خمسة وتسعون صقراً طارت الى الحرية في سماء محافظة جورجان الايرانية قرب بحر قزوين. ففي شهر أيار (مايو) الماضي أعيدت هذه المجموعة الى بيئتها الطبيعية من ضمن برنامج الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لإطلاق الصقور ودراسة أنماط هجرتها وقدرتها على التأقلم مع الحياة البرية. وقد بلغ مجموع الصقور التي أطلقها البرنامج 781 صقراً منذ بدايته عام 1995.
ضمت هذه المجموعة التاسعة 54 من صقور الشاهين و41 من صقور الحر، تحت إشراف هيئة أبحاث البيئة والحياة الفطرية وتنميتها وبالتعاون مع مستشفى الصقور في الخزنة. وشملت صقوراً للشيخ زايد رئيس دولة الامارات العربية المتحدة ولبعض الشيوخ، وأخرى تمت مصادرتها خلال السنة الماضية لعدم حيازة أصحابها تصاريح السايتس (اتفاقية التجارة الدولية في الأنواع المهددة بالانقراض) أو الشهادات البيطرية اللازمة لنقلها، بالاضافة الى صقور قدمها بعض الصقّارين من قطر والكويت.
وأوضح الشيخ حمدان بن زايد، وزير الدولة للشؤون الخارجية ونائب رئيس مجلس ادارة الهيئة، أن البرنامج يسعى الى دعم جهود البحث العلمي حول الصقور، وخاصة الحر والشاهين، من خلال توفير المعلومات المتعلقة بمسارات الهجرة وقدرة الطيور على التكيف والاندماج في الحياة البرية. وقد وقع الاختيار هذه السنة على جورجان بناء على دراسات أجراها المركز الوطني لبحوث الطيور، التابع للهيئة، للشواطئ الشرقية الايرانية على بحر قزوين التي تمثل إحدى مسارات هجرة الصقور التي تتكاثر في سيبيريا. وهذا الموقع مناسب لتوفر السهول الزراعية المستوية والفرائس التي تتغذى بها الصقور، حيث يوجد عدد كبير من الطيور المقيمة والمهاجرة شمالاً على مقربة من السلاسل الجبلية. وتتجه صقور الحر عادة شمال منطقة الاطلاق، في حين تنتشر صقور الشاهين نحو الشرق.
وأوضح محمد أحمد البواردي، العضو المنتدب للهيئة والمشرف على البرنامج، أنه تم تزويد ستة صقور بأجهزة إرسال عبر الأقمار الاصطناعية تعمل بالطاقة الشمسية (PTT)، لتتبع تحركات الصقور الى أن تنتهي صلاحية البطاريات التي يراوح عمرها الافتراضي بين 3 و5 سنوات.
الصيد بالصقور وتربيتها عادة راسخة في التراث العربي. ولمئات السنين ظل العرب يستخدمون الصقور البرية المدربة لصيد الطرائد المختلفة. وتقليدياً، أكثر أنواع الصقور استخداماً لدى الصقارين العرب هو الصقر الحر الذي يعود أصله الى شرق أوروبا وأواسط آسيا، ويهاجر عبر الجزيرة العربية لقضاء فصل الشتاء في شرق أفريقيا. وتفضَّل الإناث الكبيرة في رحلة إشتائها الأولى، لتحمّلها وقوتها وحجمها وسهولة تدريبها على الصيد. وتستخدم صقور الشاهين وأنواع أخرى بدرجة أقل شيوعاً، ويستغرق التدريب نحو ثلاثة أسابيع.
الاستعدادات لبرنامج الاطلاق بدأت قبل نهاية موسم القنص السنوي بإشراف بيطري على الصقور التي تم اختيارها. ونشر إعلان عام لكل من يود إطلاق صقوره عن طريق البرنامج. ولتسهيل التعرف على الصقور في حال أسرها مرة أخرى أو العثور عليها ميتة، تم تثبيت شريحة صغيرة تحت الجلد تزن نحو 0,1 غرام وتحمل بيانات الصقر، بالاضافة الى الحلقة المرقمة التي يحملها. وخضعت الصقور قبل إطلاقها لبرنامج إعادة تأهيل لمساعدتها على التأقلم بعد إطلاقها في الطبيعة.
وتجري هيئة أبحاث البيئة والحياة الفطرية وتنميتها دراسات عن الصقور بالتعاون مع المؤسسات البحثية المهتمة بالحياة الفطرية في دول الكومنويلث والصين ومنغوليا، بهدف جمع معلومات أساسية عن الصقور وتحديد مواطنها وتوزعها الجغرافي وبيولوجيتها، وتحديد أماكن تكاثرها ودراسة المخاطر التي تهدد وجودها. وتتم مقارنة نتائج هذه الدراسات مع المعلومات التي تجمع من خلال تتبع ورصد حركة الصقور التي تطلقها الهيئة سنوياً، الأمر الذي يساعد على تحديد مسارات هجرة الصقور والمناطق الأنسب لهذا البرنامج.
|