عندما كانت حنان ابنة سبع سنوات، بدأت تملأ فراغها بهواية غريبة. كانت تجمع نفايات توجد عادة في كل منزل، مثل عُلب الاحذية والزجاجات الفارغة والورق الملوّن وقصاصات القماش التي تفيض عن أشغال الوالدة بعد أن تخيط لها ولاخوتها الثياب، وتلهو بصنع أشكال من هذه النفايات.
وفي المدرسة، كانت ترى ساعات الدروس طويلة جداً، فتلهي يديها برسم المعلمة. وكانت الشكاوى تنهال على أهلها. لكن ردة فعل والدها كانت تبصرّاً بالأسباب وأناة بالنصيحة والتوجيه. ولا غرو، فهو ربى أجيالاً خلال خمس وأربعين سنة قضاها في التعليم وادارة المدارس. وكان يدعو المربين لاكتشاف مواهب التلاميذ وتنميتها، فهل يتخلى عن تنمية موهبة فلذة كبده؟ وهكذا، بدل إرغامها على اتباع روتين التعليم المطلوب، كلف معلمين ليوجهوها في المنزل بدروس خصوصية في فنون الرسم وتنسيق الالوان. وأقنع ادارة مدرستها أن تجعلها معاونة لمعلمة الفنون الجميلة.
وما ان بلغت العاشرة من عمرها حتى بدأت باقامة معارض على جدران منزل عائلتها في طرابلس، شمال لبنان. وجندت اخوتها الصغار الأربعة لتوزيع بطاقات الدعوة على الاقارب والجيران. وكان والدها يقص شريط الافتتاح دائماً. ماذا كان محتوى تلك المعارض؟ ثياب لعبها، وما يتبع تلك الثياب من قبعات وجزادين، مصنوعة من القماش أو من الخيطان المحبوكة بصنانير الصوف وأحياناً من الورق الملون. ولم تهمل أبداً صنع أثاث غرفة اللعب من الكرتون وغيره. وكان والدها الشاري الأول لمنتجاتها.
في الخامسة عشرة من عمرها، بعد اتقان أصول الرسم والتلوين، بدأت باقامة المعارض في أماكن عامة خارج جدران المنزل. وبعد مرحلة الدراسة الثانوية تابعت دورات فنية خارج لبنان، تناولت صناعة الأزهار من القماش في ميلانو بايطاليا، وفنوناً يدوية اخرى في فرنسا. ومن ثم تخصصت في الديكور الداخلي للمنازل في شيكاغو بالولايات المتحدة.
بعد زواجها، اكتشفت فناً جديداً هو "الباندو" الذي انفردت به اليابان، وقوامه عجينة من بقايا الخبز تخلط بمادة حافظة وتصنع منها أزهار وقطع زينة متنوعة. فقصدت اليابان حيث درست هذا الفن، وعادت الى منزلها الزوجي في بلاد الغربة الافريقية. ومن هناك رجعت لتستقر في وطنها لبنان، وأعادت افتتاح محترفها "My Hobby"، أي هوايتي.
في حقيبة حنان بارودي كبارة اليوم ثلاثة كتب من تأليفها، اثنان عن فن الباندو والثالث بعنوان "بيئتي صنع يدي" عن صنع تحف من أشياء مستعملة، بالاضافة الى عشرة كاسيتات فيديو تُعلم هذه الفنون في المدارس والجمعيات. وفي محترفها، تقيم دورات للأمهات وتلاميذ المدارس لتعليم هذه الفنون.
حنان بارودي كبارة تعلم مجموعة من التلاميذ كيف يصنعون قطع زينة من نفايات.
|