حريق في مصنع، وانفجار في مستودع، وروائح حادة غامضة تنبعث من "ملجأ" في أسفل بناية سكنية. المصدر واحد: مواد كيميائية خطرة أو قابلة للاشتعال، مخزونة في أماكن غير ملائمة ومن غير اتخاذ إجراءات للسلامة. ولا يعرف عمال المصنع أو المستودع، ولا سكان البناية والجوار، أبعاد الخطر الذي تمثله هذه المواد المخزونة، ولا ماذا يفعلون إذا شب حريق. هذه الحوادث تحصل دائماً، لكنها في بلداننا العربية تمر غالباً من دون عقاب رادع، بسبب غياب القوانين الضابطة أو عدم تطبيقها.
الأخطار التي ينطوي عليها تخزين المواد الخطرة دفعت حكومات كثيرة إلى إصدار قوانين متشددة تضبط إجراءات السلامة والوقاية ومواجهة الحوادث. هنا مثال عن تنظيم عمليات التخزين في مقاطعة اونتاريو الكندية.
استجابت فرق الطوارئ في مدينة هاملتون بمقاطعة اونتاريو الكندية لمكالمة من مدينة ميسيسوغا، حيث كان مخزن للمواد الكيميائية خارج أحد المصانع يطلق انبعاثات سامة. فقد تفاعلت مواد متضاربة بعضها مع بعض وأنتجت سحابة سامة. تحول لون الطلاء على الجدران الخارجية للمخزن من الرمادي إلى الأخضر نتيجة تكوّن حمض الهيدروكلوريك. وأنهكت الأبخرة عاملين في المصنع عندما حاولا فتح الأبواب لتهوئة المخزن، الأمر الذي كان يمكن أن يسبب كارثة لو حصل، لأن دخول الهواء النقي من شأنه أن يحدث تفاعلاً كبيراً.
وتبين أن ثلاثي كلوريد الفوسفور كان يتفاعل في وعاء التخزين. واستخدم رجال الإطفاء الضباب المائي لإخماد الأبخرة. ودخلت فرقة الطوارئ المخزن بملابسها وأجهزتها الوقائية، ووضعت الوعاء الذي يتفاعل مع الهواء في برميل محكم الإغلاق، وتم شحنه من الموقع إلى مرفق خاص للتخلص من المواد الخطرة.
لقد استخدم المصنع ذلك المخزن مكاناً لوضع النفايات الخطرة، عملاً بالقول المأثور: "البعد مدعاة للنسيان". لكن 23 شخصاً كانوا في اتجاه الريح القادمة من موقع الحادث قرروا عدم النسيان، وكذلك شركة التأمين التي كانت تضمنهم. ورفعت قضية جنائية كلفت المصنع ملايين الدولارات.
المالك هو المسؤول
أنظمة تخزين البضائع الخطرة في كندا والولايات المتحدة، المستمدة من توصيات الأمم المتحدة، تحدد أنواعها وكمياتها القصوى والطرق الإلزامية لتوضيبها ومناولتها ووضع العلامات المميزة عليها. ويشمل تصنيف "البضائع الخطرة" المواد المتفجرة، والغازات بأشكال مختلفة، والسوائل القابلة للاشتعال، والجوامد القابلة للاشتعال، والمواد التي تتحول إلى غاز لدى احتكاكها بالماء، والمواد المؤكسدة، والبروكسيدات العضوية، والمواد السامة، والمُعدية، والمشعة، والأكالة، ومواد خطرة متنوعة أخرى.
وتوفر الأنظمة الخاصة معلومات حول التراخيص اللازمة لتخزين البضائع الخطرة (بما فيها الوقود) وحفظ المتفجرات. وتنص أيضاً على رسوم الترخيص وحدود الإعفاء منه. فالترخيص لا لزوم له إذا كانت الكمية أقل من الكميات المحددة في الأنظمة. لكن شروط "واجب العناية" في أنظمة الصحة والسلامة في أماكن العمل يجب التقيد بها دائماً.
في اونتاريو، على سبيل المثال، ينص الجزء الأول من نظام الأخطاء على أن المالك مسؤول عن تنفيذ شروط السلامة، ما لم يتحدد خلاف ذلك. ويعرّف "المالك" بأنه "أي شخص أو مؤسسة أو شركة تتولى الإشراف على أي جزء من مبنى أو عقار". والشركة التي تخالف تتعرض لغرامة تصل إلى 50 ألف دولار لكل مخالفة. والمدير أو المسؤول في الشركة، الذي يعلم أن الشركة ارتكبت مخالفة أو خالفت شرطاً، يتعرض لغرامة لا تزيد على 25 ألف دولار، أو للسجن مدة لا تزيد على سنة، أو لكلتا العقوبتين. والمالك مسؤول عن مراجعة عمليات التشغيل، وعن الاتصال بالإطفائية المحلية إذا تبين له أن هناك أي مخاوف.
