أنجيلا سنغلتون (لندن)

"منتزه للجميع" هو الوصف الذي أطلق على كيرنغورمز، أكبر منتزه وطني في بريطانيا، عند افتتاحه في أواخر 2003. تبلغ مساحته 3800 كيلومتر مربع، وفيه 52 قمة يزيد ارتفاعها على 900 متر، بما في ذلك أربعة من أعلى خمسة جبال في اسكوتلندا. وتأتي كلمة "كيرنغورمز" (Cairngorms) من عبارة باللغة الغيلية تعني "الهضبة الزرقاء".

يضم المنتزه أكبر الامتدادات النباتية المتواصلة شبه الطبيعية في بريطانيا. وهو ملاذ لحشد من النباتات والحيوانات النادرة، بينها ربع الأنواع المعرضة للانقراض في البلاد.

تنتشر الغابات على سفوحه، وفيها رقع من غابة الصنوبر الكاليدونية الكبرى القديمة. وهي تؤوي تشكيلة واسعة من الأنواع الحيوانية، بعضها غير موجود الا في المنطقة، مثل السنجاب الأحمر والغرير والقط البري والكروسبيل (طائر له منقار متصالب) والطيهوج الأكبر. وتتميز مستنقعات الخلنج بتنوعها الايكولوجي الزاخر. وقد تحدر جزء كبير منها من أشجار غابية خفيضة، وتشكَّل نتيجة للرعي والحرق اللذين مورسا خلال مدة طويلة، فتكونت لوحة مزركشة من رقع الخلنج ذات الأعمار المتفاوتة توفر القوت وأماكن التعشيش للطيور المائية.

أرض المنتزه شهدت حقبات بارزة من تاريخ اسكوتلندا الملحمي. فقد كانت مسكونة منذ نحو 6000 سنة، وصدّت الامبراطورية الرومانية بفضل تضاريسها الطبيعية وبأس شعبها. وكانت عشيرتا تشاتان وغرانت القويتان من أسياد هذا القفر. وشكلت الأودية الضيقة المنعزلة مسرحاً لمنازلات الثوار الستيوارتيين (أنصار الملك جيمس الثاني وآل ستيوارت بعد ثورة 1688). ويعرف عن الملكة فيكتوريا أنها عشقت هذا الجزء من اسكوتلندا، وما زالت روابط قوية تشد العائلة المالكة اليه حتى يومنا هذا.

لقد عاش الناس في المنطقة منذ آلاف السنين، وتشاهد أطلال مستوطنات ومزارع مهجورة في أماكن متعددة من المنتزه. وما زال يقطن فيه 17 ألف شخص، ويرغب كثيرون بالانضمام اليهم لو تأمن لهم السكن والعمل.

المنطقة الجبلية في المنتزه هي الأعلى والأضخم بين المناطق القطبية في الجزر البريطانية، وأكبر كتلة قائمة بذاتها من ريف الهضاب العالية. لا تعكر صفوها طرق السيارات، وزيارتها ممكنة سيراً على الأقدام فقط. وتشكل شبكات الانهار وبحيرات المياه العذبة والمستنقعات ذخراً مهماً للحياة الايكولوجية والاجتماعية والنشاطات الترفيهية في المنطقة.

منتزه كيرنغورمز يمنح زواره فرصة ممتعة لاستكشاف طبيعة اسكوتلندا وتراثها.