Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
موضوع الغلاف
 
عماد فرحات النفايـات الطبيـة  
كانون الثاني (يناير) 2001 / عدد 34
 النفايات الطبية هي تلك التي تنتج من تشخيص أمراض الناس والحيوانات، ومعالجتهم وتحصينهم، والعمليات الجراحية، وإنتاج واختبار المستحضرات الطبية الحيوية كالمصل واللقاح والمضادات، بما في ذلك أجهزة الزرع والتخزين البكتيرية، والفضلات الممرضة الآدمية، ودم الإنسان ومنتجات دمه، والأدوات الحادة والأواني الزجاجية، والفضلات الحيوانية، والأدوات الحادة غير المستعملة. وهي تشمل جميع نفايات المستشفيات والمرافق الصحية وخدمات الطوارئ والمراكز الطبية والمستوصفات وعيادات التوليد والأمومة وعيادات الأطباء ومراكز غسل الكلى (الديلزة) ومراكز الإسعافات الأولية وسيارات الإسعاف والأماكن المخصصة للاستشفاء في السفن ومراكز نقل الدم والخدمات الطبية العسكرية والمختبرات الطبية ومعاهد الطب والتمريض والتكنولوجيا الاحيائية ومراكز البحوث الطبية ومراكز حفظ الجثث وتشريحها ومراكز الأبحاث والاختبارات الحيوانية وبنوك الدم ودور رعاية المسنين ودور الحضانة وعيادات الطب البيطري، وسواها. فأين تذهب هذه النفايات؟ علماً أن الكثير منها سامّ أو ناقل للعدوى.
 
عماد فرحات
الجراحة والعلاج والتلقيح والفحوص المختبرية وغيرها من أشكال الرعاية الصحية تنقذ الناس من المرض أو الموت. ولكن ماذا عن النفايات الناجمة عنها؟ ان 75 الى 90 في المئة من نفايات المؤسسات الطبية  غير خطرة أو «عامة» شبيهة بالنفايات المنزلية. وتأتي غالبيتها من الأعمال الإدارية والتنظيف والتجهيز، وقد تشمل نفايات صيانة مباني وموجودات هذه المؤسسات. ويعتبر 10 إلى 25 في المئة نفايات خطرة.
وتصنف النفايات الطبية الخطرة إلى عدة فئات، أهمها:
نفايات مُعدية: وهي نفايات يشتبه في أنها تحتوي على كائنات ممرضة، مثل أجهزة الزرع البكتيرية في المختبرات، والنفايات الناتجة عن أجنحة العزل، والمناديل والمماسح، والمواد والمعدات التي لامست مرضى مصابين بعدوى، والمبرزات كالعرق والبول والبراز. وهي تحتوي على تشكيلة كبيرة من الكائنات الدقيقة الممرضة التي قد تدخل جسم الإنسان عن طريق وخزة أو خدشة أو جرح في الجلد، ومن خلال الأغشية المخاطية، وبواسطة الاستنشاق والابتلاع.
نفايات باثولوجية (مَرَضية): وهي أنسجة وسوائل بشرية، مثل الأعضاء، والدم، وسوائل الجسم الأخرى، والأجنة.
نفايات حادة: وهي أدوات وأجسام حادة، مثل الإبر، وأجهزة إدخال السوائل الوريدية، والمشارط والمباضع والسكاكين، والشفرات، والزجاج المكسور. ويقدر عدد الحقن التي يتم حقنها في أنحاء العالم كل سنة بنحو 12 بليوناً. ولا يتم التخلص من جميع الإبر والمحاقن بطريقة سليمة، فتشكل مصدر خطر كبير للإصابة أو العدوى. وفي حزيران (يونيو) الماضي، اكتشفت لدى ستة أطفال في مدينة فلاديفوستوك الروسية إصابات بالجدري بعدما عبثوا بأنابيب زجاجية محتوية على لقاح للجدري منتهي الصلاحية في مكب للنفايات.
نفايات صيدلانية وكيميائية: من النفايات التي تحتوي على مواد صيدلانية العقاقير والمستحضرات المنتهية المدة أو التي لم تعد هناك حاجة إليها، والمواد الملوثة بمواد صيدلانية أو المحتوية عليها كالقوارير والصناديق. ومن النفايات التي تحتوي على مواد كيميائية المفاعلات الكيميائية المستعملة في المختبرات، ومواد تظهير الأفلام، والمطهرات التي انتهت مدتها أو لم تعد هناك حاجة إليها، والمذيبات. وتشكل المواد الكيميائية والصيدلانية نحو 3 في المئة من النفايات الطبية. والكثير منها يكون خطراً، أي ساماً أو أكالاً أو ملتهباً أو تفاعلياً أو متفجراً أو حساساً للصدمات. وعلى رغم صغر كمية هذه النفايات عند إنتاجها، فهي تتواجد بكميات كبيرة عندما تنتهي صلاحية استعمالها ويتم التخلص منها. وقد تسبب تسمماً من خلال التعرض الحاد أو المزمن لها، أو من إصابات كالحروق، أو عن طريق امتصاصها عبر الجلد أو الأغشية المخاطية أو بالاستنشاق أو الابتلاع. ويمكن حدوث إصابات في الجلد أو العينين أو الأغشية المخاطية للمجاري الهوائية من خلال ملامسة مواد كيميائية ملتهبة أو أكالة أو تفاعلية مثل الفورمالديهايد ومواد متطايرة أخرى. وأكثر الإصابات انتشاراً الحروق.
نفايات سامة جينياً (genotoxic): نفايات تحتوي على مواد لها خصائص سامة جينية، مثل العقاقير المضادة لنمو الأورام (تستعمل عادة لمعالجة السرطان)، والمواد الكيميائية السامة جينياً. والأخطار التي يتعرض لها العمال الذين يتولون جمع هذه النفايات أو التخلص منها تحدد شدتها سمية المادة ومقدار التعرض لها ومدته. ويمكن أن يحدث التعرض في المؤسسات الطبية أثناء تحضير أدوية ومواد كيميائية معينة أو المعالجة بها، عن طريق استنشاق الغبار أو الرذاذ أو الامتصاص من خلال الجلد أو ابتلاع طعام ملوث بها. ويمكن أن يحدث التعرض أيضاً من خلال ملامسة سوائل وإفرازات مرضى يجرى لهم علاج كيميائي.
