Friday 22 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
موضوع الغلاف
 
طارق السيد ووليد فياض الصناعات العربية نحو قطاع منخفض الكربون؟  
كانون الأول / ديسمبر 2011 / عدد 165

 

على رغم اعتماد العديد من الدول العربية على موارد النفط والغاز لجني المداخيل وتعزيز التصنيع، فإنها لم تطوّر بعد إستراتيجيات متماسكة لإدارة الكربون لتُخفّض استهلاك الطاقة وانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، ولتحقّق أهدافاً بعيدة المدى في المحافظة على الموارد لأجيال المستقبل. فالصناعات الكثيفة الكربون، مثل النفط والغاز والمواد الكيميائية والمنافع العامة، إذا اعتبرناها قطاعاً واحداً، هي من أهمّ مصادر انبعاثات غازات الاحتباس الحراري البشرية المنشأ. ومع ذلك، لم تبادر الحكومات العربية إلى اتخاذ أي موقف جريء لتخفيض هذه الانبعاثات، مع أن فوائد ذلك تتخطّى المكاسب الاقتصادية القريبة المدى. وهكذا فإن انعدام أي استراتيجية صناعية منخفضة الكربون يعكس إخفاق الحكومات العربية، حتى الآن، في الموازنة بين النمو الاقتصادي القصير الأمد والتنمية المستدامة اقتصادياً وبيئيّاً على المدى الطويل.

 

من شأن الاستثمار في برامج ومشاريع تخفيض الكربون في البلدان العربية أن يساهم في تحويل الضغط العالمي المتنامي بشأن تغيّر المناخ إلى فرصة اقتصادية. ينبغي على الدول العربية أن تبني استراتيجيات تطوير صناعي منخفض الكربون، مدفوعةً بالفرصة المناسبة للتحوّل إلى اقتصادات ذات كفاءة في استخدام الطاقة. وسيكون من آثار ذلك تنشيط القدرة التنافسية للصناعة المحلية وتنويع مصادر الدخل وإيجاد فرص عمل جديدة. وبالإضافة إلى تخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، يؤدي ذلك أيضاً إلى تحسين نوعية الهواء.

 

يتطلب تطوير استراتيجيات الكربون المنخفض، على الصعيدين الوطني والإقليمي، استهداف القطاعات المسرفة في استهلاك الطاقة، حيث يمكن تحقيق تأثيرات توفيريّة هامة. ومن أهم الخطوات لتخفيض الانبعاثات تطبيق تقنيّات الإنتاج الأكثر كفاءة في المعامل الجديدة، وإدخال تجهيزات كفاءة الطاقة على المعامل القائمة حالياً. ويمكن تخفيض متطلبات الطاقة لكل طن من المنتجات بحدود 30 في المئة. فمثلاً، تحسينات كفاءة الطاقة في صناعة الأسمنت يمكن أن تخفّض استهلاك الطاقة ما بين 20 و40 في المئة لكل طن أسمنت. وهذا يعود بالفائدة على المنتج تبعاً لانخفاض كلفة الطاقة.

 

من المبادرات الأخرى التي تساهم في تحسين كفاءة عمليات التصنيع استخدام المحركات ذات الكفاءة العالية وأنظمة التدفئة والتبريد المقتصدة في الاستهلاك ومصادر الطاقة المتجدّدة. ومن المهمّ جدّاً أن تدعم الدول العربية تلك المبادرات بحوافز مالية مؤاتية، خصوصاً أنّ أسعار الكهرباء السائدة في معظم البلدان العربية هي أسعار منخفضة. ولا شك في أن تكاليف طرح مثل هذه الحوافز ستعوّضها، لا بل ستتجاوزها، التوفيرات في تكاليف توليد الكهرباء نتيجةً لتخفيض متطلبات حمل الذروة.

 

تبلغ حصّة القطاع الصناعي من استهلاك الطاقة الكهربائية في البلدان العربية نحو 500,000 بليون كيلوواط ساعة. وبتخفيض 30 في المئة من متطلبات الطاقة بسبب زيادة كفاءة العمليات الصناعية، يمكن أن يتحقّق توفير 150,000 بليون كيلوواط ساعة سنوياً، أي ما قيمته نحو 12,3 بليون دولار.

