يعتبر إقرار قانون البيئة العام في لبنان إنجازاً، ولو استمر مخاضه العسير ما يقارب التسع سنوات. أما تطبيقه فيتطلب صدور مراسيم تطبيقية عديدة، وآمل ألا تستغرق ولادتها هذه المدة.
التشريعات التي تحمي البيئة، والسابقة للقانون الجديد، الا أن أهميته في أنه وضعها جميعها ضمن اطار عام موحد متكامل وشامل. ومن أهم ايجابياته:
أولاً: باعتماده صراحةً المبادئ العامة لحماية البيئة التي أقرها اعلان "ريو"، كالاحتراس والعمل الوقائي والمشاركة ومبدأ "الملوث يدفع"، فتح الباب واسعاً أمام الاجتهاد القضائي في حالات الالتباس في النصوص أو النواقص في القوانين أو حدوث مستجدات لم تلحظها التشريعات القائمة. ويبقى نقص هام فيه أنه لم ينصّ صراحة على اعتبار حماية البيئة من الامور التي تتعلق بالانتظام العام لاعطائه دفعاً أكبر وشمولية أعمق، لا سيما وأن الدستور اللبناني لم ينصّ كغيره من الدساتير الحديثة على ذلك.
ثانياً: باعتماده التخطيط البيئي وانشاء مجلس وطني للبيئة وصندوق وطني للبيئة والتدابير الاحترازية وتقييم الاثر البيئي وغيرها، أرسى أسساً سياسية بيئية شاملة ومتكاملة. الا أنه أغفل وجوب إخضاع التشريعات التي لها تأثير على البيئة لتقييم الاثر البيئي. أما المجلس الوطني للبيئة فليس بالجديد، فقد نصت عليه القوانين السابقة لاحداث وزارة البيئة. ولكنه لم يرَ النور رغم مرور العديد من السنوات وتبدّل العديد من الوزراء. والسبب هو الخوف دوماً من الرقابة والمشاركة. وأملي أن تكون هذه الاسباب زالت.
أما بالنسبة لتنفيذ هذا القانون، فهو يستدعي مزيداً من المهمات والالتزامات من قبل وزارة البيئة، وبالتالي مزيداً من الانفاق. فبدلاً من مضاعفة ميزانية الوزارة ـ وهي حالياً زهيدة ـ أقدمت الحكومة على تخفيضها ما يقارب النصف. وهذه حجة اضافية لعدم تطبيق القانون، فيصاب بالنعاس كغيره من القوانين.
يقول الكاتب الروسي بوشكين: "ويل للأوطان عندما يصاب القانون بالنعاس ويدخل النسيان". وبنظرة عامة الى القوانين، ومنها هذا القانون، لا ننسَ قول المفكر الفرنسي مونتسكيو: "في كل قانون شيء جيد، ولكن العبرة في التنفيذ".
رئيس لجنة البيئة في نقابة المحامين في بيروت
|