Saturday 23 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
موضوع الغلاف
 
باتر محمد علي وردم وربى صقر وخالد مبارك الأردن  
نيسان (أبريل) 2002 / عدد 49
 بقيت حالة البيئة في الأردن محكومة دائماً بميزات البلاد الطبيعية، التي لم تكن كريمة في توفير الموارد الأساسية، خاصة مع وجود صحراء تغطي 90 في المئة من المساحة الكلية، وقلة الأراضي الزراعية والغابات، والنقص الجسيم في الموارد المائية الذي رافقه نمو سكاني كبير.
شهد الأردن تنمية اقتصادية ناجحة نسبياً مقارنة بقلة موارده الطبيعية. واعتمد على العامل الإنساني والاستثمار الكبير في التعليم والصحة. لكن هذا التطور الاقتصادي لم يرافقه توجه واضح نحو دمج التنمية المستدامة في الخطط التنموية. وما زالت البيئة تعتبر بالنسبة لصناع القرار، كما في الغالبية العظمى من الدول العربية، في درجة متوسطة من الأولويات، حيث يطغى البعد الاقتصادي دائماً.
ويأتي هذا بالرغم من أن الأردن من أكثر الدول العربية توقيعاً على المعاهدات والاتفاقيات البيئية الدولية، ويضم مجتمعاً مدنياً متطوراً ومؤسسات عامة ذات صلاحيات كبيرة تعمل في مجال حماية البيئة. لكن الأردن، على الرغم من المعوقات، حقق الكثير من الانجازات في الحفاظ على البيئة وتنمية القدرات المحلية وتنفيذ العديد من المشاريع التي أحرزت نجاحاً على المستوى الوطني والعربي والعالمي. واستطاع، بموارد طبيعية ومالية قليلة، أن يحقق ما وجدت دول كثيرة صعوبة في تحقيقه بموارد أكبر. وقد أحرز معظم هذا النجاح في السنوات العشر الماضية، بتعاون بين المؤسسات الرسمية وهيئات المجتمع المدني.
وقد جاء الأردن في المرتبة الأولى بين 16 دولة عربية شملها تقرير "مؤشر الاستدامة البيئية"، الذي صدر مؤخراً عن المنتدى الاقتصادي العالمي بالتعاون مع جامعتي يال وكولومبيا الأميركيتين. وكان ترتيب الأردن في المؤشر البيئي 53 بين 142 دولة في جميع مناطق العالم النامية والصناعية.
يلي موضوع الغلاف ملف عن الموارد المائية والجمعيات البيئية والمؤسسة العامة لحماية البيئة في الأردن. ويتبع في أعداد لاحقة مقالات عن خليج العقبة وادارة النفايات وقانون البيئة والبلديات.
الأردن بلد صغير شبه صحراويي، لكنه يشكل نقطة تقاطع جغرافية بين عدة مواطن طبيعية، مما أضفى عليه تنوعاً حيوياًكبيراً. ويحتل الاردن مساحة 89322 كيلومتراً مربعاً، بما فيها مساحة البحر الميت. يسود منطقته الغربية مناخ البحر المتوسط، حيث الجو حار وجاف صيفاً ولطيف البرودة ورطب شتاء. أما غالبية المساحة فيغطي عليها مناخ صحراوي، حيث يقل معدل هطول الأمطار عن 200 مليمتر في السنة.
الإدارة البيئية المستدامة أصبحت عنصراً لا غنى عنه في التخطيط الوطني. وقد أقر الأردن عدة استراتيجيات وخطط عمل بيئية، مثل الاستراتيجية الوطنية للبيئة عام 1992، وخطة العمل الوطنية البيئية عام 1995، واستراتيجية الأجندة 21. كما صادق على كل اتفاقيات ومعاهدات حماية البيئة الدولية. ويشارك مندوبوه في الاجتماعات والمؤتمرات العالمية. ولكن، حتى الآن، لم يتم اتخاذ قرار سياسي ـ اقتصادي بإعتبار حماية البيئة والتنمية المستدامة أولوية وطنية على مستوى اهتمامات التنموية والاقتصادية.
ويمكن القول ان حالة البيئة في الأردن، إذا قيمناها من خلال القطاعات البيئية المختلفة، تمثل ثلاثة اتجاهات: القطاعات التي يتوقع أن تحقق تطوراً ملحوظاً في المستقبل، وتلك التي يتوقع أن تشهد ثباتاً، وتلك التي يتوقع أن تشهد تراجعاً.