 

يمكن استخدام عدد من التدابير لدفع الأسواق المحلية نحو المنتجات ذات الكفاءة في استهلاك الطاقة، بتوفير الحوافز الملائمة للجهات الفاعلة في القطاع الخاص، وذلك من أجل تعزيز الصناعات القائمة. وباستطاعة الحكومات فرض معايير الحدّ الأدنى لكفاءة استخدام الطاقة والمياه التي يجب استيفاؤها في كل منتَج يُطرح للبيع. كما يمكن منح المنافع العامة حسوماً للمشاريع الصناعية التي تشتري معدّات جديدة تستوفي حدّاً أدنى معيّناً من معايير الكفاءة، أو تستبدل المعدّات القديمة غير الكفوءة لقاء مكافأة اسمية. واذا ما رُفعت تعرفة الكهرباء أو عُدلت هيكليّتها بطريقة تجعل الإفراط في الاستهلاك أكثر كلفةً، فإن ذلك يزيد من الاقتناع بفكرة شراء معدّات جديدة أشدّ كفاءة في استهلاك الطاقة.

 

والمطلوب من الحكومات العربية، من أجل خلق صناعات جديدة منخفضة الكربون وتنميتها، أن تطوّر إستراتيجيات سياسة صناعية وطنية لدعم القطاع الخاص. وينبغي أن توفّر هذه السياسة الصناعية وضعاً مؤسّسياً مناسباً، وتبني إطاراً سياسياً وتنظيمياً ملائماً للصناعات المنخفضة الكربون، وتعزّز إمكانات البحث والتطوير.

وعلى عكس الاعتقاد الشعبي السائد، فإن معالجة مسألة انبعاثات الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري يمكن أن تكون مربحة. ويُشار إلى أن تدابير كفاءة الطاقة، وهي محورية في الكثير من مبادرات إدارة الانبعاثات، تولد توفيرات مباشرة في النفقات بتخفيض استهلاك الوقود. وفي كثير من الأحيان، تستعيد تدابير كفاءة الطاقة تكاليفها في مدى لا يتجاوز ثلاث سنوات.

 

 

 

200 مليون طن ينتجها العرب سنة 2020

 

كيف نتدبَّر نفاياتنا؟

 

الدكتور رامي الشربيني أستاذ في جامعة القاهرة ومستشار فني لوزارة البيئة في مصر وخبير في الهندسة الجيو ـ بيئية وإدارة النفايات الصلبة. والدكتور أحمد جابر رئيس «تشيمونيكس مصر» للاستشارة الإدارية والهندسة البيئية، وأستاذ في الهندسة الكيميائية في جامعة القاهرة. ومحمود رياض استشاري تخطيط لإدارة النفايات الصلبة.

 

رامي الشربيني وأحمد جابر ومحمود رياض

 

يتصف قطاع إدارة النفايات في العالم العربي بالتخلف وضعف الاستثمارات والممارسات الشديدة الخطورة في «التخلّص من النفايات». ومع أن حجم النفايات المنتَجة آخذ في الازدياد بشكل مثير للقلق، فليس لدى الجهات السياسية العليا التزام شديد بإدارة النفايات، كما إنّ عدّة بلدان عربية تفتقر إلى استراتيجيات وطنية أو خطط متكاملة لإدارة النفايات الصلبة البلدية. ويتوقّع أن تبلغ كميات النفايات الصلبة البلدية المُنتَجة في البلدان العربية بحلول سنة 2020 ما يزيد على 200 مليون طن سنوياً. ومع أنّ ما يقارب 80% من مجمل النفايات الصلبة البلدية المتولّدة في البلدان العربية قابل للتحلُّل ولإعادة التدوير، فإن معدّل إعادة التدوير لا يتجاوز 5%.

