Tuesday 26 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
جوليان وولفورد (أوسلو) سفن قديمة تروي حكاية المناخ  
أيار (مايو) 2003 / عدد 62
 في 10 أيار (مايو) 1553 انطلق السير هيو ويلوبي، وهو تاجر بريطاني لم يملك أي خبرة بالملاحة، في رحلة من لندن سعياً لإيجاد طريق بحرية إلى الصين عبر المحيط المتجمد الشمالي. كانت هذه البعثة الأولى لمجموعة سمّت "شلة التجار المغامرين لاكتشاف أقاليم وجزر وأماكن مجهولة"، بهدف العثور على طرق تجارية إلى بلدان الشرق الغنية. لكنها كانت أيضاً البعثة الأخيرة، فقد احتبست السفينة في الجليد البحري قرب ميناء مورمانسك (شمال غرب روسيا)، فهلك ويلوبي وبحارته. لكن مساعده ريتشارد تشانسلر نجا ونجح في إقامة صفقات تجارية مع روسيا.
كانت تلك الرحلة المشؤومة احدى الحوادث المأسوية العديدة التي وقعت في بداية استكشاف المحيط المتجمد الشمالي والسعي إلى "الممر الشمالي الغربي" الذي لا يقل أهمية. لكن ما رواه المستكشفون عن الجليد والعواصف البحرية ينطوي على أكثر من مجرد حكايا مغامرات. فسجلات السفن التي دونت فيها وقائع هذه البعثات توفر بعض أقدم الملاحظات المسجلة حول تغير المناخ.
ثروة لا تقدر بثمن
أقدم المعلومات المستعملة في وضع الخرائط أتت من سجلات سفن المستكشفين وصيادي الحيتان، الذين دونوا بدقة أوضاع الجليد البحري الذي شاهدوه، فضلاً عن أشياء أخرى. وكانت سجلات ويلوبي وتشانسلر أولها.
في أواخر القرن التاسع عشر بدأت تظهر أولى المنشورات العلمية حول الجليد البحري. وفي العام 1893، انطلق المستكشف النروجي فريديوف نانسن في رحلة لإثبات وجود التيار عبر القطبي الجارف، الذي ينقل الجليد عبر القطب الشمالي بعيداً عن الساحل السيبيري ومن خلال مضيق فرام بين غرينلاند وأرخبيل سفالبارد. وكانت السفينة "فرام" الأولى التي تبنى لتتحمل الجليد المتراصّ من دون أن تتحطم. وقد استخدمها نانسن كمحطة أبحاث تنساق مع التيار. ولم يكتف بمراقبة الجليد البحري، وانما راقب أيضاً عمق المياه ودرجة حرارتها وملوحتها والتيارات المحيطة.
مع اكتشاف الفحم الحجري في جزر سبيتسبرغن النروجية في أوائل القرن العشرين، أصبحت الحاجة إلى معلومات حول أوضاع الجليد البحري ضرورية لتأمين طرق النقل. ومنذئذ بدأ الجمع المنهجي للمعلومات البحرية في المحيط المتجمد الشمالي. وحالياً، تؤدي صور الأقمار الاصطناعية عمل البحارة القدماء.
يقول تشاد ديك الباحث في المعهد القطبي النروجي: "خرائط الجليد البحري التي وضعناها فريدة. فالسجل يبدأ بملاحظات دوّنها مستكشفو المحيط المتجمد الشمالي، وتستكمل بعد خمسة قرون بمشاهدات القمر الاصطناعي. ليس هناك ما يماثلها في الوجود. وهي توفر ثروة لا تقدر بثمن للعلماء الذين يستقصون التقلبات والتغيرات المناخية في شمال غرب أوروبا والمحيط المتجمد الشمالي".
مؤشرات الخطر
لماذا الجليد البحري مهم لعلماء المناخ؟ أحد الأسباب أنه مؤشر مفيد لتغير المناخ. فكميته تتأثر بدرجات حرارة الهواء ومياه المحيط. ويعتقد العلماء أن التغيرات في كمية الجليد البحري تعكس تغيرات في المناخ العالمي. وبما ان الجليد البحري يمكن ان يراقب بسهولة، فان سجلات السفن توفر معلومات دقيقة طويلة الأمد عن كميته، وبالتالي عن المناخ.