قطاعات برسم التطور
أول القطاعات البيئية التي يتوقع أن تشهد تطوراً في الأردن هو الإطار المؤسسي والتشريعي. فمع إنشاء وزارة البيئة المنتظرة، ستبدأ عملية تأطير العمل البيئي وتطور الأنظمة والتعليمات الخاصة بالبيئة وتقوية المنظومة التشريعية. ومع ارتقاء اتخاذ القرار البيئي إلى المستوى الوزاري، يمكن توقع دخول العامل البيئي في معظم الخطط التنموية المحلية والوطنية. لكن العنصر الرئيسي في مدى تطور هذا القطاع سيكون مرهوناً بقدرة وزارة البيئة والمؤسسات العامة الأخرى على الرقابة، وضمان تنفيذ الخطط والمشاريع، والالتزام بالقوانين والتعليمات والمواصفات البيئية المحلية. وهذا بدوره يرتبط بتوفر الإرادة السياسية والصلاحيات للوزارة، والاعتماد على العناصر البشرية المدربة والكفوءة، والإصلاح الإداري وتجاوز البيروقراطية.
على صعيد آخر، كان قطاع حماية الطبيعة والسياحة البيئية من أنجح القطاعات خلال السنوات الماضية. وهو قدم نموذجاً في العمل المؤسسي المعتمد على توحيد الجهود والكفاءات، واستكشاف الفرص الجديدة، والقدرة على جذب التمويل، وتنفيذ المشاريع المرتبطة بالمجتمع المحلي، وإشراك هذا المجتمع في مشاريع التطوير. ومع ثبات الإطار الإداري لهذا القطاع واستقراره، وتوفر الدعم المالي والسياسي، ينتظر تطوره وازدياد نجاحه في السنوات المقبلة، خاصة مع وجود البنية التحتية المطلوبة من بيئة طبيعية متميزة وكفاءات مستثمرة بطريقة ناجحة.
وتوفر التطورات العالمية في مجال تكنولوجيا المعلومات والإعلام الفرصة والإطار الملائمين لتطور حالة التعليم والإعلام البيئي في الأردن، والشفافية في الحصول على المعلومات. وقد تمكنت هذه التكنولوجيا من اختراق مختلف المجالات والقطاعات، وبدأت آثارها تظهر مؤخراً من خلال تزايد الاهتمام بالمعلومات والأخبار البيئية في المؤسسات الإعلامية المحلية. وأصبحت المفاهيم البيئية عنصراً رئيسياً في المناهج التعليمية المدرسية، كما ازداد عدد البرامج الجامعية المتخصصة بالإدارة البيئية. ومن المنتظر أن تتطور الخطط والبرامج في هذا القطاع بشكل يتماشى مع دور المعلوماتية، وإن تكن المعلومات البيئية الصادرة عن المؤسسات العامة ما زالت قليلة الانتشار، كما تسود حالة من التردد في تزويد الإعلام والمجتمع المدني بالمعلومات.
وبدأت تنتشر مؤخراً في القطاع العام، وان بشكل بطيء، أساليب الإدارة البيئية الحديثة. ويعود ذلك بطريقة مباشرة إلى تنفيذ العديد من المشاريع الدولية والمحلية الممولة من مؤسسات بيئية مانحة وفق أنماط ومعايير إدارية حديثة. ومع تراكم الخبرة، ظهرت نتائج هذه الأساليب من خلال تحسين إدارة العديد من المشاريع البيئية واتباع الطريقة العلمية في تقديم مقترحات المشاريع وإدارتها ومراقبة تنفيذها. ومن أهم أدوات الإدارة البيئية المتوقع انتشارها في السنوات المقبلة تقييم الأثر البيئي، والتدقيق البيئي، والكفاءة البيئية، والإدارة المتكاملة للأنظمة البيئية والمناطق الساحلية، والتدريب البيئي، مع التطور في المعرفة لدى الخبراء والفنيين الأردنيين.
