Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
"البيئة والتنمية" (طوكيو وبيروت) تسونامي!  
تشرين الثاني (نوفمبر) 2002 / عدد 56
 جدار مائي بارتفاع مئة متر يندفع في البحر بسرعة مريعة ليجتاح ميناء سيدني أو... شاطئ بيروت! هذا ليس بأمر مستحيلاً، فقد تكرر حدوث أمواج التسونامي العملاقة أكثر مما سجَّله العلم الحديث. وليس هناك ساحل في العالم بمأمن منها.
التسونامي كلمة يابانية تعني "موجة المرافئ". وتنتج هذه الظاهرة عن ارتفاع أو هبوط مفاجئ في قاع البحر، أو انهيار أرضي هائل أو انفجار بركاني تحت الماء. فعندما يرفع زلزالٌ قاع البحر أو يخفضه، يزيح الماء في المنطقة المتأثرة، فتحدث أمواج تنطلق بسرعة قد تبلغ 1000 كيلومتر في الساعة. وقد لا يتعدى ارتفاعها مترين وهي تعبر البحر أو المحيط، لذا يصعب اكتشافها. وعندما تقترب من البر يتباطأ أسفلها زاحفاً على القاع الذي يزداد ضحالة، لكن أعلى الموجة يواصل اندفاعه بكامل سرعته، وعندما تصبح تضاريس قاع البحر مؤاتية، يمكن أن ترتفع عشرات الأمتار. وأعلى تسونامي سجلت بلغ ارتفاعها 84 متراً واجتاحت جزر ريوكيو جنوب اليابان عام 1971.
ولأن الأراضي القريبة من المحيط الهادئ تتعرض لأقوى الزلازل والانفجارات البركانية في العالم، فان خطر التسونامي كبير بنوع خاص على سواحل ألا سكا وروسيا واليابان والفيليبين وإندونيسيا والسواحل الغربية لأميركا الوسطى والجنوبية. وخلال الألفي سنة المنصرمة، قتلت أمواج التسونامي 462,597 شخصاً في منطقة المحيط الهادئ وحدها، بحسب ما جمعه العلماء من سجلات. وحدث معظم الوفيات في الجزر اليابانية.
من أهم الأحداث المسجلة لهذه الظاهرة زلزال لشبونة في البرتغال عام 1755، الذي قيل إنه أحدث موجة ارتفاعها 13,5 متراً دمرت ميناء المدينة وسببت خراباً واسع النطاق في جنوب غرب اسبانيا وغرب المغرب وحتى في منطقة الكاريبي عبر المحيط الاطلسي. وفي يوليو (تموز) 1993 أحدث زلزال في بحر اليابان موجة عاتية اكتسحت الشمال الغربي لليابان وقتلت أكثر من 120 شخصاً. وفي حزيران (يونيو) 1994 وقع زلزال في المحيط الهندي قبالة ساحل جاوا، فأحدث موجة تسونامي أهلكت أكثر من 200 شخص. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) من تلك السنة ضرب زلزال جزيرة ميندورو في الفيليبين، فارتفعت مياه البحر جداراً بعلو ستة أمتار اكتسح شاطئ الجزيرة مدمراً البيوت ومغرقاً 41 شخصاً معظمهم أطفال وشيوخ. ولعل آخر تسونامي قاتلة سجلت في البيرو في حزيران (يونيو) 2001 نتيجة زلزال بقوة 8,3 درجات تسبب في موجة بارتفاع خمسة أمتار أغرقت 50 شخصاً.
في نيسان (ابريل) 1946 حدث زلزال بقوة 7,2 درجات على مقياس ريختر جنوب جزيرة يونيماك في ألاسكا، فأحدث أمواج تسونامي ارتفعت بين 6 و10 أمتار، بلغت ميناء هيلو في هاواي على بعد 4250 كيلومتراً من مركز الزلزال، ودمرت الواجهة البحرية واكتسحت المنطقة التجارية وأغرقت 159 شخصاً. وعلى أثر هذه الحادثة أنشأ العلماء مركز الانذار من التسونامي ومقره في هونولولو. وهو متصل بشبكة من محطات رصد الزلازل وقياس الموج في المحيط الهادئ. وخلال 30 الى 40 دقيقة من حدوث زلزال قادر على تسبيب تسونامي، يصدر المركز إنذاراً ويحدد وقتاً تقديرياً لوصول الموجة.
نار في السماء
العلم الحديث يربط حدوث التسونامي بالزلازل. ومعظم البلدان تعتقد أنها محصنة منها. لكن، في كتابه "التسونامي خطر أسيء تقديره"، يقول إدوارد بريانت رئيس قسم الجيولوجيا في جامعة ولونغونغ الاوسترالية، إن الانهيارات الأرضية في قاع البحر والانفجارات البركانية البحرية، وحتى السيناريو الكارثي المحتمل لاصطدام نيزك بالأرض، يجب أن تؤخذ في الاعتبار لدى تقييم خطر حدوث التسونامي. ومن هذا المنطلق، فان موجة مدمرة تتحرك بسرعة 225 متراً في الثانية في مياه عميقة، و78 متراً في الثانية عبر الاجراف القارية، و9 أمتار في الثانية على الشاطئ، يمكن ان تضرب مدناً ساحلية غير محمية في أي مكان فتقتل ألوف الناس.