نفايات مشعة: نفايات محتوية على مواد مشعة، مثل السوائل غير المستعملة الناتجة عن المعالجة بالأشعة أو أبحاث المختبرات، والأواني الزجاجية والضمادات والأوراق الماصَّة الملوثة، والبول والبراز من مرضى تمت معالجتهم أو فحصهم بنويدات مشعة غير معزولة، والمصادر المشعة المعزولة. والأمراض التي تنتج عن النفايات المشعة تحددها أنواع التعرض ومقاديره، وتراوح من الصداع والدوار والتقيؤ إلى مشاكل أكثر خطورة كالسرطان. ولأن النفايات المشعة، شأنها شأن بعض النفايات الصيدلانية، هي سامة جينياً، فهي قد تؤثر أيضاً على مقومات جينية (وراثية). والتعامل بمواد شديدة النشاط الإشعاعي قد يسبب إصابات حادة، مثل تدمير الأنسجة، مما يستدعي استئصال أعضاء في الجسم. والنفايات ذات النشاط الإشعاعي المنخفض يمكن أن تسبب مخاطر ناشئة عن تلوث السطوح الخارجية للمستوعبات أو وسائل التخزين غير الملائمة. والموظفون الطبيون وعمال جمع النفايات والتنظيف الذين يتعرضون لهذه الإشعاعات هم في خطر. وتشكل النفايات السامة الجينية والنفايات المشعة نحو 1 في المئة من مجموع النفايات الطبية.
نفايات غنية بالمعادن الثقيلة: مثل البطاريات، وميازين الحرارة المكسورة، وأجهزة قياس ضغط الدم.
أوعية مضغوطة: مثل اسطوانات الغاز، وكبسولات الغاز، وقوارير الرذاذ (ايروسول).
التعرض لنفايات طبية خطرة يمكن أن يتسبب في مرض أو إصابة. والأشخاص المعرضون يحتمل أن يكونوا في خطر بسبب سوء الإدارة، بمن فيهم أولئك داخل المؤسسات الطبية وخارجها. والفئات الرئيسية المعرضة هي: الأطباء، والممرضون، والمساعدون الطبيون، وموظفو الصيانة، والمرضى، والزوار، والعمال الذين يؤدون خدمات للمؤسسات الطبية مثل غسل الملابس وشراشف الأسرة والكناسة وجمع النفايات ونقلها، والعمال في مرافق التخلص من النفايات مثل المطامر والمحارق.
التخلص من النفايات الطبية
تفرز النفايات الناتجة عن المرافق الطبية إلى نفايات مُعدية (توضع غالباً في كيس أحمر) وقمامة عادية غير معدية ونفايات مشعة ونفايات خطرة. ويجوز إجراء مزيد من الفرز للنفايات المعدية إلى نفايات «حادة» و«غير حادة» لكي تلائم وجهات المعالجة والتخلص وإعادة التدوير المختلفة.
وتعبأ النفايات الطبية الصلبة في مستوعبات مناسبة أثناء جمعها وتخزينها ونقلها ومعالجتها والتخلص منها، لتقليل خطر انتقال العوامل المعدية وتسهيل عملية المناولة. ويجب وضع النفايات الطبية في مستوعبات مناسبة تحمل علامات تمييز واضحة ويمكن الوصول إليها بسهولة، تشجيعاً للموظفين الطبيين على إجراء عملية فرز مثلى. ويتم إبدال المستوعبات بعد أن تمتلئ وتقفل بإحكام، كما يجب تطهيرها قبل إعادة استعمالها. ولا يجوز استعمالها لأي غرض آخر. وينبغي توفير الوقاية لعمال النقل. فالأدوات الحادة، مثلاً، كالزجاج والمحاقن والإبر، يجب وضعها في مستوعبات غير قابلة للاختراق. وقبل نقل أي مستوعب أو صرة نفايات طبية معدية إلى مكان آخر لتخزينها أو معالجتها أو التخلص منها أو إعادة صرّها، يجب أن توضع عليها علامات مميزة واضحة تفيد أنها نفايات طبية معدية.
طرق المعالجة
المعالجة هي عملية مصممة لتغيير الميزة البيولوجية أو التركيب البيولوجي للنفايات الطبية، بغية تقليل أو استئصال الكائنات الممرضة بحيث لا تعود هذه النفايات تشكل خطراً على الأشخاص الذين قد يتعرضون لها. وبعد إتمام عملية المعالجة بشكل صحيح، تصبح النفايات أو المخلفات الناتجة عنها صالحة للتخلص منها في مطمر صحي بلدي. وقد يستثنى من ذلك رماد المحارق الذي له ميزات خطرة. ويجب أن تؤول معالجة النفايات الطبية إلى تعقيمها وتدمير جميع أشكال الحياة الجرثومية فيها، بما في ذلك الفيروسات والبكتيريا والفطر والأبواغ (البزيرات).
وفي ما يأتي طرق المعالجة المعتمدة لتشكيلة من النفايات الطبية:
المعالجة الكيميائية: وهي تستعمل أساساً لمعالجة الأدوات الحادة  وأجهزة الاستنبات والتخزين والنفايات الباثولوجية والنفايات الحيوانية السائلة. ويتم اختيار طريقة المعالجة الكيميائية على أساس أنواع الكائنات الدقيقة المتوقع وجودها، ودرجة التلوث، وكمية المادة النسيجية، ونوع وكمية وتركيز المادة المطهرة المستعملة. ويتم عادة تصريف السوائل الناتجة من المعالجة الكيميائية في شبكة المجاري الصحية، كما يتم التخلص من المخلفات الصلبة المتبقية في مطمر صحي. ومن المطهرات الكيميائية المستعملة محاليل الكلور، والمواد المبيدة للفيروسات والبكتيريا والفطريات والطفيليات والبزيرات، والمركبات الألديهيدية أو الفينولية.
التعقيم البخاري: وهو يستعمل أساساً لمعالجة أجهزة الاستنبات والتخزين والأدوات الحادة  والنفايات الممرضة ونفايات العزل والنفايات الحيوانية. ويستخدم فيه البخار المشبع داخل وعاء ضغط، يعرف أيضاً باسم «الأوتوكلاف»، وذلك لمدة وافية ودرجة حرارة كافية لقتل العوامل المعدية. ويشغل أجهزة التعقيم البخاري موظفون مدربون.
