Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
موضوع الغلاف
 
عماد فرحات سيارة القرن بلا وقود  
كانون الأول (ديسمبر) 2002 / عدد 57
 ثمة وحدة حال بين ركاب قطارات الانفاق (المترو) في لندن وباريس وسيارات الأجرة في بيروت والقاهرة وراكبي الدراجات الهوائية في شوارع بيجينغ. كل واحد منهم، ومن بلايين البشر غيرهم، يحتاج الى وسيلة تنقله من مكان الى آخر. وتزدحم طرق العالم حالياً بنحو 750 مليون سيارة، في مقابل 50 مليوناً فقط سنة 1950. وهو رقم قد يتضاعف سنة 2025. ويباع أكثر من 17 مليون سيارة كل سنة في الولايات المتحدة وحدها. والطلب يتزايد في البلدان النامية، مثل الصين حيث يتوقع أن تنمو المبيعات من 600 ألف سيارة عام 2001 الى مليونين سنة 2010.
تعتمد حركة النقل اعتماداً شبه تام على محروقات الوقود الاحفوري. ولم تتغير حصة المشتقات البترولية من الطاقة المستخدمة في السيارات طوال الربع الأخير من القرن الماضي، اذ بلغت نحو 95 في المئة. ومع نمو عدد السكان في العالم، أصبحت المدن أكثر اكتظاظاً وتزايدت أعداد السيارات فيها وتصاعدت كميات الانبعاثات الناتجة عنها. وخلال السنوات العشرين المقبلة، يتوقع أن تزداد منفوثاتها من ثاني اوكسيد الكربون بأكثر من 80 في المئة. وما تسببه السيارات من تلوث هوائي وازدحام وإجهاد وضجيج وحوادث سير، مع ما يستتبع تكاثرها من إقامة بنى تحتية جديدة، يضر بالانسان والبيئة.
ولعل أفضل طريقة للاقتصاد في الوقود وتخفيف التلوث خفض عدد السيارات لمصلحة النقل الجماعي. لكن ذلك صعب المنال، فالناس يريدون وسيلة انتقال خاصة ومريحة. وحب اقتناء السيارات ما زال على أشده. وترتفع أصوات دعاة حماية البيئة مطالبة بوسائل نقل مستدام. لكن ذلك من أصعب التحديات، خصوصاً في الدول الصناعية، لأنه يتطلب تغيراً جذرياً في العادات الاستهلاكية وتوجهاً نحو التوفير من خلال استخدام وسائل النقل العام ووسائل أخرى غير ملوثة مثل المشي وركوب الدراجات الهوائية والمشاركة في استخدام السيارات الخاصة، وكل هذه تدابير "غير مستحسنة" اجتماعياً.
لذلك يتنامى الاتجاه الى زيادة الكفاءة التقنية للمحركات والسيارات وأنواع الوقود، لكسب سباق التطور صناعياً ولتلبية الحاجات الاستهلاكية للناس من دون تغيير أنماط حياتهم.
أضرار صحية وبيئية
كثير من العائلات تقتني أكثر من سيارة، والتلوث الذي تسببه هذه السيارات يفوق التلوث الناتج من استهلاك الكهرباء في الانارة والتبريد والتدفئة والاستعمالات المنزلية الأخرى. وملوثات السيارات يمكن أن تكون أخطر على الصحة البشرية على الصحة البشرية من كميات تلوث مماثلة ناتجة من مصادر كبيرة مثل محطات الطاقة، لأن انبعاثات السيارات والشاحنات هي في كل مكان حولنا، حيثما نعيش ونعمل ونتسوق ونلهو.
