموارد والضار بالبيئة، بينما لا توجد حاجة حقيقية لتلك المنتجات أو الخدمات. نحن نسمع ونرى في الدول الصناعية الاتجاه الحديث الى الوصول الى ما يسمى بمعامل 4، وهو ما تهدف اليه في المستقبل القريب، وحتى معامل 10. ويعني الأول إنتاج ضعفي المنتج باستخدام نصف الموارد الطبيعية والطاقة.
واستراتيجية "الانتاج الأنظف"، في استخدامها صيغة "أفعل التفضيل" في صفة النظافة، تعني أننا نسعى لادراك هدف متحرك، وأنه سيكون هناك، مع تطور درايتنا الفنية وفهمنا لحقيقة المشاكل البيئية ودور المجتمع في التصدي لها، نمط للانتاج والاستهلاك أفضل من وجهة النظر البيئية من نمط نسعى اليوم لتحقيقه.
ويتضمن القسم الأخير من التقرير بدائل مقترحة للتعامل مع المشكلات ذات الأولوية في العمل البيئي العربي، مستعرضاً بالتفصيل قضايا المياه والأراضي والطاقة والتمدد الحضري والمناطق الساحلية. واذ تنشر »البيئة والتنمية« في جزء آخر من هذا الملف  تحقيقاً عن هذه القضايا يتضمن أحدث المعلومات من مصادر دولية واقليمية، ستنشر نص بدائل الحلول التي يقترحها تقرير »مستقبل العمل البيئي في الوطن العربي« في عدد لاحق. وجدير بالذكر أن مجلس الوزراء العرب  المسؤولين عن شؤون البيئة تبنى هذا التقرير في دورة خاصة. وتبقى العبرة في الدعم السياسي على مستوى قيادة جامعة الدول العربية، وتحويل التمنيات الى مؤسسات فاعلة.
 
كادر
فاروق الباز: دور بيئي للجامعة العربية
في تعليق لـ"البيئة والتنمية" عن وضع البيئة العربية، قال العالم المصري ـ الأميركي الدكتور فاروق الباز، مدير مركز الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطن:
"تقول أساطير مصر القديمة ان الانسان يحظى بالحياة الأبدية فقط عندما يستطيع التفوه بهذه الكلمات عند مواجهة الآلهة: "أعترف أنني لم أقتل انساناً، ولم أقطع شجرة حية، ولم ألوّث نهرا". وفي هذه الرسالة الصريحة نقع على أسس الحياة المتحضرة. أنا متفائل بمستقبل البيئة في البلدان العربية، حيث ينشئ مزيد من المواطنين في معظم الدول جمعيات وهيئات أهلية لحماية البيئة. هذه المجموعات سوف تؤثر، بلا شك، كما حصل في مناطق أخرى من العالم. كما أن ازدياد نطاق المعرفة بخصائص الصحارى العربية سيؤدي الى تنمية اقتصادية أفضل على أسس قابلة للاستمرار".
وأضاف الباز: "تقف جامعة الدول العربية على أبواب مرحلة جديدة. فبعد فشلها المرير في الماضي في توحيد العمل السياسي العربي، تستطيع اليوم أن تعتمد لنفسها دوراً أكثر فعالية في التعامل مع قضايا تتمتع بنوع من الاجماع حولها، مثل البيئة. وكما استطاعت الأمم المتحدة أن تجمع دول العالم في برامج بيئية، ينتظر من جامعة الدول العربية تشكيل آلية فعالة لعمل جماعي يحمي البيئة وينمّيها عبر العالم العربي كله".
 
مصطفى كمال طلبه يستشرف مستقبل البيئة العربية:
نكون أقوياء لنعيش وسط
أُسود غابة العولمة أو نموت
 
صعب: عدَّد تقرير "مستقبل العمل البيئي في الوطن العربي" المشاكل البيئية في المنطقة. ماذا أضاف إلى ما هو معروف؟
طلبه: لا أعتقد أن التقرير أضاف مشكلات جديدة لم تكن معروفة من قبل. وقد أكد التقرير هذا عندما أشار إلى أن معظم القضايا البيئية ذات الأولوية في ختام القرن العشرين هي نفسها القضايا البيئية المطروحة مع بداية القرن الجديد وإن اختلفت حدتها وترتيب أولوياتها، ومنها ندرة المياه وتدني نوعيتها، محدودية الأرض، التصحر، التأثير البيئي لتزايد إنتاج واستهلاك الطاقة، تلوث المناطق الساحلية، فقد الغابات، الاستهلاك غير الرشيد لمصادر الثروة الطبيعية، تدهور بيئة المدن، النفايات الصلبة والسائلة وكذلك النفايات الخطرة.
ولكن ما أضافه التقرير أساساً هو تحديد أهم الانجازات والاتفاقات في مجال العمل البيئي على المستوى المحلي والإقليمي، وتعيين أهم المستجدات على الصعيد العالمي، إذ أستعرض أثر أهمية كل منها بالنسبة الى العالم العربي، وهي: العولمة، والاتجاه إلى اللامركزية، وتحرير التجارة العالمية، والطلب العالمي على النفط، وتنامي دور المجتمع المدني والقطاع الخاص، ونشأة ونمو مجتمع المعلومات.
كما أبرز التقرير التحديات الأساسية التي تحكم العمل البيئي في العالم العربي وركز على أمور ثلاثة هي: السكان، ومحدودية بعض الموارد العربية البيئية وهدر الكثير منها، وآثار التغيرات العالمية على البيئة العربية.
ثم حدد التقرير ملامح لاستراتيجية العمل البيئي العربي تتضمن: العمل على إطارين زمنيين، والبدء بوقف أسباب التدهور البيئي،  وتعزيز القدرات العربية ودعم التطوير المؤسسي، ودعم دور القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، وتطبيق أدوات الاقتصاد البيئي الحديث، واعتماد استراتيجية الإنتاج الأنظف.
صعب: ما هي خطوات المتابعة المطلوبة ومن يقوم بها؟
طلبه: يجب أن يحدد مجلس وزراء البيئة العرب أولوياته في العمل البيئي من بين الأولويات التي حددها التقرير، بحيث يتكون منها برنامج للمجلس قابل للتنفيذ، ويكون لها تمويل محدد، ويكون القائمون على تنفيذها معروفين والفترة الزمنية لتنفيذ كل منها محددة. كما يتولى مجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة متابعة تنفيذ البرنامج.