معايير وتدابير خاصة
عند اتخاذ قرار حول تصميم وانشاء نظام للتخزين، من المهم إجراء تقييم مناسب للحاجات اللازمة. وهنا بعض المعايير التي ينبغي اتباعها:
تصنيف الخطر: حدِّد مواصفات المنتجات أو المواد التي ينبغي تخزينها، وتأكد من أنها غير متضاربة، أي غير خطيرة التفاعل. فينبغي، مثلاً، ألا تخزن سائلاً سريع الالتهاب مع مادة مؤكسدة، لأن هذه المادة تساعد على نشوب حريق أكثر تطايراً.
السعة: اختر وحدة التخزين على أساس عدد البراميل أو البالات أو الحمولات أو الأوعية التي ينبغي تخزينها. فإذا كنت تعتزم، مثلاً، صب سوائل من براميل إلى أخرى، تأكد من وجود فسحة كافية للقيام بالعمل الضروري بأمان.
الاستعمال المقصود: هل المنشأة مخصصة للتخزين أو لأعمال معالجة محدودة. إذا كنت تريد تخزين مواد كيميائية، فيجب توفر بعض الشروط الخاصة، مثل احتواء التسرب وتأمين التهوئة لأغراض المعالجة.
تختلف القدرات الاستيعابية للمخازن، لكن أحجام مخازن السوائل السريعة الالتهاب والاشتعال هي عموماً حوالى 27 متراً مكعباً، أي 3م x 3م x 3م. وتبطن الجدران الخارجية للمخزن بملاط (جبس) يعوق انتشار الحريق مدة ساعتين. وتكون لوحات السقف التي يبلغ مقاسها نحو 3 أمتار من الفولاذ عيار 12، تتخللها حجرات تهوئة مجهزة بمخمدات حريق تعمل مدة ساعة ونصف. وتدهن الجدران الداخلية عادة بطلاء معوِّق للحريق يحد من انتشاره.
ويجب تركيب أسلاك التأريض والتوصيل بإتقان، لأن معظم مستخدمي المخازن لا يتوافر لديهم جهاز لقياس مقاومة العزل الكهربائي للتأكد من سلامة التوصيلات ومن عدم وجود تفريغ استاتي. ويجب التنبه إلى ضرورة الوقاية من التأثيرات المناخية، كالحرارة والرطوبة، وكذلك تأمين منفذ للدخول والخروج في حال حصول إخلاء.
حيث يُفرض القانون
نظام الإطفاء في مخازن المواد الخطرة، المعتمد في اونتاريو، يتبع قانون الوقاية من الحرائق الذي سرى مفعوله في 21 تشرين الثاني (نوفمبر) 1997. وكان البند المتعلق بالسوائل السريعة الالتهاب والاشتعال حدد ثلاثة تواريخ مختلفة للإذعان. الأول هو 21 آب (أغسطس) 1998، وقد فرض إجراءات وقائية تتناول تدابير السلامة من الحرائق، والاستجابة للتسربات، وصيانة المعدات المستعملة لمعالجة السوائل السريعة الالتهاب والاشتعال وتشغيلها على النحو الصحيح، وممارسات منع الحرائق مثل الصيانة وأضواء الطوارئ والمخارج وسهولة الوصول إلى المعدات. وتطبق اونتاريو أنظمة التخزين الأكثر تشدداً في كندا، وتمارس أكبر صلاحية للتفتيش والمعاينة.
تاريخ الإذعان الثاني كان 21 آب (اغسطس) 2000، وبحلوله اقتضى إنجاز المتطلبات التي لها "أثر على سلامة نوعية الحياة العالية". وهذه تشمل برامج خاصة بمكافحة التسربات، والتهوئة، والتعامل الصحيح مع السوائل السريعة الالتهاب والاشتعال، وإنجاز تصميم الخزانات وإنشائها، وأنظمة التهوئة الخاصة بالخزانات المقامة فوق سطح الأرض، والغرف الخاصة بتخزين الأوعية والتخلص منها، وخزائن التخزين.
ولجميع المتطلبات الأخرى، مع قليل من الاستثناءات، كان هناك تاريخ إذعان أخير هو 21 آب (اغسطس) 2002. وأي عيب أو نقص لم يصحح قبل هذا التاريخ الإذعان يعتبر الآن مخالفة ويخضع للمقاضاة.
طوم كارتر هو مدير قسم التقصّي والالتزام بالأنظمة في شركة Team-1 للخدمات البيئية في مدينة هاملتون بولاية اونتاريو الكندية، وميتشل غيبز هو مدير الاستشارات البيئية في الشركة.