ثمة حضارة بدوية فريدة تميز منغوليا. فالجمع بين التاريخ المغرق في القدم والتقاليد البدوية والطبيعة البكر يجعل زيارتها تجربة خاصة.
الأرياف هي بالتأكيد أفضل مكان لاستكشاف الحضارة المنغولية، حيث ما زال الرعاة الرحل يعيشون نمط حياة قريباً جداً من الذي عاشه أسلافهم في زمن الفاتح الشهير جنكيز خان في القرن الثاني عشر.
وعلى رغم غنى البلاد بالموارد الطبيعية، ومساحتها الشاسعة البالغة 1,5 مليون كيلومتر مربع، ففيها أدنى كثافة سكانية على الأرض، إذ لا يتعدى عدد سكانها 2,8 مليون نسمة.
تقع منغوليا في هضبة آسيا الوسطى، بين الصين وروسيا، تحوطها اليابسة من جميع الجهات. نحو 80 في المئة من أراضيها مرتفعات تعلو أكثر من 1000 متر عن سطح البحر. تسود مناطقها الغربية والشمالية جبال عالية مكللة بأنهار جليدية وغابات كثيفة. وتنتشر في شرقها سهول عشبية واسعة. وتمتد صحراء غوبي عبر جنوبها من الشرق الى الغرب، وهي حصبائية في معظمها، باستثناء كثبان رملية كبيرة قرب الحدود الجنوبية. وقد حافظت معظم الأراضي على طبيعتها العذرية ونجت من الدمار الناتج عن النشاطات البشرية.
وتشهد منغوليا نحو 260 يوماً مشمساً في السنة، لذلك دعيت «أرض السماء الزرقاء». لكنها تشهد شتاء صقيعياً طويلاً، حيث يبلغ معدل درجات الحرارة 34 درجة مئوية تحت الصفر في كانون الثاني (يناير)، فتبقى بعض الأنهار متجمدة حتى شهر حزيران (يونيو). أما في الصيف، وهو موسم الأمطار، فيصل معدل الحرارة إلى 41 درجة مئوية. وتكثر العواصف الترابية في المناطق الصحراوية.
وتتمتع منغوليا بموارد مائية سطحية وجوفية وافرة، بما في ذلك نحو 3500 بحيرة و3000 نهر، خصوصاً في الشمال. وأطول أنهارها نهر أورخون الذي يبلغ طوله 1124 كيلومتراً.
الكتاب الأحمر
يصعب التمييز أحياناً بين الحيوانات البرية والأليفة في منغوليا، إذ تجول معاً بحرية في الأراضي العشبية الشاسعة المكشوفة. وفيها 136 نوعاً من الثدييات، يسمح بصيد 60 نوعاً منها، والبقية محمية وبينها أنواع نادرة معرضة للخطر، مثل فهد الثلج وكبش الأرغالي وتيس الجبل والأيل والإلكة والدب وغزال الرّو.
منغوليا غنية بالطيور، لأنها على طريق الهجرة من المحيطين الهادئ والهندي الى البحر المتوسط والمحيط المتجمد الشمالي وسهل التندرة الشمالي. وقد سجل فيها نحو 426 نوعاً من الطيور، منها 30 نوعاً معرضة للخطر ومدرجة في «كتاب منغوليا الأحمر». وتم تسجيل 22 نوعاً من الزواحف، و8 أنواع من البرمائيات، و75 نوعاً من الأسماك، ونحو 13 ألف نوع من الحشرات.
في منغوليا ثلاثة أنواع من النظم الايكولوجية المتعلقة بالحياة النباتية، هي الأراضي العشبية والغابات والصحراء. وتشكل الأراضي الزراعية والمستوطنات البشرية أقل من 1 في المئة من مساحة البلاد. وعلى رغم وفرة الأراضي العشبية، فإن الرعي الجائر مشكلة جدية في بعض المناطق.
وتغطي الغابات نحو 8 في المئة من مساحة منغوليا، وهي تتجدد بشكل بطيء، إذ كثيراً ما تدمرها الحرائق والحشرات الناتجة عن قساوة المناخ. وهناك 140 نوعاً من الأشجار والشجيرات، و2823 نوعاً من النباتات الوعائية، يستعمل 845 نوعاً منها في الطب المنغولي التقليدي. وثمة 128 نوعاً مدرجة في كتاب منغوليا الأحمر على أنها معرضة للخطر أو مهددة بالانقراض.
طور المنغوليون حضارة بدوية فريدة منذ العصر الحجري الحديث. فهم يربون الحيوانات، خصوصاً الجمال، ويرتحلون في أصقاع بلادهم الشاسعة سعياً إلى الكلأ والماء. ويعيش كثير منهم في «بيوت» تقليدية مصنوعة من اللباد. لكنهم طوَّروا أيضاً هندسة مدنية ومعمارية مميزة.
ويشهد اقتصاد منغوليا نمواً كبيراً، وقد صنفه البنك الدولي كأسرع اقتصادات العالم نمواً عام 2011. وتشير التقديرات إلى أن الناتج المحلي الاجمالي السنوي سيرتفع من 5 بلايين دولار اليوم الى 150 بليوناً بحلول سنة 2025. ويرتبط هذا الثراء المستجد بوجود احتياطات هائلة من الموارد، مثل الفحم والنحاس والذهب ومعادن أخرى. كما جذبت القوانين والأنظمة المحدثة الاستثمارات الأجنبية. ويُفتتح هذه السنة أكبر منجم للمعادن في العالم قرب الحدود الصينية، وسوف تتبعه مشاريع كثيرة خلال السنوات العشر المقبلة. وقد أحدث هذا النشاط الاقتصادي طفرة في القطاع العقاري في العاصمة أولان باتور وزاد الطلب على المنتجات والخدمات الاستهلاكية.