جلسات المؤتمر
الغذاء والماء وأنماط الإنتاج والاستهلاك
أدار الدكتور محمد الصلح، مدير عام المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا)، جلسة حول الغذاء والماء وأنماط الإنتاج والاستهلاك في المنطقة العربية. فسلط الضوء على تحديات الأمن الغذائي التي تواجهها المنطقة بنظمها الايكولوجية الزراعية الجافة الهشة، التي تتميز بندرة مائية طبيعية، وموجات جفاف، ونضوب الطبقات المائية الجوفية الضحلة، وتدهور الموارد الطبيعية، وتملح الأراضي المروية بسبب الري الخاطئ. وأشار الى أن تداعيات التغير المناخي وارتفاع أسعار المواد الغذائية تفاقم هذه التحديات.
وقدم الدكتور عبدالكريم صادق، مؤلف فصل "الأمن الغذائي والاستدامة الزراعية" في تقرير "أفد"، عرضاً موجزاً حول الموضوع ركز فيه على التحديات التي تواجه المنطقة العربية في سعيها لتحقيق الأمن الغذائي اعتماداً على الموارد الذاتية، في ظل ازدياد عدد السكان واشتداد ندرة المياه وسلبيات الممارسات الزراعية وتغير المناخ.
وأشار إلى الفرص والخيارات المتاحة لتحسين الأمن الغذائي الذاتي في المنطقة، من خلال ثورة خضراء جديدة قوامها خلق توازن بين القدرة البيولوجية للأراضي الزراعية والمياه والبصمة البيئية الناجمة عن استهلاك هذين الموردين. وتتمثل الخيارات المتاحة في تحسين كفاءة الري، واتباع أساليب الري الحديثة، ومعالجة مياه الصرف بدرجة مناسبة للري، والاستخدام الأمثل للمدخلات الزراعية، وتطوير الزراعة الحافظة والزراعة العضوية. ويمثل التعاون بين الدول العربية على أساس الميزة النسبية في الموارد الزراعية ركيزة أساسية لتحسين الأمن الغذائي الذاتي، في إطار من السياسات والممارسات الزراعية الكفيلة بالاستدامة الزراعية.
وتحدث بشار زيتون، مؤلف فصل "خيارات السكان والاستهلاك والاستدامة" في تقرير "أفد"، عن هذه العوامل كمحركات للبصمة البيئية في البلدان العربية، متخذاً بلدان مجلس التعاون الخليجي كدراسة حالة. فأشار الى أن التدفق الكبير للعمال الأجانب والاستهلاك الفردي أحدثا ضغوطاً على طلب الموارد. وفيما يتوقع أن تخف الضغوط السكانية مع استقرار التحولات الديموغرافية خلال العقود القليلة المقبلة، فسوف يبقى ارتفاع معدلات الاستهلاك الفردي محركٍاً كبيراً للبصمة البيئية. وأورد المؤلف أمثلة على التراجع البيئي الذي يجب أن يكون محط اهتمام صانعي السياسة. ففي بلدان مجلس التعاون، انخفضت حصة الفرد من مصائد الأسماك بنسبة 79 في المئة منذ العام 1961. وأسفر الاستهلاك المفرط عن بعض أعلى معدلات توليد النفايات البلدية الصلبة في العالم.
وتساءل زيتون عن مدى قدرة بلدان المجلس على الاستمرار في الاعتماد على الواردات ودعم الأسعار لتلبية احتياجاتها الاستهلاكية، مقترحاً إعادة التفكير في نماذج وأنماط التنمية الاقتصادية الحالية.
وفي مداخلة للدكتور يوسف أبو صفية، وزير البيئة الفلسطيني، أيد الحجج التي قدمها المؤلفان مشيراً الى الحاجة الملحة لإدارة حكيمة للموارد المائية في المنطقة العربية.
منتدى قادة المستقبل
من العلامات الفارقة لمؤتمر "أفد" هذه السنة جلسة "منتدى قادة المستقبل" التي أتاحت للشباب التعبير عن رأيهم حول حق الأجيال القادمة في الموارد.
تحدث في الجلسة ثمانية طلاب من سبع جامعات في لبنان والأردن والإمارات والبحرين، وأدارها الدكتور إيلي سميا المدير التنفيذي لبرنامج الالتزام المجتمعي في الجامعة اللبنانية الأميركية، والدكتور محمد صالحة عميد كلية العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية.