الحرق: وهو يستعمل أساساً لمعالجة الدم ومنتجاته والأدوات الحادة  وأجهزة الاستنبات والتخزين والنفايات الممرضة ونفايات العزل والنفايات الحيوانية. وتتمثل فوائد الحرق في خفض حجم ووزن النفايات الطبية إلى حد كبير يصل إلى 90 في المئة، وضمان عملية التدمير والتطهير، والتخلص من كميات كبيرة من النفايات الطبية مع قليل من المعالجة. والحرق يحول المواد القابلة للاشتعال إلى مخلفات أو رماد غير قابل للاشتعال وغازات وحرارة. ومحارق النفايات الطبية المصممة والمشغلة حسب الأصول تقلل انبعاث المكونات الخطرة أثناء اشتعال النفايات، ويتولى تشغيلها ومراقبتها وصيانتها موظفون مدربون ومصرح لهم القيام بهذه الأعمال تحديداً.
التغليف: وهو يستعمل أساساً لمعالجة الأدوات الحادة. توضع النفايات المعالجة في مادة بوليمرية رابطة تتجمد وتتحول إلى مادة صلبة. ويتم عادة التخلص من النفايات الطبية المغلفة في مطمر صحي.
تعطيل النشاط بالحرارة: يستعمل هذا أساساً لمعالجة أجهزة الاستنبات والتخزين والنفايات الباثولوجية والنفايات الحيوانية السائلة. وتستعمل الحرارة لخفض العوامل المعدية، خصوصاً في النفايات الطبية السائلة. وتعتمد المعالجة الناجحة على تعريض النفايات لحد أدنى من الحرارة وحد أدنى من الوقت، مما يضمن تدمير الكائنات الممرضة. ويتم عادة التخلص من النفايات السائلة المعالجة والمبرَّدة في المجاري الصحية.
هذه الأساليب المتبعة تكون مجدية فقط إذا مورست بحسب الأصول السليمة. ان إدارة النفايات الطبية جزء لا يتجزأ من الرعاية الصحية، والأذى الناجم عن سوء إدارتها يقلص فوائد الرعاية الصحية. وان يكن الالتزام الحكومي بخطة مدروسة لإدارة النفايات الطبية أمراً ضرورياً، فأن المبادرات المسؤولة للمؤسسات الطبية أساسية أيضاً في لجم أخطار هذه النفايات.
 
11 طناً يومياً من نفايات الأدوية والأعضاء البشرية
أين تذهب نفايات
المستشفيات في لبــنان؟
وضع البنك الدولي خطة لادارة النفايات الصلبة في لبنان، منح على أساسها الحكومة اللبنانية قرضاً بقيمة 55 مليون دولار. هذه الخطة، التي أعلنت عام 1995، اعتمدت المطامر الصحية كحل عام للمناطق اللبنانية. وتعثَّر تنفيذ العمل بسبب عدم استناده الى خطة وطنية شاملة للنفايات. وفي إطار مشروع البنك الدولي، أجريت دراسة للمنطقة الساحلية، سلمت الى وزارة البيئة عام 1998 في ثلاثة مجلدات. وكانت وزارة البيئة أعلنت في نهاية 1998 عن تمويل دراسة للمناطق الساحلية بهبة من الاتحاد الأوروبي تتجاوز المليون دولار، بالمواصفات نفسها لدراسة البنك الدولي.
وفي خضم فوضى البرامج هذه، أعطي بتمويل من البنك الدولي عقد استشاري لشركة ايرلندية لادارة «وحدة تنسيق برنامج النفايات» في وزارة الشؤون البلدية والقروية، قبل ضمها الى وزارة الداخلية، بمبلغ وصل الى مليوني دولار. وبعد أن تم صرف المبلغ، أوقفت الوزارة المشروع. فماذا كان برنامج عملها؟ وكيف يدخل في اطار البرامج الأخرى؟ وهل هناك، أساساً،«خطة وطنية لادارة النفايات» يتم تنفيذ البرامج بموجبها؟ والمعلوم أن المحاولة الأخيرة لوضع خطة كهذه كانت في كانون الأول (ديسمبر) 1981. فهل يتم العمل على أساسها وهل جرى تحديثها منذ ذلك الوقت؟
اليوم أصبح مكب برج حمود الشهير جبلاً عامراً على الساحل اللبناني. ولم تتم معالجة ما طمر فيه، خصوصاً المواد الخطرة كالأسبستوس وبقايا النفايات السامة التي تم تهريبها الى لبنان في فترة الاحداث وغالب الظن أنها انتهت في برج حمود. وفي غياب خطة شاملة لادارة النفايات، فتح مكب الناعمة الذي يستقبل حالياً النفايات المنزلية والصناعية ومواد التسميد التي ينتجها مصنع التخمير والتي لم تلقَ قبولاً لدى المزارعين، وكذلك النفايات الطبية التي، في غياب الرقابة، تنتهي هناك أيضاً، وليس في المكبات العشوائية وحدها.
 
مصطفى عاصي
دعت الحكومة اللبنانية في بيانها الوزاري الى اعلان حالة طوارئ بيئية ووقف التخريب البيئي ووضع سياسة بيئية صريحة، باعتبار أن التطورات الاخيرة في العالم أثبتت أن القرارات الصائبة بيئياً هي في الوقت نفسه صائبة اقتصادياً. وتنتظر هذه الحكومة استحقاقات بيئية عديدة، قد يكون أولها ايجاد حل صحي للنفايات، ومنها نفايات المستشفيات نظراً لمدى خطورتها. وينتظر هذا الملف الكثير من الجدل في ضوء اختلاف الآراء حول الطرق الناجعة لمعالجة النفايات الطبية.
ويعاني لبنان أزمة مع الرقم الرصين والصحيح، اذ ليست هناك احصاءات دقيقة لما ينتجه من النفايات الطبية، ومنها نفايات المستشفيات. وكل ما هو متوفر أرقام تقديرية. وتُشكل الدراسة التي أعدتها شركة MRE الانكليزية وعيسى كونسلتنغ بتكليف من مجلس الانماء والاعمار، حول واقع مشكلة نفايات المستشفيات وحجمها والسبل الكفيلة بحلها، مرجع الدولة اللبنانية في تعاطيها مع هذا الملف. والارقام التي ساقتها الدراسة المنجزة عام 1998 هي المتوافرة حول نفايات المستشفيات، الى جانب دراسة أجرتها الدكتورة ريتا كرم بالتعاون مع كلية الصيدلة في جامعة كلود برنار في فرنسا.