 

من النواقص التي تشوب هذا القطاع غياب الأنظمة وضعف مقاييس التخلّص من النفايات. فليست هناك أنظمة مناسبة لجمع النفايات ونقلها، كما إنها لا تشمل كل السكان. وقد تصل النفايات غير المجموعة في العديد من البلدان العربية إلى 50% من مجمل النفايات المُنتَجة، والتي يذهب معظمها إلى مكبّات مكشوفة أو مضبوطة. وغالباً ما يُستخدم الإحراق في الهواء الطلق في هذه المكبّات. يُضاف إلى ذلك أنّ النفايات الصلبة البلدية تختلط عادة بالنفايات الصناعية والطبية أثناء عملية التخلّص منها. وبنتيجة إلقاء النفايات الصلبة بشكل غير سليم وحرقها في الهواء الطلق تؤدي منتجاتها المتحلّلة إلى تلوّث الهواء والمياه الجوفية والسطحية والتربة. وقد تجد هذه الملوِّثات طريقها، بعد ذلك، إلى الهواء أو تدخل سلسلة الغذاء، مسبِّبة مخاطر صحية مباشرة.

 

ومن معوقات تمويل إدارة النفايات أيضاً، بشكل عام، ضعف الميزانيّات ومحدودية استرداد التكاليف. ومن المعروف أنّ المدن تنفق ما بين 20 و50% من ميزانياتها المكرّرة المتاحة على إدارة النفايات الصلبة، ومع ذلك فمن الشائع أن يظلّ نصف كميات النفايات في المدن غير مجموع، وألاّ تشمل خدمات جمع النفايات الصلبة البلدية نصف سكان المدن.

 

 

 

تأمين التمويل

 

يُقدَّر أنّ التكاليف السنوية للأضرار الناجمة عن سوء إدارة النفايات بلغت عام 2006 ما يوازي نسبة 3% من الناتج المحلي الإجمالي للبلدان العربية، ممّا يعني أن تحويل إدارة النفايات إلى قطاع أخضر يخفض النفقات بقيمة 57 بليون دولار، استناداً إلى إجمالي الناتج المحلي في العام 2010.

 

ونظراً لوضع القطاع غير المتطوّر والممارسات غير المستدامة السائدة فيه، تبرز حاجة ماسة إلى إجراء تحوّل عميق في مقاربة النفايات الصلبة البلدية، من رميها وحرقها وطمرها إلى منهج لإدارة الموارد يسعى إلى جني فوائد من مواد النفايات من خلال تقليل كميتها وإعادة استخدامها وتدويرها واستردادها. وهذا ما لا يمكن تحقيقه إلا باعتبار النفايات عبئاً خطيراً باهظ الكلفة، واعتبارها مورداً اقتصادياً قيّماً يمكن تحويله وإعادة استعماله بطريقة تأخذ بعين الاعتبار كل المخاوف المتعلّقة بالصحة العامة والبيئة.

 

ينبغي على الحكومات العربية أن تطوّر استراتيجيّات وطنية لإدارة النفايات ومخطّطات عامة توفر الدعم السياسي للالتزام بمنهجية للنفايات الصلبة البلدية تقوم على تقليل كميتها إلى الحدّ الأدنى وتحويلها. والهدف من تخفيض النفايات هو إلغاؤها قبل إنتاجها، والتقليل من كميات النفايات وسمّيّتها في آن واحد. ويشمل التعريف الأشمل للتخفيض إلى الحدّ الأدنى ثلاثة عناصر هي على التوالي، بحسب المرغوبية، تجنّب توليد النفايات أو تقليلها ورفع جودتها من المصدر، واسترداد المواد عن طريق إعادة الاستعمال، وإعادة التدوير.

 

أول خطوة لازمة لتحقيق الاستدامة المالية هي معرفة التكاليف الفعلية لخدمات النفايات الصلبة البلدية في البلدان العربية. وقد قُدِّرت احتياجات الاستثمار في هذا القطاع في غرب آسيا وشمال أفريقيا، على مدى السنوات العشر المقبلة، بما يفوق 21,6 بليون دولار سنوياً موزّعة على الشكل الآتي: الجمع والتحويل (38%)، الطمر وصنع الكومبوست (27%)، المعالجة الميكانيكية والبيولوجية (17%)، تحسين المكبّات أو إغلاقها (12%)، تحويل النفايات إلى طاقة (6%).

 

ويمكن تأمين التمويل بفرض مجموعة تعرفات وضرائب محلية، وتشجيع استثمارات القطاع الخاص، وإقرار مسؤولية المنتِج الطويلة الأجل، وزيادة الإيرادات من بيع المنتجات المعاد استخدامها والمعاد تدويرها. ومع كل ذلك، فما يجني المداخيل الأكبر هو بناء أساس لتخفيض إنتاج النفايات في المقام الأول وتوظيف الاستثمارات في البنية التحتية لاسترداد الموارد.