تنتج السيارة ما معدله 5000 كيلوغرام من الملوثات سنوياً. والسيارات مسؤولة عن نحو نصف الملوثات المنتجة لغاز الاوزون الأرضي، الذي يسبب أو يفاقم أمراض الربو والالتهاب الشعبي وانتفاخ الرئة وغيرها من الأمراض التنفسية والقلبية الوعائية. وهي تنفث جسيمات دقيقة تستقر في الرئتين وتسبب ملايين الوفيات قبل الأوان كل سنة. ويأتي من السيارات أكثر من نصف مجموع انبعاثات أول أوكسيد الكربون، وهو غاز سام يعوق تدفق الدم الى الدماغ وأجزاء اخرى من الجسم ويسبب الموت في حال التعرض له بجرعات مرتفعة. كما أنها تنتج أكثر من 30 في المئة من انبعاثات ثاني اوكسيد الكربون واوكسيدات النيتروجين، علماً أن تراكم ثاني اوكسيد الكربون في الغلاف الجوي هو السبب الأول للاحترار العالمي. والهيدروكربونات التي تنبعث من عوادم السيارات مركبات عضوية متطايرة سامة ومسببة لأمراض السرطان.
وقود بديل وتحسينات خضراء
من أنواع الوقود البديلة التي يجري الخبراء أبحاثاً عليها الغاز الطبيعي والايثانول والميثانول والهيدروجين. كما أحرزت السيارات الكهربائية نجاحاً كبيراً من الناحية البيئية، لكن مبيعاتها بقيت محدودة. فهي تروق للبعض بسبب التقنية العالية في تصميمها، وهدوئها أثناء التشغيل، وقدرتها على التزود بالطاقة في المنزل، واستغنائها عن البنزين، وكونها أنظف السيارات المتوافرة حتى الآن. لكن كلفة بطارياتها مرتفعة ومداها محدود، مما حال دون أن تصبح خياراً عملياً لغالبية المستهلكين. وحققت السيارات العاملة على الغاز الطبيعي المضغوط تقدماً كبيراً.
ويعرض عدد من صانعي السيارات حالياً طرازات تعمل على نوعين من الوقود، كل على حدة: بنزين ووقود بديل. ومنها سيارات بيك أب تستطيع العمل على الغاز الطبيعي المضغوط أو على البنزين، بحسب النوع المتوافر.
دفعت قوانين الانبعاثات المتشددة الشركات الصانعة حول العالم الى تطوير سيارات أنظف. وتشمل التقنيات الحديثة استخدام البنزين والديزل والمحركات المهجَّنة وخلايا الوقود. كما تعمل هذه الشركات على تحسين أداء محرك الاحتراق الداخلي التقليدي باستخدام تقنيات مثل الحقن المباشر للوقود، الذي يؤمن احتراقاً أفضل ونقلاً اوتوماتيكياً للحركة أكثر اقتصاداً. ويروج في أوروبا استخدام محركات الديزل التي تنفث كمية من ثاني اوكسيد الكربون تقل بنسبة 20 الى 30 في المئة عما تنفثه محركات البنزين، لكنها تنفث كمية أكبر من اوكسيد النيتروجين والجسيمات رغم التحسن الناتج من المحولات الحفازة والمصافي.
والسيارات المهجَّنة (hybrid) المحتوية على محرك بنزين وموتور كهرباء، تقطع بكمية الوقود ذاتها 1,5 ضعف الى ضعفين أكثر من المسافة التي تقطعها سيارة بالحجم ذاته تعمل بمحرك احتراق داخلي، خافضة في الوقت ذاته انبعاثات ثاني اوكسيد الكربون. وبخلاف السيارات الكهربائية الصرفة، هي لا تحتاج الى وصل بالتيار من أجل اعادة شحنها. وتستخدم منها عملية الكتروكيميائية لتوليد الكهرباء بمزج الهيدروجين مع الاوكسيجين، وهي لا تنفث الا بخار ماء وحرارة.