عرضت زهراء العلي، من جامعة الخليج العربي في البحرين، مثلث البيئة والمجتمع والاقتصاد. وأشارت الى أن التركيز الكبير على الاقتصاد وخيارات أنماط العيش غير المستدامة جعلت هذا المثلث غير متوازن، حيث البيئة هي الخاسر الأكبر. كما عزت الإدارة السيئة للموارد إلى انعدام التواصل بين الباحثين وصانعي السياسة.
ورأى هادي أبي عبدالله، من الجامعة الأميركية في بيروت، أنه نظراً لعدم امتلاكنا 6.6 كواكب لإعالتنا، فان العالم العربي يجب أن يتعاون لتجاوز أحلام الاكتفاء الذاتي والتوجه لتحقيق الأمن الغذائي.
واقترح ممثل جامعة بترا محمود زكارنة أن تحشد البلدان العربية مواردها وطاقاتها الفكرية وتتعاون لتقليص الهدر إلى أدنى حد ممكن.
وأيدت شهرزاد فيصل، من الجامعة الأميركية في الشارقة، أيدت هذه الأفكار، داعية الى التنويع الاقتصادي للاستفادة من الثروات غير المستغلة في المنطقة، في ضوء ازدياد النمو السكاني.
واعتبر حسام شومان، وهو أيضاً طالب في الجامعة الأميركية في الشارقة، أن المسار الصحيح نحو تغيير جوهري هو من خلال التعليم والتوعية ومواكبة التغييرات الحاصلة، وبالتالي لا بد من تطوير تشريعات قوية وحديثة.
وكان التعليم موضوعاً مهماً بالنسبة الى الطالبة منى كرنيب من جامعة بيروت العربية، التي طالبت بتنظيم ورش عمل تدعمها الحكومات وتستهدف مستهلكي الموارد الطبيعية.
ووافقت تريسي مسعود، من جامعة الروح القدس في الكسليك، على ما ذكره المتحاورون. ورأت أن فكرة النمو بلا توقف وبلا قيود يجب أن تتغير حفاظاً على حقوق الأجيال القادمة.
وعرضت الطالبة ساندرا دكاش، من الجامعة اللبنانية الأميركية، مشروعها "حوِّل نفاياتك الى نقود". وهو يتضمن جمع نفايات الأولومنيوم والبلاستيك والزجاج من المستهلكين، بالشراكة مع محلات سوبرماركت محلية تبيعها الى مصانع تتولى إعادة تدويرها، ويحصل المستهلكون على مكافآت مقابل ذلك. وهي تعتقد أن هذا المشروع يشجع السلوكيات الصديقة للبيئة في المنطقة العربية من خلال توفير حافز لاعادة التدوير.
تلا الكلمات حوار بين الطلاب والحضور حول الطرق المختلفة لزيادة الوعي البيئي والعمل الفاعل في المنطقة.
وفي الختام، طلب مديرا الجلسة من الحضور اختيار أحد الطلاب كي يشارك في الجلسة الوزارية التي عقدت في وقت لاحق من ذلك اليوم. فتم اختيار حسام شومان للتحدث بالنيابة عن الشباب العربي في تلك الجلسة الرفيعة المستوى.
استضاف
منبر الشركاء الاقليميين للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة
عقد الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة (IUCN) جلسة لشركائه الاقليميين تحت شعار "العمل على إدارة أفضل للموارد في البلدان العربية".
أوضحت المديرة العامة للاتحاد جوليا مارتون لوفيفر أن الاتحاد يهدف الى مساعدة العالم في ايجاد حلول عملية لمعظم التحديات البيئية والانمائية الضاغطة. وأشارت الى أن "أعمال الاتحاد تشمل التنوع البيولوجي وتغير المناخ والطاقة ومعيشة الناس، بالاضافة الى تخضير الاقتصاد العالمي من خلال دعم البحوث العلمية وإدارة المشاريع الميدانية في أنحاء العالم، والجمع بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة والشركات لتطوير السياسات والقوانين وأفضل الممارسات".
وعرض سعيد شامي، مدير المكتب الإقليمي في غرب آسيا، البرامج الرئيسية التي يركز عليها المكتب، ومنها تطوير السياحة البيئية وحماية الشعاب المرجانية والصيد المستدام للأسماك. وذلك بالعمل عن كثب مع الحكومات والمنظمات غير الحكومية في المنطقة.