صعب:كيف ترون دور مجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة؟
طلبه: تقرير "مستقبل العمل البيئي في الوطن العربي" حدد بوضوح دور المجلس وهو: تقييم ما يجري على الساحة العربية وتحديد الموضوعات التي يمكن أن لا يكون عليها خلاف بين الدول العربية أو على الأقل تكون الخلافات حولها قابلة للنقاش للوصول إلى مواقف وسطية.
وأوضح أنه تقع على الوزراء العرب المسؤولين عن البيئة مسؤولية إمداد زملائهم الوزراء المعنيين في كل قطاع بفكر واضح عما يمكن أن يثار في مجالاتهم من قضايا تضر بحقوقنا في البيئة ومواردها الطبيعية .
أما وزراء البيئة العرب أنفسهم، فهم ممثلو بلادهم في المؤتمرات والاتفاقات الكثيرة التي تتعرض لقضايا البيئة والتي يلزم أن يكون هناك فكر واضح، إن لم يكن موحداً، تجاهها. فهناك موضوعات لا يمكن أن يكون عليها اتفاق كامل لاختلاف الظروف، مثل قضية تغير المناخ، إنما على أقل تقدير تكون هناك معرفة كاملة بالمواقف المختلفة، لتنسيق تلك المواقف إذا اختلف بعضها عن البعض الآخر، حتى لا تظهر على شكل اختلاف في الرأي بين ممثلي الدول العربية في المحافل الدولية.
ولكن اسمحوا لي أن أقول كلمة صريحة في هذا المجال أثرناها عالياً في تقرير »مستقبل العمل البيئي في الوطن العربي«: أن المؤسسات العربية العاملة في مجال البيئة على المستوى الوطني وتحت الإقليمي والإقليمي تعاني الكثير لأسباب متعددة، لعل من أهمها:
أ. كون البيئة بطبيعتها تدخل في كل عمل إنتاجي أو خدمي في الوطن، ولذلك فالتعامل معها يقع في اختصاص جهات كثيرة ليست، بالضرورة، على أعلى درجة من التنسيق والتعاون.
ب. لا أعتقد أن هناك إيماناً كافياً لدى الحكومات العربية بحقيقة ما يمكن أن يؤدي إليه التهاون في قضايا البيئة من مشاكل على كل المستويات المحلية والوطنية والإقليمية والدولية.
ج. ان الأجهزة المسؤولة عن البيئة، سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي، لا تلقى الدعم الكافي مادياً وسياسياً ومعنوياً في أغلب الأحيان من القيادات السياسية العليا.
د. نقص الكوادر المدربة القادرة على أداء العمل المطلوب.
ولا نرى بديلاً عن أن يتخذ الملوك والرؤساء العرب في اجتماع قريب من اجتماعات القمة العربية، وقد استقر الأمر الآن على دوريتها، موقفاً قوياً يدعم قضايا البيئة، ويعطي دفعة قوية للمؤسسات الوطنية والإقليمية القائمة عليها في العالم العربي، ويجعل البيئة أحد المحاور الرئيسية في مؤتمرات القمة العربية الدورية . أمل كبير ولكنه ليس بعيد المنال.
صعب: الخطاب العربي في المحافل البيئية الدولية ما زال إنشائياً في غالب الأحيان، يتحدث في عموميات من خارج جدول الأعمال. أين ترون دور وكالات الجامعة المختصة، مثل "الكسو" و"اكساد" ومنظمة التنمية الزراعية ومنظمة التنمية الاقتصادية وبرامج البحار الإقليمية؟ كيف يمكن تفعيلها والتنسيق بينها وإدخالها في صلب المفاوضات البيئية الدولية؟
طلبه: الوسيلة الوحيدة لتفعيل دور كل هذه المنظمات المعنية بالبيئة هي تقوية الأمانة الفنية لمجلس وزراء البيئة العرب، بحيث تكون قادرة على جمع وتحليل مقترحات كل هذه المنظمات ووضعها في صورة مواقف محددة تعرض على مجلس وزراء البيئة العرب لاختيار ما يرون أنه موضوع اتفاق بينهم، والالتزام بالاتفاقيات الدولية.
صعب: اقترح تقريركم إنشاء الوكالة العربية للبيئة . كيف تتصور تركيبتها، وماذا يضمن أن لا تتحول إلى اسم آخر يضاف إلى ما هو موجود من هيئات تفتقر إلى المحتوى العلمي والقدرة المادية؟
طلبه: لو كان عندي تصور محدد لشكل هذا الكيان العربي الخاص بالبيئة، لوضعته في التقرير. ولكن ما افترضناه في هذا الشأن هو ضرورة أن تكون هناك دراسة واعية للإجراءات التي اتخذتها دول الاتحاد الأوروبي عندما قررت إنشاء منظمة أوروبية للبيئة، وإمكان تطوير هذا الفكر بما يتناسب مع الوضع العربي ويأخذ في الاعتبار الدور المتنامي لمجلس وزراء البيئة العرب وكل المنظمات الإقليمية العربية النشطة في هذا المجال.
وإذا رأى الوزراء العرب إنشاء مثل هذا الكيان، يلزم اجراء دراسة للبدائل التي يمكن اتباعها لتحديد وضعه القانوني، من طريقة مشاركة الدول فيه الى أجهزته الفنية والإدارية وعلاقته بالأجهزة الوطنية في مجال البيئة ومؤسسات البحث العلمي العربية، وقبل كل ذلك علاقته بالمنظمات الإقليمية القائمة فعلاً والعاملة في مجال البيئة، والتي يمكن أن تكون هي ذاتها نواة هذا الكيان.