استناداً الى دراسة MRE ووزارة البيئة، هناك 061 مستشفى في لبنان (حكومي وخاص) تنتج نحو 11 طناً من النفايات الخطرة يومياً، أي نحو 4000 طن في السنة. ويتوقع ارتفاع هذه الكمية الى 5000 طن سنة 2010. وتصنف المستشفيات بين جراحية وعلاجية. وينتج السرير الواحد في المستشفى الجراحي 1,5 كيلوغرام من النفايات الخطرة يومياً، فيما ينتج السرير في المستشفى العلاجي نحو 0,15 كيلوغرام. كما ينتج السرير ما معدله 6 كيلوغرامات من النفايات غير العادية.
أما دراسة الدكتورة كرم فأجريت عام 1997 على 73 مستشفى في لبنان، واستنتجت أن معدل انتاج كل سرير من النفايات يبلغ نحو 5,4 كيلوغرامات يومياً، منها 1,05 كيلوغرام (19,5%) عبارة عن خليط من نفايات ملوثة وآلات حادة. وعليه، فان إجمالي نفايات المستشفيات المنتجة في لبنان هو نحو 46 طناً في اليوم، منها نحو 9 أطنان تعتبر خطرة.
دلت دراسة MRE على أن أربعة أو خمسة مستشفيات فقط تفرز نفاياتها، إنما ليس بطريقة كاملة. أما المستشفيات الاخرى فتدمج نفاياتها الخطرة مع الاخرى العادية لترمى في مكبات النفايات البلدية. اما دراسة الدكتورة كرم فأظهرت ما يأتي: 75% من المستشفيات تجهل كمية النفايات التي تنتجها يومياً. 67% تحاول معالجة نفاياتها بمبادرة خاصة منها. 23% تهمل معالجة نفاياتها. 93% لا ترصد ميزانية لمعالجة نفاياتها. 7% فقط تلحظ ميزانية تراوح بين 300 و500005 دولار شهرياً. 73 مستشفى تفرز نفاياتها المعدية (لكن الدراسة أظهرت ان قواعد عمليات الفرز هي في أكثر الاحيان غير واضحة). 19% لا تفرز نفاياتها الملوثة. 8% تعتبر أن فرز النفايات ليس مسألة مهمة. 67% تهتم بفصل الآلات الحادة عن بقية النفايات. 36% تفرز الادوية المنتهية الصلاحية من نفاياتها. 40% لا تلحظ أماكن مخصصة لتخزين النفايات الخطرة. 59% لا تملك عربات لنقل النفايات داخل المستشفى. 75% تتخلص من نفاياتها بطريقة عشوائية وغير سليمة.
في المقابل، قدرت نقابة أصحاب المستشفيات الخاصة الكمية القصوى لنفاياتها بأقل من 3,5 كيلوغرام يومياً للسرير المشغول. وأفاد النقيب جوزف عضيمي أن في لبنان 9000 سرير مشغول من أصل 12500 سرير، فيصبح الرقم 30,5 طناً يومياً. وأضاف: «من هذا الرقم هناك 95% نفايات عادية، و5% نفايات خطرة أي 1,5 طن يوميا».
فأي أرقام يجدر تصديقها؟
أي معالجة
طرحت دراسة MRE امام الحكومة اللبنانية عدة خيارات لمعالجة النفايات الطبية الخطرة، وهي: التعقيم البخاري في درجة حرارة مرتفعة جداً (autoclaving)، والطمر الصحي، والمعالجة بالموجات الصغرى أو الميكروويف (microwaving) وهي تقنية تستخدم الطاقة الاشعاعية لرفع حرارة الماء الذي يتم رشه على النفايات وعندما يبلغ درجة الغليان تغلي معه الجراثيم وتموت، والحرق في محارق حديثة ومتطورة. واستبعدت الدراسة جدوى الطمر والتعقيم البخاري باعتبارهما قاصرين عن تدمير بعض الجراثيم، واقترحت إنشاء محرقة مركزية في لبنان.
ويبدو أن الدولة حسمت خيارها وقررت الشروع في هذا الحل. وفي المدة الأخيرة جاءت موافقة أطراف معنية على المحرقة: وزارة البيئة، وزارة الصحة، مجلس الانماء والاعمار، وزارة الشؤون البلدية والقروية (قبل ضمها الى وزارة الداخلية). وينتظر تمويل تكاليف المحرقة من ضمن قرض من البنك الدولي. واجتمع خبراء من شركة MRE اجتمعوا مع مدير عام وزارة البيئة بيرج هاتجيان وتم اختيار أربعة أماكن مفترضة للمحرقة، على أن تجرى عليها دراسة الأثر البيئي ويتم اختيار الاصلح. وتحفظت الوزارة على البوح بهذه المواقع خوفاً من ارتفاع صرخات الاحتجاج والرفض السياسية والشعبية. لكنها زودت خبراء الشركة بخرائط جوية تساعدهم على دراسة الأثر البيئي وتقدير الانعكاسات المترتبة عن انشاء المحرقة على عناصر البيئة المحيطة.
ويحدد الخبير ناجي قديح عدداً من العوامل التي يجب أخذها في الاعتبار لدى دراسة الأثر البيئي. فمن المفروض أن يكون الموقع بعيداً 1000 متر على الأقل عن أقرب تجمع سكني، وفي منطقة خالية من النشاط الاقتصادي المتعلق بالسلسلة الغذائية للانسان. والمناطق الزراعية أو الرعوية مرفوضة بالمطلق، وكذلك المناطق القريبة من المياه الجوفية. ومن المهم جداً التنبة الى الظروف المناخية، ولا سيما حركة الرياح المسيطرة لمعرفة ما اذا كانت تؤدي الى مناطق سكنية، حتى لو كانت المسافة بعيدة.
