عسير ـ "البيئة والتنمية
قد تكون القنافذ الحيوانات الثديية الأكثر بدائية في شبه الجزيرة العربية. فهي لم تتغير الا قليلاً عن جداتها التي عاشت قبل عشرين مليون سنة في افريقيا.
في المنطقة ثلاثة أنواع من القنافذ، أحدها القنفذ الطويل الاذن (Hemiechinus auritus) الذي لا يعيش في عمق الصحراء بل على جوانبها، حيث يمضي النهار متخفياً في الجحور أو مختبئاً تحت الصخور، ويترك مخبأه ليلاً باحثاً عن الطعام. وبفضل طول قوائمه وليونة أقدامه يعتبر الرياضي في عائلته، إذ يستطيع أن يقطع مسافة كيلومتر من الغسق حتى الفجر. وخلافاً لقريبه القنفذ الأوروبي الذي يقتات بالمواد الحيوانية والنباتية معاً، فهو يعتبر حشرياً بشكل أساسي، إذ يأكل الخنافس والنمل الأبيض والجداجد والحلازين. نظره ضعيف، لكن خطمه الذي يشبه خطم الكلب يساعده في البحث عن فريسته معتمداً على حاسة شمه الحادة.
القنفذ الاثيوبي (Paraechinus aethiopicus) أكبر حجماً، ويعيش داخل الصحراء، لكنه يفضل الواحات والأودية المزروعة. يميزه خطمه الأسود والأبيض وجبهته العارية. وهو منتشر أيضاً في الصحراء الكبرى الأفريقية بدءاً من المغرب.
أما قنفذ برانت (Paraechinus hypomelas) فيعيش في الجبال الجنوبية. وهو يتميز ببقعة صلعاء على جبهته ووجه قاتم السواد أو بني مسوَدّ. وهو أندر من النوعين الآخرين، ومحصور في جبال عُمان وجبال عسير السعودية وفي الامارات وجنوب اليمن. انه شره وعدواني، يقتات على النمل الأبيض والخنافس والجراد، وحتى الحيات السامة. والقنافذ ليست محصنة تماماً ضد لسعات الأفاعي، لكنها تستطيع احتمال سمها أكثر 40 مرة من أي قارض بحجمها.
أشواك القنفذ خاوية من الداخل، مع أغشية رقيقة تفصل حجرات الهواء الداخلية. وخلافاً للثدييات التي تطرح شعرها سنوياً، تدوم أشواك القنافذ سنوات عدة، ويتم طرحها واستبدالها واحدة فواحدة. ومع أن أشواك القنفذ تشكل دفاعاً جيداً ضد الحيوانات المعتدية، إلا أنها عازل ضعيف جداً ضد البرد. لذلك يسبت القنفذ شتاء في فترات البرد الطويلة، فيصبح جسمه خلالها مخدراً وحرارته الداخلية متناسبة مع حرارة محيطه. ويغدو تنفسه ضعيفاً، ويلتف جسمه على هيئة كرة أشواك منتصبة في جميع الاتجاهات. هذا الوضع الدفاعي الصارم يناقض النومة الطبيعية للقنفذ الذي يسترخي على جنبه فيما قوائمه شبه ممتدة وأشواكه مسطحة على ظهره.
تتم عملية التوالد لدى القنافذ في شبه الجزيرة العربية بين شهري أيار (مايو) وحزيران (يونيو). الانثى تحمل لمدة 36 يوماً وتلد بين الواحد والستة، يموت بعضها وتأكل الأم عدداً منها. ويولد الصغار صمّاً وعمياناً، وعلى ظهورها بعض الأشواك القصيرة الناعمة. ونموها سريع، إذ يصبح باستطاعتها خلال اسبوعين أو ثلاثة أن تأكل أنواعاً مختلفة من الطعام إضافة الى حليب الأم. ويكتمل نموها خلال أربعة أسابيع الى ستة، مع أنها تبدو صغيرة الحجم. بعد ذلك تتركها الأم لحياة الوحدة في الصحراء.
لقد اعتادت القنافذ النظام الخشن لهذه الأرض القاحلة. ويبدو أنها مهيّأة للاستمرار طويلاً في البيئة الصحراوية.
|