صعب: ماذا تنتظر من قمة الأرض الثانية في جوهانسبورغ على مستوى العمل البيئي الدولي؟
طلبه: أنتظر من مؤتمر جوهانسبورغ ما انتظرته من مؤتمر ريو وما انتظرته من الجمعية العمومية الخاصة للأمم المتحدة لاستعراض ما تم تنفيذه بعد خمس سنوات (ريو +5) ولم يتحقق ألا وهو: تحديد مجموعة من الأهداف القابلة للتنفيذ خلال السنوات العشر القادمة، مع تحديد واضح للكلفة الإجمالية لكل منها وما تستطيع الدول على اختلاف مستوياتها الإنمائية أن تشارك به في تحقيق هذا الهدف، وما ننتظره من دعم من منظمات الأمم المتحدة ومن المجتمع الدولي بصفة عامة. وبالإضافة إلى ذلك لابد من تحديد دور كل مكون من مكونات المجتمع في كل دولة في تنفيذ البرامج اللازمة لتحقيق الهدف: الحكومة والبرلمانات ورجال الأعمال ومنظمات العمل المدني، وبصفة خاصة المرأة والشباب واتحادات العمال والمنظمات غير الحكومية.
ويتزامن مع كل هذا دور رئيسي للإعلام، لحشد كل قوى الشعب حول تحقيق تلك الأهداف المحددة للتنمية المستدامة في الدولة. وقبل كل ذلك لا بد من تحديد محطات لمراجعة ما تم وما لم يتم وتحديد الأسباب لعدم التوفيق، فإن كانت إهمالاً كانت الحاجة الى المحاسبة، وإن كانت خطأ في التخطيط فالمطلوب تعديل للمسار.
صعب: إذا أعطاك الحكام العرب وكالة مطلقة لإعداد خطة المشاركة العربية في قمة جوهانسبورغ، ما هو البرنامج الذي تقترحه؟
طلبه: هذا حلم بعيد التصور، ولكن دعنا نحلم معاً أن في الإمكان أن يكون هناك موقف مشترك. تصوُّري أن ما يجمعنا جميعاً في العالم العربي هو الوعي لما يدور حولنا في إطار العولمة: التجمعات الاقتصادية الكبرى، سواء أكانت دولاً أو شركات متعددة الجنسيات أو بنوكاً، وثورة المعلومات والاتصالات، وتحرير التجارة العالمية من جانب شعوبنا، التي تعاني كلها من زيادة مرتفعة في السكان ونقص شديد في الموارد وضعف القدرة على النفاذ إلى الأسواق الخارجية ومواجهة الاحتكارات العالمية. بل لعلي أقول حتى مواجهة الأسواق الناشئة مثل جنوب شرق آسيا والصين والهند. وبالتالي فإن ما أعتقد أن من واجبنا أن نركز عليه هو ما يمكن أن يحقق ضمان التنمية المستدامة في بلادنا في ظل هذه الأوضاع العالمية المتسارعة التغير، والتي قد تؤدي إلى ضغط رهيب على اقتصادياتنا ونمونا الاجتماعي والاقتصادي والاستخدام الرشيد لمصادر ثرواتنا الطبيعية.
أعتقد أن واجب المنظمات العربية أن تحدد هي بذاتها لوزرائها المعنيين بدائل للحركة العربية في ظل هذا التحول العالمي الخطير.
أنا لا أريد أن أكون متشائماً، ولكن العقد الأول من القرن الحادي والعشرين يمكن أن يكون عقداً فاصلاً في حياتنا على المستوى العالمي. فإما أن نكون أقوياء للعيش وسط أسود غابة العولمة المتكاثفة أو نموت.
 
محمد القصاص:
من دون تمويل وإرادة سياسية عليا
البرامج البيئية تمنيات وأحلام يقظة
 
الدكتور محمد القصاص، العالم البيئي المصري والرئيس الأسبق للاتحاد العالمي لصون الطبيعة واللجنة الدولية لشؤون البيئة ومؤسس المعهد العلمي لبحوث البيئة الصحراوية، قال في حديث خاص الى »البيئة والتنمية«: »ان العمل البيئي على المستوى الإقليمي والعربي العام يبقى عاجزاً عن الأداء رغم ما شهدته الساحة العربية خلال الثلاثين سنة الماضية من بعض التطورات الإيجابية المحدودة. فالوعي البيئي يتزايد ويتطور، وهي حالة ساهمت في جزء فيها عناصر معينة مثل مجلة »البيئة والتنمية« والجمعيات الأهلية الناشطة. وقد أدخلت بعض المدارس العربية قدراً من العلوم البيئية على مناهجها ونشاطاتها. كما أن معظم الدول العربية أنشأت مؤسسات وهيئات وطنية للبيئة من وزارات أو لجان عليا أو مجالس، وبدأت تضع وتنفذ استراتيجيات بيئية وتهتم بالتنوع الحيوي وتنشئ محميات طبيعية وبرامج لحماية بعض الحيوانات كالمها العربي.
ثلاثون عاماً ولم تتحسن البيئة
أورد الدكتور القصاص عدداً من الأمثلة على قصور العمل البيئي العربي عن الوصول إلى النتائج المرجوة. فأشار إلى أسبقية دول حوض البحر الأحمر وخليج عدن، قبل نحو 30 سنة، في وضع برنامج لحماية البيئة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن منذ العام 1971، تطورت لتصبح "اتفاقات جدة"، فمنظمة لها هيكليتها الخاصة. "والآن أظن أن لا أحد يستطيع الادعاء أن بيئة البحر الأحمر هي اليوم أفضل مما كانت عليه قبل ثلاثين عاماً. وإذا كنا كمجموعة دول عربية حاولنا حل مشكلة البحر الأحمر البيئية، وبقي كما هو من ناحية تلوث بيئته وتدهور موارده، فهذا يعني أننا لم نصل بعد إلى أول الطريق السليم في ذلك". وإذ أعطى عذراً للمنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية في الخليج بسبب حربي الخليج الأولى والثانية لعدم تحقيق أي تطور في حماية مياه الخليج العربي، "فلا عذر لمنظمة البحر الأحمر وخليج عدن. كذلك لا عذر للدول العربية حول المتوسط وجيرانها التي وقعت اتفاقات برشلونة منذ العام 1976، والبحر المتوسط ليس أفضل حالاً الآن مما كان عليه آنذاك".