وينتقد عضيمي الضجة المثارة حول خطورة نفايات المستشفيات، قائلاً ان من الاصح الحديث عن «تلوث نفسي» وليس عن تلوث طبي. ويحدد رأي نقابته في الحرق، فيقول ان 75% من النفايات الخطرة يمكن أن تعقم وتصبح نفايات عادية، ويبقى الربع بحاجة الى حرق. أما المواد المشعة فتعلَّب باحكام وتخزن حيث يبطل ضررها مع مرور الزمن. ويركز على أن كل عمل جماعي فيه كلفة أقل.
وفي وزارة البيئة، قال المسؤول عن ملف النفايات الطبية حنا أبو حبيب ان وزارةالشؤون البلدية والقروية كانت آخر من أعطى رأيه في المحرقة ووافق عليها بعد ثمانية أشهر. وفي حزيران (يونيو) 1999 أبدت وزارة البيئة رأيها في الموضوع مؤكدة أن المحرقة يجب أن تعمل على 1200 درجة مئوية وليس 800 درجة فقط، مع معالجة جميع أنواع النفايات الطبية ما عدا الآتية: النفايات التي تحوي معادن ثقيلة، النفايات المشعة، بلاستيك الـCVP، و العبوات المضغوطة ما لم تكسَّر وما لم تكن ملوثة. وترى وزارة البيئة أن المحرقة هي الحل الأفضل في حال كان الحرق وفق الاصول.
أما منظمة «غرينبيس» فترفض فكرة المحارق من أساسها. وهي تتهم البنك الدولي بأنه يروِّج للوسائل الملوثة من خلال تمويله إقامة المحرقة.
في لبنان، تملك أربعة مستشفيات كبرى محارق لنفاياتها الطبية، وهي مستشفى الجامعة الاميركية ومستشفى أوتيل ديو (بيروت) ومستشفى سيدة المعونات (جبيل) ومركز علاج العين والاذن (النقاش). أما المستشفيات الباقية فترمي نفاياتها عشوائياً مع النفايات المنزلية التي تتولى الشركة المكلفة جمع نفايات العاصمة وجبل لبنان رميها في مكب الناعمة. وأما نفايات مستشفيات المناطق فترمى في مكبات النفايات البلدية أيضاً.
والمحارق الموجودة تعمل منذ عشرات السنين في أسوأ الشروط الصحية والبيئية، بين الاحياء السكنية، ناشرة السموم والامراض المزمنة والقاتلة (كالسرطان) في الجوار. ومؤخراً ارتفعت الصرخة على محرقة مستشفى الجامعة الاميركية في رأس بيروت، ووصلت الامور الى القضاء اللبناني، مما أرغم ادارة المستشفى على القبول باجراء تحليل لعينة من السخام المتولد عن المحرقة. وقام بالتحليل الخبير المحلف في الهندسة الكيميائية رمزي حامد، الذي وضع تقريراً هو الأول من نوعه في لبنان عن مخاطر وآثار المحارق. وقد أوضح مهندس الصيانة عند استجوابه أن ما يحرق هو نفايات طبية، مثل القطن والإبر وأكياس المصل مع عدتها وأنابيب فحص المختبر والضمادات والمستوعبات الزجاجية والبلاستيكية، أما الأعضاء البشرية فيتم حرقها في محرقة خاصة لكن لها المدخنة ذاتها. واعترف بعدم وجود فلتر للمحرقة، اذ يتم فقط رش الدخان بالمياه. وكشف الخبير على منزل المهندس رجا شبشب الذي قال إن «درابزين» واسمنت شرفة منزله تأكلا نتيجة المطر الحمضي المنبعث من محرقة المستشفى التي لا تبعد سوى 35 متراً. ويؤكد المحامي منير شحادة، بوكالته عن عدد من المتضررين صحياً من آل ناصيف وبيطار، أن معدلات الوفاة والأمراض في محيط مستشفى الجامعة عالية جداً، خصوصاً حالات السرطان التي أصيب بها أشخاص كانوا يعملون بالقرب من الجهة الواقعة جنوب المستشفى حيث المحرقة.
أما محرقة مستشفى اوتيل ديو فضررها شبيه بضرر محرقة مستشفى الجامعة الاميركية، نظراً لأن الوظائف والمواد المحروقة متشابهة. ويقول عفيف مخايل نخلة الساكن في جوار المحرقة: «زائرنا الدائم هو نفناف السخام الأسود والروائح التي لا تُطاق»، ويشير الى زوجة نعمة أبو جودة العائدة لتوها من طبيب المعدة حاملة كيساً من الأدوية. لقد رفع الاهالي شكوى ضد المستشفى لدى النيابة العامة الاستئنافية في بيروت، وأجريت تحقيقات، وأحيلت الشكوى على المفرزة القضائية في أواخر 1999. واستمعت المفرزة الى عدد من السكان، ولم تعرف النتيجة بعد.
وتزامناً مع إحياء مشروع الدولة للمحرقة المركزية، يسير مستشفى الجامعة الاميركية في مشروع آخر لحل مشكلة النفايات الطبية، بالاشتراك مع ثلاثة مستشفيات في بيروت هي المقاصد والروم وأوتيل ديو. وتم وضع دفتر شروط وطرحت مناقصة لاستدراج العروض من دون تحديد نمط المعالجة. وتُقدّر المستشفيات الاربعة حجم نفاياتها اليومية بـ2000 كيلوغرام باعتبار أن كل سرير مشغول ينتج ثلاثة كيلوغرامات يومياً. ويوضح زياد كامل، الذي يتابع الموضوع عن مستشفى الروم، أن في شروط العرض بنداً ينص على أن المستشفيات الاربعة ستكون في حل من أمرها مع الشركة الملتزمة في حال باشرت الدولة مشروع المحرقة المركزية وهذا في الحقيقة شرط تعجيزي، اذ لا يتوقع أن تقدم أي شركة على مغامرة كهذه. ويرى بعضهم أن ادارة مستشفى الجامعة الاميركية قصدت من طرح المشروع الرباعي تسويق محرقتها التي أقامتها مؤخراً في منطقة البقاع، وأن استدراج العروض هو اجراء شكلي، إذ بعد انتهاء المدة المطروحة لتقديم العروض (آخر تشرين الثاني / نوفمبر الماضي) يمكن أن تطرح الجامعة الاميركية اقتراح الاعتماد على محرقتها ما دامت موجودة وجاهزة للاستعمال. ولكن ليس هناك أمر أكيد في ظل الجدل والمشاكل الكبيرة والاعتراضات الشعبية والسياسية والقانونية على محرقة البقاع.
