Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
كتاب الطبيعة
 
بحيرة سكادار  
تموز-آب (يوليو-اوغسطس) 2005 / عدد 88-89
 تؤوي هذه البحيرة 270 نوعاً من الطيور و40 نوعاً من الأسماك، وقد اجتذبت استيطاناً بشرياً منذ ما قبل التاريخ. لكنها تعرضت لتلوث فظيع خلال حرب البلقان كاد يقضي على ثروتها البيولوجية الفريدة. فتعاونت منظمة محلية مع الصندوق العالمي لحماية الطبيعة (WWF) في مشروع لتنظيف البحيرة واعادة تأهيلها للسياحة البيئية بمشاركة تلاميذ المدارس والأهالي والصيادين
 
سارن ستاربريدج (بودغوريكا، مونتنيغرو)
كانت النسوة يأتين الى الينبوع كل يوم، فيملأن الجرار بالماء ويقفلن السبيل بعناية قبل أن يعدن الى القرية. وفي أحد الأيام، سمعت عروس شابة، وهي عند الينبوع، أن عريسها سيعود من السفر في تلك الليلة. فعادت مسرعة الى المنزل ناسية إقفال السبيل. فبقيت المياه العذبة تتدفق من الينبوع طوال الليل، وفي الصباح كانت هناك بحيرة.
بحيرة سكادار، الطالعة من الأسطورة، هي من الكنوز الثمينة في مونتنيغرو، أو الجبل الأسود، احدى الجمهوريات الست في يوغوسلافيا السابقة.
في منطقة تغلب عليها جبال مثلمة خلابة ومنخفضات عميقة متعرجة، يعزّ وجود أراض مستوية. وخلف التلال الشديدة الانحدار والمشرفة على الخلجان والممرات البحرية الرائعة على ساحل مونتنيغرو المطل على البحر الأدرياتيكي، يقع سهل زيتا، الجزء الأكثر اكتظاظاً بالسكان في تلك البلاد، حيث توجد أكبر مدينتين هما نكسيك والعاصمة بودغوريكا. وفي السهل أيضاً وادي نهر زيتا الخصيب وبحيرة سكادار، أكبر بحيرة في منطقة البلقان وأكبر جسم مائي عذب في حوض البحر المتوسط.
بحيرة سكادار، التي تغذيها عدة ينابيع وأنهار، خصوصاً نهر موراكا، تغطي مساحة 542 كيلومتراً مربعاً خلال موسم المطر، وتمتد عبر حدود مونتنيغرو الى ألبانيا. صفحتها الواسعة تعكس أمزجة السماء والطقس، فلونها أزرق داكن أو رمادي ضبابي أو ذهبي متوهج. هنا تجد طيور الماء ملاذاً على الضفاف المكسوة بالصخور وغابات الشجر والقصب، وأيضاً في مستنقعات رييكا كرنويفيكا المجاورة.
لقد عُرفت القيمة الايكولوجية الاستثنائية لبحيرة سكادار، التي تؤوي 270 نوعاً من الطيور و40 نوعاً من الأسماك. فهي صنفت كمنتزه وطني محمي، ومنذ عام 1995 أدرجت في اتفاقية الأراضي الرطبة (رامسار) كمستنقع ذي أهمية عالمية. عشاق الطبيعة يأتون من مدن مونتنيغرو ومن الخارج للمشي والتنزه في الطبيعة أو لممارسة هواية صيد الأسماك أو ليراقبوا بمناظيرهم الطيور الوفيرة.
الثروة البيولوجية للبحيرة اجتذبت أيضاً استيطاناً بشرياً منذ أزمنة ما قبل التاريخ. والقرى الصغيرة المتعددة الأعراق والثقافات، موريسي وكرنييس وسيوكا وغوديني وفيربازار وفرانينا ودوروسي وسواها، ترصّع الخط الساحلي بأكواخ الصيد والبيوت المكتظة عند حافة المياه. وتخترق صفحة البحيرة جزر صخرية منخفضة انتصبت في كثير منها كنائس وأديرة صمدت أمام عوامل الطبيعة طوال قرون.