 

وممّا يشجّع الاستثمار في تخفيض النفايات وإعادة استخدامها واستعادتها السياسات العامة الحكومية، والشراكات بين القطاعين العام والخاص، والتمويل الابتكاري، ومخطّطات استعادة التكاليف. ويمكن أن تتّخذ هذه السياسات الخضراء شكل حوافز اقتصادية، والتزامات بمسؤوليات المنتج الطويلة الأجل، وأنظمة تعزّز إدارة النفايات الصلبة الخضراء، واستعادة التكاليف. وبالإمكان زيادة فعالية هذه السياسات إلى حدّ كبير بمواصلة حملات التوعية العامة وتثقيف الجمهور والترويج الاجتماعي، علماً أن الالتزام السياسي والمشاركة الجماهيرية شرطان أساسيان لنجاح هذه السياسات.

 

 

 

فرص استثمارية

 

تنشّط إدارة النفايات الصلبة البلدية الاقتصاد بشكل مباشر، لأنها بحاجة إلى وفرة في اليد العاملة وإلى استثمارات في آلات ومعدات المناولة والنقل والمعالجة. أما تطوير قطاع إدارة خضراء للنفايات الصلبة البلدية، فإنه يفتح آفاق تنويع الاقتصادات العربية. وهو يساهم في خلق وظائف جديدة وينشّط الطلب على المنتجات والأنظمة والخدمات في قطاعات أخرى، ومنها الزراعة والصناعة والإنشاء وتحويل النفايات إلى طاقة والمعالجة والنقل وتجارة التجزئة والخدمات الفنية.

وإلى تحريك عدّة نشاطات اقتصـادية، توفر إدارة النفايات الصلبة البلدية الخضراء فرصاً استثمارية عظيمة في إعادة التدوير وصناعة الكومبوست وإنتاج الطاقة. كما يمكن تسبيـخ نفايات الأغذية العضوية، التي تشكل 40 ـ 80% من النفايات البلدية في البلدان العربية، لصنع الكومبوست للاستخدام الزراعي، ولإنتاج الغاز الحيوي لاستخدامه عوضاً عن الوقود الأحفوري. ومع أن محاولات تحويل النفايات إلى منتجات ذات قيمـة أكبر، مع استرداد الطاقة، لا تزال في مهدها في العالم العربي، فإنّ إمكانات توسّعها ونجاحها في المستقبل واعدة. ومن هنا تأتي أهمية وضع حوافز لإنتاج الكـومبوست العضـوي أو اسـترداد الطاقة من النفايات الصلبة بهدف جذب الاستثمارات اللازمة.

 

 

 

5,6 مليون وظيفة جـديدة بنمو قطـاع السياحـة 12%

 

سياحة مستدامة

 

مع كفـاءة الطاقـة والميـاه

 

 

 

الدكتورة هبة عزيز رئيسة قسم السياحة المستدامة والتنمية الاقليمية في الجامعة الألمانية للتكنولوجيا في عُمان، وباحثة واستشارية في شؤون السياحة. والدكتورة إديث شيفاز خبيرة في تنمية السياحة الدولية ومديرة الأبحاث والاستشارات في أكاديمية الإمارات لإدارة قطاع الضيافة.

 

 

 

هبة عزيز وإديث شيفاز

 

أصبحت السياحة قطاعاً هامّاً في اقتصادات معظم الدول العربية، وهي تساهم في التنويع الاقتصادي وإيجاد فرص العمل وكسب إيرادات بالعملات الأجنبية. غير أنّ التأثيرات البيئية والاجتماعية غير الملائمة تبدِّد الإنجازات الاقتصادية لهذا القطاع. فعدم تنظيم الشراء والسفر وخدمات الإقامة والترفيه والضيافة، مقروناً بالفوضى في بناء المنتجعات، أدّى إلى الإفراط في استخدام الطاقة واستغلال المياه من دون أي حِسّ بالمسؤولية وتوليد كميات هائلة من النفايات. لذا يتزايد إسهام هذا القطاع في الانبعاثات العالمية لغازات الاحتباس الحراري بمقدار 2 ـ 3% سنوياً. ويؤدي التوسّع في بناء المنتجعات البحرية إلى تدهور النظم البيئية الساحلية والبحرية. كما تبرز الشكوك والتساؤلات حول مضاعفات إدخال أنماط السياحة العالمية التوجّه على المجتمع والثقافة والتنمية الاجتماعية.