لقد طرح موضوع النفايات الطبية في اطار التداول منذ سنوات، ورست الحكومة أخيراً على شاطئ المحرقة المركزية، وقطعت الدراسة شوطاً كبيراً حتى تم إقرارها، وما زال أمامها شوط طويل آخر لكي تترجم على الأرض. والواقع أنه ما كادت رائحة «نيَّة» المباشرة تفوح حتى استشعرتها أنوف الشركات العالمية، فحضرت الى وزارة البيئة بطريقة غير رسمية عبر وكلاء محليين لاستطلاع الاجواء. وأول ما سألت عنه الاطار التشريعي الذي يضمن استثماراتها. واذا كانت المحرقة هي الخيار الاوفر حظاً حالياً، فان الحل النهائي يجب أن يأخذ في الاعتبار إيجاد خطة شاملة لادارة النفايات الخطرة ككل.
 
كادر
الديوكسين والزئبق سمّان منبعثان من محارق النفايات الطبية
الديوكسين: يضعف المناعة ويعوق نمو الدماغ
يشكل حرق النفايات الطبية، وفق الوكالة الأميركية لحماية البيئة، أحد أهم مصادر الديوكسين. والديوكسين هو الاسم الشائع لمجموعة من 75 مادة كيميائية، ولا استعمال تجارياً له. إنها مواد سامة تتكون عند حرق النفايات التي تحوي الكلور (أو أثناء تصنيع المنتجات التي تحوي الكلور). ويشكل بلاستيك الـ CVP  المصدر الأساسي للكلور في النفايات الطبية.
ينتقل الديوكسين في الهواء ويدخل السلسلة الغذائية في مناطق بعيدة عن مكان إصداره. وتعتبر اللحوم ومشتقات الحليب والبيض والأسماك المواد الغذائية الأساسية التي ينتقل الديوكسين عبرها، وهي الوسيلة الأبرز (90 في المئة) لتعرض الإنسان لهذه المادة. ويتراكم الديوكسين في الأنسجة الدهنية. وبسبب النسبة المرتفعة من الدهون في حليب الأم يتعرض الأطفال الرضع للديوكسين خمسين مرة أكثر من الراشدين، وقد يحصلون خلال فترة الرضاعة على أكثر من 01 في المئة من نسبة ما يتعرضون إليه من الديوكسين خلال حياتهم بكاملها.
يسبب الديوكسين السرطان لدى الإنسان، وفقاً للوكالة الدولية لأبحاث السرطان. وتم ربط تأثيره بسرطان الكبد والرئة والمعدة والأنسجة الرقيقة والضامة، بالإضافة إلى الورم اللمفاوي. ويؤدي التعرض بنسب صغيرة للديوكسين إلى ضعف المقاومة ضد الأمراض التي تسببها البكتيريا والفيروسات والطفيليات.
يؤدي تعرض الحيوانات للديوكسين إلى إضعاف الخصوبة وتقليص عدد الجراء في البطن الواحد وعدم إكمال فترة الحمل الطبيعية. أما تعرض المرأة الحامل فقد يؤدي إلى ولادة  أطفال يعانون من تقلص مستويات هورمون التستوستيرون الذكري وتناقص أعداد الحيوانات المنوية، بالإضافة إلى عاهات خلقية ومشاكل في التعلم. وتعرض الأطفال الرضع لنسب مرتفعة من الديوكسين من حليب الأم يؤدي إلى خفض هورمون الغدة الدرقية الضروري لنمو طبيعي للدماغ. وتبين أن تعرض الرجال للديوكسين مرتبط بخفض نسبة جنس الأطفال لصالح الفتيات على حساب الصبيان في نسلهم، ويستمر أثره عدة سنوات بعد تعرضهم للديوكسين. ويعمل الديوكسين كالهورمون، ويخل بالنشاط الجيني في الخلايا.
الزئبق: يضرب الجهاز العصبي ويؤذي الكليتين والرئتين
يشكل حرق النفايات الطبية أيضاً مصدراً أساسياً للتلوث بالزئبق. والزئبق من المعادن الثقيلة الموجودة في الطبقات الأرضية. وفي المجال الطبي يتم استخدامه في ميازين الحرارة وآلات قياس ضغط الدم وأنابيب التوسيع والتغذية، بالإضافة إلى البطاريات والمصابيح الفلورية. وحيث أن استعمال هذه الأدوات كبير، فان النفايات الطبية تحوي 20 في المئة من كمية الزئبق الموجودة في مجموع النفايات الصلبة.
الحرق لا يدمر الزئبق. فبعد انبعاثه من المدخنة يسقط على الأرض أو المجمعات المائية حيث يبقى إلى أجل غير مسمى. ويتواجد الزئبق بشكل غير عضوي (الزئبق الأولي) وبشكل عضوي يعرف بزئبق الميثيل. وقد تُحول العضويات الدقيقة، كالبكتيريا، الزئبق الأولي إلى زئبق الميثيل، المتوافر بشكل أكبر بيولوجياً، أي أنه يتفاعل مع الخلايا البشرية ويلحق الضرر بها. والتلوث بالزئبق واسع الانتشار في البيئة، ويتركز في الحيوانات، وأخيراً في جسم الإنسان. وهو يهدد موارد البلد الغذائية وخاصة السمكية.
ويؤدي الزئبق إلى التسمم العصبي، فيضرب الجهاز العصبي المركزي في الجسم، كما قد يضر بالدماغ والكليتين والرئتين. وبإمكانه اختراق الحاجز الدموي الدماغي والغشاء الجنيني (المشيمة). ويخترق زئبق الميثيل الموجود في السمك الملوث الغشاء الجنيني بسهولة ويدخل دماغ الجنين النامي. ان تعرض الجنين لزئبق الميثيل خلال فترة الحمل له تأثير سلبي يعرف بالتأخر النفسي الحركي.
من تقرير لـ «غرينبيس»
 
كادر
الايدز وأخطار المهنة
عام 1992، اكتشفت في فرنسا ثماني إصابات مهنيّة بفيروس نقص المناعة المكتسب (الايدز). وفي اثنتين منها انتقلت العدوى من خلال جروح أصابت عاملين لجمع النفايات.
