فرص الاستثمار في الجزر اليمنية كانت مدار بحث مكثف خلال مؤتمر دولي عقد مؤخراً في صنعاء واعتبر بداية سياسة اقتصادية وادارية جديدة لهذه الجزر. وقد شارك فيه نحو 340 مندوباً لهيئات وشركات محلية وعربية ودولية.

تمتلك اليمن 183 جزيرة، 25 في المئة منها غير مسماة، يقابلها شريط ساحلي بطول قرابة 2500 كيلومتر. وهي موزعة في أربعة أرخبيلات رئيسية. يضم أرخبيل البحر الاحمر 151 جزيرة، وأرخبيل خليج عدن 20 جزيرة، وأرخبيل البحر العربي 5 جزر، وأرخبيل سقطرة في المحيط الهندي 7 جزر. وقد كشفت الدراسات الميدانية التي أجراها خبراء واكاديميون أن فيها ثراء بيولوجياً يمتاز بالندرة. فهناك أكثر من 2400 نوع من الشعاب المرجانية و700 نوع من أسماك الزينة، الى جانب 500 نوع من الرخويات و200 نوع من الاسماك الأخرى. وتحتضن الجزر نحو 113 نوعاً من النباتات البحرية و292 نوعاً من النباتات البرية، وفيها 48 كيلومتراً مربعاً من أشجار المنغروف (الشورى). ويستوطنها نحو 363 نوعاً من الطيور. وهذا يجعلها من أغنى جزر الشرق الأوسط تنوعاً حيوياً.

في الجزر اليمنية الكثير من المميزات المشوقة لسياحة الغوص والصيد البحري ورحلات المشي والتسلق والتخييم ومراقبة الطيور والسلاحف. وتشمل 130 موقعاً تمتد من جزيرة زقر الى نقطة الالتقاء بين البحر الاحمر وخليج عدن عند جزيرة ميون في باب المندب. وتمتاز بمناخ استوائي ورمال ذهبية ومياه ذات درجة عالية من الصفاء، تؤهلها لتكون مقاصد عالمية للاستجمام والسياحة البيئية. وتختلف مناخات الجزر باختلاف مواقعها الاستراتيجية وتضاريسها، من المساحة والطبيعة الجغرافية والتشكيلات الجبلية.

على رغم العدد الكبير من الجزر في اليمن، إلا أن معظمها غير مأهول. وتعزو الدراسات الميدانية أسباب ذلك الى صغر مساحة بعضها وعدم توفر متطلبات الحياة في البعض الآخر. ومن إجمالي 183 جزيرة، فإن عدد الجزر المأهولة والتي تتوفر فيها مقومات السكنى 6 جزر فقط، هي سقطرة وعبدالكوري وميون وكمران والفشت وبكلان. أما البقية فتتواجد في بعضها تجمعات سكانية غير مقيمة طوال العام، مثل جزر ظهرة بكلان وزقر وحنيش.

يبلغ عدد سكان الجزر اليمنية نحو 140 ألف نسمة، يقطن نحو 86 في المئة منهم في أرخبيل سقطرة وعددهم نحو 120 ألفاً، فيما يعيش 17 ألف نسمة في قطاع البحر الأحمر و3000 في قطاع خليج عدن.

اقترحت دراسات بيئية كثيرة تصنيف العديد من هذه الجزر محميات طبيعية. وقد سعت الهيئة العامة للجزر، من خلال المؤتمر، الى ابراز فرص الاستثمار فيها وتوظيف الموائل الطبيعية المتاحة. وهي ما زالت بحاجة الى مشاريع البنى التحتية والخطط العلمية والعملية، التي تطرق اليها المؤتمر من خلال أكثر من أربعين ورقة عمل ناقشت الأبحاث والتشريعات والنظم الدولية السائدة، مع الاستنارة بأهم التجارب العربية والدولية والاستثمارات وأساليب إدارة الموائل الطبيعية ومحفزات التنمية المستدامة. وعرضت الخصائص المختلفة للجزر اليمنية، والجهود المبذولة لتعزيز مقومات التنمية المستدامة.

رئيس الوزراء اليمني عبدالقادر باجمال دعا في افتتاح المؤتمر الشركات العربية والأجنبية الى الاستثمار في الجزر اليمنية، مؤكداً التزام بلاده بتقديم كل التسهيلات للاستثمارات المختلفة ولتأهيل الجزر تنموياً في إطار خطة استراتيجية. وأعلن رئيس الهيئة العامة لتنمية الجزر عوض بامطرف أن أكثر من 20 شركة استثمارية من ايطاليا واوستراليا والكويت ومصر والامارات والسعودية أبدت رغبتها في عقد اتفاقات مع الحكومة للاستثمار في الجزر، مشيراً الى أن "جوانب الاستثمار تشمل القطاع السياحي والنقل البحري والزراعي والسمكي". وقال مدير الهيئة يحيى الكينعي ان "الجزر اليمنية تملك ما يزيد على أربعة آلاف فرصة استثمارية من شأنها أن توفر ربع مليون فرصة عمل"، خصوصاً في مجالات السياحة والقطاع السمكي والصناعة والتجارة والدراسات والأبحاث.

المؤتمر الدولي الأول للجزر اليمنية، الذي عقد بين 30 تشرين الثاني (نوفمبر) و4 كانون الأول (ديسمبر) 2004، كان مسعى لتنظيم استغلال واستثمار الموارد الطبيعية النوعية المكنونة في الجزر، وتحديد احتياجات تطوير بنيتها التحتية، وإيجاد منظومة متكاملة للرقابة والتفتيش البحري وقانون استثماري للجزر. وهو ركز على إمكانات التنمية المستدامة من خلال الشراكة مع المستثمرين والمانحين وهيئات البحوث العلمية العالمية، بحيث تكون الجزر اليمنية موطناً آمناً للاستثمار العالمي.