خلال السنوات الماضية أفرزت كوارث صناعية أزمات كبرى تركت آثارها السلبية على المجتمعات والحكومات والبيئة، مثل حادثة بوبال في الهند وحادثة تشيرنوبيل في اوكرانيا. هذه الكوارث تستدعي الاهتمام الدائم والدراسة المعمقة لتفادي تكرارها في أي نقطة من العالم، خاصة في ظل ما تعيشه بلدان كثيرة من نمو فوضوي للمدن وتجمعات سكانية بالقرب من المصانع ومصادر الخطر. والجزائر من البلدان العربية التي بدأت اتخاذ خطوات عملية لتفادي كوارث مماثلة.
تنتج الجزائر سنوياً ما يقدر بـ200 ألف طن من النفايات الخاصة الخطرة، الناتجة أساساً عن النشاطات الصناعية والزراعية والعلاجية. وهي حالياً تخزن ضمن وحدات إنتاجها أو يتم التخلص منها بطرق غير قانونية في المزابل العمومية المخصصة أساساً للنفايات المنزلية، وفي هذه الحالة تصبح مصدر خطر دائم يتسبب في تلوث المياه السطحية والجوفية.
وقد شرعت وزارة تهيئة الاقليم والبيئة الجزائرية في وضع استراتيجية بيئية وطنية، معتمدة على التقرير الوطني حول وضعية البيئة والمخطط الوطني للنشاطات البيئية والتنمية المستدامة، بحيث تتمكن من تسيير النفايات الخاصة تسييراً جبرياً يخضع للمقاييس البيئية العالمية. هذه العملية المعلن عنها في كل ولايات الجزائر ستسمح بتفادي الأخطار المتعلقة بتسيير المواد الكيميائية الخطرة، والنفايات الخاصة، وتفادي وقوع مآسٍ كتلك التي حدثت السنة الماضية في مصنع AZF بالقرب من وسط مدينة تولوز الفرنسية وتسببت في وفاة 30 شخصاً وفي خسائر مادية معتبرة، وكادت أن تكون أفدح لو انفجر المخزون الكبير من مادة الأمونيوم المقدر بـ300 طن.
ولأن الجزائر، كبقية الدول، معرضة لحوادث مثل هذه، انطلقت وزارة تهيئة الاقليم والبيئة في إحصاء وطني شامل لكل النفايات الخاصة، من خلال تنظيم ورشات عمل لتدريب أشخاص من القطاعات المنتجة لهذا النوع من النفايات يقومون بعملية الاحصاء وفق منهجية مدروسة. وبالفعل، شهدت سبع ولايات في البلاد، هي الجزائر(2) وسكيكدة وغرداية وتلمسان ومسيلة وباتنة، تنظيم ورشات دامت كل واحدة منها يومين تحت اشراف خبراء دوليين، وشملت المهندسين المكلفين بملف النفايات الخاصة على مستوى المفتشيات الولائية للبيئة، وكذلك مسؤولي الخلايا البيئية داخل المؤسسات التي تفرز النفايات الخاصة وتقنيي المراكز الطبية الجامعية والمكلفين بتسيير نفايات المستشفيات.
تضمن جدول عمل الورشات الوضعية الحالية لطريقة تسيير النفايات الخاصة في الجزائر، والتسهيلات التي يقدمها القانون الجديد، وشرح طريقة ملء الاستبيان الذي يحوي جملة أسئلة تساعد على جمع معلومات عن النفايات الخاصة وأنواعها ومناطق تواجدها، ووضع مخطط لتنسيق العمل بين مختلف الجهات.
وقد صادق المجلس الشعبي الوطني، أثناء مناقشة قانون الميزانية لسنة 2002، على مشروعي قانون تسيير ومراقبة النفايات وطرق التخلص منها. وتجدر الاشارة الى أن الاحصاء الوطني للنفايات الخاصة سيسمح بتقدير كميتها وخصائص النفايات التي يمكن اعادة تدويرها وتلك التي يتم التخلص منها. كما سيسمح بتحديد عدد مواقع ومراكز المعالجة الموجودة في أنحاء البلاد، ومن ثم استنتاج الأولويات اللازمة لانشاء مراكز جديدة واختيار أنظمة الجمع والتفريغ والفرز، مع أخذ الامكانات الاقتصادية والمالية في الاعتبار.
|