Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
"البيئة والتنمية" (نيروبي) جرائم حرب في فلسطين المحتلة  
حزيران (يونيو) 2002 / عدد 51
 "منذ 1967، دمرت اسرائيل البنية التحتية للمياه الفلسطينية ومنعت الأهالي من استخدامها وصادرتها. وحولت 85 في المئة من مياه الضفة الغربية لاستعمالها الخاص، وضخت مياه قطاع غزة وصدَّرتها على حساب تلك الأرض العطشى". بهذه العبارات الواضحة لخَّص ميلون كوتاري، المقرر الخاص لشؤون السكن الملائم في المفوضية العليا لحقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة، وضع الموارد المائية الفلسطينية، في تقرير مثير أعده إثر زيارة ميدانية الى المناطق المحتلة في كانون الثاني (يناير) الماضي للوقوف على أوضاعها وعلى انتهاكات اسرائيل لحقوق الانسان هناك. وعرض كوتاري خلاصة التقرير في مؤتمر صحافي على هامش أعمال المنتدى العالمي للمدن، الذي عقد في نيروبي الشهر الماضي بدعوة من برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية.
أشار كوتاري في تقريره الى أن الجنود الاسرائيليين والمستوطنين المسلحين يدمرون الموارد المائية الفلسطينية والمضخات والآبار. ولا يسمح باقامة بنى تحتية جديدة، بما في ذلك شبكات التوزيع، ولا بصيانة التمديدات القائمة واصلاحها. ويمنع الفلسطينيون من حفر الآبار، خصوصاً في المناطق التي أقيمت منها مستوطنات يهودية. وتوزع المياه بشكل متحيز وبكميات غير كافية للفلسطينيين في المناطق التي تغذيها مصلحة المياه الاسرائيلية (ميكوروت). و"تلوث المياه الجوفية الفلسطينية من خلال رمي النفايات القاتلة والاستعمال الخطر للأسمدة الكيميائية والضخ الجائر الذي يؤدي الى تملح المياه".
وترمي اسرائيل نفاياتها وتصرف أوساخ مجاريرها غير المعالجة وملوثات كيميائية في الأراضي المحتلة. وتعرقل الادوات الاسرائيلية، بما فيها الادارة المدنية والجيش والمستوطنون، الجهود الفلسطينية والدولية الرامية الى حماية البيئة وتطوير البنية التحتية الضرورية. وفي مثال فاضح على ذلك، فتح مستوطنون يهود النار على عمال وآليات في محطة معالجة مياه المجاري في غزة، التي يمولها برنامج الأمم المتحدة الانمائي، كما استهدفت اعتداءات الجيش الاسرائيلي آليات البنك الدولي وسيارات إسعاف الاونروا والصليب الأحمر والهلال الأحمر.
التقى كوتاري خلال زيارته جمعيات أهلية فلسطينية واسرائيلية، وهيئات تابعة للامم المتحدة ومنظمات دولية أخرى، وممثلين للسلطة الفلسطينية وخصوصاً وزارة التخطيط والاسكان والتعاون الدولي ووزارة الصحة. وزار القدس الشرقية بما فيها المدينة المسورة ومخيم اللاجئين في شعفاط، وبيت لحم وبيت جالا ورام الله، وقطاع غزة بما فيه مخيما اللاجئين في رفح وخان يونس. وأحيل تقريره الى الامانة العامة للمفوضية العليا لحقوق الانسان في آذار (مارس) الماضي. وقد لحظ انتهاكات كثيرة وكبيرة لهذه الحقوق في المناطق الفلسطينية المحتلة، منها الحق في الحياة، والحق في مستوى معيشة لائق، والحق في حرية الانتقال والاقامة، والحق في المشاركة الشعبية، والحق في عدم الخضوع لتدخل اعتباطي في خصوصية الفرد وأسرته ومنزله أو لمعاملة وحشية أو عقاب مهين.
وشدد التقرير على الأزمة الحالية المتمثلة في تصاعد العمليات العسكرية ضد منازل وممتلكات المدنيين الفلسطينيين. واعتبر أن أزمة اللاجئين وانعدام الارادة السياسية لتنفيذ حقهم في العودة واستعادة ممتلكاتهم والتعويض عليهم، يشكلان انتهاكاً دائماً لحقوق الانسان. وأشار الى أن مصادرة أراضي الفلسطينيين على نطاق واسع ومتزايد، ووضعها في تصرف المستوطنين الاسرائيليين، انتهاك للقانون الانساني الذي يمنع تعديل النظام القانوني المحلي.
