Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
أحمد حوري (غوتنبرغ) غوتنبرغ: المدينة المستدامة  
تشرين الأول (أكتوبر) 2003 / عدد 67
 تأسست مدينة غوتنبرغ عام 1621 على يد الملك السويدي غوستاف أدولف الثاني، وُطورت على أيدي المخططين وخبراء القنوات الألمان والهولنديين. وهي تقع في الجنوب الغربي للسويد، وتحوي أحد أهم المرافىء في المنطقة. ومن مرفئها الشهير هاجر مليون سويدي إلى أميركا. يسكنها 475 ألف نسمة (إحصاء عام 2002)، وتتميز بنمو إقتصادي إيجابي رغم المصاعب الاقتصادية التي تواجهها المنطقة منذ سنوات. وتعتبر غوتنبرغ من أشهر المناطق السياحية في اسكندينافيا. وأحد أعيادها المميزة عطلة منتصف الصيف التي تمتد على مدى يومين أو ثلاثة، وفيها يكون النهار طويلاً حيث يسود الضوء أكثر من عشرين ساعة.
مدينة صديقة للبيئة
قام المجلس البلدي في غوتنبرغ بعدد من الخطوات والمشاريع البيئية التي أدت على المدى الطويل إلى تصنيفها كمدينة مستدامة. من هذه الخطوات ضبط النمو العمراني، حيث أوليت المحميات الطبيعية والحدائق العامة والحدائق النباتية العلمية أهمية كبرى ومساحات خاصة. هذا بالإضافة إلى تشجير جوانب الطرق والقنوات. وللأرصفة العريضة والطرق الواسعة والتناسق العمراني دور كبير في شعور السكان والزوار بالراحة النفسية والإنشراح.
وكما هي الحال في العديد من المدن الأوروبية، خصصت ممرات للمشاة ولراكبي الدراجات الهوائية، مما يشجع المواطنين على استعمالها والإستغناء عن السيارات الملوثة. وللمسافات الطويلة، أقامت المدينة شبكة متكاملة من المواصلات العامة فيها، بما فيها 11 خط ترام والعديد من خطوط الحافلات. أما لمن يضطر الى استعمال سيارته، فهناك العديد من المواقف المنتشرة في أرجاء المدينة، بل حتى على الماء حيث أقيم موقف عائم في المرفأ.
تتميز غوتنبرغ بعدد من الحدائق النباتية وحدائق الحيوان لتعريف السكان بطبيعة المناطق النائية الإستوائية والصحراوية والمتوسطية وغيرها. وتتوفر في المدينة مقومات السياحة البيئية، من رياضات مائية ورحلات مشي وتخييم وتسلق جبال وغيرها من النشاطات المثيرة والمستحبة بيئياً.
وقد بدأت غوتنبرغ استعمال بعض مصادر الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء، مثل الخلايا الفوتوفولطية والتوربينات الهوائية، فيما يتم استعمال مصادر متجددة أخرى بشكل كثيف ومنهجي.
مشاريع كبرى لتوفير الطاقة
تنتج الكهرباء في السويد من مصدرين رئيسيين: 50 في المئة من المساقط المائية و50 في المئة من الطاقة النووية. وبحكم الموقع الجغرافي والطقس البارد معظم أيام السنة, يشكل تسخين المياه وتدفئة والمساحات الداخلية قسماً كبيراً من مصروف الطاقة في غوتنبرغ. وتتولى القطاع شركة غوتنبرغ للطاقة، التي بدأت استعمال التدفئة المركزية عام 1953، وهي تؤمن حالياً تدفئة وتبريداً مركزيين. ولا يعتمد في التبريد على الفريون الضار بالبيئة (كلوروفلوروكربون)، وتستخدم فيه الطاقة الحرارية بشكل أساسي وليس الكهرباء. كما يستخدم الغاز الطبيعي لتأمين الطاقة. ويبلغ حجم أعمال شركة غوتنبرغ للطاقة 390 مليون دولار، ومدخولها الصافي نحو 42 مليون دولار، وعدد الموظفين 1102. وهي توزع و تبيع 4000 ج.و.س.
تحوي غوتنبرغ أكبر شبكة تدفئة مركزية في السويد، وتسعى إلى إستعمال وسائل سليمة بيئياً لتأمين الحرارة المطلوبة. وقد تمكنت من إنتاج 70 في المئة من التدفئة من مصادر غير تقليدية و30 في المئة من الغاز الطبيعي القليل التلويث. ويبلغ طول شبكة توزيع المياه الدافئة مع تفرعاتها 600 كيلومتر، وتصل إلى 90 في المئة من الشقق السكنية في المدينة، وهي معزولة جيداً بحيث لا يتجاوز الهدر 7 الى 9 في المئة.
