Monday 25 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
سعد حسن (القاهرة) طرقات صديقة للبيئة: منتجات اسفلتية أرفق بالصحة وأقل تلويثاً  
تشرين الأول (أكتوبر) 2003 / عدد 67
 أيعقل أن تكون منتجات النفط صديقة للبيئة؟ لا مستحيل في عصر التكنولوجيا المتطورة، حيث تتحول الملوثات من عداوة البيئة الى صداقتها. خلال ندوة علمية متخصصة عقدت مؤخراً في الاسكندرية، تم عرض مادة جديدة "صديقة للبيئة" هي مستحلبات البيتومين التي تستخدم كمادة لاصقة لاسفلت الرصف وكطبقة نهائية لتعبيد الطرق. وباستخدام البحث العلمي، أمكن اذابة الاسفلت بحيث جاء المنتج النهائي رخيص الثمن وقليل التلويث وذا عمر افتراضي طويل ولا يهدد بأضرار صحية. هذا المقال حول مستحلبات الاسفلت كتبه الدكتور سعد حسن عميد كلية العلوم في جامعة عين شمس.
 تنتج مصر سنوياً قرابة 250 ألف طن من اسفلت الطرق الصلب، في مصانع العامرية والاسكندرية والسويس. وتنتج شركة العامرية وحدها 17 ألف طن سنوياً من محلول الاسفلت (cutback) الذي يحتوي 50 في المئة من السولار (المازوت). ويستخدم الاسفلت في عزل المواسير لمنع الصدأ، وعزل الأرضيات والأسقف لمنع تسرب المياه، ولحام الوصلات والشقوق. غير أن معظم الاستخدام يذهب الى رصف الطرق. ويبلغ اجمالي الطرق المرصوفة بالاسفلت في مصر حوالى 44 ألف كيلومتر، منها 22 ألف كيلومتر طرق سريعة. ويتم انشاء حوالى 1000 كيلومتر سنوياً، بالاضافة الى الصيانة الدورية.
يستخدم الاسفلت حالياً في مصر باحدى طريقتين: الأولى، تسخين الاسفلت الصلب (60/70) وتحويله الى مصهور سهل الاستعمال والتشكيل. والثانية، استخدام محلول الاسفلت، أي الاسفلت الصلب مذاباً في 50 في المئة سولار. وفي الطريقتين، يؤدي تجمد الاسفلت وتطاير المذيب العضوي الى تكوين طبقة الاسفلت الصلبة.
غير أن الأضرار البيئية والصحية الناشئة عن هذه الممارسة عالية. ومع ازدياد الاهتمام بالبيئة والحفاظ عليها ومنع تدهورها، ظهرت الحاجة الى تقليل الأخطار الناشئة عن استخدام الاسفلت وتقليل الانبعاثات الضارة الصادرة عن تطاير المذيبات أو الأبخرة الاسفلتية. وترجع دراسة تحضير مستحلبات اسفلتية ذائبة في الماء، واستبعاد المذيبات العضوية، الى أوائل القرن التاسع عشر، حين تمكن علماء في فرنسا عام 1906 من تحضير هذه المستحلبات. وبدأ استخدامها في أوروبا عام 1920، ثم في الولايات المتحدة عام 1930، وبعد ذلك على نطاق عالمي واسع، حيث تبلغ الكمية المستخدمة حالياً نحو 10 ملايين طن سنوياً.
والمستحلب الاسفلتي هو خليط متجانس من قطرات الاسفلت التي يراوح قطرها بين 25 و125 ميكرون (الميكرون جزء من ألف من المليمتر) معلقة في وسط مائي يحوي نسبة ضئيلة من مادة الاستحلاب. ويمكن تقسيمه وفقاً لنوع مادة الاستحلاب المستخدمة الى ثلاثة أنواع: أنيوني وكاتيوني وغير أيوني. ولقد شاع استخدام المستحلبات الأنيونية حتى العام 1950، ثم استخدمت المستحلبات الكاتيونية لزيادة سرعة التجمد وتحسين الالتصاق. كما تقسم هذه المستحلبات من حيث سرعة الجفاف الى ثلاثة أنواع: متوسط وسريع وبطيء. والمستحلب الاسفلتي يمتزج بالماء، ويستخدم على البارد، ولا يتطلب استخدام مذيبات عضوية، وله العديد من الميزات البيئية التي لا تتوافر في محاليل الاسفلت أو عند استخدام الاسفلت الصلب.
انبعاثات الاسفلت
أجريت دراسة على احدى محطات خلط الاسفلت في مصر. فتم قياس الجسيمات الصلبة العالقة في جو العمل، بالاضافة الى تركيز الأدخنة الاسفلتية ومكوناتها. وتبين أن مستوى الجسيمات الصلبة العالقة يتراوح بين 3.8 و5.3 مليغرام في المتر المكعب، مقارنة بالحد الأقصى المسموح به في الهواء الخارجي وفق القانون المصري وهو 230 ميكروغرام (0.23 مليغرام) في المتر المكعب، أي أن التركيز يزيد نحو عشرين ضعفاً على المسموح به.
