Saturday 20 Apr 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
راشد الساعد الماء سلاح آخر على رقاب الفلسطينيين  
كانون الثاني (يناير) 2004 / عدد 70
 يولد الطفل الفلسطيني للعطش، سواء أكان مولده في مخيم لاجئين أم في مدينة. كيف لا، وما يحصل عليه من معدل يومي لمياه الشرب يتراوح بين 40 و100 ليتر، مقارنة بما ينعم به مولود مستعمرة يهودية وهو 250 – 300 ليتر يومياً. ولا تقارن خدمات الصرف الصحي في حياة كلا الطفلين.
إن شح مصادر المياه وازدياد تلوث المياه الجوفية وتدني خدمات الصرف الصحي في الأراضي الفلسطينية، تجعل توفير البيئة المعيشية السليمة من أهم الأولويات وأصعبها لدى البلديات والمجالس القروية. وقد تجاهلت الجهات الإسرائيلية المختصة هذا القطاع طوال فترة الاحتلال، وما زالت تعرقل إنشاء المشاريع المائية في عهد السلطة الفلسطينية. وهذا شكل فاضح من التمييز العنصري.
السياسة المائية للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة كانت لها آثار سلبية على الشعب الفلسطيني، صحياً وبيئياً واقتصادياً. وهي تجلت في عرقلة خدمات قطاع الصرف الصحي ومحطات المعالجة في المناطق الفلسطينية. كما امتنعت عن صرف المساعدات المالية للقيام بأعمال الصيانة والإصلاح. والأموال الضريبية التي تجبى من الشعب الفلسطيني تستثمر في داخل إسرائيل، وليس في إعادة تأهيل هذا القطاع. ولم تقم الإدارة المدنية، ومن بعدها في عام 1982 شركة مكروت الإسرائيلية للمياه، بوضع استراتيجيات عملية في هذا القطاع. لذا فان نسبة سكان المدن الفلسطينية المخدومة بشبكة صرف صحي مركزية اقتصرت على 20 في المئة خلال 28 سنة من الاحتلال، أما نسبة معالجة المياه العادمة في هذه التجمعات فلم تتجاوز 5 في المئة.
وعمدت إسرائيل إلى استغلال المياه العادمة في بعض التجمعات الحضرية الفلسطينية لأغراض الزراعة في مناطقها. وتبين نتائج دراسة أجريتها للفترة ما بين 1997 و2002، أن نسبة المياه العادمة الفلسطينية شكلت نحو 7 في المئة من مجموع 270 مليون متر مكعب تستخدمها إسرائيل لأغراض الزراعة، وتشير خطتها المائية حتى سنة 2020 إلى إبقاء هذه النسبة ثابتة.
خرق إسرائيل لروح الاتفاقيات المبرمة مع السلطة الوطنية الفلسطينية تجسده ممارساتها في اللجنة الفنية المشتركة حول المياه. فمن بين 14 مشروعاً قدمت من الجانب الفلسطيني ضمن الاستراتيجية الفلسطينية لادارة المياه العادمة، تمت الموافقة على خمسة مشاريع فقط، وبقيت الأخرى قيد النقاش حيث يتم تأجيل البت فيها "لأسباب غير فنية". هذا التأخير المتعمد من الجانب الإسرائيلي يترتب عليه ازدياد خطورة تلوث المياه الجوفية، ومشاكل صحية، وعوائق اقتصادية من أهمها احجام الدول المانحة عن تقديم قروض مالية لتطوير هذا القطاع. وقصة محطة المعالجة في مدينة رام الله خير مثال. فقد قام الاسرائيليون بشق طريق التفافية لخدمة مستعمرة يهودية، شطرت موقع المحطة إلى نصفين مما جعل توسيع وحدات المعالجة أمراً صعباً إن لم يكن مستحيلاً.
تلوث من المستعمرات
قامت سلطة المياه الفلسطينية باستثمار موارد مالية وفنية كبيرة، بدعم دول مانحة، لاعادة تأهيل أو إنشاء شبكات صرف ومحطات معالجة لخدمة أكثر من 50 في المئة من سكان الحضر. وبلغت نسبة سكان الحضر المخدومة بشبكة صرف صحي 35 في المئة في الضفة الغربية، أي بزيادة 3 في المئة سنوياً مقارنة بـ 1,7 في المئة سنوياً لما كانت عليه إبان الاحتلال. أما نسبة المعالجة الحيوية للمياه البلدية العادمة التي يتم جمعها بواسطة شبكات صرف صحي مركزية فقد بلغت 16 في المئة، مقارنة بنسبة 5 في المئة للوضع أثناء الاحتلال.
المستعمرات اليهودية في الأراضي الفلسطينية، التي يقدر عددها 177 مستعمرة، تساهم بشكل مباشر في تلويث الأراضي الفلسطينية والمياه الجوفية والسطحية، مسببة مشاكل صحية وبيئية لسكان المدن والقرى الفلسطينية القريبة منها. ويمكن تلخيص مصادر هذا التلوث وحجمه وأضراره المادية المترتبة على الشعب الفلسطيني كما يأتي:
- حمل التلويث السنوي الناجم عن 400 ألف مستعمر، إضافة إلى ما يعادل 200 ألف مكافئ نسمة بفعل الحمل العضوي التلوثي للمصانع المختلفة المقامة في المستعمرات اليهودية.
