موقع مهم لإعادة التشجير وإكثار الأنواع المهددة وترويج السياحة المسؤولة في العراق، لكنه ما زال معتمداً «من حيث المبدأ» فقط بانتظار إدراجه في الموازنة
عادل فاخر (بغداد)
محمية خنفارة الطبيعية في محافظة بابل، جنوب بغداد، حلم عراقي يبحث عن اهتمام وأموال لازمة لتحقيقه. غير أن التأجيلات أعاقت هذا المشروع الذي كان من المقرر أن تنفذه شركة كندية متخصصة تقدمت بتصميم للمحمية.
اكتفى مجلس المحافظة بتسييج المنطقة ومنع الدخول إليها. وكانت وحدة التنوع الأحيائي، بالتنسيق مع كليتي الزراعة والعلوم ومركز بحوث البيئة في جامعة بابل، قامت بدراسة واقع التنوع الأحيائي والمسطحات المائية والغابات في المحافظة، وحددت مع الجهات ذات العلاقة مواقع وجود الطيور المهمة عالمياً.
ويرى مدير المكتب الاستشاري العلمي في كلية العلوم الدكتور عامر سلمان، وهو الذي اقترح مشروع إنشاء المحمية، أن «ليس هناك مبرر للتأجيل، فقد أُنجزت جميع التصاميم اللازمة، وحظي المشروع بتأييد الحكومة المحلية بالإجماع، وتم الإعداد لإنشاء المحمية كأحد المشاريع الاستراتيجية المهمة والحيوية».
وأوضح سلمان أن إعداد الدراسة جاء مكملاً للمشروع السياحي الكبير الذي يمتد من المدينة الأثرية والجزيرة السياحية في محافظة بابل وصولاً الى محمية خنفارة في قضاء المحاويل، كوسيلة للحفاظ على المصادر الطبيعية والنظم البيئية ودعم قطاع السياحة.
سياحة مسؤولة وإكثار أنواع نادرة
تمتد المحمية العتيدة على 1200 دونم، وتضم مناطق خاصة لتربية الحيوانات البرية وإكثارها، واضافة أصناف من النباتات والأشجار المحلية، وإنشاء أحواض للأسماك، وإقامة أماكن ترفيه ومتنزهات للسياحة المسؤولة. وفي المنطقة غابات كثيفة تلوذ بها الذئاب والخنازير والأرانب وحيوانات برية أخرى.
ومن الحيوانات التي سيتم إكثارها في المحمية الثور البري والنعام وأنواع من الطيور البرية. كما سيتم بناء أحواض لإكثار أنواع من الأسماك النادرة تمهيداً لإطلاقها في الأنهر والمجاري المائية التي يزخر بها الموقع. وهناك أعداد جيدة من أشجار الأثل والأوكاليبتوس التي زرعت في مطلع سبعينات القرن الماضي على حدود مدينة المحاويل، وتعرض الكثير منها للقطع والبيع.
راعت الدراسة الجانب الترفيهي، من خلال إقامة متنزهات وأماكن استراحة في المحمية، تكون أيضاً محطات للطلاب والباحثين. وقال عامر الخفاجي، رئيس لجنة التخطيط في مجلس قضاء المحاويل إن المشروع، إذا نفذ، سيكون على مساحة 1,2 مليون متر مربع غرب المدينة، وقـد أُدخل الموقع ضمن تحديث التصميم الأساسي للمدينة. وأمل أن ترصد له الأموال اللازمة ضمن موازنة سنة 2013. ويأتي إنشاء المحميات الطبيعية ضمن صلاحيات مجالس المحافظات، حيث يتم اقتراح المناطق والتصويت على قرار الإنشاء، ثم تخصيص المبالغ اللازمة، ثم التنفيذ.
لكن رئيس مجلس محافظة بابل كاظم مجيد تومان رأى أن المشروع غير مكتمل من الناحية التقنية، على رغم تصويت المجلس عليه بالموافقة، فآليات التنفيذ لم تصل بعد الى المحافظة. ولفت إلى أن الكثير من المشاريع تم إدراجها «من حيث المبدأ» فقط، لكن يبقى إعداد التكاليف هو الأساس في إنشاء محمية خنفارة. وأوضح تومان: «ما زلنا نتفاوض مع الحكومة المركزية على إدراج مشاريع جديدة لهذه السنة، ويأتي مشروعا المحمية والحزام الأخضر في المقدمة»، مضيفاً أن محافظة بابل تؤكد على أهمية هذا المشروع وتسعى إلى تنفيذه، إلا أن المشكلة هي عدم خبرة الكوادر في هذا المجال.
صيد جائر
ينص قانون تحسين البيئة وحمايتها الذي أقره البرلمان العراقي مؤخراً على الآتي: «يُمنع الإضرار بالمجموعات الأحيائية، ويمنع صيد وحيازة الأسماك والطيور والحيوانات البرية والمائية المهددة وشبه المهددة بالانقراض، كما تُمنع الإبادة والإضرار بالنباتات النادرة البرية. ويشكل مركز لشرطة البيئة في كل محافظة».
وحذرت وزارة البيئة في وقت سابق من أعمال الصيد الجائر، معتبرة أنها «لامست الخط الأحمر في الاعتداء على البيئة الطبيعية في العراق، وأنها مظهر من مظاهر الفساد يهدد بعض فصائل الطيور والحيوانات البرية والأسماك بالانقراض، خصوصاً في فترات تكاثرها، وكذلك الطيور المهاجرة إلى بيئة العراق هرباً من تغير المناخ وظروف الطقس القاسية في معظم أرجاء العالم، مما يهدد أنواعاً نادرة منها بالانقراض».
وتشهد المناطق الغربية والجنوبية من العراق عمليات صيد عشـوائيـة غير منظمـة للطيور والأسماك بطرق تؤدي إلى خسائر إقتصادية وبيئية كبيرة. ويدخل الكثير من الصيادين الخليجيين إلى مناطق جنوب العراق بطرق غير مشروعة، بهدف صيد أنواع نادرة من الطيور التي تنتشر هناك.
وتعتزم وزارة البيئة العراقية إنشاء أربع محميات طبيعية بالتعاون مع وزارة الزراعة ومنظمة الطبيعة العراقية، ضمن مشروع الاستراتيجية الوطنية للتنوع الأحيائي، وهي: أهوار الجنوب وبحيرتا ساوه والرزازة ومنطقة مميزة في شمال العراق.
وأعدت اللجنة الوطنية لدراسة المواقع الطبيعية مسودة نظام لإنشاء المحميات الطبيعية وإدارتها، تتم مراجعتها حالياً في مجلس شورى الدولة لعرضها على الحكومة والبرلمان تمهيداً لإقرارها.