وتساءل في الإطار نفسه عما تحقق في مجال الأمن الغذائي الذي تحدثت عنه وعملت له الدول العربية منذ 30 عاماً، حيث "شعرت الدول العربية في أوائل السبعينات بالحاجة لإيجاد هيئات تعنى بتحقيق الأمن الغذائي، فأنشأت في الخرطوم المنظمة العربية للزراعة وإلى جانبها الصندوق العربي للتنمية الزراعية. وكنا نسمع في الوقت نفسه أفكاراً وآراء أن السودان يستطيع أن يكون سلة العرب الغذائية". ولدى السودان إمكانات لسد معظم متطلبات العالم العربي الغذائية، أقله في الأساسيات مثل القمح والشعير والذرة وغيرها من المحاصيل، وفيه أراض زراعية شاسعة ويمكن استصلاح مئات الملايين من الدونمات الأخرى، وهناك موارد مائية من النيل والأمطار في المناطق الوسطى. ويضيف الدكتور القصاص: "هذا حلم لم يأت من فراغ، ولكنه لم يتحقق رغم إنشاء المنظمة والصندوق. وما زالت المنطقة العربية بحاجة إلى سلة غذاء وإلى التوسع في إنتاج الطعام، على الأقل الحبوب". وتساءل لماذا لم يتم ذلك، مجيباً: "نحن نتكلم دون أن نعمل، واذا عملنا فعلى المدى القصير فقط".
والوضع نفسه ينطبق على جهود مكافحة التصحر في العالم العربي. ففي رأي الدكتور القصاص "لدينا مركز لدراسات الأراضي الجافة والمناطق القاحلة (أكساد)، ومعظم الدول العربية وضعت بالتعاون مع المؤسسات الدولية تقارير عن مشكلة التصحر. فإذا كان لدينا مركز الدراسات ولدينا توصيف للمشكلة، فالعلة إذاً في التنفيذ الذي يحتاج إلى آليات وصناديق عربية وأموال".
كيف تنجح منظمات من دون صناديق تمويل؟
حول المؤسسات الرسمية العربية المشتركة، يرى الدكتور القصاص أن إنشاء مؤسسة مثل المجلس التنفيذي للوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة تحت مظلة جامعة الدول العربية هو أمر إيجابي جداً، لكنه تمنى لو أنشئ إلى جانبه صندوق عربي لحماية البيئة وتمويل مشاريعها، على غرار برنامج الأمم المتحدة للبيئة الذي رافقه إنشاء الصندوق العالمي للبيئة، ومن ثم مرفق البيئة العالمي، "فالدول العربية لا تنقصها الأموال أو الاعتمادات اللازمة". وشدد على أنه "لا يمكن إنشاء برنامج دون إيجاد التمويل اللازم له، وإلا بقي في إطار الأماني وأحلام اليقظة".
ويستغرب الدكتور القصاص كيف أن معظم الأنشطة المنفذة في إطار برامج المجلس التنفيذي للوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة تتم بتمويل محدود يأتي من المؤسسات العالمية، ولا شيء من الدول العربية. ويرى وجوب إيجاد مصادر تمويل سخية لتنفيذ البرامج، "ولا يجوز أن ننتظر المؤسسات العالمية، فمهما كانت سخية ومقاصدها نبيلة فهي توجهنا إلى إنفاق التمويل بحسب توجهاتها، وهي لها مقاصدها، وبالطرق التي ترضيها. وإذا لم نعتمد على الذات في هذه المسألة فسنبقى في حالة قصور عن الأداء في مجال البيئة".
هل يلقى "إعلان أبوظبي" مصير القرارات السابقة؟
اعتبر الدكتور القصاص "إعلان أبوظبي" حول البيئة، الذي أطلقه الوزراء العرب المسؤولون عن شؤون البيئة خلال اجتماعهم هناك في شباط (فبراير) الماضي، إعلاناً مهماً خصوصاً أنه يحدد أولويات العمل البيئي العربي التي يجب الاهتمام بها مثل نقص المياه والتصحر وغيرهما. "ولكن إذا لم تترجم هذه الأولويات إلى برامج تنفيذية، على مستوى كل بلد وعلى المستوى الإقليمي العربي، ونجد لها وسائل وأدوات التنفيذ بما في ذلك مصادر التمويل"، يقول الدكتور القصاص، فستبقى حتماً في خانة الأماني. ورغم تبني مؤتمر القمة العربي الأخير في عمان في أحد بنود مقرراته "إعلان أبوظبي"، يعتقد الدكتور القصاص أن المحك الأساسي هو إدراج ذلك على جدول أعمال القمة العربية الاقتصادية المزمع عقدها في القاهرة أواخر هذا العام، "عندها يكون الاختبار حقيقيا"، مضيفاً: "من ذا الذي يبحث اليوم في الشأن الاقتصادي دون التطرق إلى التنمية المستدامة والتي تعني البحث في قضايا البيئة وحمايتها وصيانة مواردها؟ ذلك هو برأيي الاختبار لجدية العمل. فقرارات القمة عادة تعطينا الأمل، ولكن العبرة بالتنفيذ"، مشيراً إلى قرار قمة الرباط في 1973 إنشاء مؤسسة عربية للبحث العلمي والتقدم التكنولوجي، وحيث تم تكليف المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بذلك، وهي كلفت بدورها الأستاذ أسامة الخولي فوضع دراسة جدوى تفصيلية للمشروع، وقدمت الدراسة إلى الجامعة العربية ولكنها لم تجد طريقها إلى مؤتمرات القمة حتى الآن. وتخوف من أن يلقى إعلان أبوظبي المصير نفسه، "فنحن نحسن الكلام والتمني"، وأمل أن يصدق الظن ولو لمرة، ويتحول الكلام إلى عمل ناجح، مكرراً "ان المحك الحقيقي هو إدراجه في برنامج عمل القمة الاقتصادية المقبلة، وتخصيص وقت كاف لمناقشته، فقضايا البيئة أصبحت جزءاً لا يتجزأ من قضايا التنمية والتقدم الاقتصادي".