ماذا يفعل كبار صانعي السيارات؟
تعتبر شركة تويوتا اليابانية رائدة تكنولوجيا السيارات الصديقة للبيئة، اذ سوقت عام 1997 أول سيارة مهجَّنة تعمل على البنزين والكهرباء، هي بريوس (Prius) التي تقطع 30 كيلومتراً بليتر البنزين، مما يجعلها أفضل سيارة بخمسة مقاعد اقتصاداً بالوقود في العالم. وقد ضاعفت اقتصادها بالوقود وخفضت انبعاثات ثاني اوكسيد الكربون الى النصف. وهي تطور قطع غيار مصنوعة من بلاستيك حيوي. وتستعد تويوتا لانزال عدد قليل من سيارة ركاب تعمل بخلايا الوقود الى السوق سنة 2003، على أن تؤجر الى مؤسسات حكومية ومعاهد أبحاث وشركات طاقة. ولا تتوقع الشركة تسويقاً واسع النطاق لسيارتها هذه قبل سنة 2010. وتتوقع أن تصل مبيعاتها العالمية السنوية من سياراتها المهجَّنة الى حوالى 300 ألف سيارة بحلول سنة 2005.
في الولايات المتحدة، أدى انخفاض كلفة المشتقات النفطية الى تثبيط الجهود الرامية الى خفض استهلاك الوقود، ودفع جنرال موتورز، أكبر شركة لصنع السيارات في العالم، الى التخلي عن إنتاج نوعين من السيارات الأكثر اقتصاداً بالبنزين في الولايات المتحدة هما "شفروليه مترو" و"شفروليه بريزم". وتنفق الشركة أكثر من بليون دولار سنوياً على تطوير تقنية خلايا الوقود، لكنها لا تتوقع أن تدخل سيارات تعمل بهذه التقنية السوق التجارية قبل سنة 2010. وهي وضعت خططاً لانتاج سيارات وشاحنات وحافلات مزودة بمحركات مهجَّنة تعمل على البنزين والكهرباء، أولها سيارات بيك أب من طرازي "سيلفرادو" و"سييرا" سيبدأ تسويقها سنة 2004، وهذه تخفض استهلاك الوقود بنسبة 10 الى 15 في المئة. وكانت جنرال موتورز تصدرت صناعة السيارات الصديقة للبيئة في التسعينات عندما أنتجت سيارتها "إي في 1" (EV1)، أول سيارة كهربائية يتم انتاجها على نطاق واسع، لكن حكم عليها بالفشل بعد أن كلفت بليون دولار. وقد عرضت الشركة في معرض باريس في تشرين الأول (اكتوبر) سيارتها "هاي ـ واير" (Hy-Wire) التي تعمل بخلايا الوقود وتستخدم في تشغيلها الالكترونيات بدلاً من الكابلات.
أما فورد الأميركية، ثاني أكبر شركة لصنع السيارات في العالم، فقد أنتجت فـي أوروبا سيارة فييستا (Fiesta) التي تعمل بمحرك حقن مباشر طورته بالاشتراك مع شركة بيجو الفرنسية، وهي تقطع 27 كيلومتراً بليتر الديزل خارج المدن، مما يجعلها من أكثر السيارات اقتصاداً بالوقود. لكن حملة خفض النفقات لانهاء الخسائر الضخمة التي تكبدتها الشركة دفعت رئيس مجلس إدارتها بيل فورد الى القول بأن جهوداً أخرى لخفض انبعاثات غازات الدفيئة "سوف تبذل في ضوء الحقائق المتعلقة بعملنا في المدى القريب". وقد تخلت فورد عن مشروعها "ثينك" (Think) النروجي لانتاج سيارة كهربائية لأن المبيعات كانت مخيبة للآمال، بعد أن استثمرت فيه 100 مليون دولار. وصنعت عدة نماذج لسيارات تعمل بتقنية خلايا الوقود خلال السنتين الأخيرتين، وهي تعمل مع شركة بالارد الكندية لتطويرها. لكنها لا تتوقع انتاج سيارات من هذا النوع قبل مضي بعض الوقت. وستطرح النسخة ذات المحرك المهجَّن من السيارة الرياضية "إسكيب" (Escape) في أواخر 2003. وتعهدت فورد بأن تخفض استهلاك الوقود في هذا النوع من السيارات بنسبة 25 في المئة سنة 2005.