ومن المتوقع أن يحدث أيضاً تطور في قطاع الصناعة الرفيقة بالبيئة. وهي نقطة مرتبطة بتحرير التجارة العالمية وفتح الأسواق والتنافسية، حيث باتت شريحة كبيرة من الصناعات والشركات المحلية تؤمن بضرورة تطبيق أساليب إنتاج رفيقة بالبيئة، حتى على مستوى بسيط من إدارة الموارد وتقليل فقد المواد الأولية. وانتشرت بالتالي أنظمة الإدارة البيئية، مثل الايزو 14000 والتدقيق البيئي في بعض الصناعات المحلية التي حصلت على شهادات الجودة البيئية. وانتظمت صناعات أخرى في شبكة من الصناعات الرفيقة بالبيئة. ومن المنتظر أن يتزايد عدد المصانع والشركات المعتمدة على أنظمة الإدارة البيئية، وأن يتوسع نقل التقنيات الرفيقة بالبيئة مع تخفيض أسعارها المتوقع بعد إزالة الرسوم الجمركية عنها أو تخفيضها.
الهواء والنفايات والسكان
من القطاعات التي يتوقع أن تشهد ثباتاً في الحالة نوعية الهواء في المدن البعيدة عن المنشآت الصناعية. فقد بقيت ضمن المعايير المقبولة محلياً ودولياً. ولم تنتشر بعد تقنيات استخلاص الملوثات من المداخن بسبب كلفتها العالية، فاستمرت معظم الصناعات في اطلاق الغازات الملوثة إلى الهواء. لكن بُعد معظم المنشآت الصناعية عن أماكن السكن خفف من حدة تأثير هذا الواقع. الا أن بعض بؤر التلوث ما زالت منتشرة في العاصمة والمحافظات. ومع الاستمرار في استخدام البنزين المحتوي على الرصاص والبترول المحتوي على نسبة عالية من الكبريت كمصادر رئيسية للطاقة في الأردن، من غير المتوقع حدوث تحسن في نوعية الهواء، التي سيزداد تدهورها في الأحياء المزدحمة بالسيارات.
وفي مجال إدارة النفايات الصلبة، حدث بعض التقدم في السنوات الأخيرة. ولكن لا تزال معظم المكبات تعمل بشكل شبه عشوائي، خاصة مع تزايد كميات النفايات وعدم تطبيق أسلوب الفرز وإعادة التدوير على مستوى اجتماعي ومؤسسي واسع، مما يواصل الضغط على القدرة المحدودة للمكبات الحالية. وعلى المستوى المؤسسي، تعاني البلديات، وهي الجهات الرسمية المكلفة بإدارة النفايات الصلبة، من قصور الميزانية والموارد التقنية للتعامل بشكل فعال مع الكميات المتزايدة.
من جهة أخرى، سيشهد قطاع التمويل ثباتاً. فقد تمتع الأردن في النصف الأول من عقد التسعينات بمستوى عال من التمويل والمساعدات الخارجية، في وقت وفرت فيه المؤسسات البيئية والتنموية الدولية مبالغ كبيرة لدعم الدول النامية في بناء القدرات. وكان الأردن، كدولة موقعة على جميع المعاهدات البيئية الدولية، مهيأ لتلقي مثل هذه المساعدات والمشاريع، التي توزعت على المؤسسات العامة والجمعيات البيئية، ونتجت عنها عدة مشاريع هامة ساهمت في تحسين الوضع البيئي، وكذلك في تقوية قدرات المؤسسات الأردنية على اجتذاب التمويل وتنفيذ المشاريع.
استفادت المؤسسات الحكومية من معظم المساعدات المخصصة لقطاعات محددة ضمن رزمة التمويل المرتبطة بالمعاهدات الدولية، وكانت المساعدات والمنح تهطل على هذه المؤسسات دون بذل جهد كبير في اجتذاب التمويل إلا أن الوضع الآن اصبح مختلفاً، ومن الواضح أن هناك تراجعا في مستوى التمويل. وباتت الهيئات المانحة أكثر انتقائية ودقة في تحديد تمويلها. وأصبح الحصول على التمويل مهمة ليست باليسيرة، تتطلب الكثير من الإبداع والقدرة على استكشاف الفرص المتاحة والمعرفة التقنية الواسعة بأساليب تقديم مشاريع التمويل. ويمكن القول ان التمويل أصبح محدوداً الى حد ما بالنسبة الى المؤسسات البيئية الأردنية. وحدها المؤسسات الناجحة التي تمكنت من تسجيل إنجازات مهمة في تطبيق البرامج هي المؤهلة أكثر من غيرها، وإن تكن بعض المؤسسات المانحة تتعامل فقط مع الحكومات، مما يسهل على الجهات الحكومية أحياناً اجتذاب التمويل.