وقدم أنطونيو ترويا، مدير المكتب الإقليمي في حوض المتوسط، برامج تتعلق بادارة السياحة البيئية والمحميات، وبناء القدرات الوطنية في ما يتعلق بحماية الطبيعة، بما في ذلك إعداد خطط لحماية الأنواع المهددة في تونس والجزائر والمغرب.
وأعلن بنديكت فون غوت، رئيس مجلس إدارة مصنع هولسيم للاسمنت في لبنان، إطلاق مشروع لإعادة تأهيل المقلع الذي تستغله الشركة في شكا في شمال لبنان بالشراكة مع الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة. وأشار إلى إبرام اتفاقات مع منظمات مانحة مثل GIZ لتطوير خطط لإدارة التنوع البيولوجي في الشرق الأوسط بالتعاون مع خبراء IUCN.
أما سوسن بو فخرالدين، مديرة جمعية الثروة الحرجية والتنمية ورئيسة لجنة IUCN الوطنية في لبنان، فأشارت الى أن اللجنة تسترشد بخبرة الاتحاد بشأن استراتيجيات إدارة التنوع البيولوجي. ويتمثل عملها الرئيسي في إقامة محميات بحرية وإعداد استراتيجية إدارية بالتعاون مع وزارة البيئة، وإعداد وتنفيذ استراتيجية وطنية لإدارة متكاملة للغابات، بما في ذلك التدريب على مراقبة الحرائق ومكافحتها.
أعقب هذه العروض نقاش. وكانت مداخلة للدكتور عدنان بدران الذي اعتبر أن "الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة يجب أن يوجه جهود إدارة التنوع البيولوجي في البلدان العربية".
وكان منبر شركاء IUCN الاقليميين نموذجاً مشجعاً مهد الطريق لمنظمات دولية أخرى كي تعقد اجتماعاتها الاقليمية خلال مؤتمرات "أفد" السنوية.
ما بعد قمة ريو... نحو قمة الدوحة
الدعوة الدعوة لى ملموس في العالم العربي لمواجهة تهديدات تغير المناخ، كانت نتيجة نقاش حافلة في جلسة "ما بعد قمة ريو... نحو قمة الدوحة". التي تزامنت مع مداولات مؤتمر الأطراف الثامن عشر في العاصمة القطرية الدوحة.
الدكتور محمد العشري رئيس شبكة سياسة الطاقة المتجددة للقرن الحادي والعشرين (REN 21)، دعا إلى استثمارات أكبر في مأسسة الطاقة المتجددة وزيادة حصة دعم كفاءة الطاقة.
واعتبر الدكتور أشوك خوسلا، رئيس نادي روما، أن مفاوضات المناخ مخيبة للآمال وتفتقر إلى روج التعاون، معتبراً لغياب التزام رؤساء الدول في الجلسات الحوارية، على رغم عرض حلول ناجحة خارج قاعات المؤتمر. لكنه رأى علامات أمل في ارتفاع أصوات البلدان النامية وفي التوجه المتزايد إلى النظر أبعد من الناتج المحلي الاجمالي لقياس الأداء البيئي، ما يفرض إدخال تعديلات على أساليب العيش.
وحذر وزير البيئة الفلسطيني الدكتور يوسف أبو صفية من تأثير تغير المناخ على الإنتاج العالمي للغذاء، إذ إن ارتفاع معدل درجات الحرارة يفضي الى نقص في المحاصيل.
وعرض أميتن عام "أفد" نجيب صعب، الذي ترأس وفداً الى مؤتمر الدوحة، موقف المنتدى الداعي الى انتهاج ثلاثة مسارات، بحيث تلتزم البلدان المتقدمة بتخفيضات كبيرة فورية للانبعاثات الكربونية، وتلتزم البرازيل وروسيا والهند والصين بأهداف ثابتة بعد فترة سماح متوسطة تبلغ نحو خمس سنوات، وتُعطى البلدان النامية فترة سماح مدتها 15 سنة، مقترنة بحوافز. وقال صعب إن هذا وحده قد يجتذب الولايات المتحدة والصين الى كيوتو ويكسر الحلقة المفرغة. وقال صعب إن المنطقة العربية لا يمكنها تحمل تكاليف تجاهل تغير المناخن داعياً البلدان المنتجة النفط الى توفير مساعدات مالية تقنية لتخفيف آثار تغير المناخ ودعم الأبحاث العلمية والأكاديمية في هذا العدد.