وبحلول سنة 2004، ستكون شركة دايملر ـ كرايزلر الالمانية الأميركية أنفقت على امتداد 14 عاماً ما لا يقل عن بليون دولار لتطوير تقنية خلايا الوقود. ومنذ 1994 أنتجت خمسة أنواع من السيارات الكهربائية طراز "نيكار" (Necar) باستخدام تقنيات خلايا وقود متنوعة. وقد بدأت عام 2000 تسويق أول مجموعة محدودة من السيارات العاملة بخلايا الوقود، هي حافلات "مرسيدس ـ بنز" التي تعمل على الهيدروجين داخل المدن. وتتوقع تسويق أول سيارة ركاب تعمل بخلايا الوقود سنة 2004. وكانت في العام 1998 أدخلت الى السوق سيارة "سمارت دي سي آي" (Smart DCI) الصغيرة ذات المقعدين، التي تخفض الى حد كبير انبعاثات ثاني اوكسيد الكربون وتقطع 29,4 كيلومتراً بليتر الوقود. وقد طورت نسخة مهجَّنة من هذه السيارة. ويتميز هيكل "سمارت" بوجود لوحات مصنوعة من سبيكة بلاستيكية حرارية تدعى "زينوي" هي أخف عدة مرات من الفولاذ. وقد بيع منها في أوروبا واليابان العام الماضي 116 ألف سيارة، بزيادة 16 في المئة عـن مبيعات العام 2000. وطـور فرع كرايزلر سيارة تعمل بخلايا الوقود مـن طراز "ناتريوم" (Natrium) الذي يخزن الهيدروجين في شكل صوديوم بوروهيدرايد، وهو محلول غير سام شبيه بالصابون. وسوف تنتج الشركة عدداً محدوداً من الحافلات العاملة بخلايا الوقود ابتداء من السنة المقبلة. وتعتزم بيع سيارات تعمل بهذه التقنية ابتداء من سنة 2004. لكن مسؤوليها يتوقعون الاستمرار في انتاج محرك الاحتراق الداخلي التقليدي مدة 30 سنة أخرى.
محركات مهجَّنة وخلايا وقود
وتتقدم هوندا اليابانية السباق لانتاج سيارة مقتصدة. فقد أنتجت سيارة مهجَّنة (hybrid) ذات بابين من طراز "إنسايت" (Insight) موجودة في الاسواق الآن، تؤمن انسيابية هوائية وتقطع 35 كيلومتراً بليتر الوقود، وتخفض انبعاثات ثاني اوكسيد الكربون أكثر من 40 في المئة مقارنة مع سيارات بحجم مماثل. وتتولى هوندا، وهي ثاني أكبر شركة لصنع السيارات فـي اليابان، تسويق نسخة مهجَّنة من سيارتها "سيفيك" (Civic) العائلية التي تقطع 29,5 كيلومتراً بليتر الوقود. ويبلغ عدد السيارات المهجَّنة التي باعتها منذ 1999 نحو 13 ألف سيارة. وهي تخطط لتسويق سيارة تعمل بخلايا الوقود السنة المقبلة، لكنها سوف تستخدم عادماً من صنع شركة بالارد ريثما تفرغ من صنع عادمها.
