Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
كتاب الطبيعة
 
سياحة بيئية على شاطئ الأناضول  
حزيران (يونيو) 2003 / عدد 63
 سامبريتي ايبانجيغولي (أنقرة)
إلى أين يتوجه أكبر عدد من السياح في العالم؟ حوض البحر المتوسط هو المقصد السياحي الأول من دون منازع، إذ يستضيف 220 مليون سائح سنوياً، ويتوقع ان يزداد هذا الرقم إلى 350 مليوناً خلال السنوات العشرين المقبلة. ولكن، إذا لم تتم إدارة هذه الأعداد المتزايدة من السياح إدارة صحيحة، فسوف يؤدي ذلك إلى استنزاف، بل دمار، المعالم الطبيعية والأثرية، وسيكون لذلك انعكاسات وخيمة على التنوع البيولوجي والمجتمعات المحلية.
قرية شيرالي التركية على شاطئ الأناضول ضربت مثالاً ناجحاً على السياحة المستدامة، حيث ينخرط الأهالي بحماسة في أعمال تحافظ على الطبيعة ويجنون منها عائدات اقتصادية. وقد شهدت تركيا طفرة في النشاط السياحي، لكن البيئة الطبيعية في معظم الشاطئ التركي، الذي يمتد 2456 كيلومتراً، تأثرت سلباً بالنشاط السياحي. والشاطئ الأناضولي في الجنوب الغربي، الذي صنفه الصندوق العالمي للطبيعة كأحد أهم المناطق الطبيعية على البحر المتوسط، هو الأكثر تأثراً بالتنمية السياحية المكثفة التي تهدد تنوعه البيولوجي على نحو لا يمكن تعويضه.
تلافياً لتدمير هذا الشاطئ، اعتمدت الحكومة التركية خطة للإدارة الساحلية تستهدف المحافظة على الطبيعة وعلى سلامة التراث الاجتماعي والثقافي. واختيرت قرية شيرالي، المجاورة لجبال منتزه أولمبوس الوطني، لتكون موقع مشروع نموذجي لتنفيذ هذه الخطة.
في أواخر ثمانينات القرن العشرين تحولت شيرالي من اقتصاد زراعي إلى اقتصاد سياحي. فقد اجتذبت السياحة الجيل الناشئ في القرية بعد الازدهار الذي شهده الشاطئ الأناضولي، إذ وجد فيها الشباب مصدراً سهلاً للدخل. لكن إنشاء المرافق السياحية عرّض للخطر كثيراً من موائل الأحياء البحرية والشاطئية. وكان تسرب المبيدات الزراعية طوال عقود لوّث التربة ومصادر المياه. وتفاقم الوضع مع تزايد عدد المطاعم حول النبع الرئيسي في القرية. وانتشرت الأبنية والمنشآت غير المشروعة في ظل عدم تطبيق أنظمة التنمية العقارية.
الكسب المادي يقنع السكان
أكثر من نصف مواقع تعشيش السلاحف على الشواطئ التركية تعرض للدمار نتيجة بناء المنتجعات السياحية واستخراج الرمال لأغراض تجارية. ويعتبر شاطئ شيرالي الجميل، الممتد ثلاثة كيلومترات، من المواقع الرئيسية لتعشيش السلاحف الضخمة الرأس المهددة بالانقراض. وكان الصندوق العالمي للطبيعة أطلق مشروعاً لحمايتها. وفي العام 1997، تم توسيع المشروع ليشمل تعميق وعي السكان لبيئتهم الطبيعية وجعلهم مسؤولين عنها، وإرساء نموذج ناجح للتنمية المستدامة في شيرالي. وتمت دراسة سبل إدارة الأراضي، وإيجاد فرص اقتصادية متنوعة ومستدامة وصديقة للبيئة، وحماية التنوع البيولوجي، وجعل الأهالي حراساً على تراثهم الطبيعي.
من أجل تخطيط وإدارة الموارد العقارية بطريقة أفضل، تم إقناع الوزارة المعنية بتطبيق قانون حماية السواحل الذي يحدد بُعد المنشآت عن الخط الساحلي. وبموجب القانون، يعتبر الشاطئ ملكاً للعموم، ولا يسمح باقامة أي انشاءات عليه. كما أن الأضواء المنبعثة من الاكواخ والمطاعم المقامة على الخط الساحلي قد تضلل صغار السلاحف فتمنعها من بلوغ البحر. لذلك نقلت الأكواخ والمطاعم المخالفة إلى مسافة قانونية من الخط الساحلي، بمساعدة الوزارة ومؤازرة الأهالي. وأعدت خطة لاستخدام الأراضي ساعدت في تحديد مواقع إنشاء البنية التحتية في المنطقة. وتوجد في المنطقة حالياً 60 وحدة فندقية تحوي أكثر من 1200 سريراً. وتفرض الخطة قيوداً صارمة على انشاء أبنية جديدة، وتحدد الأماكن التي تخضع لحماية مشددة.
