Sunday 24 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
راغدة حداد غذاء البحر المتوسط يطيل العمر ويبعد الأمراض  
أيلول (سبتمبر) 2003 / عدد 66
 هل تريد أن تعيش طويلاً وسعيداً؟ يبدو أن النظام الغذائي لسكان البحر المتوسط هو الوصفة الغذائية المثلى للصحة الدائمة. هذا ما استنتجه باحثون في جامعة هارفرد الأميركية قبل أشهر، بعد إجرائهم دراسة دامت تسع سنوات على 22 ألف يوناني من الرجال والنساء الأصحاء، كانت أعمارهم تراوح بين 50 و60 سنة عند بدء الدراسة عام 1994.
فقد تبين ان أولئك الذين يعتمدون النظام الغذائي التقليدي الغني بزيت الزيتون والحبوب الطبيعية غير المعالجة والفواكه والخضر، ولا يفرطون في شرب الخمر، يعيشون لأعمار أطول مقارنة بالآخرين. وأظهرت الدراسة أيضاً إمكانات ملموسة لتقليل مخاطر الوفاة بأمراض القلب والسرطان ومعظم الأمراض الأخرى لدى اعتماد النظام الغذائي المتوسطي. فقد هبطت نسبة الوفيات بأمراض القلب 33 في المئة، وقلت نسبة الإصابات بالسرطان 24 في المئة. وقال الدكتور ديمتريوس تريكوبولوس، أستاذ الوقاية من السرطان والأمراض المعدية في هارفرد والمشرف على الدراسة: "كلما اقترب الإنسان من التقيد بهذا النظام الغذائي تمكن من العيش عمراً أطول".
منذ خمسينات القرن الماضي، أكبّ خبراء الصحة على دراسة طعام شعوب حوض البحر المتوسط. فقد تبين أن سكان اليونان، وخصوصاً جزيرة كريت، يحافظون على أطول متوسط للعمر في العالم، يليهم سكان اسبانيا وفرنسا وجنوب ايطاليا. ولاحظ العلماء أن من أهم ميزات الطعام المتوسطي احتواؤه على كميات وافرة من زيت الزيتون والفواكه والخضار والأعشاب والبقول والبذور والمكسّرات (كالجوز واللوز والصنوبر) والحبوب الطبيعية غير المعالجة، وكميات قليلة من الاجبان والألبان والبيض والسمك والدواجن واللحوم الحمراء. وهو فقير بالدهون الحيوانية في شكل زبدة وقشدة وشحم.
ليس من السهل تحديد الخصائص الغذائية للطعام في حوض البحر المتوسط، لوجود عدد كبير من البلدان المتاخمة له. ولكن أجريت في السنوات الأخيرة دراسات موسعة حول المأكولات التقليدية التي تتناولها شعوب بلدان متوسطية مثل اليونان وجنوب ايطاليا. فالطعام المتوسطي دهني بنسبة 40 في المئة من مجموع الوحدات الحرارية اليومية، ومع ذلك فان حدوث أمراض قلبية وعائية مرتبطة به منخفضٌ إلى حد كبير. ويعود بعض الفضل في ذلك إلى زيت الزيتون. فهو حمض دهني أحادي عديم التشبع، أثره لا يماثل أثر الدهون المشبعة التي ترفع الكولسترول. وهو مصدر جيد لمضادات التأكسد التي تحمي الجسم من السكتة القلبية والسكتة الدماغية وتصلب الشرايين وأمراض السرطان والشيخوخة المبكرة والالزهايمر والسكري وبعض أمراض العيون وداء المفاصل وتخلخل العظام. كما ان احتواءه على كميات معتدلة من الأسماك والجوزيات والزيوت يزيد كمية الأحماض الدهنية أوميغا-3، التي لا تحصل المجتمعات المتقدمة الأخرى على كميات كافية منها. وهذه الأحماض تساعد في الوقاية من التهاب المفاصل وارتفاع ضغط الدم والسرطان وأمراض القلب وغيرها. واحتواؤه أيضاً على قليل من اللحوم الحمراء يحسن الصحة بتخفيض مستوى الكولسترول.
وكان أبقراط، أبو الطب اليوناني، أول من أشار إلى الفوائد الصحية والعلاجية لزيت الزيتون. وأدركت شعوب حوض البحر المتوسط مزياه. فكان ينصح بتناوله لأسباب غذائية وصحية، وباستعماله على الجسم لأسباب علاجية وتجميلية، حفاظاً على ليونة الجلد والعضلات ومعالجة الجروح وتخفيف آثار حروق الشمس والماء الساخن.