وفي حزيران (يونيو) 1994، سجلت في الولايات المتحدة 39 إصابة مهنيّة بفيروس الايدز: 32 إصابة من جروح سببتها إبر تحت الجلد، إصابة من جرح سببته شفرة، إصابة من جرح سببته شظية زجاج من أنبوب يحتوي دماً ملوثاً، إصابة من ملامسة أداة ملوثة غير حادة، 4 إصابات من تعرض الجلد أو الأغشية المخاطية لدم مصاب. وكانت كل الإصابات في صفوف الممرضين والأطباء وتقنيي المختبرات.
 
كادر
النفايات الطبية في سورية: 3600 طن سنوياً في انتظار خطة وطنية
دمشق ـ من نائلة علي
ارتبطت النفايات الطبية في سورية بالنفايات العامة. ويتم التعامل مع ترحيلها وحرقها بالاسلوب نفسه، باستثناء دمشق التي تفرز فيها النفايات الطبية وترحل بواسطة سيارات للنظافة ذات لون موحد، لتمييزها عن غيرها من سيارات النظافة الأخرى، الى محرقة في الجارونية بريف دمشق حيث تحرق في حرارة من 800 درجة مئوية. أما في بقية المحافظات فتجمع وترحل من دون فرز في سيارات النظافة العائدة للبلديات، وتحرق في مكبات مفتوحة أو تعالج في معامل القمامة في المدن. وفي الحالات كلها تكون درجة الحرق غير آمنة، لأنها لا تصل الى الحرارة المطلوبة وهي 1200 درجة مئوية بحسب منظمة الصحة العالمية.
يوجد في سورية، وفق إحصاءات وزارة الصحة للعام 1997، 325 مستشفى تضم 21 ألف سرير تفرز يومياً نحو عشرة أطنان من النفايات الطبية الخطرة (كل سرير نحو نصف كيلوغرام يومياً) لتصل هذه النفايات الى نحو 3600 طن سنوياً. يضاف اليها خمسة أمثالها من النفايات الطبية غير الخطرة، فيصبح المجموع 18 ألف طن، فضلاً عن نفايات المستوصفات والمراكز الطبية والعيادات التخصصية. وتشمل النفايات الطبية الخطرة الأنسجة والأعضاء البشرية والأطراف المبتورة والغيارات الملوثة والنفايات الكيميائية والأدوات الحادة. وتتوزع أكبر المستشفيات عدداً وأهمية كما يأتي: في دمشق 42 مستشفى عدد أسرتها 7200، وفي حلب 78 مستشفى عدد أسرتها 3500، وفي ريف دمشق 18 مستشفى، والبقية 187 مستشفى تتوزع في المحافظات الأخرى. ويوضح هذا التوزع حجم المشكلة في المحافظات الثلاث والمعاناة البيئية والصحية من التلوث الذي تسببه. فمن أصل هذه المستشفيات كلها هناك 14 مستشفى فقط تقوم بحرق النفايات الطبية فيها، وواحد فقط يعدّ حرقه نظامياً هو مشفى الأسد الجامعي، أما البقية فيتولى حرق نفاياتها عمال عاديون في شروط غير نظامية.
النفايات الطبية هرم متكامل، من الفرز في المستشفى الى الترحيل الى الحرق أو الترميد، وهذا ما تفتقر اليه غالبية المستشفيات السورية وما ينبغي التقيد به. وهناك تفاوت في التعامل مع هذا الأمر. فمستشفيات القطاع الخاص، التي تزيد لديها النفايات الخطرة وغير الخطرة بنسبة 30 في المئة عن مستشفيات القطاع العام نتيجة العناية الطبية ومستوى الخدمة المأجورة التي تقدمها، تتعامل بشكل أفضل مع النفايات الطبية من حيث الفرز والترحيل ووضع الحاويات في أماكن غير منظورة، في حين تبقى الحاويات في بعض مستشفيات القطاع العام في دمشق وبعض مستشفيات القطاعين العام والخاص في المحافظات عرضة لنبش الصبية المحترفين بحثاً عن الفوارغ البلاستيكية والزجاجية التي يجمعونها لمعامل البلاستيك والزجاج لقاء أجور متدنية غير آبهين لمخاطر العدوى، أو لقلة وعيهم بخطر ما يفعلون على صحتهم. كما تبقى هذه الحاويات عرضة لنبش الكلاب والقطط الشاردة بحثاً عن بقايا الطعام، فتبعثر النفايات خارج الحاويات وينتقل تلوثها الى الهواء والتربة المجاورة، فضلاً عن تكاثر الذباب والبعوض والحشرات الاخرى والقوارض التي تنقل التلوث من الحاويات الى كل مكان تصله.
وتقول المهندسة وديعة جحا رئيسة دائرة البيئة في محافظة دمشق: «ان عدم استعمال الطرق العلمية والسليمة للتخلص من النفايات الطبية يؤدي الى زيادة الخطر على الصحة العامة والبيئة، نظراً لاحتوائها على الإبر والحقن الطبية المستعملة ومركبات كيميائية، وتلوثها بفيروسات الأمراض المعدية كالأيدز والتهاب الكبد وغيرها، اذ ان هذه الفيروسات تقاوم الظروف البيئية وتبقى حية في الإبر حتى بعد ثمانية أيام من رميها».
وإذ ترحل النفايات الطبية في دمشق يومياً بسيارات النظافة العامة التي لا تتوافر فيها الشروط المناسبة، فإن المحافظات الأخرى لا ترحلها من مستشفياتها يومياً، بل كل عدة أيام، الى معامل القمامة أو المكبات المفتوحة لتختلط النفايات الخطرة بالقمامة مسببة تلوثها وزيادة حجم القمامة الملوثة وحجم التلوث البيئي. وتكمن مشكلة النفايات الطبية البيئية والصحية في اسلوب التعامل معها. فحرقها غير الآمن تحت 800 درجة مئوية في المستشفيات وفي أماكن تجميع القمامة تنتج عنه انبعاثات الديوكسين المسرطنة وتنتشر في الهواء لمسافات بعيدة مسببة أذيات صحية لعمال الحرق والنظافة وسائقي سيارات النظافة والقاطنين قريباً من المكبات. كما ان هطول الامطار على المكبات المفتوحة وعلى الحاويات ينقل التلوث الى التربة والمياه الجوفية.