وكالة البيئة العربية
حول الدعوة لإنشاء الوكالة العربية للبيئة على غرار الوكالة الأوروبية للبيئة، التي وردت في أحد بنود التقرير حول مستقبل العمل البيئي العربي الذي تبناه الوزراء العرب في أبوظبي، يقول الدكتور القصاص انه لا يجوز أن نوجد مؤسسة ثم نحاول إيجاد وظيفة ودور لها. تنشأ المؤسسات عند الشعور بالحاجة إلى عمل ما، وأن هناك برنامج عمل يجب تنفيذه. فتفصّل لهذا العمل أو ذاك البرنامج آلية تنفيذ. "وفي أي حال، أية آلية تنفيذ تحتاج إلى توفر عنصري دعم أساسيين: الإرادة السياسية على أعلى مستوى، والموارد المالية والبشرية، وإلا أصبحت الأمور من باب الأماني والتمني".
من ناحية أخرى، أمل الدكتور القصاص أن يكون قرار المجلس التنفيذي للوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة، الذي اتخذوه في اجتماعهم ما قبل الأخير، نافعاً وناجحاً، حيث تم تحويل المشاريع والبرامج التي حاولوا تنفيذها تحت مظلة المجلس التنفيذي إلى المنظمات التي تعمل ضمن إطار الجامعة العربية لمتابعتها. وهذا يعني أن المجلس التنفيذي للوزراء لم تعد له مهمات تنفيذية،  بل هو يهتم برسم السياسات ووضع الأهداف الكبرى، والتنفيذ على عاتق هيئات أخرى يجب تفعيلها وتمويلها.
وأمل الدكتور القصاص أن لا يبقى الأداء العملي الذي يصلح البيئة فعلاً ويحسّن نوعيتها ضعيفاً جداً، بل يصبح ذا أثر ملموس، وننتقل من حالات التمني والرجاء إلى العمل الجدي المنظم والممول جيداً والمدعوم على أعلى المستويات.
 
كادر
البيئة العربية بالأرقام: الهواء والماء والأرض والشواطئ
اعداد: مركز الشرق الأوسط للتكنولوجيا الملائمة
الغلاف الجوي
المشاكل الرئيسية التي يعاني منها الغلاف الجوي تشمل تغير المناخ وترقق طبقة الأوزون وتلوث الهواء. ويشكل تلوث الجو وانتاج غازات الدفيئة وتلوث الهواء قضايا مثيرة للقلق في العالم العربي، لأن بلداناً عربية كثيرة تنتج الطاقة التي يعتبر احتراقها السبب الرئيسي لمشاكل الغلاف الجوي. وتعتبر أهمية تغير المناخ الناتج عن غازات الدفيئة، مثل ثاني أوكسيد الكربون، أولوية قصوى في بعض بلدان المنطقة العربية، خصوصاً في البلدان القائمة على جزر مثل البحرين، والبلدان ذات الأراضي الساحلية المنخفضة مثل منطقة الدلتا في مصر، والمناطق الساحلية في البلدان الخليجية التي تعتبر عرضة لتأثير ارتفاع مستوى البحر بسبب تغير المناخ.
ويأتي المصدر الرئيسي لانبعاثات ثاني اوكسيد الكربون في المنطقة من استهلاك الوقود الأحفوري الذي تزايد باطراد في جميع بلدانها. وتم تسجيل أعلى معدلات الاستهلاك خلال العقدين المنصرمين (1980 ـ 1998) في دولة الامارات العربية المتحدة (6,7 أضعاف)، تليها عُمان (5,8 أضعاف). وتشكل الزيادة في عدد السيارات في المدن الكبرى المصدر الرئيسي لتلوث الهواء في المنطقة العربية. كما تشكل صناعتا الطاقة والاسمنت مصدرين كبيرين لتلوث الهواء. ويبلغ معدل انبعاثات ثاني اوكسيد الكربون للفرد الواحد سنوياً في البلدان الخليجية 16,75 طناً، أي حوالى 4 أضعاف ما هي عليه في بلدان المشرق التي يبلغ معدل انبعاثاتها للفرد الواحد سنوياً 4,24 أطنان. أما معدلات الاستهلاك في بلدان شمال أفريقيا العربية فهي شبيهة بتلك التي في بلدان المشرق.
ولحسن الحظ، فان اعتماد برامج خاصة باجراءات الطاقة النظيفة وعمليات الانتاج النظيف في مجمعات صناعية جديدة في بعض البلدان العربية، أدى الى انخفاض كبير في انبعاثات ثاني اوكسيد الكربون. وبلغت معدلات الانخفاض في دولة الامارات العربية المتحدة 55% وفي قطر 22,3% وفي الكويت 16% خلال العقد الماضي.
ويسبب التزايد المستمر في عدد السيارات في المدن العربية الكبرى وسوء ادارة حركة السير واستعمال سيارات قديمة، زحمة مرورية في الشوارع واضراراً صحية للناس من جراء تلوث الهواء. وكثير من السيارات في بعض البلدان العربية هي في حالة سيئة، ويزيد عمر حوالى 30% منها على 15 سنة. وتساهم هذه السيارات القديمة بكمية كبيرة من الهيدروكربونات وأكاسيد النيتروجين والجزيئات. كما أن البنزين المرصص ما زال يستعمل كمصدر رئيسي للوقود في بلدان كثيرة في المنطقة العربية، مما يشكل خطراً على الصحة. غير أن البنزين غير المرصص أدخل الى بلدان مجلس التعاون الخليجي والى لبنان، وأصبح المصدر الوحيد للبنزين المستعمل في البحرين منذ تموز (يوليو) 2000.
بلغت الزيادة في عدد سيارات الركاب لكل 1000 شخص خلال الفترة 1990 ـ 1996 معدلات مختلفة في بلدان المنطقة العربية. وسُجلت أعلى ملكية للسيارات لكل 1000 شخص في الكويت، اذ بلغت 317 سيارة، يليها لبنان بـ299 سيارة، فيما سُجل أدنى استعمال في سورية حيث بلغ 10 سيارات لكل 1000 شخص. أما المعدل العالمي فهو 84 سيارة. وسجل أعلى استهلاك لبنزين السيارات للشخص الواحد سنوياً في الكويت (1997) حيث بلغ 1309 ليترات. وسجل أدنى معدل في اليمن اذ بلغ 61 ليتراً في السنة.