 
حمية كريت
ينعم سكان جزيرة كريت اليونانية عموماً بمظاهر الصحة والنشاط. فقد أظهرت أبحاث علمية ودراسات إحصائية أن الطعام الذي يتناولونه، وهو ما أطلق عليه علماء الصحة اسم "حمية كريت"، يحسن الصحة ويطيل العمر. وهو يتكون حصراً من محاصيل عضوية ينتجها مزارعون محليون بطريقة طبيعية. وجمعه بين لذة الطعم والجودة يعطيه القيمة الغذائية الرفيعة التي بات الطبق الكريتي مشهوراً بها.
انطلقت في العام 1960 دراسة قارنت بين عدة بلدان متقدمة، وكان بين المشاركين فيها 700 رجل من ريف جزيرة كريت أخضعوا لمراقبة طبية. وتبين أن هذه المجموعة سجلت أدنى نسبة وفيات ناتجة عن نوبات قلبية وأنواع مختلفة من السرطان. كما تبين أن أفرادها كانوا الأطول عمراً، إذ بقي نحو 50 في المئة منهم على قيد الحياة بعد 31 سنة من بدء الدراسة، في حين توفي جميع الذين شملتهم الدراسة في البلدان الستة المشاركة الأخرى.
وأجرت جامعة أمويا السويدية دراسة قارنت بين التغذية المتوسطية والتغذية على الطريقة الأوروبية. واختبرت تأثير نمط تغذية بلدان حوض المتوسط على التهاب المفاصل الحاد. وتم تقسيم المرضى إلى مجموعتين، إحداهما للمقارنة، وأخضعوا للحمية والرقابة العيادية. تناولت المجموعة الأولى وجبات متوسطية حسب مواصفات جزيرة كريت، في حين استمرت مجموعة المقارنة على غذائها السابق حسب المائدة السويدية أو الأوروبية. وتبين بعد ستة أسابيع فقط أن معاناة أفراد المجموعة الأولى من آلام وتورم المفاصل تضاءلت عما هي لدى أفراد المجموعة الثانية.
وفي دراسة فرنسية، بحث علماء عن علاقة حمية كريت بتقوية جهاز القلب والدورة الدموية، وتبين لهم أن التغذية لفترة شهرين فقط على زيت الزيتون والخضر والفواكه والحبوب كان لها تأثير إيجابي على قلوب المتطوعين الذين شاركوا في الدراسة. فقد خلصتهم من خطر التعرض لموت مفاجئ بعد الجلطة تماماً. وتبين أيضاً أن حمية كريت على المدى البعيد تقلل مخاطر تخثر الدم في الشرايين التاجية وتصلب الشرايين.
الوجبة المتوسطية التقليدية
يختلف تحضير المأكولات والتوابل من بلد إلى آخر. لكن سكان حوض المتوسط يتناولون الكثير من الأطعمة المحتوية على كربوهيدرات مركبة ناتجة من مصادر نباتية، وكميات معتدلة من البروتينات الناتجة من مصادر حيوانية. ويعتمدون غالباً على زيت الزيتون كمصدر للدهنيات.
الوجبة المعتادة تبدأ عموماً بمقبلات، مثل السلطة المغربية بالزيتون، أو سلطة نيس من إقليم بروفانس في جنوب شرق فرنسا، أو ورق العنب المحشو في اليونان وبلدان أخرى، أو التبولة في لبنان وسورية. وتحتوي المائدة أيضاً على خبز، قد يكون مخبوزاً بالزيتون في قبرص، أو بالسمسم في مصر، أو مرقوقاً في لبنان، أو غير ذلك. وأحياناً يقدم حساء لذيذ، يتوقف نوعه على الموسم، ويرافقه خبز طازج ساخن، وهو قد يشكل وجبة كاملة، مثل حساء الفول في صقلية، أو حساء الباستا (المعكرونة) اليوناني، أو حساء الخضار أو العدس في بلاد الشام.
الطبق الرئيسي في الوجبة المتوسطية التقليدية يقوم أساساً على عناصر نباتية، مثل الخضار والبقول والحبوب والباستا مع ملحقات من سمك أو لحوم. مثال على ذلك طبق بيلاف الباذنجان في اليونان، أو سمك بالكسكس في تونس والمغرب، أو يخنة الخضار في لبنان وسورية.