 

تبلغ حصة الشرق الأوسط 6% في سوق السياحة العالمية، وحصة شمال أفريقيا 2%. وتتراوح نسبة السياحة الدولية إلى الناتج المحلي الإجمالي بين 26% في لبنان، و17% في الأردن، و12% في مصر، و10% في كل من المغرب وتونس، و9% في البحرين. أما نسبة إيرادات السياحة الدولية إلى مجمل الصادرات عام 2009 فكانت الأعلى في لبنان (33%)، يليه الأردن (28%) ثم المغرب (26%) فمصر (22%) وسورية (19%). وقد أمّنت السياحة في مصر وظيفة واحدة من كل 7 وظائف في العام 2010. كما بلغت حصة السياحة من إجمالي التوظيف في المنطقة العربية عام 2010 نحو 4%.

 

وعلى أساس القدرات المحتملة في المنطقة لجذب السياحة الدولية والحاجة للتنويع الاقتصادي وفرَص التوظيف، جذب هذا القطاع استثمارات كثيرة. فبالإضافة إلى المنتجعات الساحلية في بلدان شمال أفريقيا العربية، رسّخت دول أخرى في المنطقة أقدامها في سوق المؤتمرات والاجتماعات واللقاءات الثقافية بحيث أصبحت مقاصد لهذا الغرض، ومنها أبوظبي ودبي (في الإمارات) وعُمان وقطر.

 

 

 

مبادرات طوعية

 

الاتجاه الغالب حالياً في التطوير السياحي في عدد من أهم المقاصد السياحية في مصر والأردن والمغرب وتونس وبلدان الخليج العربي يركز على المراكز السياحية المتكاملة، وهي عادة مشاريع تطوير واسعة تتجاوز مساحتها 200,000 متر مربع، وتقع في المناطق الساحلية. وتضم هذه المراكز مجموعات فنادق وبيوت ومحلات تجارية وأحواض للمراكب وميادين غولف، وهي تستهلك الطاقة والمياه بكثافة وتخلّف كميات كبيرة من النفايات. ومن أكثر اهتمامات المراكز السياحية المتكاملة في البلدان العربية صيانة ملاعب الغولف التي تبتلع كميات هائلة من المياه، مع أنها مورد شحيح في المنطقة. فمتوسّط استهلاك المياه في ملعب غولف واحد في منطقة الخليج يقدّر بـ 1,16 مليون متر مكعب سنوياً، ويصل في دبي إلى 1,3 مليون متر مكعب، وهي كمية كافية لاحتياجات 15,000 مواطـن سنوياً.

 

إن انعدام الأنظمة المُلزمة وغياب المراقبة هما من أهم العوائق التي تعترض التحول إلى قطاع سياحة مستدام. فالمبادرات الخضراء في قطاع السياحة العربية تكاد تكون اختيارية بمجملها، لأن الحكومات العربية الراهنة عاجزة أو غير راغبة في صياغة وإنفاذ المعايير التنظيمية اللازمة لضبط أعمال المستثمرين وشركات التطوير العقاري. أضف إلى ذلك أن حوافز الاستثمار في السياحة الخضراء محدودة جداً. أما شروط تطوير المراكز السياحية المتكاملة فنادراً ما تفرض أي اجراءات بيئية. حتى إن الحكومات تدعم الكهرباء والماء والوقود، ممّا يدفع إلى الإفراط في استهلاك هذه الموارد وما يستتبع ذلك من تأثيرات بيئية سلبية.

 

ويتمّ إجراء دراسات تقييم الأثر البيئي على كل مشروع بمفرده، وهذا يعقّد فعلاً تقييم الآثار التراكمية لأعمال السياحة على البيئة والاقتصاد. علاوةً على ذلك، فإن الدوائر الحكومية الموكلة بمراجعة دراسات تقييم الأثر البيئي تفتقر، في أكثر الأحيان، إلى الخبرة الكافية لإصدار توصيات إضافية من أجل التدابير التصحيحية.