ومن الأخبار السارة أن جميع البلدان في المنطقة وافقت على الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية الغلاف الجوي، مثل اتفاقية فيينا وبروتوكول مونتريال حول حماية طبقة الأوزون الجوية. وبهذا الخصوص، التزمت البلدان العربية بأن تستبعد تدريجياً استهلاك المواد المستنزفة لطبقة الأوزون، مثل مركبات الكلوروفلوروكربون (CFCs). وأسست البلدان جميعاً مكاتب ناشطة للأوزون، تدعمها سكريتارية بروتوكول مونتريال.
تتطلب حماية الغلاف الجوي وتقليل الاحترار العالمي خفضاً في استعمال الوقود الاحفوري. وقد صادقت بلدان المنطقة على الاتفاقية الاطارية للأمم المتحدة حول تغير المناخ، وألفت لجانها الوطنية الخاصة بتغير المناخ لصياغة خطط العمل الخاصة بها. وانتهى إعداد بيانات لغازات الدفيئة في عدد من البلدان مثل البحرين والأردن ولبنان، وهي قيد التحضير في بلدان عربية أخرى.
وهناك حاجة ماسة الى برامج تعتمد الكفاية في الطاقة في محطات توليد الكهرباء والمجمعات الصناعية وقطاعات النقل والزراعة والسكن من أجل خفض استهلاك الطاقة وما يرافقه من انبعاثات غازات الدفيئة.
تدهور الاراضي
ما زال تدهور الاراضي يشكل الموضوع الأهم والقضية الأبرز في العالم العربي. وتشمل جوانبه الرئيسية انجراف التربة والتملح والتلوث الكيميائي الزراعي وتراجع الخصوبة والتصحر. ويعتبر التصحر، وهو شكل من تدهور الاراضي، من القضايا البيئية الرئيسية في المنطقة، خصوصاً في البلدان التي يساهم قطاعها الزراعي بقسط كبير في الاقتصاد الوطني. ويراوح مستوى تدهور الاراضي من 7% في لبنان الى نحو 53% في العراق. وتشمل أسبابه الأساسية العوامل الاجتماعية والاقتصادية مثل ارتفاع معدلات النمو السكاني، والتوزيع غير المتساوي للاراضي، وتحديث الممارسات الزراعية التقليدية، والفقر، والسياسات الحكومية التي تساهم في تفاقم المشكلة.
لقد اتخذ تدهور الاراضي الناتج عن نشاطات الانسان أبعاداً تفوق المعدل العالمي. والانجراف الريحي هو سبب بارز للتصحر، اذ يشكل أكثر من 90% في الاردن وقطر والمملكة العربية السعودية، يليه الرعي الجائر وزوال الغابات. وزوال الغابات سبب رئيسي للتصحر في لبنان (63%) واليمن (41%) وعُمان (22%). وموجات الجفاف المتكررة هي أيضاً عامل رئيسي في تدهور الاراضي الزراعية والرعوية في معظم بلدان المنطقة العربية.
في شمال أفريقيا، بلغ تدهور الاراضي مستوى خطيراً، خصوصاً في الأطراف الصحراوية للجزائر وفي منطقتي الصدع الشرقي والأطلس الأعلى في المغرب والمناطق الجبلية في تونس. وقد تأثرت بلدان شمال أفريقيا على نحو خطير بالتصحر الذي يهدد بنوع خاص امتدادات هذه البلدان على ساحل البحر المتوسط. ويهدد التصحر أكثر من 432 مليون هكتار (57% من مجمل مساحة الاراضي).
وسرعة تأثر الاراضي في غرب آسيا بالتصحر تعود أساساً للمناخ وحالة التربة والمياه والنباتات الطبيعية والأساليب التي يتم بها استهلاك هذه الموارد من قبل التجمعات السكانية ومواشيها. وأدت السياسات الزراعية السيئة في بعض البلدان الى تفاقم مشاكل التصحر ونتائجها. فمثلاً، كان للأسمدة والمبيدات الكيميائية الزراعية المدعومة بسخاء، والحوافز التي تشجع على اقتناء الماكينات الزراعية، اضافة الى توفير الامدادات المائية بلا مقابل أو بأسعار منخفضة في بعض بلدان المشرق، أثر سلبي على موارد المياه الجوفية والاراضي، ساهم في عدم استدامة الزراعة في المنطقة. فقد زادت المناطق المروية في غرب آسيا بنسبة 240% خلال السنوات الثلاثين الماضية، لكن ذلك استنفد موارد المياه الجوفية وخلق مشاكل تملح.
ان حرائق الغابات وقطع الأشجار هي من العوامل الرئيسية لخسارة الغطاء النباتي وانجراف التربة. فبين 1985 و1993، تضرر أكثر من 20 ألف هكتار من الغابات الساحلية السورية بفعل الحرائق، مما أدى الى انجراف التربة بمعدل يزيد على 20 طناً لكل هكتار في السنة على منحدرات تزيد على 12 درجة. والرعي الجائر وزوال الغابات مسؤولان عن 73% من تدهور الاراضي في سورية.
وتحتل الاراضي الرعوية نحو 50% من المساحة الاجمالية لبلدان غرب آسيا. ويقدر أن حوالى 90% من المراعي في معظم هذه البلدان قد تدهورت أو تصحرت بسبب الرعي الجائر واستعمالات أخرى. وتختفي وتدمر نباتات رعوية وطبية مهمة عديدة. وقد زادت النشاطات الرعوية في عُمان بأكثر من الضعفين (131%) في الفترة 1980 ـ 1990.
ومن ناحية أخرى، سبب النمو السكاني والهجرة من الأرياف الى المدن خسارة الاراضي لصالح التوسع المدني والتصنيع وأغراض غير زراعية، خصوصاً في بلدان المشرق وشمال أفريقيا. فقد خسر لبنان، مثلاً، حوالى 20 ألف هكتار من أراضيه الزراعية خلال الفترة 1960 ـ 1980.
وأدى سوء ادارة مياه الري واستعمالها غير المرشّد الى تجمع الأملاح والقلويات والمياه ونفاد المغذيات في مساحات كبيرة في المنطقة. والتملح، الذي هو السبب الأهم لتدهور الاراضي المروية، أثر على أكثر من 50% من الاراضي المروية في حوض نهر الفرات في سورية، أي 336 ألف هكتار، حيث أصبح ما بين 3000 و5000 هكتار منها خارج الاستعمال الزراعي سنوياً. وهناك حوالى 3,75 مليون هكتار في المملكة العربية السعودية أصاب  تربتها تملح  بدرجة معتدلة.