ورشة عمل الصحافة والمنظمات الأهلية
عقدت في 28 تشرين الثاني (نوفمبر)، اليوم السابق لمؤتمر "أفد"، ورشة عمل للصحافيين وممثلي المنظمات غير الحكومية المشاركين في المؤتمر. تم خلالها تقديم مسبق لتقرير "أفد" ومناقشته مع المؤلفين.
عرض نجيب صعب ، أمين عام "أفد" ومحرر التقرير، أهم المعلومات والبيانات الواردة في "أطلس البصمة البيئية والموارد الطبيعية في البلدان العربية"، الذي أعدته شبكة البصمة البيئية العالمية بتكليف من "أفد" وتم إرفاقه بالتقرير.
وتحدث الدكتور عبدالكريم صادق، كبير الاقتصاديين في الصندوق الكويتي للتنمية، عن الفصل الذي ألفه حول الأمن الغذائي والاستدامة الزراعية في المنطقة العربية.
الدكتور ابراهيم عبدالجليل، أستاذ كرسي الشيخ زايد للطاقة والبيئة في جامعة الخليج العربي في البحرين، عرض أبرز ما جاء في الفصل الخاص بخيارات الطاقة المستدامة.
وقدم بشار زيتون، مدير البرامج في "أفد"، النقاط المهمة في الفصل الخاص بالسكان والاستهلاك والاستدامة. وعرض الدكتور إياد بومغلي، المدير والممثل الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، برامج ونشاطات "يونيب" في المنطقة.
ودار نقاش حول دور الصحافة والمجتمع المدني في التوعية البيئية والعمل الميداني وتطوير السياسات البيئية.
أدارت ورشة العمل راغدة حداد، رئيسة التحرير التنفيذية لمجلة "البيئة والتنمية".
مبادئ البصمة البيئية ومثال دولة الإمارات
عقدت طاولة مستديرة حول "مبادئ البصمة البيئية العالمية ومثال دولة الإمارات"، حيث تم شرح منهجية احتساب البصمة البيئية للبدان، وقابلية هذه الأداة الحسابية للتطبيق، وأهميتها في وضع السياسات.
أشار الدكتور ماتيس واكرناغل، رئيس شبكة البصمة البيئية العالمية، الى أن الموارد الطبيعية كانت رخيصة نسبياً وسهلة المنال خلال معظم القرن العشرين. ونتيجة لذلك، باتت غالبية البلدان تعتمد بشكل متزايد على كميات كبيرة لا تملكها، خصوصاً الوقود الأحفوري والموارد البيولوجية. والآن، يحتاج استخراج الوقود الأحفوري والمعادن، وكذلك المياه النقية في بعض الأماكن، الى مزيد من الجهد والكلفة. وأصبح الإنتاج الزراعي يعتمد على الوقود بشكل متزايد، فباتت السلع الأساسية أغلى ثمناً. والمخططون الاقتصاديون الذين يتجاهلون هذه الاتجاهات يعرضون اقتصاد بلدهم للخطر.
قال واكرناغل: "لدى الطبيعة ميزانية. هل تعلم مقدار القدرة البيولوجية التي يملكها بلدك، وكم يستخدم منها؟ القدرة البيولوجية هي عملة القرن الحادي والعشرين، إذ إنها أصبحت العامل الأكثر تقييداً لمدخلات الاقتصادات ـ حتى أكثر من الوقود الأحفوري. وثمة دول كثيرة تعتمد على موارد لا تملكها".
وأوضح أن حسابات الموارد الشاملة التي تجريها شبكة البصمة البيئية العالمية، وقد وردت في أطلس البصمة البيئية في البلدان العربية الصادر عن "أفد"، توثّق اتجاهات القدرة البيولوجية والبصمة البيئية لمئتي بلد حول العالم. ويمكن الاطلاع عليها من الموقع الإلكتروني للشبكة www.footprintnetwork.org. هذا التقييم البيوفيزيائي لأداء موارد البلدان، مقروناً بتحليل اقتصادي، يظهر التحديات البنيوية للاقتصاد والفرص المتاحة لتذليلها.