وقد فككت اسرائيل هيئات التخطيط الفلسطينية وفرضت سلطاتها التخطيطية الخاصة وقوانينها وأوامرها العسكرية. ووفرت الحصانة للمستوطنين لكي يصادروا وينتفعوا بالأراضي الفلسطينية التي هي مدخل حياة طبيعية كريمة وشرط للحفاظ على الهوية وتقرير المصير. وهذا خرق للشرعة الدولية حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. "ونظام التخطيط غير المشروع، الذي فرضته اسرائيل على الأراضي الفلسطينية المحتلة، يحظر البناء، ويحجم عن اصدار الرخص، ويحول المناطق المشمولة بالتخطيط لفائدة اليهود وحدهم، بهدف تحويل الاراضي الفلسطينية المتقلصة الى تجمعات سكنية محصورة ومكتظة بالسكان".
وأورد التقرير مثالاً صارخاً على استباحة اسرائيل للمناطق السكنية الفلسطينية، وهو إقدام الجنود على تدمير المنازل بالآليات العسكرية. وقد تصاعدت هذه الظاهرة منذ تشرين الأول (اكتوبر) 2000، عندما اعتمدت اسرائيل خطة قصف المنازل بمدفعية الدبابات والطائرات. وخلال زيارة كوتاري في 10 كانون الثاني (يناير) الماضي، شنت القوات الاسرائيلية غارة ليلية على مخيم رفح في قطاع غزة، فدمرت 58 بيتاً فلسطينياً على الأقل، كما جاء في التقرير. وتواصل اسرائيل غرس المستوطنات والمستوطنين في الاراضي المحتلة منذ اتفاقيات اوسلو. وخلال عهد الحكومة الحالية، أنشأت اسرائيل 36 مستوطنة جديدة ووافقت على خطط لبناء 14 مستوطنة أخرى.
وأشار التقرير الى "الخراب التراكمي" الذي حل بمنازل الفلسطينيين وأراضيهم، مما يؤكد صحة الاستنتاجات التي توصلت اليها المفوضية العليا لحقوق الانسان وهيئات دولية أخرى من أن الاحتلال الاسرائيلي كان له أثر مدمر على الأوضاع المعيشية في الاراضي المحتلة، وأن اسرائيل تتحمل مسؤولية قانونية عن ذلك. وأكد أنها تواصل عرقلة أعمال التنمية التي تتولاها جهات دولية، فارضة قيوداً اعتباطية على انتقال المواد، مع اخضاع سيارات الأمم المتحدة لتفتيش غير مشروع ومصادرتها وتدمير بعضها والاعتداء على موظفيها.
وفنّد التقرير تجاوزات اسرائيل: فقد أخلَّت بالتزامات الشرعة الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والشرعة الدولية لازالة جميع أشكال التمييز العنصري، وشرعة حقوق الطفل. وشوهت الخصوصية العرقية للضفة الغربية (بما فيها القدس) وقطاع غزة من خلال زرع المستوطنين والمستوطَنات بصورة غير مشروعة، وحرمان فلسطينيي القدس من حق الاقامة ولم شمل العائلات. وأعاقت أعمال التنمية، بما في ذلك أعمال الهيئات الدولية.
وضمَّن كوتاري تقريره توصيات الى المفوَّضية العليا لحقوق الانسان. فأكد على ضرورة الوفاء بحق الفلسطينيين في مسكن مناسب، وبجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الأخرى، ضمن أي مبادرات ومفاوضات سياسية لحل النزاع الاسرائيلي الفلسطيني. ودعا الى الاسراع في ارسال قوة حماية دولية، تحت اشراف الأمم المتحدة، الى الاراضي المحتلة، ووضع حد نهائي للاحتلال من خلال تفكيك جميع المستوطنات غير المشروعة، والتوقف فوراً عن انشاء مستوطنات جديدة او توسيع المستوطنات القائمة، وعن تخطيط وانشاء الطرق والأنفاق الالتفافية، وعن مصادرة الاراضي وهدم المنازل. وطالب باعادة الاراضي الفلسطينية العامة والخاصة المصادرة الى مالكيها الشرعيين. وأوصى بوضع حد نهائي لجميع الاعمال الاجرامية التي يقترفها المستوطنون، ومحاكمتهم وفق الاصول... وتعويض الخسائر المادية التي لحقت بالمدنيين الفلسطينيين".
في المؤتمر الصحافي الذي عرض فيه كوتاري تقرير المفوضية، سأله أحد الصحافيين: "بعد هذه الشهادات، هل يمكن ان ننتظر استدعاء رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون الى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي؟" (انشئت المحكمة مؤخراً لمحاكمة مجرمي الحرب وعارضتها الولايات المتحدة واسرائيل). فأجاب: "لست من يقرر هذا الموضوع، لكن ما شاهدناه لا يمكن وصفه الا بأنه جرائم حرب". لكنه لفت الى أن اسرائيل لا تعترف بتقارير المفوضية العليا لحقوق الانسان ولا تلتزم توصياتها.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.