درس بريانت عام 1989 طبقات المسطحات الصخرية والحواجز الرملية على ساحل مقاطعة نيو ساوث ويلز في شرق اوستراليا، حيث لاحظ شيئاً غريباً: صخور عملاقة، بعضها بحجم صندوق شاحنة وتزن الواحدة نحو 100 طن، كانت متراصة على ارتفاع 30 متراً فوق سطح البحر داخل صدع في أعلى مسطح صخري محمي من أمواج العواصف. كما وجد كثباناً حصوية على لسان بحري ارتفاعه 120 متراً، وصخوراً ضخمة أخرى على بعد أكثر من 100 متر داخل البر. ثم تفحص واجهات صخرية أصابها تأكل شديد، فوجد فيها ألسنة بحرية نحتت على شكل فراشي أسنان مقلوبة ومقعَّرة، تنتشر من ميناء كيرنز في أقصى الشمال الشرقي الى ولاية فيكتوريا في الجنوب. وهذا لا يمكن تفسيره بفعل تكسر أمواج عادية أو عواصف، "لكن قد تكون أمواج التسونامي فعلت هذا" بحسب قوله.
تذكر بريانت أسطورة يتناقلها سكان اوستراليا الأصليون (الابوريجينز) تروي كيف انهار أحد الأعمدة الأربعة التي تحمل السماء وانهار معه البحر، ورواية يتداولها شعب الماوري في نيوزيلندا عن نار في السماء أحرقت الأرض حتى أحالتها قشرة هشة، وأسطورة لشعب كوينايشتشات في شمال غرب الولايات المتحدة على المحيط الهادئ عن ارتعاد للأرض انحسرت معه مياه البحر ثم عادت بشكل جدار هائل.
وباستخدام تقنيات تحديد الزمن الجيولوجي، وجد بريانت أدلة على أن شرق اوستراليا ضربته تسونامي ضخمة قرابة العام 1500، تزامنت مع حكاية السكان الاصليين حول "موجة بيضاء جبارة"، وربما كانت روايتهم عن "نار في السماء" تعني نيزكاً سقط في جنوب بحر تسمان وقد يكون السبب. وتشير دلائل التأريخ العلمي بنظائر الكربون الى أن حريقاً ضخماً اجتاح نيوزيلندا في الوقت ذاته، مما يعزز نظرية النيزك. ولا تفترض النماذج الكومبيوترية أن يكون النيزك بالحجم الذي قضى على الديناصورات، فكتلة قطرها 90 متراً يمكن نظرياً، اذا سقطت في البحر، أن تحدث موجة تسونامي ارتفاعها أكثر من 25 متراً.
الموت الأزرق
تسبب البراكين بعض الأمواج الأكثر تدميراً. ففي آب (اغسطس) 1883، ثار بركان جزيرة كراكاتاو في إندونيسيا محدثاً أمواجاً عاتية اجتاحت سواحل جاوا وسومطرة فدمرت 165 منطقة آهلة وأغرقت 36 ألف شخص.
وانزياحات القشرة الأرضية تحت البحر يمكن أن تسبب انهيار كتلة بحجم ألوف الكيلومترات المكعبة وإحداث موجة عملاقة. وقد اعتبر زلزال بقوة 7,1 درجات حدث في تموز (يوليو) 1998 قبالة ساحل بابوا نيوغينيا مسؤولاً عن موجة ارتفاعها أكثر من 13 متراً اندفعت 450 متراً الى الداخل وأغرقت حوالى 2000 شخص. وقد اعتبرت هذه التسونامي الأكثر تدميراً في القرن العشرين.
وقد وضع جيولوجيون في جامعة سيدني مؤخراً خرائط لنحو 170 منطقة انهيارات أرضية تحت سطح البحر قبالة ساحل سيدني، كبرى المدن الاوسترالية التي يبلغ عدد سكانها أربعة ملايين نسمة. وثمة أدلة تشير الى أن موجات تسونامي ضربت ساحل مقاطعة نيو ساوث ويلز على فترات منتظمة كل 500 عام.
وأقامت تشيلي واليابان وهاواي أنظمة للانذار من التسونامي، وتجرى تدريبات على إخلاء السكان في حال حدوثها. وتستطيع أجهزة تحسس في قاع البحر إرسال تحذيرات بحدوث تسونامي عن طريق الأقمار الاصطناعية، فتقرع الأجراس وتطلق أجهزة الانذار والهواتف خلال دقائق.
الحقيقة المضمونة هي أن التسونامي ستضرب من جديد، في وقت قريب، وربما على ساحل قريب منك!
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.