على أثر زلزال كشمير المدمر عام 2005، أُنشئت مؤسسة «بالات القش والبناء المستدام في باكستان» لحماية بيوت المواطنين من تداعيات الزلازل والفيضانات وأحوال الطقس القاسية. وتستثمر المؤسسة في مشروع للتمويلات الصغيرة يوفر للمجتمع المحلي حلولاً تصميمية خلاقة لإنشاء بيوت كفوءة بالطاقة. وبعد فترة تدريبية، تتمكن العائلات المتأثرة بالكوارث من بناء بيوت لها باستعمال مواد طبيعية محلية. ويتم تشغيل مواطنين محليين للمشاركة في تطوير المجتمع المحلي.
دربت المؤسسة منذ 2006 أكثر من خمسين شخصاً، وأنشأت 26 مبنى نموذجياً من بالات القش في إقليم خيبر باختونخا. وارتقت خبرة البناء لدى العائلات المعوزة بتعلمها الخطوات الضرورية لبناء بيوتها من هذه البالات. وهذا ما فعله «برنامج تطوير المجمتمع» (CDP) التابع للمؤسسة عام 2007، مقدماً ما يلزم من المواد والتدريب والتمويل الى المجتمعات الفقيرة في المنطقة.
من خلال إتاحة هذه الفرصة التي تغير مجرى الحياة، تأمل المؤسسة تحسين الظروف الصحية والمعيشية للباكستانيين الفقراء، خصوصاً ضحايا الفيضانات والزلازل. فرفع الوعي البيئي لدى الجماعات الأكثر تعرضاً، وتدريبها على مهارات إعادة الاعمار، يخلقان استقراراً اجتماعياً واقتصادياً. وتؤكد المؤسسة أن هذه البيوت الرخيصة الملائمة لكثير من بلدان العالم النامي هي مقاومة للزلازل وأكثر كفاءة بالطاقة بنحو ضعفي طرق الانشاء المعتادة.
توفر هذه التقنية الملائمة طرق بناء بديلة هي أكثر صداقة للبيئة المحلية من الانشاء العصري. وفي حين تستخدم أدوات ومواد بناء مشابهة، فان بيوت بالات القش هي أقل كلفة الى حد بعيد، مستفيدة من وجود عمال يدويين راغبين في العمل ومواد متوافرة محلياً.
وتتراوح كلفة البيت المبني من بالات القش بين 54 و64 دولاراً للمتر المربع، في ما يتعلق بالمواد والعمل، بالمقارنة مع 130 دولاراً للمتر المربع هي كلفة بيت تقليدي مماثل منخفض الكلفة. وبذلك يكون معدل كلفة بيت مساحته 50 متراً مربعاً أقل من 3000 دولار.
تصميم مقاوم للزلازل
في آذار (مارس) 2009، أجرت المؤسسة اختبارات زلزالية لبيت بني من بالات القش. فتبين أن نظام الانشاء مقاوم جداً للزلازل. وقد أجريت الاختبارات في مرفق «شبكة محاكاة هندسة الزلازل» في جامعة نيفادا الأميركية، بدعم من معهد أبحاث هندسة الزلازل. وتم تعريض البيت لسلسلة محاكاة من ثمانية زلازل ذات قوة متزايدة. فتحمل تسارعات زلزالية بلغت ضعفي تسارعات زلزال كشمير.
القش المستعمل في بناء هذه البيوت هو منتج زراعي ثانوي من موسم الحصاد، يُربط في بالات تشكل «لبنات بناء» الجدران. ويتم بناء الأساسات والجدران بحيث تحتمل ضغطاً قوياً، كما هي حال البيوت المبنية من الطوب.
وخـلافـاً للاعتقاد السائد، فان البيت المبني من القش المضغوط هـو أكثر احتمالاً مما يتخيله المرء. وهو بطبيعته كفوء طاقوياً، فالجدران عازلة للتيارات الهوائية، ما يصدّ الرياح العاصفة في فصل الشتاء. وتستعمل في البناء مواد طبيعية، أي الطين القشي الخفيف والدعائم الخشبية المحبوكة، ما يعني أن البيت «عضوي» تستعمـل في بنائه منتجات غير ضارة. وباستعمال مواد متوافرة محلياً، تكون العائلات الفقيرة غير مجبرة على شراء مواد باهظة الثمن أو الاعتماد على بنّائين مهرة لتشييد بيوتهم. وقد ثبت أن بيوت القش مقاومة أيضاً للرطوبة والآفات.
كيف يُبنى بيت القش
التصميم الأخضر هو العنصر الأساسي في هذه البيوت المقاومة للزلازل والفيضانات. وتقدم كل عائلة نحو 1200 ساعة عمل. وتكلف مواد البناء نحو 2300 دولار للبيت.
وقد تم تطوير نظام لصنع بالات القش، بواسطة رافعات زراعية تشغل يدوياً وقوالب ضغط مصنوعة محلياً. ولاقامة مشاريع محلية مستقلة، دعمت المؤسسة إقامة معمل لصنع بالات القش في بلدة خاكي التي يعيش سكانها من زراعة الرز.
يتم ربط نحو 300 بالة قش جاهزة بعضها ببعض، ورصها بين دعائم خشبية أفقية، وطليها بملاط طيني. هذا يدعم ثقل السطح ويخفف الضغط عن الأساسات ويصد الرياح. ومن التقنيات البارعة الأخرى في هذا التصميم مد أساس من أكياس الحصى للتثقيل، يُسكب عليه مزيج من التراب والاسمنت. ويتم تغليف السطح بكامله بشبك نايلون كالذي يستعمل لصيد الأسماك، ما يوفر تقوية للملاط الطيني ومقاومة للزلازل. وتبلغ مساحة البيت القياسي الـتابع لبرنامج تطوير المجتمع نحو 53 متراً مربعاً (7,3 أمتار x 7,3 أمتار)، وهو يتكون من غرفتين وشرفة، مع مطبخ اختياري.
البناء الصديق للبيئة جزء من برنامج مؤسسة «بالات القش والبناء المستدام في باكستان». فمنازلها المبنية بالقش مصممة للإفادة جيداً من الطاقة الشمسية، حيث يخزن السطح والجدران الطاقة (الحرارة) الشمسية ويوزعانها بفعالية. وهي توفر حيزاً ملائماً للطبخ، وتقنية ملائمة لتجميع مياه الأمطار، ومراحيض تحوّل فضلاتها الى سماد طبيعي.
وتعمل المؤسسة على جمع الأموال لبناء بيوت لضحايا الفيضانات.