عندما تشاهد إطار سيارة ملقى على جانب الشارع أو في الحقل، تشعر بالحاجة الى إصلاح خلل ما، ربما احتراماً للمنظر العام، أو لأن أفعى قد تكون مختبئة تحت هذا الاطار فتلدغ طفلاً. ان تراكم الاطارات المستهلكة مشكلة تواجه جميع دول العالم، وهي تؤثر بشكل مباشر على البيئة لما يدخل في تصنيعها من مواد غير قابلة للتحلل.

مركز السلامة على الطرق وسلامة البيئة "مرور" في رام الله قدم حلاً لهذه المشكلة باقامة حدائق ألعاب للأطفال في القرى والمدارس، حيث يعاد استخدام الاطارت المستهلكة. وتتميز الفكرة بالكلفة القليلة لانشاء الحدائق، وامكانية تطبيقها في أي مكان، وفعاليتها وديمومتها وسهولة صيانتها، وارتفاع عامل السلامة والامان لمستخدميها.

من المشاريع الجديدة التي نفذها المركز إنشاء حديقة أطفال نموذجية في مدرسة البنات الأساسية في قرية دير ابزيع غرب رام الله في فلسطين، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الانمائي ووزارة التربية والتعليم العالي. في البداية تمت تسوية الأرض، ثم جمع عدد كبير من الاطارات لاستخدامها في تجميل الحديقة بعد طلائها. وأخذت المخططات في الاعتبار أمور السلامة والأمان من حيث الارتفاعات وقياسات الألعاب وحيز الحركة وأرضيات الحماية. وبرهنت النماذج الترفيهية العشرة التي تم انجازها أنها لا تقل أماناً وقوة وحُسن منظر عن وسائل الترفيه الأخرى.

هذا المشروع يأتي أيضاً في سياق الحد من التلوث البيئي الناتج عن عشرات آلاف الاطارات المرمية. جدير بالذكر أن في محافظة رام الله والبيرة وحدها 35,000 سيارة، تسير نسبة كبيرة منها على اطارات مستعملة أصلاً. ويبلغ مجموع الاطارات المستهلكة سنوياً نحو 140,000 إطار، يرمى معظمها عشوائياً فتشوه المنظر العام وتشكل وسطاً لتكاثر البعوض والأفاعي والجرذان، ما يعني نقل الأمراض وانتشارها. كما أن حرق الاطارات يطلق في الجو غازات وأدخنة سامة، ويؤدي الى تسرب زيوت ومواد كيميائية الى التربة مما يساهم في تلويث المياه الجوفية.

وبهدف نشر الفكرة، أصدر مركز "مرور" دليلاً حول كيفية استخدام الاطارات المستعملة في بناء حدائق ألعاب للأطفال، يحتوي على صور ملونة ورسوم توضيحية للتنفيذ. وفي ورشة عمل نظمها المركز حول التأثير السلبي للاطارات المستعملة، خرج المشاركون بتوصيات ركزت على ضرورة التنسيق بين المدارس والبلديات وأصحاب الكاراجات في هذا المضمار، وتشجيع البلديات على استخدام الاطارات على جوانب الطرقات لامتصاص الصدمات، وبناء نماذج عينية والتشجيع على تقليدها. كما أوصوا بتشجيع الاستثمار الهادف الى التخلص من الاطارات التالفة عبر تلبيسها وفرمها واستخدامها في الألعاب، والضغط على الجهات الرسمية لمنع استيراد الاطارات المستعملة.

ويكثف المركز نشاطاته في الاماكن الريفية المهمشة. ويقوم حالياً بانشاء حديقة للأطفال تستخدم فيها الاطارات المستعملة في قرية بيت عور القريبة من رام الله.

تسخّر الصناعة البريطانية تكنولوجيات جديدة لتقليص جبال الاطارات المستعملة في البلاد والتي تزداد بنحو 1,5 مليون اطار كل شهر. ويجري حالياً تدوير حوالى 70 في المئة من الاطارات التي ترمى سنوياً ومقدارها 440 ألف طن، لكن الكمية الباقية ومقدارها 130 ألف طن، أي حوالى 18 مليون اطار، يتم التخلص منها في المطامر، في اجراء سيصبح غير مشروع ابتداء من منتصف 2006 وفق قانون للاتحاد الأوروبي.

بول هاليت، مسؤول "مجموعة عمل الاطارات المستعملة" الحكومية، أشار الى احتمال توسيع الممارسات المتبعة حالياً، مثل معالجة الاطارات لصنع أرضيات الملاعب والطرق، وحرقها كوقود في أفران الاسمنت، معترفاً بالحاجة الى تكنولوجيات حديثة. شركة "موارد الطاقة"، التي تتولى بناء محطات لتوليد الكهرباء تستخدم أنواع وقود غير عادية، تخطط لاستهلاك 65 ألف طن سنوياً من الاطارات المستعملة في محطة قرب ولفرهامبتون قدرتها 17 ميغاواط. وبعكس الطرق العادية، فان هذه المحطة التي سيبدأ تشغيلها سنة 2004 لن تنتج غازات كيميائية ضارة ترافق عادة حرق الاطارات. اذ يتم تمرير البخار على الاطارات الحارة لانتاج الهيدروجين الذي يحرق لادارة التوربينات. وبعد خروج الغازات لا يبقى الا الكربون والفولاذ اللذان يمكن اعادة تدويرهما. وتعتمد طريقة أخرى التحلل الحراري، حيث يتم تسخين (طبخ) الاطارات لتتحلل الى مكوناتها، فتنتج زيت التسخين والكربون والفولاذ والحرارة. وتباع منتجات زيت التسخين والكربون والفولاذ بعد معالجتها. أما الغاز فيعاد تدويره الى داخل عملية المعالجة.