ويوجد شكل آخر من تدهور الاراضي في المنطقة العربية سببه صناعة التعدين واقتلاع الحجار واستخراج الفوسفات والتنقيب عن النفط والغاز. وهذه الأعمال أحدثت اضراراً حيثما جرى تنفيذها.
وقد انضمت غالبية بلدان المنطقة العربية الى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، وهي تحضر خططها الوطنية الخاصة بمكافحة التصحر. وتم سن تشريعات جديدة والتشدد في تنفيذ القوانين والأنظمة الخاصة باستخدام المياه والأراضي في بعض البلدان. ويتوقع أن يستمر تدهور الاراضي في المنطقة العربية ما لم يتم اعتماد شكل موحد لسياسات استخدام الاراضي وما لم تنفذ نظم تطبيقية صحيحة. وضمن هذا الاطار، يساهم الترويج للممارسات الزراعية العضوية في تخفيف الضغط على الاراضي الزراعية.
البيئة الساحلية والبحرية
البحر المتوسط والبحر الأحمر والخليج العربي وبحر العرب والمحيط الأطلسي هي البحار الاقليمية المتاخمة للبلدان العربية. والمناطق الساحلية في العالم العربي تتكون في غالبيتها من نظم بحرية وشبه ملحية وأرضية متفاعلة، بدأت تظهر عليها الآن علامات الاجهاد نتيجة نشاطات من فعل الانسان.
لقد أدى التوسع المدني في المناطق الساحلية، والهجرة من الأرياف الى المدن، والتخلص من المياه المبتذلة غير المعالجة والنفايات الصلبة، والحروب الاقليمية، والصراعات الداخلية، وانتاج النفط ونقله، الى اجهاد الموارد الطبيعية في المناطق الساحلية.
واستمر التوسع المدني السريع بلا رادع في العقد الماضي في معظم بلدان المنطقة. وقد ساء الوضع أكثر في البلدان الصغيرة مثل لبنان والبحرين والامارات. ففي لبنان، يعيش أكثر من 60% من السكان ويعملون في شريط ساحلي ضيق جداً. وغالبية المدن الساحلية في العالم العربي تصرف مياه مجاريها غير المعالجة في المناطق الساحلية. لكن بلدان منطقة الخليج تعالج مياهها المبتذلة قبل تصريفها، ويعاد تدوير جزء منها. وفي الامارات، يعاد استعمال مجمل كمية المياه المبتذلة المعالجة في ري أشجار الغابات. وفي لبنان، هناك خطط قيد الاعداد لاصلاح الوضع في المدن الساحلية الرئيسية.
وتنفذ غالبية بلدان المنطقة أعمال جرف وردم للاراضي في المناطق الساحلية. وقد نفذت تونس والبحرين ولبنان والسعودية وبلدان أخرى أعمال جرف وطمر مختلفة. وهذا أدى الى اختلال وظيفي في الموائل البحرية وخسارة الامتدادات الساحلية المنتجة ايكولوجياً وحدوث انجراف ساحلي. كما أن المنشآت التاريخية المغمورة وقعت ضحية الخراب الذي سببته أعمال الجرف والطمر.
ولحسن الحظ، فان معظم بلدان المنطقة تعمل الآن على اصدار تشريعات تفرض إجراء دراسات لتقييم الأثر البيئي قبل تنفيذ أي مشاريع تنمية رئيسية في المنطقة الساحلية.
وبسبب كثافة حركة نقل النفط في بحار المنطقة، فان تلوث البيئة البحرية بالنفط يزداد سوءاً سنة بعد أخرى. ويعتبر الخليج العربي والبحر الأحمر الممرين الأكثر اكتظاظاً بناقلات النفط. ويتسرب حوالى 1,2 مليون برميل من النفط في المنطقة كل سنة من جراء التصريف العادي لمياه حفظ التوازن الملوثة وغسل خزانات الناقلات. والعدد الاجمالي للسفن التي تبحر عبر مضيق هرمز يزيد على 10 آلاف سفينة كل سنة، منها حوالى 60% ناقلات نفط.
وبسبب الحروب في منطقة الخليج (1980 ـ 1991)، تسرب ما بين 10 ملايين و12 مليون برميل من النفط في الخليج وبحر العرب نتيجة غرق الناقلات وتسرب النفط من المرافق النفطية الساحلية. ومن جهة أخرى، يستقبل البحر المتوسط 17% من التلوث النفطي البحري العالمي. وتعبر البحر المتوسط يومياً حوالى 2000 سفينة، منها 250 ـ 300 ناقلات نفط. ويقدر أن 22,223 طناً من النفط تسربت الى البحر المتوسط بين عامي 1987 و1996 نتيجة حوادث ملاحية.
ويعتبر التلوث الناتج عن المصانع والأنهار التي تصب مباشرة في البحار خطراً رئيسياً يهدد البيئة في معظم البلدان العربية. فالانهار الرئيسية تصرف في البحر المياه المبتذلة والكيميائيات الزراعية والنفايات الصناعية الخطرة. وللأسف، فان أنهاراً كثيرة أصبحت قنوات للمياه المبتذلة غير المعالجة.
وتزيد المجمعات البتروكيميائية الى المشكلة سوءاً. فمثلاً، تصرف ثلاثة مجمعات رئيسية في الجزائر كميات كبيرة من النفط والكروم والزئبق واليوريا والكلور في البحر. وتوجد حالات مماثلة في مصر وليبيا والمغرب وتونس والسعودية.
ويقدر أن الكمية السنوية للمواد الترابية المنجرفة التي تصرف في البحر المتوسط من المجمعات المائية في لبنان وسورية قد تصل الى 59,6 مليون طن. وهذا ناتج عن ممارسات زراعية غير مرشّدة وقطع الأشجار بلا وازع.