وقدم الدكتور أليساندرو غالي، مدير برنامج حوض المتوسط في شبكة البصمة البيئية العالمية، تقييماً للعجز الإيكولوجي وتأثيره على الأمن الاقتصادي في المنطقة العربية ومنطقة المتوسط. واستخدم قرائن إقليمية لتوضيح كيفية استخدام البصمة البيئية لمساعدة الدول على فهم أنماطها الاستهلاكية واستنباط سياسات استراتيجية لتحسينها. وعرض "مبادرة البصمة البيئية في الإمارات" كدراسة حالة رائدة، ما يثبت فائدة المؤشر في رفع الوعي البيئي وبناء القدرات وتطوير سياسات فعالة ذات أهداف محددة وقائمة على العلم.
البصمة البيئية وخيارات البقاء في البلدان العربية
تم تقديم تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية "خيارات البقاء: البصمة البيئية في البلدان العربية" في جلسة أدارها الدكتور أشوك خوسلا، رئيس نادي روما ورئيس منظمة بدائل التنمية.
فأوضح الدكتور ماتيس واكرناغل، رئيس شبكة البصمة البيئية العالمية، أن الشبكة أجرت دراسة استقصائية لاستهلاك الموارد الطبيعية ومدى تجددها في البلدان العربية، لإنتاج أطلس البصمة البيئية لبلدان المنطقة، الذي تضمنه تقرير "أفد". واعتمدت في حساباتها على بيانات من منظمات دولية مرموقة، مثل منظمة الأغذية والزراعة ووكالة الطاقة الدولية. كما استخدمت البيانات التي جمعها المنتدى العربي للبيئة والتنمية في تقاريره السابقة. ودعا صانعي القرار وعامة الناس إلى إدخال المحاسبة البيئية في ممارساتهم اليومية.
وعرض نجيب صعب، الأمين العام للمنتدى والمحرر الرئيسي للتقرير، أبرز النتائج التي توصل إليها التقرير. ومنها أن البصمة البيئية للفرد في المنطقة العربية ازدادت 78 في المئة مما كانت عام 1961، في حين انخفضت القدرة البيولوجية 60 في المئة. وقال: "إذا كان النمو في الناتج المحلي الإجمالي هو المقياس، فقد حققت البلدان العربية نتائج جيدة خلال السنوات الخمسين الماضية، إذ ارتفع معدل دخل الفرد أربعة أضعاف. وفي حين انعكس هذا ارتفاعاً في مستوى المعيشة في عدة مناطق، إلا أنه لم يحقق بالضرورة نوعية حياة أفضل، ولا هو حسّن من فرص العيش المستدام في المستقبل. فقد شهدت الفترة نفسها هبوطاً حاداً في الموارد الطبيعية في المنطقة الى أقل من نصف ما كانت عليه، ورافق ذلك تدهور متسارع في الأوضاع البيئية، ما جعل المنطقة على شفير الإفلاس في الأنظمة الإيكولوجية".
دور قطاع الأعمال في تقليص البصمة البيئية
يؤدي قطاع الأعمال بشكل متزايد دوراً محورياً في تخفيض البصمة البيئية، وهي فكرة عرضها ممثلو ثلاث شركات رائدة في اليوم الثاني من مؤتمر "أفد".
أشار مدير الجلسة حسين أباظة، الرئيس السابق لشعبة الاقتصاد والتجارة في برنامج الأمم المتحدة للبيئة، إلى أنه منذ إطلاق مبادرة الاقتصاد الأخضر عام 2008، ازداد الاستثمار البيئي وحدث تحول باتجاه تخفيض الكلفة التشغيلية في قطاعات الطاقة والمياه والبناء، مع الاستمرار في تحسين وضعها المالي. والتحدي، في رأيه، هو تحميل الشركات مسؤولية عند فقدان التعاون بين السياسات الحكومية وقطاع الأعمال. ومن دون هذا التعاون لن تحدث أي إنجازات في تخفيض البصمة البيئية.
أرامكس، وهي من أكبر الشركات اللوجستية في العالم، تستثمر في التكنولوجيا المتقدمة لتقليص بصمتها البيئية، بحسب مدير عمليات الاستدامة فيها راجي حتر. وقد استطاعت تخفيض استهلاك الوقود في شاحناتها بنسبة 23 في المئة خلال العام 2005، من خلال استعمال الغاز الطبيعي أو الديزل. وتستخدم الشركة أيضاً البلاستيك القابل للتحلل، وتعيد استعمال الخشب، ولديها مستودعات حائزة على شهادة LEED للريادة في مجال الطاقة والتصميم البيئي، وتصدر تقريراً سنوياً عن الاستدامة في عملياتتها.