من شروط نجاح التنمية المستدامة ان يكسب السكان المحليون من بيئتهم إيرادات تكفي لكي يقدروا قيمتها. ومهمّ أن تتأمن لهم أعمال تكسبهم دخلاً طوال السنة، بدل الاعتماد على نشاط موسمي واحد مثل السياحة.
بدأ تنفيذ أنشطة سياحية بيئية تولد وعياً ودعماً للمحافظة على الطبيعة وتخلق فرصاً اقتصادية للأهالي. ونظمت للقرويين والمسؤولين الحكوميين المحليين دورات تدريبية وحلقات تثقيفية. ومن خلال أقفاص واقية خاصة حول أعشاش السلاحف ولافتات في مواقع استراتيجية، يتم لفت انتباه الزائرين الى طبيعة المشروع والمسائل المتعلقة بحماية السلاحف خلال موسم التعشيش الذي يتزامن مع ذروة الموسم السياحي. ويوزع على الزوار كتيب ارشادي باللغتين التركية والانكليزية. ويشارك الاهالي في حملات لتنظيف الشاطئ خلال موسم تعشيش السلاحف. وقد اعتمدت ممارسات ناجحة لادارة مواقع التعشيش، مثل تزويد مصابيح المطاعم بحواجب سلكية، وخفت الاضواء بعد الحادية عشرة ليلاً، ووضع الكراسي والمظلات الشمسية على بعد 35 متراً من البحر، ومنع السيارات من الوصول الى الشاطئ. ويمتثل لها السكان المحليون والسياح لهذه الأنظمة.
وبالنتيجة، خف الضغط على السلاحف وازدادت أعشاشها سنة بعد أخرى. وكجزء من المشروع، ثم تدريب إدلاء سياحيين من السكان المحليين، وحُددت الدروب التي سيسلكها السياح. واجتذب هذا النشاط الشباب بنوع خاص. وأصبحت شيرالي مقصداً سياحياً بيئياً حسن الادارة.
في الوقت نفسه، بدأ التحول من الممارسات الزراعية التقليدية التي لوثت التربة ومصادر المياه إلى الزراعة العضوية. ووضع هذا حداً معقولاً لتحول الاراضي الزراعية الى انشاءات سياحية. وأنشأ السكان تعاونية لدعم وتسويق المنتجات الزراعية العضوية، واستصدروا علامة تجارية لمنتجات شيرالي. وتم تدريب النساء والشباب على زراعة وصنع المنتجات العضوية وتسويقها. ومن أساليب الترويج لها ارسال طرود بريدية الى زبائن مشتركين في أنحاء تركيا.
نموذج للاستنساخ
سكان شيرالي، وعددهم نحو 550 نسمة، ساهموا في جميع مراحل المشروع. فقد روعيت همومهم ورغباتهم منذ انطلاقته. وتم تحسيسهم بأهمية التراث الطبيعي لقريتهم وضرورة الحفاظ عليه، وشاركوا بنشاط في التنفيذ. وأثناء إعداد القرية لتكون مقصداً سياحياً صديقاً للطبيعة والناس، نما لديهم شعور بالملكية والمسؤولية اللازمتين لاستدامة المشروع لأجل طويل.
في ضوء النجاح الذي حققته قرية شيرالي، يستكشف الصندوق العالمي للطبيعة إمكانات "استنساخ" هذا النموذج في مناطق سياحة صغيرة مماثلة على ساحل الأناضول. التخطيط الاستراتيجي لتكرير هذه التجربة سيوفر للطبيعة أماكن لالتقاط أنفاسها على هذا الساحل الحافل بمشاريع التنمية.
كادر
لماذا نجح مشروع شيرالي؟
التحول الذي حصل في شيرالي أظهر كيف أن الجهات المعنية تستطيع توحيد صفوفها لبلورة رؤية جديدة حول السياحة المسؤولة بيئياً. وهنا أهم أوجه نجاح المشروع:
- حظيت خطة استخدام الاراضي بقبول المجتمع المحلي والسلطات.
- تم اقرار الخطة الادارية من قبل جميع الوزارات المعنية.
- تدرب السكان على المهارات الضرورية لتنفيذ المشروع، وأصبح لديهم حس بالملكية والمسؤولية والاعتزاز.
- تقبل المجتمع المحلي السياحة البيئية بحماسة، وشهدت شيرالي اقبالاً كبيراً كمقصد سياحي صديق للطبيعة.
- العلاقة التجارية لشيرالي أصبحت اسماً رائجاً للمنتجات العضوية العالية الجودة.
قرية شيرالي التاريخية ـ  منتزه أولمبوس الوطني وجباله الشامخة
يمتد شاطئ شيرالي ثلاثة كيلومترات ويتاخم منتزه أولمبوس الوطني بجباله الشامخة
مزارع يحمل صندوقاً من المنتجات العضوية ليرسله بالبريد الى أحد زبائنه
عائلة في بستان برتقال سكان القرية يحافظون على البيئة ويجنون فوائد اقتصادية من السياحة البيئية والزراعة العضوية
سلحفاة بحرية ضخمة الرأس  على شاطئ شيرالي أحد المواقع الرئيسية لتعشيش هذه السلاحف المهددة بالإنقراض
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.