 

وإذا كان من واجب وزارة السياحة صياغة الاستراتيجية العامة لقطاع السياحة، فإن إعدادها ينبغي أن يتمّ بمشاورة الوزارات الأخرى المختصة والجهات ذات العلاقة وبالتعاون الوثيق معها. ذلك لأن المسائل المتعلقة بالمياه والطاقة والنقل والبناء وإدارة النفايات والبنية التحتية والتنمية الاجتماعية ـ الاقتصادية لا تقع جميعها ضمن اختصاصات وزارة السياحة. والتجاوب المنسَّق المطلوب في السياسات لتعزيز السياحة المستدامة والخضراء ينبغي أن يشمل حزمة آليات تضمّ الأنظمة والتدابير المحفِّزة والتمويل والتقنيات الملائمة للبيئة وبناء القدرات، على أن تنسَّق هذه الجهود بين الوزارات والدوائر المختصة المتعدّدة.

 

 

 

زيادة الايرادات والوظائف

 

تؤدي السياحة البيئية والسياحة الثقافية المعتمدة على المجتمعات دوراً فاعلاً في المحافظة على الطبيعة ودعم الاقتصادات المحلية وإيقاف الهجرة من الريف إلى المدينة، وبذلك تساهم بشكل فاعل في محو الفقر. لذا، من الأهمية بمكان أن تقدّم المنظمات الدولية والحكومات العربية الدعم المالي لهذه السوق الهامة على صغر حجمها.

 

يتوجه الاهتمام الدولي حالياً إلى السياحة المستدامة، وهي مفهوم أشمل من السياحة البيئية، للحلول محلّ السياحة التقليدية. فالاماكن التي تتمتّع ببيئات نظيفة ومأمونة تجذب السياح أكثر من الأماكن الملوّثة والمكتظّة، وتأتي بمداخيل أكبر. فإذا ما زادت الدول العربية استثماراتها في السياحة المستدامة، فإنها بذلك تزيد حصتها في سوق السياحة الدولية وتوفّر المزيد من الوظائف الخضراء الجديدة وتجني أرباحاً أكثر في آن واحد.

 

استناداً إلى مستويات الناتج المحلي الإجمالي في العام 2010، فإن ازدياد السياحة الدولية بنسبة 12% في الدول العربية يمكن أن يؤدي إلى زيادة في الإيرادات تقدَّر بـ228 بليون دولار كل عام، كما يخلق 5,6 مليون وظيفة جديدة، ممّا يرفع حصّة هذا القطاع في مجمل سوق العمل إلى 10%.

 

ويمكن أيضاً تقييم آثار السياحة المستدامة على استهلاك الطاقة والمياه لقياس مدى وَقْع تدابير رفع الكفاءة على خفض الاستهلاك. استناداً إلى تقديرات العام 2010، جذب قطاع السياحة العربية نحو 59,2 مليون سائح، علماً أن متوسط استهلاك الطاقة لكل سائح يقيم مدة أسبوع يقدّر بـ798 كيلوواط ساعة، وهو أعلى من معدّل الاستهلاك في المنطقة بـ20%. لذا فإن المزج بين اعتماد تدابير كفـاءة الطاقة واستخدام مصادر الطاقة المتجدّدة يُقدَّر أن يؤدي إلى خفض 45% من الاستهلاك، وهذا يُنقص 360 كيلوواط ساعة من استهلاك الطاقـة للسائـح الواحد في أسبوع واحد، أي ما يصل إلى 21,300 مليون كيلوواط ساعة سنوياً في كامل المنطقة العربية. كما إن ذلك سيخفّض 52% من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون. أما تدابير كفاءة المياه فسيكون من تأثيراتها خفض استهلاكها بنسبة 18%. وعلى افتراض أن متوسّط استهلاك الميـاه لكـل سائـح هو 300 ليـتر يوميّـاً، فـإن خفض 18% من استهلاك المياه سيوفّر على البلدان العربية صرف 22,400 مليون ليتر سنويّاً.

 

 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.