وعلى صعيد النمو السكاني، بعد فترات من النمو السريع والمثير للقلق، حدث تراجع نسبي مع نهاية عقد التسعينات. ومن المنتظر أن يستمر هذا التراجع مع زيادة التوعية بأهمية تطبيق أساليب تنظيم الأسرة وتغير بعض العادات الاجتماعية. إلا أن النمو المطلق سيبقى كبيراً ويؤثر بشكل مقلق على الموارد الطبيعية المحدودة، وخصوصاً الموارد المائية الشحيحة التي يتزايد عليها الطلب الى حد أكبر من القدرة على التوفير. وللتأثيرات الاقتصادية والاجتماعية الخاصة بالنمو السكاني انعكاسات سلبية على حالة البيئة. ومن المنتظر أن تستمر هذه الزيادة السكانية في إحداث ضغط متواصل على الموارد الطبيعية.
ماذا يتقهقر؟
يأتي قطاع المياه في طليعة القطاعات البيئية التي يتوقع أن تشهد تراجعاً. وتبقى مشكلة المياه، بكميتها ونوعيتها، الشغل الشاغل للمسؤولين وللبيئيين في الأردن. وهي القاسم المشترك في الغالبية العظمى من المشاريع والبرامج البيئية، كما تحظى بنصيب الأسد من التمويل. ومع النمو السكاني وازدياد الاحتياجات الى الموارد المائية، في مقابل تناقصها المستمر، تبدو احتمالات تفاقم الأزمة المائية أكثر رجوحاً.
ولم يستطع الأردن حتى الآن المضي قدماً لايجاد حل استراتيجي لأزمة المياه، سواء من خلال المشاريع العملاقة لنقل المياه، أو تحلية مياه البحر، أو استخدام المياه العادمة المعالجة في القطاعات الزراعية أو الصناعية. وتشكل مظاهر أزمة مياه الشرب في الصيف مؤشراً على الوضع المائي المرشح لمزيد من التفاقم في السنوات المقبلة.
وتعتبر أزمة القطاع الزراعي توأماً لأزمة نقص المياه وتردي نوعيتها. فبالإضافة إلى معاناته من مشاكل هيكلية، فهو يستنزف نحو ثلاثة أرباع موارد المياه، ولا يؤدي دوراً حقيقياً في الإنتاج الوطني، باستثناء دوره كنمط حياة يساهم في الاستقرار الاجتماعي في الريف. ومع الدخول في اتفاقيات التجارة الحرة، سوف تزداد الصعوبات أمام القطاع الزراعي في إيجاد الأسواق الملائمة وتحقيق ربح ونمو يبرران استهلاكه لكميات هائلة من مصادر المياه. ومع التردد الواضح في اتخاذ قرار سياسي واقتصادي في إعادة هيكلة القطاع الزراعي نحو المحاصيل ذات المردود الاقتصادي العالي، فإن التوجه المتوقع هو استمرار التراجع في انتاجيته في الوقت الذي تتزايد فيه نسبة استنزافه لموارد المياه.
ومع التردد الواضح في اتخاذ قرار سياسي واقتصادي في إعادة هيكلة القطاع الزراعي نحو المحاصيل ذات المردود الاقتصادي العالي، فإن التوجه المتوقع هو استمرار التراجع في انتاجيته في الوقت الذي تتزايد فيه نسبة استنزافه لموارد المياه الشحيحة.
من ناحية أخرى، انتشرت مشاكل التلوث البيئي وتأثيرها المباشر على صحة الإنسان بشكل واسع خلال السنوات القليلة الماضية، بفعل زيادة مصادر التلوث لعناصر البيئة من مياه وهواء وتربة، وخصوصاً تلوث مياه الشرب بالطحالب والمواد العضوية والكيميائية السامة وتلوث المحاصيل بالمبيدات. وترافق هذا مع الضعف في تطبيق برامج الرقابة الرسمية على مصادر التلوث، والتردد في تطبيق بنود القوانين والتشريعات البيئية. كما أن عدم توفر المعلومات الحقيقية والصادقة حول حالات التلوث ونسبها ومصادرها يعطيها صورة ضبابية وغير محددة، مما يربك عمليات تقييم وضع التلوث في الأردن. وما لم تتطور برامج المراقبة ومعاقبة الملوثين، وتتحسن الشفافية في المعلومات، فمن المتوقع أن يزداد خطر الملوثات على صحة الإنسان وصحة النظام البيئي الطبيعي.
