Saturday 23 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
محمد السارجي مزابل تحت الماء  
كانون الثاني (يناير) 2004 / عدد 70
 3000 طن من أصل 4000 من النفايات الصلبة الناتجة يومياً من المنازل وورش الردم والبناء تجد طريقها الى بحر لبنان. وتصب المياه المبتذلة في هذا البحر بمعدل نصف مليون متر مكعب يومياً. وتتسرب الزيوت الى المياه من الخزانات الساحلية ومن السفن وناقلات النفط. وعلى امتداد الشاطئ اللبناني نحو أربعين منطقة صناعية تصرّف مواد حمضية وقلوية ومعادن ثقيلة ومنظفات ومبيدات وملوثات كيميائية أخرى.
محمد السارجي، نقيب الغطاسين في لبنان، ينقل الينا بالكلمة والصورة بعض مشاهداته لما ظهر وخفي من نفايات تثقل هذا البحر.
 
محمد السارجي
"ما لا تراه العين لا يوجع القلب". هذا يلخص، نوعاً ما، السياسة المتبعة للنفايات في لبنان على المستويين الرسمي والخاص. فما دامت النفايات تؤخذ من منازلنا صباح كل يوم، لا يهمنا على الاطلاق الى أين تذهب طالما هي بعيدة عن أنظارنا. ولعل أسهل طريقة للتخلص منها رميها في البحر كي لا نراها ثانية ولا نشم رائحتها.
ربما لهذا السبب أنشأت بعض البلديات مكبات نفاياتها الصلبة بمحاذاة البحر او على مقربة منه. والكثير من السكان الذين يقيمون بالقرب من الشاطئ غالباً ما يتجهون بنفاياتهم اليومية مباشرة الى البحر. وذات يوم، عندما رأيت أحد الجيران يرمي كيس بلاستيك ضخماً على الشاطئ، سألته عن السبب، فأجابني ببرودة أعصاب: "لا تعتل الهم يا جار، البحر يأخذه لبعيد".
ما زلت حتى هذا اليوم أجهل أين هو هذا المكان "البعيد". فأثناء غوصي تحت الماء أرى النفايات في وجهي بشكل يومي، وأشهد تأثيرها السلبي المدمر للبيئة البحرية، وللثروات السمكية بشكل خاص. ينتهي بها المطاف داخل المغاور والنتوءات المرجانية، أو تسبح مع التيارات البحرية الى شاطئ ما في بلد ما في حوض البحر المتوسط.
يجهل كثيرون أن البحر المتوسط، الممتد على طول الجمهورية اللبنانية، هو نصف هذه الجمهورية وجزء لا يتجزأ من كيانها. وهذا النصف يحتوي على الثروات الوطنية الطبيعية الوحيدة، وأبرزها الثروة السمكية والحيوانية الأخرى، وبالأخص الاسفنج، والكنوز الطبيعية كينابيع المياه العذبة المتدفقة من القاع والينابيع الكبريتية التي لا توجد في كل المتوسط الا قبالة شواطئنا الجنوبية، والثروات الحضارية كالمدن والآثار الغارقة. ولكن، للأسف، الاسفنج انقرض عندنا عام 1986، والثروة السمكية التي تغنى بها المؤرخون أصبحت شبه نادرة، والنفايات الصلبة والسائلة تهدد ما تبقى من كنوز في هذا البحر الذي أصبح يستحق لقب "المزبلة". والمحزن أن تاريخنا العريق يشهد كيف كان جدودنا، أصحاب "العولمة" الأولى في التاريخ، يصدرون منتجاتهم وأحرفهم الأبجدية وحضارتهم الى أنحاء المعمورة عبر هذا البحر العظيم، وها نحن الآن نصدر عبره، كما نستقبل، النفايات والملوثات على أشكالها.
ومن أخطر النفايات الصلبة الملقاة في البحر البلاستيك، خصوصاً أكياس النايلون التي تحتاج الى مئات السنين لتتحلل. وهي تطفو بين سطح الماء والقاع، مما يجعلها هدفاً لسلحفاة البحر، اذ انها تشبه غذاءها المفضل قنديل البحر، فتختنق وتموت عندما تحاول أكلها.
والصياد اللبناني هو الضحية البشرية الأولى لهذا التلوث. فعوضاً عن اصطياد الأسماك بشباكه، يصطاد النفايات التي تغطي الشباك وتتلفها، اذ من المستحيل أحياناً تنظيفها بالكامل لاعادة استعمالها في صيد آخر.
النفايات بلوى البر والبحر. وقد آن الأوان لادارة متكاملة تعتمد الفرز من المصدر واعادة التدوير والتخلص السليم مما تبقّى، مع توعية المواطنين ومعاقبة المخالفين.
محمد السارجي نقيب الغواصين في لبنان.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
دمشق – "البيئة والتنمية" مركز بيئي في تدمر
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.