لكن بحيرة سكادار، على رغم مظهرها الرومنسي الخلاب، بعيدة عن الصفاء والنقاوة.
جمال سريع الزوال
عندما تنحسر البحيرة في موسم الجفاف، فان الزوار الذين يأتون صيفاً للتمتع بجمالها الطبيعي أو ليختلسوا النظر الى طيور البجع والغاق ومالك الحزين واللقلق الأسود، قد يشاهدون أيضاً مراجل (غلايات) صدئة قديمة ونوابض أسرَّة وحطام سيارات وأكياس بلاستيك منتفخة وعائمة وتشكيلة من النفايات الأخرى.
يقول داركو بايوفيك، الرئيس السابق لمنظمة "البيت الأخضر" البيئية في بودغوريكا، ان "التخلص من النفايات لم يلقَ اهتماماً رئيسياً أثناء نزاع البلقان. فلصعوبة نقلها الى مواقع مضبوطة الادارة، كان من الأسهل إلقاؤها في البحيرة وترك المياه تطبق عليها وتخفي المشكلة".
على رغم أن النزاع الذي مزق يوغوسلافيا في التسعينات لم يمس منطقة بحيرة سكادار مباشرة، فان العقوبات الاقتصادية المفروضة دفعت الناس الى تركيز همهم على البقاء أحياء أكثر من أمور أخرى مثل التخطيط البيئي البعيد الأجل. وللأسف، فان كنوز التاريخ الثري لبحيرة سكادار تلاشت بسرعة مع لجوء القرويين الى الصيد بكثافة لابقاء عائلاتهم قيد الحياة.
لكن لم ينسَ الجميع الروائع الكثيرة الكامنة في البحيرة. فعندما ينظر داركو بايوفيك اليها، ما زال يرى تنوعاً بيولوجياً غنياً ومكاناً قد تدعم فيه السياحة البيئية القيم الطبيعية في المنطقة. لكنه يرى أيضاً مشاكل تلوث كبرى.
نهر موراكا الذي يعبر العاصمة بودغوريكا يحمل معه الى البحيرة مياه المجاري المنزلية ومياه التصريف الملوثة من مصنع للألومنيوم. هذا المصنع يشغل ألوف الأشخاص وهو جزء حيوي من اقتصاد المدينة. لذلك تجاهلت الحكومة مخاوف سكان القرى. وفي غياب القوانين والانظمة البيئية المشددة في مونتنيغرو، أهملت بحيرة سكادار.
دعوة الى العمل
منذ أيلول (سبتمبر) 2003 حتى نيسان (ابريل) 2004، أجرت منظمة البيت الأخضر تقييماً للبحيرة، بما في ذلك مشاريع ممكنة للسياحة البيئية. وبدا واضحاً خلال التقييم أن السكان المحليين لا يدرون الا القليل عن قيمة بحيرتهم وامكاناتها الايكولوجية. وتتساءل منسقة المنظمة ليديا زيكوفيك: "الضائقة الاقتصادية والقلاقل السياسية فرقت الناس وأعمتهم عن تقدير مواردهم الطبيعية حق قدرها، فكيف تعيد اللحمة اليهم؟" وتجيب عن تساؤلها: "بالعمل الجماهيري. الحكومة مهتمة بتطوير الاستراتيجيات والبرامج، وما نحتاجه خطة عمل محلية".