وتعتبر شركة فولكسفاغن الالمانية رائدة تكنولوجيا صنع السيارات العاملة على الديزل. ففي العام 1978 أنتجت أول سيارة ركاب مزودة بمحرك ديزل. وفي أواخر الثمانينات اعتمدت طريقة التوربو لحقن الديزل مباشرة، وهي أكثر اقتصاداً بالطاقة. وفي 1999 انتجت ما اعتبرته أول سيارة "3 ليترات" في العالم من طراز "لوبو" (Lupo) تقطع 100 كيلومتر بثلاثة ليترات وقود. وفي نيسان (ابريل) الماضي عرضت أول سيارة "ليتر واحد" في العالم، وهي نموذج أولي في شكل رصاصة، تقطع 100 كيلومتر بليتر من الوقود فقط، لكنها لـن تدخل حيز الانتاج التجاري. وتركز الشركة على حلول صديقة للبيئة، مثـل الوقود التركيبي (synthetic) ووقود المخلفات الزراعية (biomass).
وأنتجت رينو الفرنسية سيارتها الأكثر اقتصاداً بالوقود "كليو" (Clio 1.5-litre Dci) التي تقطع 23,8 كيلومتراً بالليتر. وقد عرضت في معرض باريس الشهر الماضي نسخاً مهجَّنة وكهربائية من سيارة الميني فان "كانغو" (Kangoo) التي دخلت السوق في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وهي تنتج بأعداد صغيرة نسبياً. وكانت أطلقت عام 2000، بالاشتراك مع شركة نيسان، برنامجاً لانتاج خلايا وقود كلفته 800 مليون يورو. وقدمت رينو موعدها لبيع سيارات تعمل بخلايا الوقود من 2005 الى 2003، وهي تأمل أن تباشر تصنيعها تجارياً بحلول سنة 2010. لكن نيسان فقدت مؤخراً الكثير من الاعتبار عندما طلبت من تويوتا تزويدها بنظم مهجَّنة لمدة لا تقل عن 10 سنوات.
وأنتجت شركة بيجو ـ سيتروين الفرنسية سيارتها الأقل تلويثاً "سيتروين سي3" (Citroen C3) المزودة بمحرك الديزل 1,4 ليتر ذاته الذي تستخدمه سيارة "فييستا" التي تنتجها فورد. وهي تطلق 110 غرامات من ثاني اوكسيد الكربون فـي كل كيلومتر، فيما هدف الصناعة الاوروبية هو 140 غراماً كحد أقصى سنة 2008. وتسعى هذه الشركة، التي تعتبر ثاني أكبر مصنّع للسيارات في أوروبا، الى بيع سيارة صغيرة مهجَّنة المحرك من طراز "ميني هايبريد" (Mini Hybrid) في أوائل السنة المقبلة، باستخدام موتور كهربائي لزيادة السرعة إثر توقفات متكررة في المدن المكتظة، مما يخفض استهلاك الوقود ما بين 7 و10 في المئة.
نقل مستدام
استجابة للحاجة الملحة الى بدائل نظيفة لأنواع الوقود الاحفوري، شكلت مجموعة من ممثلي صناعة السيارات والطاقة في أوروبا، بالاشتراك مع الحكومة الألمانية، فريق عمل لوضع "استراتيجية طاقة النقل". ويهدف المشروع الى اعطاء أوروبا مركزاً ريادياً على الصعيد العالمي في استخدام أنواع بديلة من الطاقة في وسائل النقل على الطرق. ويؤمل أن تؤدي هذه الاستراتيجية الى التقليل الى حد كبير من الاعتماد على النفط الخام وخفض الانبعاثات، وخصوصاً ثاني أوكسيد الكربون.
واختار الفريق الهيدروجين كأفضل وقود، نظراً لامكانية انتاجه من مجموعة واسعة من المصادر الاحفورية والمتجددة. يقول والتر هيوار، رئيس مجلس ادارة "استراتيجية طاقة النقل" ورئيس دائرة سياسة الطاقة والمشاريع الاستراتيجية في شركة دايملر ـ كرايزلر، ان المشروع سيتيح من انتاج الهيدروجين بمرونة كبيرة وبامكانية تجددية هائلة. وزيادة استخدام "الهيدروجين المتجدد" ستؤدي الى انخفاضات كبيرة لانبعاثات ثاني اوكسيد الكربون والمخاطر التي قد تتعرض لها إمدادات ومخزونات الوقود في المدى البعيد. وتخطط الاستراتيجية لبدء اختبار محطات تعبئة الهيدروجين سنة 2003 في ألمانيا.
