Wednesday 24 Apr 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
غادة زين العابدين (القاهرة) قش الرز ورق وعلف ووقود  
حزيران (يونيو) 2013 / عدد 183
 السحابة السوداء زائر بغيض خانق يحلّ على سماء مصر في فصل الخريف، تزامناً مع حرق قش الرز في الحقول. والآن نجح الباحثون المصريون في تجارب إعادة تدويره وأقنعوا الحكومة والمزارعين والمستثمرين بجدوى مشاريع تحويله إلى منتجات تجارية مربحة
يبدو أن قش الرز لن يبقى صداعاً في رأس مصر، إذ نجح العلماء في تحويله إلى منتجات اقتصادية مفيدة بعد أن كان واحداً من أهم مسببات التلوث.
فمنذ التسعينات والمصريون يعانون من ظاهرة السحابة السوداء التي تخنق أنفاسهم سنوياً مع حلول الخريف، بسبب حرق ملايين الأطنان من قش الرز وما ينتج عنه من ملوثات خطيرة. والسحابة السوداء طبقة سمكية من الدخان تخيم على القاهرة ودلتا النيل خلال موسم حرق قش الرز، حتى أصبحت الملوثات الناتجة عنها تمثل 42 في المئة من ملوثات الهواء في مصر خلال فصل الخريف.
وعلى مدى سنوات طويلة فشلت جهود الحكومة في منع الظاهرة. واستمرت السحابة السوداء بكل مخاطرها البيئية والصحية، إلى أن نجحت تجارب علماء المركز القومي للبحوث في إعادة تدوير قش الرز وتحويله إلى منتجات عديدة. وبدأت الحكومة بالفعل تطبيق التجربة في بعض المحافظات، مما يبشر بعائد اقتصادي كبير، خاصة أن مصر من أهم الدول إنتاجاً للرز.
وحول هذه التجربة، أوضح الدكتور أشرف شعلان رئيس المركز القومي للبحوث أن الفلاحين يلجأون إلى حرق ملايين الأطنان من قش الرز لعدم حاجتهم اليه. ومن هنا التقط علماء المركز المشكلة وبدأوا في البحث عن علاج. ونجح فريق بحثي في التوصل إلى عدة براءات اختراع للاستفادة الكاملة من قش الرز، من خلال إعادة تدويره وتحويله إلى منتجات مطلوبة. وبدأ المركز بالفعل في التعاقد مع عدة محافظات لإنشاء وحدات صناعية من أجل تنفيذ المشروع فوراً.
يقول رئيس الفريق البحثي الدكتور جلال نوار إن المشروع يقوم على تحويل قش الرز الى أجود أنواع لب الورق، وتحويل مخلفاته الى منتجات أخرى كالأعلاف والمواد اللاصقة والمراهم العلاجية، بحيث لا يتبقى اي نفاية في النهاية. ومن مزايا التجربة أنها تتم بصورة صديقة للبيئة، تقوم على تفاعلات كيميائية بيولوجية، وأن دراسة الجدوى أكدت أن صافي ربح الطن الواحد سيكون 200 جينه (28 دولاراً)، مما سيجعل قش الرز يتحول إلى ثروة للفلاح بما يضمن عدم إحراقه، فضلاً عن عائد تصدير الورق الناتج عن التدوير.
ويتم حالياً توقيع عقد ثلاثي بين المحافظة والمركز القومي للبحوث والمستثمر، وبناء عليه تعطي المحافظة الأرض للمستثمر كحق انتفاع لينشئ عليها الوحدة الصناعية، ويساهم المركز بدوره كصاحب التقنية التي سيتم تطبيقها. وستكون بداية تنفيذ المشروع نهاية هذه السنة في محافظتي الدقهلية وكفر الشيخ، علماً أن كفر الشيخ تزرع نحو 277 ألف فدان رزاً، وهو ما يبشر بعائد مجزٍٍ للفلاحين.
والمعروف أن مصر من أوائل الدول عالمياً في إنتاج الرز، حيث تزيد المساحة المزروعة على 1,5 مليون فدان تنتج نحو 8 ملايين طن من الرز سنوياً. وينجم عن ذلك نحو 4 ملايين طن من القش يقوم المزارعون بحرق معظمها، مما يهدد بمخاطر بيئية وصحية. وكانت دول عدة سباقة في الاستفادة من قش الرز، إذ نجحت في استغلاله وتحويله الى منتجات اقتصادية مثل فحم الكوك والسيليكا والورق والحبال والدواء والأخشاب. وتستخدمه اليابان في صناعة الوقود الحيوي للسيارات وغيرها، كما يستخدم كعلف للحيوان يساهم في حل مشكلة الأعلاف التي ترفع أسعار اللحوم.
الفلاح يدافع
لماذا يلجأ المزارعون الى حرق قش الرز؟ يقول المزارع محمد عمران إن تخزين القش على الأرض يأخذ مساحة كبيرة، فيصبح مأوى للقوارض التي تهدد المحصول التالي. ويضيف أن المحافظة تحاول توفير المكابس اللازمة لكبس القش واستخدامه علفاً للحيوانات، لكن المكابس لا تكفي، فضلاً عن صعوبة نقلها إلى الأرض، وهو ما يستغرق وقتاً طويلاً ويعوق زراعة المحصول الجديد «وبالتالي لا نجد أمامنا سوى حرق القش للتخلص منه».
وعن المخاطر الصحية لحرق قش الرز، يؤكد الدكتور عوض تاج الدين أستاذ الأمراض الصدرية في جامعة عين شمس ورئيس الجمعية المصرية للأمراض الصدرية، أن الحرق ينتج غاز أول أوكسيد الكربون الذي يلوث الهواء ويؤدي الى تهيج العيون والأغشية المخاطية وصعوبة شديدة في التنفس، خاصة مع مرضى الحساسية. وقد يؤدي للاصابة بالأزمات الصدرية الحادة التي تمثل خطورة على حياة مرضى الانسداد الرئوي المزمن أو ضيق الشعب الهوائية. وينصح بوضع الكمامات في حال انتشار عمليات حرق القش، وبانتظام العلاج وأخذ أدوية موسعة للشعب. وبالنسبة إلى الأطفال، ينصح بوضع منديل قماش مبلل على الأنف والفم للحد من الملوثات التي يتم استنشاقها. وتوجه تحذيرات للمرضى من إهمال العلاج، لأن احتقان الجيوب الأنفية وانسدادها أثناء النوم يمكن أن يؤدي إلى أزمات قلبية وذبحات صدرية.
وقد ازدادت نسبة الإصابة بمرض حساسية الأنف عالمياً بسبب التلوث، فوصلت إلى 25 في المئة بين الكبار و40 في المئة عند الصغار. وتتضاعف هذه النسبة في مصر خلال موسم السحابة السوداء. لذا فإن مشروع إعادة تدوير قش الرز بدل حرقه يعد بتحسين الظروف الصحية في البلاد.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.