وختام الوجبة المتوسطية تقليد تفرضه طريقة العيش. فمع كوب من القهوة "التركية" أو الشاي المغربي. قد تكون الحلوى بسيطة، مثل تورتة الليمون في إقليم بروفانس الفرنسي، أو التين المطبوخ في اليونان وبلاد الشام، أو كعك التمر في الجزائر، أو العسل بالموز في لبنان.
أما حمية كريت، التي تكتسب شهرة عالمية، فتستحق مزيداً من الدراسة والتحليل، علَّها تكون مدخلاً إلى "حمية عالمية" تجنب الإنسان أينما كان الأمراض الناتجة من الشراهة والتغذية السيئة.
كادر
المكونات الأساسية للحمية المتوسطية
ان كنت تريد اتباع "حمية كريت"، أو النظام الغذائي المتوسطي المثالي الذي يمنحك الصحة وطول العمر، فاليك بالنصائح الآتية:
- استعمل زيت الزيتون بديلاً من الدهون الحيوانية والزيوت الأخرى.
- تناول فواكه طازجة يومياً، وقلل من الحلويات المحتوية على كمية كبيرة من السكر والدهن المشبع.
- ضمّن غذاءك كمية وافرة من المكونات النباتية، مثل الفواكه والخضار والخبز والحبوب والمكسّرات والبزور.
- تجنب تناول الأطعمة الجاهزة والمصنّعة، وتعوّد تناول الأطعمة المكونة من محاصيل موسمية طازجة ومحلية.
- يجب أن يراوح الدهن الغذائي بين 25 و35 في المئة من مجموع الوحدات الحرارية التي تتناولها، على ألا يزيد الدهن المشبع على 7 الى 8 في المئة منه.
- تناول كميات منخفضة أو معتدلة من الأجبان والألبان يومياً.
- تناول كميات منخفضة أو معتدلة من الأسماك والدواجن أسبوعياً، وأربع بيضات كحد أقصى في الأسبوع.
- تناول اللحم الأحمر بضع مرات فقط في الشهر.
كادر
فوائد زيت الزيتون
زيت الزيتون صحي عموماً. وهو خال من الكولسترول الموجود في المأكولات الحيوانية، وأكله يساعد على التقليل من الكولسترول الشحمي الخفيف الكثافة (LDL) الضار بالصحة. هذا ما أكدته دراسات أجريت مؤخراً وأوضحت أن احتواء زيت الزيتون على مضادات للتأكسد يساعد على منع انسداد الشرايين والأمراض المزمنة، ومنها السرطان. وزيت الزيتون غني بالفيتامينات A  وB-1 وB-2 وC وD وK وبالحديد. وهو مفيد للجهاز الهضمي، لكنه لا يحافظ بالضرورة على نحافة الجسم في حال الاكثار منه، اذ يحتوي على العدد ذاته من الوحدات الحرارية (كالوري) الذي تحتويه الزيوت الأخرى (9 وحدات حرارية في الغرام).
ويعمل زيت الزيتون كمليّن معتدل، وهو مفيد للامعاء وشاف للقروح والتهاب المعدة. كما أنه منشّط جيد، ومفيد بالتحديد للمصابين بأمراض القلب. وشربة منه قبل وجبة طعام تحمي المعدة من القرحة. وشرب ملعقة أو ملعقتين منه مع عصير الليمون أو القهوة يمنع الامساك من دون أن يهيج القناة الهضمية. وهو فعال في معالجة التهابات المسالك البولية وأمراض المرارة، وعلاج مثالي لالتهاب المعدة لدى الأطفال، ويسرع نمو الدماغ ويقوي العظام. وتبين أنه قد يذيب الجلطات في الشعيرات الدموية، ويخفض درجة امتصاص الدهون، وبذلك يبطئ مظاهر التقدم في العمر.
وبخلاف الاعتقاد السائد، فان التلف الذي يلحق بزيت الزيتون أثناء القلي هو أقل مما يحدث للزيوت الأخرى.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
راغدة حداد أوروبا تحترق
طوم كارترايت وميتشل غيبز (هاملتون، كندا) بضائع خطرة كيف يمكن تخزينها؟
فيونا ماكوليام (لندن) حصاد الضباب
فتيحة الشرع (غرداية، الجزائر) نخيل الواحات
حافظ جريج إركــب دراجــة!
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.