وبقياس تركيز الأبخرة الاسفلتية الناتجة عن صهر الاسفلت الصلب، في جو العمل وعلى بعد 5 أمتار عن فرن الصهر، وجد أنها تتراوح بين 107 و125 مليغرام في المتر المكعب، في حين أن المسموح به هو 5 مليغرام في المتر المكعب، أي بزيادة 25 ضعفاً عن الحدود القصوى المنصوص عليها في ملحق قانون حماية البيئة.
أظهرت الدراسة وجود 16 نوعاً من الهيدروكربونات الأروماتية المتعددة الحلقات في أبخرة الاسفلت ضمن جو العمل، بتركيزات تتراوح بين 1 و140 نانوغرام في المتر المكعب (النانوغرام جزء من مليون من الغرام). وهي: بنزوفلورنثين، بنزوبيرين، اندينوبيرين، داي بنزوانثراسين، بنزوبيريلين، نفتالين، اسينفتالين، برومونفتالين، اسينفثين، فلورين، فينانثرين، انثراسين، فلورنثين، بيرين، بنزوانثراسين، كريسين.
والمعروف أن هذه المواد مصنَّفة وفق اتفاقية بازل على أنها مواد خطرة، اذ ان المركبات العضوية المحتوية على أربع أو أكثر من حلقات البنزين تسبب ما يزيد على 75 في المئة من أنواع السرطانات، ويحظر قانون البيئة المصري تصريفها في البيئة البحرية. ولقد دلت الدراسات على أن محطات خلط الاسفلت ينبعث منها 47 نانوغرام من مادة الديوكسين لكل طن من الاسفلت المسخن. والديوكسين من أضرّ المركبات المعروفة.
بقياس انبعاثات الهيدروكربونات عند استخدام المحاليل الاسفلتية، بواسطة جهاز كروماتوغرافيا الغاز المقترن بطيف الكتلة، وجد أن انبعاثات أبخرة السولار (بنتاديكان وهكساديكان وأوكتاديكان وغيرها) تتراوح بين 1350 و1670 مليغرام في المتر المكعب. ولم يستدل على أية انبعاثات لأبخرة الاسفلت أو المذيبات العضوية عند استخدام مستحلب الاسفلت.
تأثيرات بيئية
يستخدم الكيروسين (الكاز) والسولار والنفثا والمقطرات البترولية الأخرى بنسبة 50 في المئة في محاليل الاسفلت. وتتطاير هذه المذيبات في الجو. وبالاضافة الى الخسارة الاقتصادية القومية التي تبلغ حالياً نحو أربعة ملايين جنيه (650 ألف دولار) سنوياً نتيجة تطاير المذيبات وتعذر استرجاعها، فانها تسبب أضراراً بيئية بالغة. فالمذيبات العضوية المتطايرة تعتبر ملوثات نشطة ضوئياً، يؤدي تفاعلها مع الأكاسيد النيتروجينية في الجو بوجود ضوء الشمس الى تكوين الأوزون الأرضي، الذي يتسبب في تكوين الضباب الدخاني (smog). ولقد أوقف استخدام خلطات الاسفلت في كثير من الولايات الأميركية، ومنعت ولاية تكساس استخدامها أو بيعها أو تداولها خلال الفترة بين 16 نيسان (أبريل) و15 أيلول (سبتمبر) من كل عام.
وتطاير المذيبات العضوية واعادة تكثفها يلوثان الهواء ويفسدان التربة ويضعفان خصوبتها ويلوثان النظام المائي كالأنهار والبحار. وتدل الدراسات على أن نمو الطحالب يتوقف بنسبة 50 في المئة عند وجود ما بين 4 و15 مليغراماً في الليتر من المقطرات البترولية في المياه لمدة 72 ساعة، كما أن بعض الكائنات البحرية يتوقف نموها بنسبة 50 في المئة خلال 28 ساعة عند التعرض الى ما بين 1.4 و21 مليغراماً في الليتر. ولا يسمح قانون البيئة المصري بزيادة نسبة الهيدروكربونات البترولية في البيئة البحرية عن 0.5 مليغرام في الليتر.
ولدى استخدام الاسفلت وصهره تستعمل خلاطات التسخين التي تستهلك الطاقة وتتطلب صيانة مستمرة. وتسخن هذه الأفران باستخدام السولار والأخشاب واطارات الكاوتشوك، مما يطلق انبعاثات كثيفة ضارة ناتجة من الحرق. وهذا يخالف القانون الذي يحظر الحرق المكشوف ويحدد المستوى الأقصى للأدخنة الاسفلتية المسموح بها في جو العمل بخمسة مليغرامات في المتر المكعب.