تقول لين روسنتراتر الباحثة في تغير المناخ لدى الصندوق العالمي للطبيعة: "ان كمية الجليد، في الجزء من المحيط المتجمد الشمالي الذي تغطيه الخرائط الجديدة، انخفضت حوالى 33 في المئة خلال السنوات الـ135 الماضية. ونعتقد أن ذلك ناتج عن الاحترار العالمي الذي يسببه حرق الوقود الاحفوري. ومن خلال المعلومات المتوافرة في خرائط الجليد البحري، يمكننا بسهولة أكبر أن ندرس المتغيرات المناخية خلال فترة أطول، وأن نؤكد فرضيتنا".
لكن الجليد البحري هو أكثر من مجرد مؤشر لتغير المناخ. فهو يؤثر بطريقة مباشرة على مناخ العالم. والجليد البحري في القطب الشمالي مهم جداً للمناخ العالمي، إذ يساعد على تنظيم دورة مياه المحيط. فالمياه الباردة الكثيفة، التي تغوص في المنطقة القطبية وشمال المحيط الأطلسي، تشكل جزءاً مهماً من "حزام النقل" المحيطي العالمي الذي يحمل المياه الدافئة عبر المحيط الأطلسي في تيار الخليج، مبقياً أوروبا الشمالية أدفأ خمس إلى عشر درجات مما قد تكون لولاه. وهذا يعني أن في الإمكان تفحّص التأثيرات على المناخ التاريخي لأوروبا الشمالية بالاطلاع على كمية الجليد البحري.
وهذا الجليد مهم أيضاً لعدد من الثدييات الموجودة في المحيط المتجمد الشمالي. فهناك أنواع كثيرة تعتمد عليه لتربية صغارها وصيد فرائسها. الفقم المقلّمة، مثلاً، تحتاج إلى جليد مستقر كقاعدة تبني عليها مخابئها وتربي صغارها. كذلك يشكل الجليد البحري القاعدة التي تصطاد عليها الدببة القطبية فرائسها. وأي تغيرات في أوضاعه يمكن أن يكون لها أثر واضح على هذه الحيوانات. وتبين دراسة للصندوق العالمي للطبيعة بعنوان "الدببة القطبية في خطر" أن انخفاض كمية الجليد البحري يؤثر على وضع الدببة القطبية في خليج هدسن الكندي، وتستنتج ان الاحترار العالمي يشكل الخطر الأكبر الذي يهدد بقاء هذه الحيوانات على المدى البعيد.
المعطيات الجديدة التي توفرها الخرائط المحفوظة تساعد العلماء على تقدير التراجع الراهن للجليد البحري في ضوء المتغيرات خلال السنوات الخمسمئة الماضية. وهذا يساعدهم على إعداد نماذج مناخية جديدة وتحديد تأثيرات تغير المناخ في المحيط المتجمد الشمالي.
أليس غريباً أن سجلات التجار والمستكشفين الذين قضوا في أزمنة غابرة، والتي تقبع في المتاحف ولدى هواة جمع القطع النادرة، تلقي الضوء اليوم على مسألة مثيرة للجدل مثل تغير المناخ؟
كادر
اختفاء البيكة مع ارتفاع الحرارة
 
البيكة (pika) حيوان صغير من "أقرباء" الأرانب، قد يكون أول الحيوانات الثديية في أميركا الشمالية التي تسقط ضحية ارتفاع الحرارة في العالم. فقد أفادت دراسة أجراها الصندوق العالمي للطبيعة بأن الاحترار العالمي ساهم في موجات انقراض محلية خلال الجزء الأخير من القرن العشرين لتجمعات البيكة في "الحوض الكبير"، أي المنطقة الممتدة بين شرق سييرا نيفادا وغرب جبال الروكي.
للبيكة أذنان قصيرتان مستديرتان، وهي تلوذ بين الصخور المتكسرة على ارتفاعات عالية في الجبال غرب الولايات المتحدة وجنوب غرب كندا. في هذه الموائل الشاهقة يصعب العثور على طعام خلال الشتاء. لذلك تعمل البيكة صيفاً في قطف النباتات وتجفيفها وخزنها في أكوام على الصخور.
كشفت الدراسة ان البيكة اختفت منذ 55-86 سنة في سبعة مواقع من أصل 25 موقعاً كانت تتواجد فيها. هذه الحيوانات حساسة جداً لتغيرات المناخ، لأنها تعيش في مناطق باردة ورطبة. وفي حين ان ارتفاع الحرارة يدفع الحيوانات الجبلية إلى الهجرة شمالاً أو الانتقال إلى أماكن أعلى في الجبال لتجد موئلاً مناسباً لها، يبدو أن البيكة ليست مهيأة كغيرها للقيام بهذا النزوح البيئي.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.