استيقظ سكان منطقة طاطا في جنوب شرق المغرب على دوي انفجارين عظيمين في الثانية صباحاً من ليلة 18 تموز (يوليو) 2011. وفي كانون الثاني (يناير) 2012 أكد خبراء دوليون أن حجراً نيزكياً يبلغ وزنه سبعة كيلوغرامات سقط في ذلك التاريخ في المغرب، واصفين هذا الاكتشاف بأنه قيم جداً للعلوم. وقد وصف بالنوع النادر وأطلق عليه اسم "تيسنت" وهي قرية في المغرب.
قامت مجموعة من ثمانية خبراء من جمعية النيازك Meteoritical Society الدولية المرجعية في هذا المجال، على مدى أكثر من شهر، بتحليل شظايا من هذا الحجر النيزكي. وخلصت إلى أن مصدره الكوكب الأحمر، وأن هذا الاكتشاف مهم للغاية بسبب نوعية هذا الحجر النيزكي الذي لم يتلوث بمكوثه طويلاً على كوكب الأرض قبل اكتشافه.
ويعود الطابع النادر لهذا الحجر المريخي إلى أنه الخامس في السجلات الذي رصد سقوطه شهود، من بين نحو 100 نيزك مريخي محفوظة حالياً، كما أفاد كارل آغي، مدير معهد النيازك في جامعة نيومكسيكو الأميركية، الذي اشترت مؤسسته جزءاً من الحجر النيزكي يبلغ وزنه 108 غرامات. وهو أضاف أن الأشخاص الذين عثروا على شظاياه باعوها الى تجار، وتزاحمت معاهد ومتاحف من بلدان مختلفة على شرائها بما يتراوح بين 500 و1000 دولار للغرام.
وشرح آغي أن بعض النيازك تحوي غازات جوية محتبسة داخل مادة زجاجية. وعندما تسخن وتنطلق خارجاً في المختبر ويتم قياسها تكون مماثلة لجو المريخ الذي قاسته المسابر المرسلة الى الكوكب الأحمر. وأضاف أن لكل كوكب جوه المختلف، "وهذا بمثابة بصمة كوكبية".
أتى هذا الحجر من تناثر نتج عن ارتطام نيزك بسطح المريخ في الماضي. ويمكن أن تسبح الحجارة المريخية المتناثرة في الفضاء ملايين السنين قبل أن تسقط على الأرض. وأوضح آغي أن سقوط الأحجار النيزكية الآتية من المريخ على الأرض ظاهرة سجلت كل خمسين سنة تقريباً، وكان آخرها عام 1962 في نيجيريا، أما أولها فكان في فرنسا عام 1815.
في تلك الليلة من تموز (يوليو)، استيقظ رحَّل يقيمون في طاطا وجنود في المنطقة العسكرية على دوي قوي أكده الجندي عبدالقادر، الذي كان في مهمة على بعد أربعة كيلومترات من مكان سقوط النيزك. قال إنه سمع صوتاً كالرعد، ثم رأى كرة من اللهب الأصفر ثم الأحمر والأخضر قبل انشطارها الى قسمين، ليرى بعد ذلك نوراً عظيماً يجتاح المرتفعات بكاملها، وسمع انفجارين قويين جداً مع زمجرة مثل الرعد وفرقعة ابتعدت رويداً نحو الحدود الجزائرية.
قدّر الخبراء أن النيزك تفتت ووصل بسرعة منخفضة جداً نسبياً تبلغ نحو ستة كيلومترات في الثانية. وقال الخبير المغربي الدكتور أبهي عبدالرحمن، رئيس مختبر فيزياء وكيمياء المواد ورئيس قسم علم الفلك في النادي العلمي بجامعة ابن زهر في أكادير، ان النيزك، حسب نتائج التحاليل، تفتت إلى شظايا تناثرت على مساحة بين منطقة "الأكلاب" ومنطقة "الكيدة" والمناطق المجاورة، وان بقاياه موجودة في ضواحي مدينة طاطا على خط مسار دخول النيزك الى جو الأرض.
وتبقى احتمالات وجود بعض هذه القطع النيزكية مدفونة وتحتاج الى مزيد من الوقت وعمليات الحفر والتنقيب. وسيجرى مسح لجميع المناطق المجاورة التي تبلغ مساحتها أكثر من 50 كيلومتراً مربعاً مشياً على الأقدام بحثاً عن بقايا النيزك، الأمر الذي سيستغرق زمناً طويلاً.
وأوضح عبدالرحمن أن علم النيازك حديث في المغرب. ويعتبر مختبر كلية العلوم في جامعة ابن زهر من المختبرات الأولى على الصعيد الأفريقي في هذا الميدان، وفيه نيازك التقط معظمها في نواحي الصحراء المغربية.