وسيم حسن
حول ساعة البرلمان في ساحة النجمة وسط بيروت، تلتفّ صور يان أرتوس برتران لتدقّ بجمالية فائقة ناقوس الخطر، وكأنها تعلن أن الساعة أزفت للعمل الحثيث لانقاذ بيئة الأرض.
تستحثك روعة المنظر، فتدرك أن هذا المكان معرض للتصحر أو التلوث، وأن ذاك الحيوان على وشك الانقراض. وتستفزك صور أخرى تريك كيف يفعل الفقر في الطبيعة، وكيف يفعل الغنى والتوسع العمراني. تحس صقيع المدينة المهجورة بعد تسرب نووي. وصور تغمرك بجمال الطبيعة، فتود لو تحتضنها لتحميها.
معرض "الأرض من السماء" للمصور الفرنسي العالمي برتران استضافته 40 عاصمة قبل بيروت، وتنتظره 24 أخرى بعدها. وقد شاهده 12 مليون شخص. ولبنان أول بلد في الشرق الأوسط يستضيفه بين 16 تموز (يوليو) و20 تشرين الأول (أكتوبر)، باعداد من "لوموند نشرة الشرق الأوسط".
أكثر من مئة صورة مختارة من آلاف اللقطات التي أخذها المصوّر على مدى سنوات منذ العام 1990، اجتاز خلالها برتران معظم بلدان العالم على متن طوافة، برعاية الاونيسكو، منفذاً نحو 3000 ساعة طيران وملتقطاً صوره من علو يتراوح بين 30 متراً و3000 متر. وقد ضمَّنها في كتاب جميل يحمل العنوان ذاته، تمت ترجمة نصوصه الى العربية.
في كل صورة، جميلة أو قبيحة، مغزى يتراءى للناظر، وله أن يستزيد بقراءة النص القصير المرافق. هنا ألوان الخريف الرائعة في غابة سارلو فوا التي كانت تغطي ثلثي مقاطعة كيبيك الكندية، فتقلصت مساحتها بفعل قطع أشجارها لصناعة الورق وتعرضها للأمطار الحمضية الناجمة عن التلوث الصناعي. وهناك حوت في عرض البحر من الأنواع المعرضة للانقراض نتيجة الصيد الجائر. ومنجم يورانيوم في أوستراليا حيث 10 في المئة من مخزون العالم من هذا المعدن الاشعاعي. ومجلدة في الأرجنتين مهددة بالذوبان بفعل الاحترار العالمي. وصناديق مياه معبأة في قوارير بلاستيك تملأ المكبات. وطريق عامة في وادي النيل يقطعها كثيب رملي. ومعمل لتحلية مياه البحر في منطقة الجهراء الكويتية. وليس بعيداً عنه، مقبرة دبابات عراقية صدئة في الصحراء توحي بعض الأثر المدمر للحروب على البيئة.
"الأرض من السماء" معرض يحمل رسالة: حماية البيئة وتحقيق تنمية قابلة للاستمرار.
|