وشركة نورسك هيدرو النروجية تدعم أيضاً استعمال الهيدروجين، وسوف تشارك في اختبار حافلات تعمل بخلايا الوقود الهيدروجيني في النروج وأيسلندا، اضافة الى أبحاث أخرى.
لكن تخزين الهيدروجين يبقى مشكلة. فالهيدروجين المضغوط مجدٍ في الحافلات والسيارات الكبيرة الأخرى. ولاستخدامه في السيارات الصغيرة، تجرى أبحاث في أنحاء العالم باستعمال هيدريدات معدنية تمتص الهيدروجين، مما يجعله أصغر حجماً، وعندئذ يمكن تعبئته في خزان شبيه بخزان البنزين. وقد وضعت حافلات تعمل بتقنية خلايا الوقود قيد التشغيل في شيكاغو وفانكوفر منذ العام 1997، لكن ينبغي خفض النفقات لمنافسة التكنولوجيات المستخدمة في قوافل السيارات الكبيرة.
وفي اليابان يكثف صانعو السيارات جهودهم لخفض الانبعاثات الضارة، آملين ان يحصل 80 في المئة من السيارات الجديدة المقرر إنزالها الى السوق المحلية في نهاية السنة المالية 2003 على شهادات من وزارة النقل تفيد أنها صديقة للبيئة. وتهدف هذه الخطوة الى تحسين الوضع التنافسي في الخارج، مع تحول بلدان كثيرة الى سياسات أكثر تشدداً حيال الانبعاثات.
وفي باريس، أصدر رؤساء أكبر 13 شركة لصنع السيارات والشاحنات في العالم بياناً مشتركاً دعوا فيه الى زيادة استخدام السيارات العاملة على الديزل على حساب السيارات العاملة على البنزين، والاسراع في اعتماد أنواع الوقود الأكثر اخضراراً، والتوفيق بين القواعد الفنية لانبعاثات السيارات في أنحاء العالم.
هل بزغ فجر الهيدروجين؟
استغلال طاقة الهيدروجين في وسائل النقل يركز في معظمه على خلايا الوقود القائمة على تكنولوجيا غشاء التبادل البروتوني (Proton exchange membrane-PEM) التي تشمل مجالات استخدامها السيارات والحافلات والشاحنات وحتى السفن والقطارات.
خلايا الوقود تخرج الأوكسيجين والهيدروجين من خلال عملية تستخدم مادة حفازة (البلاتين عادة) لفصل الالكترونات من جزيئة الهيدروجين. وعملية "السحر" التي تؤديها أنها ترسل الالكترونات من أحد طرفي التوصيل (terminar) عبر دائرة خارجية، بشكل كهرباء صالحة للاستعمال، في حين تنتقل البروتونات مسافة قصيرة عبر الخلية. وفي طرف التوصيل الثاني، تتحد البروتونات مع الالكترونات والأوكسيجين القادمين لتنتج ماء. وتولد خلية الوقود تياراً مستمراً من الالكترونات المستعارة ما دامت تتزود بوقود الهيدروجين وبالأوكسيجين.
وتشتغل خلايا الوقود هذه في حرارة باردة نسبياً تبلغ حوالى 80 درجة مئوية. وكفاءتها تفوق بأكثر من ضعفين كفاءة محرك احتراف داخلي مماثل يعمل على البنزين. وعادمها لا يحتوي على أي من أوكسيدات النيتروجين المنتجة لغاز الاوزون الأرضي التي تنبعث من محركات البنزين، لكنه يحتوي على كميات ضئيلة جداً من ثاني اوكسيد الكربون اذا كانت السيارة تحمل وقوداً هيدروكربونياً كمصدر للهيدروجين بدلاً من الهيدروجين النقي.