يتم تأمين 60 في المئة من التدفئة المركزية في غوتنبرغ تستخرج من حرارة "مهدورة" يستفاد منها، ومصادرها: معمل حرق النفايات المدار بطريقة سليمة بيئياً، والمصافي النفطية، ومعمل "ريا" لتكرير المياه المستعملة، ومصانع فولفو للسيارات. والحجم الكبير للعمل يسهل عمليات المراقبة ويرفع الكفاءة، كما يوفر مبالغ كبيرة. ولذلك اصبحت السخانات المائية المنزلية المستقلة شيئاً من الماضي.
حرارة من النفايات والصناعة ومياه الصرف
النفايات المتبقية بعد عمليات الفرز، وتبلغ نحو 400 ألف طن سنوياً، تحرق وتستخدم لإنتاج الحرارة والكهرباء. تنتج هذه العملية 1000 ج.و.س. وتحول دون  تراكم النفايات في المكبات. وباستعمال التكنولوجيا الحديثة لتنظيف الغازات المنتجة، أمكن تشييد معمل حرق النفايات قرب المناطق المأهولة بموافقة أهالي المنطقة. وتجدر الإشارة إلى أن الحرق كان الخيار بعد سنوات من إعطاء الاولوية لاعادة التصنيع واستخراج كل ما أمكن من نفايات مفروزة لإعادة التدوير ثم إرسال الباقي للحرق.
وتؤمن مصفاتان نفطيتان ثلث الحرارة المطلوبة، عبر إستخدام الحرارة التي كانت سترمى في البحر أو في الهواء لتسخين مياه التدفئة المركزية، التي يعاد استخدامها لتبريد المنشأة النفطية. وتنتج المصفاة مياهاً بحرارة 100 درجة مئوية ليلاً ونهاراً. وفي العام الواحد ينتج هذا ما يوازي 1300 ج.و.س، وهو قائم منذ العام 1980، ووفر حتى اليوم مليوني طن من الزيت الثقيل.
ويستخرج مصنع "ريا" الحرارة الكامنة في المياه المنزلية الملوثة، والتي تدخل المعمل بحرارة تتراوح بين 5 درجات و18 درجة مئوية وتتدفق بمعدل 1000- 2000 ليتر في الثانية لكل مضخة. الطاقة المستخرجة تساوي ثلاثة أضعاف الطاقة الكهربائية المستخدمة في المكثفات (Compressors). وفي المصنع أربع مضخات حرارية بطاقة إجمالية تتراوح بين 80 و150 ميغاواط، إحداها بطاقة 50 ميغاواط وهي أكبر مضخة حرارية في العالم. وتتراوح حرارة المياه الخارجة من المصنع إلى المنازل بين 48 و 70 درجة مئوية، وتتدفق بمعدل 330 إلى 1000 ليتر في الثانية. ويؤمن هذا المعمل  13 في المئة من الحرارة الإجمالية المطلوبة  لتدفئة المنازل.
تم تطبيق هذه التكنولوجيات بتخطيط وتصميم من المسؤولين والأهالي. وبدأ حديثاً التخطيط لتحويل الباصات والسيارات إلى الغاز الطبيعي الأقل تلويثاً.  ومنذ العام 1983 حتى 2002 انخفض إنتاج الملوثات بسبب التخلي عن استعمال الزيوت الثقيلة. فانخفض انتاج ثاني أوكسيد الكربون 40 في المئة، وأوكسيد النيتروجين 77 في المئة، والكبريت 96 في المئة.
بالإضافة إلى هذه المشاريع، ولتشجيع النمو المتواصل والمشاريع البيئية الاستراتيجية, أقر المجلس البلدي عام 2000 "جائزة مدينة غوتنبرغ البيئية العالمية" التي تفوق قيمتها 133 ألف دولار سنوياً وتمنح لأشخاص أو مؤسسات رائدة في مجال الحفاظ على البيئة.
عبر تطبيق مجموعة من الحلول المتكاملة, تمكنت مدينة غوتنبرغ من تجنب العديد من مشاكل المدن، مثل جبال النفايات, وتلوث الهواء، والحاجة المتزايدة الى الطاقة الكهربائية. هذه الحلول مجتمعة تطرح السؤال عما إذا كان الوقت قد حان لتطبيقها في مدننا العربية.
الدكتور أحمد حوري، أستاذ المساعد في قسم العلوم الطبيعية في الجامعة اللبنانية - الأميركية وعضو الجمعية العالمية للطاقة الشمسية، شارك في المؤتمر، وكتب انطباعاته لـ"البيئة والتنمية". 
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.