ومن القطاعات الأخرى التي يتوقع أن تشهد تراجعاً إدارة النفايات الخطرة، في غياب نظام محكم لمعالجتها. وكذلك قطاع البيئة الساحلية، خاصة مع تحويل العقبة الى منطقة اقتصادية خاصة، وتدهور الوضع البيئي للبحر الميت. كما لا يمكن تجاهل مشكلة التصحر وتدهور الغطاء النباتي المتفاقمة، وهي المشكلة المشتركة بين كل الدول العربية.
لقد خطا الأردن خطوات كبيرة في محاولة ايجاد حلول للعديد من هذه المشاكل. ولا يزال هناك الكثير من الجهد المطلوب من جميع القطاعات العامة والخاصة والأهلية، مع توفر الإرادة السياسية المباشرة لإعطاء البعد البيئي الأهمية التي يستحقها في التخطيط التنموي.
كادر
الاجندة الوطنية 21: نحو تنمية مستدامة
يعتمد الاردن بشكل أساسي على بيئته الهشة. واستغلال الموارد البيئية، من مياه وتربة ونبات وغيرها بطريقة مستدامة يشكل واحداً من أهم التحديات البيئية. وقد أكد الاردن التزامه بمبادئ التنمية المستدامة في قمة الارض التي عقدت في ريو دي جانيرو عام 1992. وقامت المؤسسة العامة لحماية البيئة، من خلال عملية تشاركية واسعة بين كافة القطاعات وضمن توافق وطني وبمشاركة أكثر من 50 خبيراً ومختصاً، باعداد وثيقة الاجندة الوطنية 21 لتحقيق التنمية المستدامة، التي تعمل على تلبية احتياجات الاجيال الحاضرة من الموارد الطبيعية دون المساس بحقوق وحاجات أجيال المستقبل.
ان تحقيق أهداف الاجندة الوطنية 21 يتطلب جهداً وطنياً منسقاً يشتمل على شراكات سياسية واجتماعية واقتصادية جديدة. وهناك أيضاً حاجة الى التزامات ثابتة لضمان العوامل الضرورية لتحقيق هذه الاهداف، وهي بناء القدرات الوطنية، والمعلوماتية، والترتيبات المؤسسية والقانونية، والتكنولوجيا، والتمويل، مما يؤدي الى تغيرات في اتخاذ القرارات وتحسين الأنظمة في مجالات التخطيط والتنفيذ والمراقبة.
الادارة المتكاملة للموارد من أهم أهداف الأجندة  الوطنية 21. وهي تشمل قطاعات المياه والاراضي والزراعة والطاقة والمعادن. وأبرز ما ستعالجه في قطاع المياه الشح وقلة المصادر الطبيعية وتذبذب سقوط الامطار، وازدياد الطلب مع ازدياد عدد السكان والهجرات القسرية، علماً أن الطلب على المياه يفوق العرض في الاستعمالات الزراعية والصناعية والشرب. أما في قطاع الأراضي والزراعة، فهي تتناول الزحف العمراني، والرعي الجائر، وتقلص مساحات الغابات الطبيعية بحيث باتت لا تتجاوز 1% من المساحة الكلية، وانجراف التربة وتدهورها، وتلوث الاراضي الزراعية من جراء النفايات البلاستيكية والمبيدات وتصريف المياه العادمة، وخصوصاً في منطقة حوض سيل الزرقاء.
ومن مشاكل قطاع الطاقة التي ستعالجها أن الاردن يستورد معظم طاقته التجارية نفطاً، ويستعمل الصخر الزيتي حيث تزيد الاحتياطات على 40 مليون طن تحتوي في المعدل على نفط بنسبة 10%، وتمثل احتياطات النفط والغاز المحليين حوالى 1% و4% فقط من الكميات المستوردة. ويتم تشجيع المصادر المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والغاز الحيوي، علماً أن معظم استعمالات الطاقة الشمسية تكمن في سخانات المياه المنزلية. كما يشجع استعمال مصادر بديلة تشمل الرمل القاري قرب البحر الميت والطاقة الكهربائية من السدود.