رئيس مجلس إدارة شركة الترابة الوطنية في لبنان بيار ضومط لفت إلى تعذر التخلي عن المقالع في غياب بديل للإسمنت، ما يعطي الصناعة حافزاً إضافياً لادخال الممارسات البيئية في عملها. فشركته تولد قسماً من كهربائها بإعادة تدوير الغازات المتولدة من مصنعها. وفي مبادرة لإعادة تأهيل نظم إيكولوجية، أقامت حزاماً أخضر يدعم التنوع البيولوجي ويضم مناطق ترفيهية وتعليمية. وتبنت الشركة المحافظة على جبل موسى الذي أعلنته اليونسكو محمية للمحيط الحيوي.
وقُدمت تجربة الخرافي ناشيونال، وهي شركة متعددة التخصصات تعمل في تطوير مشاريع البنى التحتية وإدارة المرافق في الكويت. فأوضح نائب رئيسها ومديرها العام سامر يونس أنها تساهم في تخفيض البصمة البيئية، من خلال إعادة تدوير مياه الصرف إلى مرحلة تصبح معها صالحة للاستعمال في ري المزروعات والحدائق واستخدامات أخرى، بدلاً من طرحها في البحر واستهلاك الطاقة لتحلية المياه المالحة.
وافق المتحدثون الثلاثة على أهمية المسؤولية الاجتماعية للشركات في تقليص البصمة البيئية. وأيدوا دعوة أباظة الى التعاون بين القطاعين العام والخاص، مع ضرورة غرس حس المسؤولية والوعي لدى الموظفين لضمان نجاح أي مشروع بيئي.
الاقتصاد الأخضر والبصمة البيئية
أدار رئيس شبكة البصمة البيئية ماتيس واكرناغل الجلسة المخصصة للاقتصاد الأخضر والبصمة البيئية، مشدداً على ضرورة العمل لجعل الاقتصادات تبني الموجودات والموارد بدلاً من استهلاكها فقط.
تحدث كريستيان أفيرو، نائب رئيس "الخطة الزرقاء" لرصد البيئة والتنمية المستدامة في حوض المتوسط، عن كيفية تغيير أنماط الانتاج وبالتالي نظم قياس الاقتصادات. فقياس النمو الأخضر يجب أن يشمل تأمين فرص العمل، والاهتمام بالتأثيرات البيئية والاجتماعية، والنمو، والاستقرار. وتؤدي الحكومات دوراً محورياً في الاقتصادات الخضراء من خلال توفير التقدم التكنولوجي، وتحسين أداء السوق وتعزيز القدرة المالية لتنفيذ مشاريع محلية. لكن أكبر التحديات هي تقييم مخزونات الموارد وقياس إنتاجيتها في الاقتصاد الطبيعي، ونشر المعلومات. وشدد على أهمية التفكير المستقبلي وضرورة تحويل الأنماط الاقتصادية الآن لأنها عملية طويلة الأمد.
وناقش ستيفن ستون، رئيس شعبة الاقتصاد والتجارة في برنامج الأمم المتحدة للبيئة، الصلات بين الاقتصاد الأخضر والبصمة البيئية. وتطرق إلى مؤشر التنمية البشرية للدول وكيفية استعماله كأداة توفر الرفاه لشعوبها. وتناول انهيارات الأسواق التي حدثت منذ العام 2008 وتداعياتها على البيئة والعدالة الاجتماعية. ودور الممارسات الخضراء في دعم النهضة الاقتصادية.
وأشار ريمون عودة، رئيس مجلس إدارة بنك عودة، إلى أن كلفة التدهور البيئي في المنطقة العربية تقدر بما لا يقل عن 100 بليون دولار سنوياً، أي أكثر بنحو خمسة أضعاف من الإنفاق الحكومي الذي يستهدف البيئة. واعتبر الطاقة الشمسية حلاً للمناطق المحرومة، لكن تعزيزها لا يتم من دون إعطاء حوافز لاستخدامها وتخفيض الدعم عن الطاقة الكهربائية. وتطرق إلى موضوع ندرة المياه، داعياً إلى مزيد من الاستثمار في حصاد مياه الأمطار وتبني تقنيات ري عصرية وتطبيق تكنولوجيات الاقتصاد بالمياه. وتعهد عودة ببذل جهود أكبر والقيام بمبادرات إضافية في المجال البيئي، شخصياً ومن خلال مصرفه.