- خفض معدل شحن المياه الجوفية السنوي، الذي ينجم عن زيادة غير طبيعية في المساحات المبنية للمستعمرات تشكل نحو 50 في المئة من مساحة قطاع غزة، أي ما يعادل 180 كيلومتراً مربعاً.
- الحمل التلوثي العضوي الناجم عن مياه الأمطار من مجمل المساحات المصادرة (52 كيلومتراً مربعاً)لإنشاء طرق وشوارع التفافية للمستعمرات اليهودية، وهو يعادل 40 ألف مكافىء نسمة.
- زيادة كميات الأمطار السنوية المتدفقة عن المسطحات المبنية للمستعمرات اليهودية تؤدي إلى زيادة حدوث فيضانات موسمية مثل تلك التي حدثت في منطقة صانور ومحافظة أريحا.
تعويضات مشروعة
ليس من السهل تقدير الأضرار المادية الناجمة عن الأمراض الصحية المترتبة على شح تزويد المياه أو تدني مستوى خدمات الصرف الصحي أو استخدام المياه العادمة في الري الزراعي من دون معالجة. ولكن تبين نتائج دراسة أجرتها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية عام 2002 أن نحو 30 في المئة من المساكن قيد الدراسة (320 مسكناً) يصاب أحد أفراد الأسرة فيها بإسهال وجفاف نتيجة تلوث مياه الشرب أو غياب خدمات الصرف الصحي. وتشكل المياه العادمة المعالجة وغير المعالجة الصادرة عن المستعمرات اليهودية مصادر أوبئة مائية لأكثر من 340 تجمعاً فلسطينياً، وتهدد الأراضي الزراعية لأكثر من 157 تجمعاً.
ويطالب الجانب الفلسطيني حالياً بتعويضات على الخسائر المالية والأضرار الاقتصادية الناجمة عن السياسة الإسرائيلية المائية والممارسات المنبثقة عنها خلال فترة الاحتلال وما بعده، على النحو الآتي:
سوء إدارة قطاع خدمات الصرف الصحي: ويتضمن ذلك عدم صيانة وتشغيل نظم الصرف الصحي والمعالجة، وإهمال القطاع وعدم توفير خطط عملية لمنع التلوث، واستغلال المياه الفلسطينية العادمة داخل إسرائيل.
عدم التعاون في مجال تقليل خطر تلوث المياه الجوفية: وذلك بتأخير الموافقة على إنشاء محطات وأنظمة معالجة، وتأجيل الموافقة على بعض المشاريع ضمن اللجنة الفنية المشتركة.
أضرار بيئية وصحية صادرة عن المستعمرات اليهودية: وأهمها تلويث مصادر المياه، وخسائر صحية مختلفة لعدم معالجة المياه العادمة، وخسائر مالية ناجمة عن خفض نسبة شحن المياه الجوفية بسبب المسطحات المبنية، وزيادة خطورة الفيضانات من مياه الأمطار.
وتشير تقديرات الدراسة الأولية إلى أن مجموع ما يطالب به الجانب الفلسطيني يفوق البليون دولار، حيث ينصح بتقسيم المطالبة إلى جزئين استناداً للقانون الدولي والمعاهدات الدولية ذات العلاقة. وتجدر الإشارة إلى أن المادة 40 من الاتفاقية المدنية لا تخول اسرائيل اتخاذ خطوات أحادية الجانب من دون استشارة الجانب الفلسطيني، لكنها في الوقت نفسه لا تشير إلى أن على إسرائيل تحمل تبعات ممارساتها السابقة إبان الاحتلال. هكذا، يدفع الشعب الفلسطيني حالياً فاتورة الخسائر، وربما ستدفعها أجيال المستقبل أيضاً.
كادر
خلفيات
- بعد عودته من المؤتمر الصهيوني التاسع عشر، ورغم عدم ترحيب إدارة الإنتداب البريطاني بفكرته، نجح ليفي أشكول بتأسيس شركة مكروت الإسرائيلية عام 1937 بدعم من الوكالة اليهودية وصندوق اليهود الوطني كمالكين لها. وكان مديرها العام الأول. وكوزير للزراعة في ما بعد، أنشأ شركة المياه. وكلتا الشركتين حكوميتان.
- لم يسبق أن عين لرئاسة لجنة المياه الإسرائيلية منذ تأسيسها مسؤول يحمل شهادة تخصص في هذا المجال. ومن مآثر هذه اللجنة الطلب من الجانب الفلسطيني حديثاً إنشاء محطة معالجة لمدينة الخليل (320 ألف نسمة) خلال أسبوع من تاريخ الطلب، وعدم إنشاء محطة معالجة المياه العادمة لاحدى كبريات المدن، وهي القدس الغربية، إلا منذ عامين.
- ينص القانون الاسرائيلي على أن المياه هي ملك للدولة، وعلى عدم حق الشعب في ملكية مصادره المائية تحت اراضيه. وربما ينطبق الأمر ذاته على المياه العادمة التي تنساب فوق الأرض!
الدكتور راشد السيد أستاذ باحث في معهد الدراسات المائية في جامعة بير زيت. وقد ضمَّن مقاله نتائج دراسة أجراها حول وضع امدادات مياه الشرب والصرف الصحي في الاراضي الفلسطينية.
Email: rsaed@birzeit.edu
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
مي الصايغ مبادرة السلام الأزرق: تعاون مائي لتحقيق التنمية المستدامة
تظلم مواطنيها وتتحدى جيرانها سدود تركيا
هادي العصامي (بغداد) مجازر العراق
عبدالهادي النجار ناطحات السحاب العربية
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.