وفي قطاع التعدين، يتم التركيز على عمليات التنقيب عن المعادن وتطوير صناعاتها، وأهمها الفوسفات والاسمنت والبوتاس والزجاج.
وضمن استراتيجية الادارة البيئية المتكاملة، يجري العمل على تحديد المعايير والمواصفات، وتقوية المراقبة وادارة البيانات، وتطوير البحث العلمي. وسيتم تعزيز المشاركة المؤسسية بين القطاع العام والقطاع الخاص، مع اشراك الجمهور في صنع القرارات البيئية، وتطوير التشريعات لتتناسب مع المستجدات المعاصرة.
وفي حقل التراث الطبيعي والثقافي، تركز الأجندة الوطنية على حماية التنوع الحيوي النباتي والحيواني، والموروث الثقافي، وتطوير المناطق الاثرية والسياحية. وهذه يتم دمجها بمفهوم التنمية المستدامة من خلال إجراء الدراسات والبحوث الميدانية للأنظمة البيئية في الاردن، واعادة توطين الحيوانات المنقرضة، مثل المها والغزال والنعام والماعز الجبلي والحمر البرية والايل الفارسي والجاموس البري والسنجاب. وستنشأ شبكة من المناطق المحمية تمثل الانظمة البيئية كافة، مع ترويج مفهوم السياحة البيئية، وتطوير المناطق الاثرية والسياحية والدينية.
وقد تم إعداد الاستراتيجية الوطنية للتوعية والاعلام والاتصال لتشجيع الوعي بقضايا التنمية المستدامة وتوفير المعلومات. وستعمل الاجندة على تشجيع الجمعيات التطوعية للمشاركة في برامج التوعية البيئية للوصول الى جميع قطاعات المجتمع، وعلى تعزيز المناهج المدرسية بالمفاهيم البيئية، وتطوير التعليم البيئي الجامعي، وتدريب الاعلاميين البيئيين، وتوفير المعلومات لوسائل الاعلام بشفافية.
ومن أهم التحديات الاجتماعية والاقتصادية ضمن الاجندة  محاربة الفقر، والتخطيط السكاني، وتغيير أنماط الاستهلاك، ومعالجة قضايا الشباب والاطفال والنساء.
ويمكن تلخيص المشروعات ذات الاولوية التي يحتاجها الاردن لتطبيق التنمية المستدامة كما يلي في قطاع المياه: مشروع ناقل المياه الوطني من مياه الديسي الى عمان، ومشروع تحلية المياه، واقامة قناة البحر الاحمر ـ البحر الميت، وتحديث شبكات المياه، وتحسين محطات معالجة المياه العادمة، وتحسين قدرات استيعاب المياه لقناة الملك عبدالله. وفي قطاع الزراعة: اعادة استعمال المياه العادمة، واستعادة العلف الحيواني من المخلفات النباتية، وادخال المحاصيل المقاومة للجفاف والملوحة، وتطوير وسائل الري، ومشروع المكافحة الحيوية للحشرات والاوبئة. وفي قطاع الطاقة: استغلال الصخر الزيتي، وتطوير مشاريع الطاقة المتجددة، وانتاج الغاز الحيوي في مكبات النفايات الصلبة. ومن مشاريع التنوع الحيوي: انشاء الحديقة النباتية الوطنية، وبنك للجينات، ومركز التدريب على التنوع الحيوي، واستكمال شبكة المناطق المحمية، وتطوير التشريعات البيئية وخصوصاً المتعلقة بالصيد.
أحمد قطارنة
رئيس مكتب التنمية المستدامة
كادر
الوزير عبد الرزاق طبيشات: وزارة البيئة آتية بعد منتصف 2002
"البيئة والتنمية" التقت وزير الشؤون البلدية والقروية والبيئة الأردني الدكتور عبدالرزاق طبيشات في عمّان, هنا بعض ما جاء في حديثه الى خالد مبارك وربى صقر عن أهم القضايا البيئية في الأردن وعن وزارة البيئة التي ينتظر إنشاؤها في وقت قريب.