ومصائد الأسماك هي القطاع الذي تبدو عليه أكثر علامات التدهور بسبب الصيد المفرط. ويحقق المغرب أعلى معدل سنوي للصيد البحري، اذ بلغ 844 ألف طن عام 1995. وفي العام ذاته بلغت كمية الصيد البحري في عُمان 422,677 طناً. وفي السنوات الأخيرة، حدث عدد من ظواهر نفوق الأسماك على سواحل الخليج العربي وبحر العرب. وحصل أحدثها عام 1999 في الكويت وعام 2000 في عُمان. ويشتبه أن بعض النشاطات التي من فعل الانسان تشكل السبب الأساسي لنفوق الأسماك.
وبسبب ظروف ايكولوجية وممارسات صيد شاذة، انخفض المخزون السمكي في المنطقة. لكن لحسن الحظ تم اتخاذ اجراءات سياسية للتخفيف من الصيد المفرط في البلدان الخليجية، وذلك باعتماد اجراءات تنظيمية. كما أن التعاون الاقليمي والتقيد بخطط العمل، مثل خطة العمل المتوسطية وخطة العمل الخاصة بالكويت وخطة العمل الخاصة بالبحر الأحمر وخليج عدن، يتوقع أن يسفرا عن مساعدات كبيرة في بناء القدرات وتحول التكنولوجيا الى حماية المناطق الساحلية والبيئة البحرية في العالم العربي.
مصادر المياه العذبة
الماء سلعة نادرة في العالم العربي. وقد أجهد الطلب الكبير على الموارد المائية خلال العقود الثلاثة الماضية امدادات المياه العذبة في البلدان العربية وأدى الى تدهور نوعيتها. والآن تشكل أنماط الاستخدام غير المستدام للموارد المائية، التي يفوق الطلب عليها المعروض منها، القضية الرئيسية في المنطقة.
ان المناخ القاحل في المنطقة، حيث المعدل السنوي لهطول الأمطار يقل عن 250 مليمتراً، هو السبب الرئيسي لندرة المياه. ومعظم الموارد المائية في كثير من البلدان العربية هي من مصادر جوفية. ففي ليبيا، مثلاً، تشكل المياه الجوفية 95% من المياه العذبة المستخدمة في البلاد. لكن هناك انهاراً مشتركة، مثل النيل والفرات ودجلة، تنبع من خارج حدود المنطقة، وهي تمد بعض البلدان بكميات كبيرة من المياه. وما زالت هناك حاجة لكي توضع قيد التنفيذ اتفاقيات تقاسم موارد المياه بين العراق وسورية من جانب وتركيا من جانب آخر. كما أن الاحتلال الاسرائيلي أنكر على الفلسطينيين حقهم في ادارة واستغلال مواردهم المائية الجوفية في الضفة الغربية وقطاع غزة. ويقدر أن استهلاك الفرد من الاسرائيليين يزيد 13 ضعفاً على معدل استهلاك الفرد الفلسطيني.
وأهم عامل حاسم في ازدياد الطلب على الموارد المائية هو الزيادة غير المخططة في النمو السكاني. فقد ارتفع مجموع عدد السكان في العالم العربي ثلاثة أضعاف خلال السنوات الثلاثين الماضية. فمثلاً، قفز مجموع عدد السكان في غرب آسيا من 34,50 مليون نسمة في العام 1970 الى 97 مليوناً في العام 2000. ويتوقع أن يصل مجموع سكان العالم العربي كله خلال سنة 2001 الى 300 مليون شخص.
وتستأثر الزراعة بنحو 92% من مجموع المياه المستهلكة، فيما تذهب 7% الى القطاع السكني و1% الى القطاع الصناعي. وبسبب التوسع الزراعي خلال العقود الثلاثة الماضية، تم سحب معظم الموارد المائية الجوفية في جميع بلدان المنطقة بعد أن كانت تكونت خلال حقبة تبلغ عشرات ألوف السنين. وهذا أدى الى انخفاض خطير في نوعيتها بسبب تسرب مياه البحر الذي لا يمكن وقفه في المناطق الساحلية. وتشكل آبار الري المهجورة ومزارع أشجار النخيل التي ضربها اليباس علامات بارزة على الآثار الضارة للافراط في استخراج المياه الجوفية في السهول الساحلية لبعض دول الخليج، وقد حدثت هذه الحالات أيضاً في لبنان وقطاع غزة.
وتواجه بلدان كثيرة في المنطقة حالياً نواقص كبيرة في المياه. وتعمد مصالح المياه في مدن مثل بيروت وعمّان ودمشق الى "تقنين" استهلاك الماء. وكفاية الري في المنطقة لا تتعدى نسبة 50% وتصل أحياناً الى 30% فقط، مما يؤدي الى فاقد كبير. والطلب المنزلي على المياه هو في ارتفاع مستمر بسبب ازدياد استهلاك الفرد في المدن والهدر. فمثلاً، زاد الطلب على الماء في المنطقة من 5,13 بلايين متر مكعب عام 1990 الى 6,97 بلايين متر مكعب عام 2000.
ومن جهة أخرى، تصب مخلفات المواد الكيميائية الناتجة عن العمليات الزراعية ومياه الصرف الصناعي في الأنهار والأجسام المائية في المنطقة، مما يؤثر على نحو خطير في الحياة المائية ويسبب مخاطر صحية لعامة الناس. فمستويات الملوثات العضوية التي تدخل نهر العاصي بالقرب من مدينة حمص في سورية تزيد 100 مرة عن مستوياتها في النقطة التي يجتاز فيها النهر الحدود اللبنانية.
وتتولى بلدان المنطقة وضع سياسات مائية لادارة شح المياه، وذلك باعداد برامج تهدف الى زيادة مشاريع التنمية المائية (السدود ومحطات تحلية مياه البحر) والمحافظة على المياه. ويتضح ذلك في خفض الاعانات للمزارعين. وفي هذا المجال، بدأت بلدان المنطقة الترويج للاستثمار في تكنولوجيا الري الأكثر كفاءة. ففي سورية والأردن أثبتت الأبحاث أن انتاج المحاصيل ازداد بين 40% وأكثر من 100% من خلال استخدام تكنولوجيا الري. وأصبحت إعادة استعمال المياه المبتذلة المعالجة مصدراً آخر لمياه ري الأشجار الغابية.
ولكن ما لم تنفذ تحولات رئيسية في السياسات السكانية والمائية في البلدان العربية، فان قضية المياه ستصبح العائق الرئيسي أمام مزيد من التنمية.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.