أما كارستن شميتز هوفمان، رئيس قسم التجارة والمعايير في الوكالة الألمانية للتعاون الدولي، فدعا إلى نهج فعال في إدارة الموارد من خلال قياس البصمة البيئية، عبر تحديد المناطق الساخنة في سلاسل الإمدادات. وتناول القطاع الزراعي مثالاً، باعتباره مساهماً رئيسياً في الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة العربية، حيث يتزايد الاهتمام بمسألتي سلامة الغذاء والأمن الغذائي. وحدد وسيلتين لتحفيز الشركات على الاستثمار في البصمة البيئية، هما الأنظمة والحوافز، وكلتاهما تفضيان الى رفع الإنتاجية والربحية. وأكد ضرورة الشراكة والتحالف بين القطاعين العام والخاص.
الطاقة المستدامة
الخيارات المتاحة للتحول إلى قطاع أكثر استدامة في البلدان العربية كانت محور جلسة أدارها الدكتور محمد العشري، رئيس الشبكة العالمية للطاقة المتجددة، الي ركز على استراتيجية تسعى إلى تحسين كفاءة الطاقة وزيادة حصة الطاقة المتجددة.
لفت الدكتور ابراهيم عبدالجليل، أستاذ كرسي الشيخ زايد للبيئة في جامعة الخليج العربي ومؤلف فصل "خيارات الطاقة المستدامة" في تقرير "أفد" حول البصمة البيئية للبلدان العربية، إلى أن الدول العربية الغنية بموارد الطاقة فقيرة بموارد المياه، وهي توظف جزءاً من الموارد وعائدات النفط والغاز في تحلية مياه البحر، كما أن الاستهلاك الفردي للطاقة والمياه فيها من أعلى المعدلات في العالم. ويعتمد نحو 99 في المئة من الطاقة في المنطقة على النفط والغاز، وكمية الانبعاثات الكربونية هي الأكبر عالمياً بالنسبة إلى عدد السكان. واعتبر عبدالجليل أن أفضل الخيارات المتاحة هي ثلاثة: أولاً، الاحتذاء بخبرات الدول الصناعية التي فصلت بين النمو الاقتصادي والاجتماعي ونمو الاستهلاك الطاقوي، بزيادة الكفاءة وإزالة الدعم عن أسعار الطاقة. ثانياً، تعزيز التنمية القليلة الكربون. ثالثاً سد فجوة فقر الطاقة في المنطقة عن طريق ربط الأمن المائي والطاقوي والغذائي. والمهم تنسيق هذه السياسات في رؤية واضحة. ونوّه بمبادرات تقوم بها بعض الدول العربية، ومنها استراتيجيات في الإمارات والسعودية والبحرين للتوجه إلى اقتصاد المعرفة والتحول من أنشطة النفط والغاز حصرياً باعتماد أنشطة الخدمات، مبادرة مصدر في تطوير تقنيات الطاقة المتجددة، واستراتيجية المغرب لتوليد 40 في المئة من كهربائه من الطاقة الشمسية بحلول سنة 2020.
وأشار الدكتور طارق امطيرة، المدير التنفيذي للمركز الإقليمي للطاقة المتجدة وكفاءة الطاقة في القاهرة، إلى ثلاثة تحديات رئيسية تواجه الحكومات العربية هي أمن الطاقة وبناء القدرات وتأمين حاجات الناس. وأكد على الدور الكبير للقطاع الخاص في تعزيز كفاءة الطاقة وبناء القدرات وتلبية حاجات الناس من كهرباء وماء وغذاء وفرص عمل.
وركز مجيد جعفر، الرئيس التنفيذي لشركة نفط الهلال، على مسؤولية القطاعين العام والخاص في زيادة كفاءة استخدام الطاقة واستدامتها وتعزيز الشراكة بين القطاعين، مع توجيه دعم أسعار الطاقة إلى محاربة الفقر. وأشار إلى التحول الحاصل في البلدان العربية نحو اعتماد معايير كفاءة الطاقة، مؤكداً على ضرورة اعتماد كل دولة دليلاً لكفاءة استخدام الطاقة.