"الاردن يراقب الاشعاعات عن كثب وبشكل مستمر، ولا أدلة على وجود تركيز إشعاعي غير طبيعي في أراضيه". هذا ما أكده وزير الشؤون البلدية والقروية والبيئة الدكتور عبد الرزاق طبيشات لـ "البيئة والتنمية"، متهماً إسرائيل بإثارة ضجة حول التأثير الاشعاعي الخطير لمفاعل ديمونا النووي على سلامة البيئة وصحة الإنسان في جنوب الأردن، وبخاصة في محافظة الطفيلة التي تبعد عن المفاعل مسافة 32 كيلومتراً فقط. وقال ان الاسرائيليين "حاولوا أن يثيروا زوبعة لاستغلال المنظمات الدولية بغية الحصول على تمويل لمفاعلهم"، واصفاً ذلك بأنه عملية ابتزاز. وأضاف: اذا كان هناك ضرر فهو يقع عليهم بشكل أكبر مما يقع علينا".
وحول ما إذا كانت إسرائيل تسبب مشكلات بيئية في خليج العقبة، أو وغيره، قال الوزير: "مشكلتنا الرئيسية مع إسرائيل على المستوى البيئي هي مشكلة المياه التي تعد قضية مستمرة. فالأردن يحصل على 50 مليون متر مكعب من إسرائيل حسب اتفاقية السلام الموقعة بينهما. وهذه المياه تأتي من بحيرة طبريا التي تعاني من تلوث. ولكننا نعالج هذه المياه في محطة زي ضمن مواصفات معينة". وبيَّن أيضاً أن مياه المجاري الإسرائيلية تسربت إلى خليج العقبة مرة واحدة، وعولج الموضوع ولم يتكرر.
وعن تحويل العقبة الى منطقة اقتصادية خاصة وأثر ذلك على البيئة، قال طبيشات إن جميع الجوانب البيئية تمت مراعاتها، وهناك مديرية خاصة بالبيئة ذات صلاحيات واسعة وتفويض كامل للإشراف على جميع أمور البيئة في العقبة، إضافة إلى التعاون والتنسيق المتواصل بين المؤسسة العامة لحماية البيئة وسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة.
وأكد الوزير طبيشات عدم وجود مشكلات بيئية مستعصية في الاردن، وإن تكن هناك حالياً مشاكل عديدة "نعمل على ايجاد الحلول الشاملة لها، بتوجيه من الملك عبد الله الذي يولي الشأن البيئي الاهتمام والعناية اللازمين". وأضاف أن الأردن وقع وصادق على جميع الاتفاقيات البيئية الدولية، إضافة إلى المشاركة الفاعلة في الأنشطة والمؤتمرات البيئية الدولية. وقال ان أبرز المشاكل البيئية التي تواجه الأردن تتعلق بالمياه، ومحطات التنقية، ومكبات النفايات، والتصحر الناتج عن الجفاف وقلة الأمطار، والتعامل مع مخلفات المصانع والنفايات الخطرة، معتبراً أنها تحتاج إلى التمويل اللازم لايجاد الحلول المناسبة.
وقال ان عملية دمج البلديات، التي تتبناها الوزارة، مكنتها من التمتع بالمؤسسية وتحسين أوضاعها ورفدها بالكوادر الفنية والإدارية والعلمية المؤهلة، إضافة إلى التقنيات الحديثة لخدمة المواطنين وحماية البيئة، وخاصة في النظافة والصحة العامة والتشجير واقامة الحدائق.
وعزا التأخير في إنشاء مكب "سواقة"، المخصص لمعالجة النفايات الخطرة، الى أنه يحتاج إلى امكانات ضخمة لتجهيزه، مضيفاً أن الحكومة توفر سنوياً بعض المخصصات المالية من الموازنة لاتمام المشروع. وأشار إلى أن مجلس الوزراء قسم مؤخراً مسؤولية التعامل مع النفايات بين مختلف الوزارات، بحيث تحددت مسؤولية النفايات الصلبة لوزارة البلديات، والنفايات السائلة لوزارة المياه، والنفايات الطبية لوزارة الصحة، والنفايات الصناعية لوزارتي الصناعة والتجارة والبلديات معاً.