على رغم بساطة خلايا الوقود أساساً، وامكانية رؤية قوافل صغيرة من السيارات العاملة بخلايا الوقود في وقت قريب، فان معظم مصنعي السيارات يعتقدون ان هذه السيارات لن تنزل الى السوق بأعداد كبيرة قبل عقد من الزمن على الأقل. وحتى في ذلك الوقت، يتوقع أن تكون المبيعات صغيرة بالمقارنة مع مبيعات السيارات العادية.
هناك عقبة كبيرة هي كلفة التصنيع. فمحرك الاحتراق الداخلي العادي يكلف صنعه 30 ـ 45 دولاراً لكل كيلوواط (الكيلوواط يعادل حوالى 1,35 حصان). أما النظم النموذجية لخلايا الوقود فتكلف 2000 ـ 4000 دولار لكل كيلوواط، وصولاً الى 20,000 دولار لكل كيلوواط. وفضلاً عن التكاليف، تعتبر الموثوقية مسألة غير محسومة تحتاج الى كثير من العناية قبل أن تعرض سيارات خلايا الوقود للبيع.
وهناك مسألة اختيار الوقود وكيفية تخزينه في السيارات. لذلك تعمل "جنرال موتورز" على تقنية استخراج الهيدروجين من البنزين، فعلى رغم الجهود المبكرة التي بذلتها ولاية كاليفورنيا، مثلاً، لا توجد بنية تحتية كافية لتزويد السيارات بالهيدروجين، بالمقارنة مع محطات البنزين التي توجد في كل مكان.
واتبعت "دايملر كرايزلر" طريقة مختلفة، اذ تتولى تطوير تقنية لاستخدام الميثانول كوقود موقت، وهو مادة سائلة غنية بالهيدروجين تستخلص من الغاز الطبيعي. فاستخراج الهيدروجين من الميثانول أسهل فنياً ويطلق انبعاثات كربونية أقل مما يحدث عند استخراجه من البنزين.
وخلال العقود القليلة الماضية، اختبر الخبراء تشكيلة من أنواع التخزين المتنقل للهيدروجين، بما في ذلك تخزين الغاز المضغوط والسائل البالغ البرودة "كريوجنيك" في خزانات معزولة، والغاز المخزون في سبائك معدنية مثل الهيدريدات المعدنية التي تمتص الهيدروجين مثلما تمتص الاسفنجة الماء.
رائدتا تخزين غاز الهيدروجين المضغوط، الذي ربما كان الحل الأقرب الى النجاح في المدى القريب، هما "كوانتوم تكنولوجيز" في كاليفورنيا و"دينتيك اندستريز" في كالغاري بكندا. وكلتاهما لديهما خبرة واسعة في بناء صهاريج لتخزين الغازات المضغوطة، بما في ذلك الغاز الطبيعي الذي يستعمل كوقود في الفانات والحافلات. وفي تموز (يوليو) الماضي، اختبرت "دينتيك" بنجاح محطات للتزود بوقود الهيدروجين، بينما حازت "كوانتوم" على ترخيص لخزان وقود يستخدم في السيارات. وفي مجال تخزين الهيدريد تبرز "إنرجي كونفيرجين" في ميشيغن، بينما تطور "ليندل" الالمانية و"ماغنا ستير" النمسوية تقنية لتخزين الهيدروجين السائل البالغ البرودة.
ويبحث المصنعون أيضاً عن حلول بديلة لتوليد الهيدروجين. فقد انضمت "هوندا" الى شركة "بلاغ باور" النيويوركية المختصة بخلايا الوقود، لتطوير نظام تعبئة في المنزل يعمل بالغاز الطبيعي، فينتج الهيدروجين للسيارة ويزوِّد المنزل بالتدفئة والماء الساخن والكهرباء.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.