بالتعاون مع الصندوق العالمي لحماية الطبيعة، بدأت منظمة البيت الأخضر خطط عمل محلية اشتملت على اشراك الادارات الرسمية المحلية والنوادي والجمعيات الأهلية في جمع المعلومات الضرورية جداً: ما عدد مكبات النفايات وأين تقع؟ أين هي مواقع التخلص المأمون من النفايات؟ كيف يمكن نقل النفايات اليها؟ وتم أيضاً إنتاج منشورات ومواد إعلامية حول أهمية حماية البحيرة وموائلها، ودعي الأهالي للمشاركة في حملات التنظيف.
نظف المتطوعون ساحة مدرسة وساحة مركز تجاري في قرية فيربازار كانتا مكبات للنفايات، كما نظفوا شاطئ قرية فرانينا وجزيرة ليسندرو. راح تلاميذ المدارس وأعضاء النوادي الرياضية يملأون الأكياس بالنفايات. وسارع الصيادون الى الخدمة، ناقلين المتطوعين بقواربهم ليجرفوا المخلفات من الأطراف الضحلة للبحيرة. وساعدت الادارات الحكومية المحلية على ازالة الأجسام الكبيرة، مثل السيارات والأسرَّة والغلايات المتروكة، ونقلها الى موقع لفرز النفايات في بودغوريكا. قالت زيكوفيك: "بعد ازالة نحو عشرة أطنان من الأنقاض من البحيرة، كانت التحسينات فورية ومرضية. تلاميذ المدارس كانوا الأفضل، وقد طلبوا القيام بحملات أخرى، واقترحوا أنشطة مستقبلية، وطالبوا باشراكهم في حماية البحيرة".
انتهى "مشروع البحيرة النظيفة" في كانون الأول (ديسمبر) 2004، لكن الصندوق العالمي لحماية الطبيعة ومنظمة البيت الأخضر عازمان على متابعته. تقول فرنشيسكا أنتونيلي المسؤولة عن برنامج المياه العذبة في منطقة البحر المتوسط الذي يديره الصندوق: "المشروع جزء من التزامنا ببناء القدرات وتقوية الشراكات مع المنظمات الأهلية والمجتمع المحلي في هذه المنطقة الحيوية".
التغطية الاعلامية، وهي جزء هام من خطة المشروع، نشرت الفكرة وأحدثت استجابات حماسية من مدارس كثيرة أخذت تنظم نشاطاتها التنظيفية. كما تم تكريس 30 تشرين الأول (اكتوبر) من كل عام "يوم البحيرة النقية" تقام فيه حملة تنظيف واسعة واحتفالات لحماية البحيرة. "نحن نركز نشاطاتنا على أطفال المدارس الابتدائية بشكل خاص، ليكبروا وهم يعتنون بالبحيرة"، قالت زيكوفيك واصفة أهداف منظمة البيت الأخضر في المدى البعيد. وأضافت: "نريد أن ننشر الوعي حول البحيرة على مدار السنة. وهناك عمل كثير ما زال علينا القيام به". لكن العمل الشاق بدأ يؤتي ثماره. فالمنطقة تبدو أنظف، وحتى البجع المجعَّد النادر أخذ يعود، وقد أحصي منه مؤخراً 12 زوجاً معششاً في البحيرة. ومع أن منطقة التعشيش مقفلة حالياً أمام الزوار لحماية التكاثر، فقد يشاهد المرء أحد هذه الطيور الضخمة وهو يسبح بأناقة في البحيرة بحثاً عن الأسماك.
تقول زيكوفيك: "بحيرة سكادار موقع مهم ايكولوجياً، وهي تعكس احساساً متنامياً بالفخر المجتمعي. علينا الآن الاستمرار في الحفاظ على سلامة هذا الكنز".
بحيرة سكادار في الجبل الأسود
بحيرة سكادار وسط قمم مونتنيغرو هي أكبر بحيرة في البلقان وأكبر جسم مائي عذب في منطقة البحر المتوسط
بحيرة سكادار موطن مئات أنواع الطيور بما فيها بجع البليكان الدلماسي
صيد بالشباك في البحيرة
صياد يعود بغلة النهار
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.