وعن دور المنظمات غير الحكومية، قال ان الأردن حقق نجاحاً كبيراً بإنشاء مؤسسات بيئية تطوعية تلقى دعماً من الوزارة والمؤسسة العامة لحماية البيئة، ويتم الاعتماد عليها في أمور كثيرة. فقد أنيطت مسؤولية إنشاء وإدارة المحميات بالجمعية الملكية لحماية الطبيعة، كما أنيطت التوعية البيئية بجمعية البيئة الأردنية، وقضايا التصحر بالجمعية الأردنية لمكافحة التصحر وتنمية البادية، والمشاريع الرفيقة بالبيئة بجمعية أصدقاء البيئة وغيرها من الجمعيات الفاعلة. ونوه بنجاح هذه الجمعيات وقدرتها على إثبات وجودها على الساحة المحلية والدولية.
وحول إنشاء وزارة للبيئة في الأردن، قال طبيشات ان خروج هذه الوزارة إلى حيز الوجود سيكون في النصف الثاني من هذه السنة، مبيناً أن قانون الوزارة قد أنجز، وهو الآن في ديوان التشريع لحسم بعض الخلافات الجوهرية، وأبرزها وجود رأيين حول دور الوزارة: الأول يدعم اعتبار القانون الجديد امتداداً للوضع الحالي والتعليمات الصادرة عن القانون رقم 12 لعام 1995 والذي أنشئت بموجبه المؤسسة العامة لحماية البيئة، ولا يحتاج الأمر الا الى استبدال اللوحة على مبنى المؤسسة باسم "وزارة البيئة". أما الرأي الثاني فيدعم ربط أقسام البيئة في جميع الوزارات والمؤسسات الرسمية، كالصحة والزراعة والمياه والجمعية العلمية الملكية، بوزارة البيئة الجديدة لتكون مسؤولة عنها مسؤولية كاملة.
وقال طبيشات انه يتبنى الرأي الثاني، وهذا ما لم يقر حتى الآن لأنه مسألة سياسية، معتبراً أن ربط جميع الأقسام البيئية بالوزارة العتيدة يمكنها من الإضطلاع بمسؤوليتها على أكمل وجه، وإلا فما فائدتها إذا كانت شكلية فقط؟ ورأى وجوب أن تناط بوزارة البيئة مسؤولية كل قضايا البيئة في الأردن، وأن يتحدد ذلك في نص القانون بقرار من مجلس الوزراء، مبيناً أنه سيتم بحث هذا القانون قريباً. ولفت إلى ضرورة رفد الوزارة الجديدة بالكفاءات العلمية العالية في جميع مجالات البيئة.
وختم طبيشات حديثه الى "البيئة والتنمية" مؤكداً حرص وزارته على معادلة التوازن بين البيئة والتنمية. فصحة المواطن هي الأساس، "شعرنا بأن هناك مشروعاً تنموياً يؤدي إلى ضرر على الناس والبيئة، فاننا نعمل على وقف المشروع فوراً، لأن ذلك يعد خطاً أحمر لا نسمح بتجاوزه".
 
الدكتور عبد الرزاق طبيشات وزير الشؤون البلدية والقروية والبيئة
ورئيس مجلس حماية البيئة في الأردن
كادر
بيئة الأردن في مؤشر المنتدى الاقتصادي العالمي:
المرتبة الأولى عربياً والـ53 عالمياً بين 142
حل الأردن في المرتبة 60 على مؤشر البيئة العالمية لسنة 2002 الذي صدر عن المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس) في دورته الأخيرة  في نيويورك. وقد شمل المؤشر 142 دولة، جاءت في طليعتها فنلندا، وحل الأردن في المرتبة الثانية عربياً بعد المغرب.
ويظهر من الأرقام أن الأردن حصل على درجات فوق المعدل في: نوعية الهواء، استخدامات الأراضي، تخفيف تلوث الهواء، تخفيف الضغط على الأنظمة البيئية، الحد من الهدر والضغوط الاستهلاكية، توفير الحاجات المعيشية الأساسية، صحة البيئة، القدرة العلمية والتكنولوجية، مشاركة القطاع الخاص، المشاركة في المبادرات البيئية الدولية.
في المقابل، كان تقييم الأردن دون المعدل في مجالات: نوعية وكمية المياه، التنوع البيولوجي، الحد من الضغط على مصادر المياه، الحد من النمو السكاني، المؤسسات، الكفاءة البيئية، الحد من انبعاثات غازات الدفيئة والتلوث عبر الحدود.
 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
باتر محمد علي وردم وربى صقر وخالد مبارك الأردن
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.