أما نبيل حبايب، الرئيس التنفيذي لجنرال إلكتريك الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فرأى أن لا طاقة معتمدة في العالم حالياً هي نظيفة بالكامل، ولكن يجب التحول من النفط والغاز إلى مصادر الطاقة المتجددة، مع إعادة النظر في خليط الطاقة في ضوء ارتفاع الطلي وأسعار الوقود. ودعا الى وقف دعن أسعار الطاقة لأنه يشجع على الإسراف ولا يساعد الفقراء بما يكفي بل يذهب قسم كبير منه إلى الأغنياء. وقال إن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح مازالت مكلفة، إلا أن كلفتها آخذة في التناقص، معتبراً أن الحلول الطاقوية لا تكون تقليدية ولا بد من بحوث علمية خلاقة ومشاركة فعالة للمجتمع المدني.
خيارات الاستدامة: سياسات البقاء والنمو
تخللت المؤتمر جلسة حوارية حول سياسات النمو المستدام، أدارها الدكتور عدنان بدران رئيس وزراء الأردن السابق ورئيس مجلس أمناء "أفد".
وهو أشار إلى وجود فجوة بين العلماء والخبراء وصانعي القرار، وإلى مشكلة تغير الوزراء والحكومات والسياسات في البلدان العربية ما يعيق اتخاذ القرارات المناسبة وتنفيذها. وأكد على أهمية البحث العلمي والتعاون الإقليمي العربي لتحقيق أمن الغذاء والماء والطاقة ومكافحة التصحر، متسائلاً: لماذا لا تحوّل الصحراء إلى مزارع للطاقة الشمسية قبل نضوب النفط والغاز؟
ولفت الدكتور عبدالرحمن العوضي، المدير التنفيذي للمنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية (روبمي)، إلى أن 20 مليون برميل نفط تعبر مياه الخليج يومياً، ومع ذلك مازالت الدول بعيدة عن إدراك خطورة التلوث والتدهور البيئي. ودعا إلى التكامل العربي لتخطي العوائق، مع تبسيط مفهوم البصمة البيئية للرأي العام لضمان مشاركة الناس في تقليصها، مؤكداً على ضرورة إعطاء الشباب دوراً أكبر لتقديم دراسات ومشاريع، إذ إن الحاجة ماسة إلى فكر جماعي للانتقال بالمجتمع العربي من النظريات والآمال إلى الأفعال.
المدير والممثل الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة الدكتور إياد بومغلي قال إننا لا نستطيع حل مشاكلنا البيئية والاقتصادية بالطريقة التي خلقنا بها هذه المشاكل. وأورد أربع مقاربات تساهم في تحقيق النمو المستدام. أولاً، الإبداع في التفكير والاستهلاك واستخدام الموارد الطبيعية، مع دعم البحث العلمي والتطوير واستلهام قصص نجاح من دول العالم وتطبيقها بعد تكييفها. ثانياً، تبني نهج الاقتصاد الأخضر القليل الكربون بالاستخدام الأنظف للطاقة والموارد. ثالثاً، ترشيد سياسات المشتريات الحكومية التي تشكل ما بين 40 و 60 في المئة من الاستهلاك. رابعاً، تفعيل دور القطاع الخاص في المسؤولية الاجتماعية والبيئية. ودعا إلى التفكير في إنشاء مجلس أعلى للتنمية المستدامة على المستويين الوطني والإقليمي يهدف تبني سياسات داعمة في المنطقة العربية.
ورأى الدكتور خالد علم الدين، مستشار الرئاسة المصرية لشؤون البيئة، أن وزراء بيئة العرب معذورون نسبياً، فالمطلوب التزام كامل من الدولة ورئيس الدولة باستراتيجية بيئية تعني الحكومة كلها لا وزارة قلما يُستمع إليها. ولفت إلى أن كثيراً من القرارات والتوصيات تبقى حبيسة الأدراج، مضيفاً أنه لو كانت هناك مؤامرة لتدمير البيئة في بلد ما فقد لا تستطيع أن تفعل ما نفعله نحن بمالنا وسوء أفعالنا.
وكرر الدعوة إلى البحث العلمي والابتكار، معتبراً أنها قد لا نستطيع أن نستمطر السماء ولكننا نستطيع تسخير طاقة الشمس لتحلية مياه البحر، وأن نولد طاقة من النفايات فنصنع حلاً من مشكلة. وأكد على حتمية تكامل الاقتصاد العربي وضرورة تضامن القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني والإعلام في نشر التوعية البيئية، منوهاً بمجلة "البيئة والتنمية: التي وصفت بأنها أفضل المبادرات العربية في هذا المجال.