شركة ACS من أكبر مصنعي خيوط النسيج في اوستراليا. مقرها في وانغاراتا في ريف مقاطعة فيكتوريا. وهي تنتج 2500 طن من الخيوط الجاهزة سنوياً، وتصدر منتجاتها الى نيوزيلندا واليابان والولايات المتحدة وكوريا. وتركز أساساً على صنع الأصواف الممتازة، اضافة الى أنواع أخرى من الخيوط.

هذه الشركة واحدة من ثلاث شركات كانت تصرف نفاياتها الى محطة محلية لمعالجة مياه الصرف. وكانت كمية السوائل التي تصرفها الشركات الثلاث أكبر من القدرة التصميمية لمحطة المعالجة. لذلك طلبت منها مصلحة المياه اجراء تدقيقات حسابية لنفاياتها (waste audits).

وبعد مباحثات مع وكالة حماية البيئة في المقاطعة، قررت الشركة اعتماد أساليب الانتاج الأنظف وتقليل النفايات من أجل تحسين أدائها البيئي وخفض النفقات.

تستهلك صناعة دباغة الصوف كميات كبيرة من الماء. وقبل تنفيذ برنامج الانتاج الأنظف، كانت شركة ACS تستهلك حوالى مليون ليتر (ألف متر مكعب) من الماء يومياً. فكل كيلوغرام من الخيوط الجاهزة يحتاج الى 250 ليتراً من الماء وثلاثة كيلوغرامات من المواد الكيميائية. وكانت النفايات السائلة من المصنع تتدفق من عشرين مجرى تصريف، لكن أكثر من نصفها كان يتولد عن عمليات غسل الخيوط.

وكان أهم ما يميز هذه السوائل ضخامة كميات الجوامد الذائبة، والمواد العضوية المستهلكة للأوكسيجين، والمواد الكيميائية المستهلكة للأوكسيجين، واللون، والسمِّية. وكانت تصرَّف في مجرى المياه المحلي بعد معالجتها في محطة معالجة مشتركة.

بدأت الشركة برنامج الانتاج الأنظف عام 1992 من خلال اجراء تدقيق حسابي للنفايات وإعداد خطة لادارتها. قاس التدقيق جميع مجاري النفايات السائلة، وحدد توازنات الكتل بين عمليات التصنيع، وعيَّن مجالات محتملة للتغيير والتحسين وفرصاً لتخفيض حجم النفايات المصرّفة. وفرت نتائج التدقيق مدخلاً لاعداد برنامج ادارة النفايات. فعينت الشركة فريقاً ناطت به صلاحية ادخال تغييرات في عمليات التشغيل والتصنيع من أجل تنفيذ أهداف برنامج الانتاج الأنظف. وصدرت تعليمات من الادارة باشراك مجموع القوة العاملة في البرنامج، بما في ذلك إحاطة الموظفين دورياً بالتغييرات المتعلقة بالانتاج الأنظف.

وجدت الشركة أن نحو 90 في المئة من السوائل التي تصرفها كانت نظيفة نسبياً. ومن خلال فصل مجاري النفايات السائلة، تمكنت من اعادة تدوير مياه الصرف النظيفة داخل المصنع. واستطاعت أيضاً أن تخفض المنتجات القائمة على الكبريت الى النصف، وأدخلت مواد بديلة ذات فعالية سطحية (surfactants) مثل مواد التنظيف، وحددت أهدافاً واقعية لمستويات الجوامد الذائبة والمواد العضوية والكيميائية المستهلكة للأوكسيجين ولون المياه العادمة وسمِّيتها. وأدخلت تكنولوجيا للدباغة على درجة حرارة منخفضة.

العقبة الرئيسية التي واجهتها الشركة كانت تطوير تكنولوجيا جديدة للدباغة واعادة تدوير سوائلها. فهي لا تمتلك قدرات بحثية وتطويرية خاصة بها، لذلك اعتمدت، وما زالت تعتمد، على برامج تعاونية مع مراكز أبحاث مثل منظمة الكومنويلث للأبحاث العلمية والصناعية في اوستراليا (SCIRO) لتطوير تكنولوجيات تعطي مكاسب في كفاءة الانتاج وحماية البيئة.

حددت الشركة أكثر من 50 خطوة تحسينية من خلال تطبيق برنامجها البيئي والتركيز على سلسلة إجراءات "تقليل النفايات واعادة تدويرها واعادة استعمالها". وشمل البرنامج إلغاء عدة مصادر للنفايات السائلة، وخفض حجم التصريفات في أكبر مجرى، وإلغاء مجموعة من المدخلات الكيميائية من عملية التصنيع، واعادة تدوير بعض التصريفات.

كانت نتيجة إجراءات الانتاج الأنظف في مصنع ACS لخيوط النسيج أن النفقات السنوية على المواد الكيميائية والأصباغ لكل كيلوغرام من المنتج لم تتغير بين عام 1992 و1996، على رغم ادخال بعض الأصباغ المرتفعة الكلفة. و"امتصت" الشركة أيضاً ارتفاع أسعار بعض المواد الأولية. وفضلاً عن ذلك، انخفض استهلاك الماء من 250 ليتراً لكل كيلوغرام من الخيوط المنتجة الى 130 ليتراً. لقد وفرت التحسينات على الشركة نفقات كبيرة من خلال خفض الرسوم المفروضة على نفايات السلع التجارية. كما "لمعت" اسمها محلياً وعالمياً كشركة صديقة للبيئة.

تنفيذ مبادرات الانتاج الأنظف كان مبنياً على العمل الجماعي الذي ساندته الادارة العليا، وشمل موظفين من القمة الى القاعدة، وبالتعاون الوثيق مع وكالة حماية البيئة. وتطبق ACS حالياً نظاماً للادارة البيئية وفق مقتضيات شهادة الايزو 14000، من أجل تحقيق تحسن متواصل في أدائها البيئي.