أخطار صحية
التعرض لأبخرة الاسفلت، المخلوط بمركبات أليفاتية ومركبات أروماتية عديدة الحلقة وغير متجانسة الحلقة وبعض مركبات النيتروجين والأوكسيجين والكبريت، يفرض أخطاراً على العمال من خلال الاستنشاق وتلوث الجلد. ولقد ثبت أن تعرض العمال مدة طويلة لتركيز 0.1-2 مليغرام في المتر المكعب من أبخرة البيوتامين، التي تحتوي على 10-200 نانوغرام من البنزوبيرين في المتر المكعب، يصيبهم بأضرار صحية بالغة.
أثبتت الدراسات على حيوانات التجارب أن التعرض المتكرر لتركيزات من المقطرات البترولية يؤدي الى الاصابة بسرطان الكبد والكلى والدم والجلد. وتبلغ سمية السولار أو الكيروسين الذي يصل الى جسم حيوانات التجارب عن طريق الفم 5 غرامات في الكيلوغرام، والتي تصل من خلال الجلد غرامين في الكيلوغرام، والتي تصل عبر التنفس 5 مليغرامات في الليتر لمدة 4 ساعات.
وفي ما يتعلق بالتعرض لأبخرة الاسفلت، دلت عشرون دراسة على عمال محطات الخلط ورصف الطرق عن ازدياد الاصابة بأمراض سرطان الرئة والمعدة والجلد والدم. أما التعرض لفترات قصيرة أو متقطعة لهذه المذيبات فيؤدي الى التهاب أغشية العين والأنف والصداع والغثيان وزيغان العينين والدوار والتقلصات والتعثر في الكلام وصعوبة التنفس وفقر الدم. والتعرض الطويل الأمد لأبخرة المقطرات البترولية يؤدي الى تدمير الرئة وتليّف الجهاز التنفسي، حيث تدل معايير OSHA العالمية على أن حد التعرض المسموح به هو 500 جزء في المليون أو غرامان في المتر المكعب لمدة 8 ساعات.
فوائد المستحلبات الاسفلتية
يوفر استخدام المستحلبات الاسفلتية ما لا يقل عن خمسة ملايين جنيه (800 ألف دولار) سنوياً في مصر نتيجة استبعاد استخدام المذيبات العضوية. وهي تعني عن أفران تسخين الاسفلت والوقود الذي تستهلكه، وعن الحرق المكشوف وما يصدره من انبعاثات ضارة. كما تحول دون تطاير مذيبات عضوية وما تحمله من تأثيرات صحية على العاملين في محطات الاسفلت وورش رصف الطرق. ولا يترتب على استخدامها تطاير أبخرة اسفلتية محملة بمواد مسرطنة. وهي لا تلوث التجمعات المائية أو التربة وتخفف الاخلال بالنظام البيئي.
ويلغي استخدام هذه المستحلبات احتمالات الحريق الناشئ من اشتعال مذيبات الخلطات الاسفلتية (بنزين، كيروسين، سولار، نفثا) أثناء النقل والتخزين. وتتيح الاستخدام الآمن في رصف الطرق وعزل الأرضيات والأسقف وتغطية المواسير والسطوح المعدنية وتبطين الترع والمصارف وخزانات المياه. ويمكن استخدامها على سطوح مبللة. كما انها تغني عن اغلاق الطرق مدة طويلة أثناء الرصف، اذ انها سريعة الجفاف مقارنة بالخلطات الاسفلتية.
ويمكن حقن المستحلبات الاسفلتية على عمق 60 سنتيمتراً من الأراضي الرملية لمنع تآكل التربة وتقوية تماسكها وعدم تسرب المياه. كما يمكن خلطها مع المخصبات والمبيدات وحقنها في التربة لابقاء هذه المواد الزراعية فترة أطول، مما يسمح بتقليل كميات المبيدات والمخصبات المستخدمة. وقد تضاف بنسبة قليلة الى خلطات الورق (كرافت). كما يمكن استخدامها مع طمي حفر آبار البترول، مما يزيد سرعة الحفر ويقلل نفاذية الصخور الحاملة للبترول. واذا خُلطت مع مبلمرات أو مطاط صناعي أو شمع أو فلين، فهي تحسن بعض الخواص. أما اذا اضيفت الى خلطات الاسمنت فهي تمنع نفاذيتها للمياه وتزيد مقاومتها للأحماض.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
فتيحة الشرع ـ دمشق صيدلية الطبيعة ثروة للاقتصاد
راغدة حداد (دوربان) قمة المحميات
ماري عبود أبي صعب موناكو متحف البحار
جوان سيسلي (لندن) السيد غرين يبني لغير البشر
رجب سعد السيد موارد العـالـم
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.