والى النفايات الطبية الصلبة، هناك مخاطر النفايات الطبية السائلة التي يتم التخلص منها غالباً عبر الصرف الصحي للمستشفيات التي ترتبط بشبكة الصرف الصحي للمدن السورية. ويتركز التلويث الخطر بشكل خاص في تصريفات المستشفيات النوعية مثل مشفى الطب النووي في دمشق. والخطورة هنا تتأتى من استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في ري المزروعات والأشجار المثمرة مسببة تلوثها وانتقال التلوث الى كل من يتناولها، علماً أن الدول المتقدمة لا تسمح باستخدام المياه المعالجة للري الا للزراعات الصناعية مثل القطن وتحرم استخدامها لري الزراعات التي تؤكل نيئة. وفي المحافظات التي لا تتوافر فيها محطات معالجة، تصرف مياه الصرف الصحي في الانهار أو البحر أو الاراضي مسببة التلوث أيضاً.
إزاء حجم هذه المشكلة، غير المنظورة بشكل واضح إلا للجسم الطبي وللمعنيين بالبيئة، كانت هناك مبادرات وجهود لايجاد طرق تعامل نظامية آمنة مع النفايات الطبية. وهي أثمرت عن إنجاز المرحلة الأولى من الخطة الوطنية المتكاملة لادارة النفايات الطبية التي مولها الاتحاد الاوروبي، وشاركت فيها وزارات البيئة والصحة والادارة المحلية والتعليم العالي والدفاع والعمل والداخلية وجهات أخرى، وبدأ العمل فيها منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 1997 الى آب (اغسطس) 1999. وهي دراسة ميدانية متكاملة شملت الجهات المولدة للنفايات الطبية والجهات التي تتعامل معها والجهات التي تعالجها. وكانت مشاركة الأطراف المعنية فاعلة لجهة إنجازها وتحديد حجم النفايات الطبية ووضعها جغرافياً. لكنها منذ انتهائها قبل سنة ونصف سنة لا تزال دراسة تنتظر المرحلة الثانية، وهي تحديد تكنولوجيا الادارة المناسبة وتقييم أثرها البيئي، لتأتي بعد ذلك المرحلة الثالثة وهي تنفيذ العمل. وحتى يتم ذلك ستبقى مشكلة النفايات الطبية خطراً صحياً وبيئياً يزداد يوماً بعد يوم، نظراً للتوسع في الخدمات الطبية والمستشفيات والمراكز الصحية.
 
كادر
احراق النفايات الطبية في مستشفى الجامعة الأميركية
كشفت ادارة مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت معلومات مفصلة حول كيفية إحراقها لنفاياتها الطبية، ضمن تقرير رسمي رفعته الى الخبير الكيميائي المحلف رمزي حامد. وجاء في التقرير:
1. يتم تجميع النفايات في المستشفى بحسب تصنيفها، بحيث توضع النفايات العادية في غرف المرضى داخل أكياس بلون أصفر. أما النفايات العادية القادمة من المطبخ فتوضع داخل أكياس بلون أسود، ويتم نقلها خارج المستشفى ثلاث مرات في اليوم، وتوضع في مستوعب ضخم في حرم الجامعة، بحيث تأتي شاحنة خاصة لشركة «سوكلين» وتجمعها كل يوم وفي ساعة معينة (حوالى العاشرة صباحاً). والنفايات الطبية هي كناية عن: حناجير أدوية بلاستيكية أو زجاجية، قناني أدوية زجاجية، إبر، ضمادات، شاش.
2. يأتي موظف من دائرة التدبير المنزلي ويجمع الأكياس الصفراء ويضعها في كيس أصفر كبير داخل مستوعب بلاستيكي مزود بدواليب وله غطاء يغلق بإحكام، بعد أن ينتهي من تجميع الأكياس الصفراء من الطابق.
3. بعد ذلك يتوجه الموظف مع المستوعب المغلق نحو مصعد مخصص لنقل النفايات فقط، وينزل الى الطابق تحت السفلي، وهناك يتوجه نحو غرفة المحرقة. ويتم تجميع هذه الأكياس من قبل الموظفين المعيَّنين على مختلف الطوابق داخل غرفة المحرقة إبتداء من العاشرة والنصف صباحاً. وفي المساء يكون التجميع قد تم من كل أنحاء المستشفى. عندئذ تبدأ عملية الحرق.
4. عند الانتهاء من تفريغ المستوعب المخصص لنقل النفايات الطبية، يتوجه الموظف التابع لدائرة التدبير المنزلي الى مصعد آخر مخصص للشحن، ويصعد الى الطابق الثاني حيث توجد غرفة مخصصة لتنظيف المستوعبات بالماء المغلي.
5. قبل بدء الحرق يتم تنظيف داخل المحرقة من الرماد المتراكم نتيجة الحرق في اليوم السابق. يوضع الرماد المنطفئ داخل علب كرتونية، وتوضع العلب داخل أكياس سوداء كبيرة ليتم رميها مع النفايات العادية، وذلك لأنها أصبحت مصنفة هكذا بعد الحرق.
6. بعد تنظيف داخل المحرقة جيداً تبدأ عملية التحضير للحرق، وذلك عبر تحمية المحرقة لمدة قصيرة لا تتجاوز العشرين دقيقة. يستعمل الغاز المنزلي.
7. يتم الحرق بوضع عدد معين من الأكياس الصفراء (عادة واحد أو اثنان فقط لكي يتم الحرق كلياً) داخل المحرقة.
8. لمنع خروج أي قطع صغيرة مشتعلة مع الدخان، يتم «غسلها» بواسطة مرشات ماء موجودة في غرفة الدخان وقبل دخول الدخان الى الداخون (المدخنة).
9. الداخون هو عبارة عن أنبوب معدني مستدير بقطر 75 سنتيمتراً، مزود بعازل حراري إسمنتي بسماكة 7,5 سنتيمترات، أي يكون القطر الصافي لتسرب الدخان 60 سنتيمتراً والعلو الصافي للداخون حوالى 52 متراً.
10. عند الانتهاء من الحرق والتأكد من أن كل شيء داخل المحرقة قد احترق وأن ألسنة النار تلاشت، تترك أبواب المحرقة مفتوحة ويوقف تشغيل مرشات الماء ويترك كل شيء لليوم التالي. وهنا يعود الموظف الى البند الخامس أعلاه ويبدأ العملية من جديد.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.