احتفال يوم البيئة العالمي، الذي أقامته في قصر الاونيسكو مجلة "البيئة والتنمية" ولجنة نوادي البيئة المدرسية، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة، جمع آلاف الطلاب والأساتذة من المناطق اللبنانية كافة، وكان فسحة أمل وسط أجواء الانتخابات والاغتيالات.

أقيم الاحتفال تحت عنوان "مهرجان المدن الخضراء"، وهو شعار يوم البيئة العالمي لهذه السنة، وحضره وزير البيئة الأردني خالد الايراني كضيف شرف، زائراً بيروت بدعوة من مجلة "البيئة والتنمية". كما حضر وزير البيئة الدكتور طارق متري ورئيسة لجنة التربية النيابية النائب بهية الحريري والممثل الاقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة الدكتور حبيب الهبر ومدير عام وزارة البيئة الدكتور برج هتجيان ومدير مؤسسة الحريري مصطفى الزعتري وحشد من المسؤولين التربويين والجمعيات الأهلية. وقدمت 21 مدرسة أغنيات ومسرحيات في موضوع "المدن الخضراء"، كما أقيم في قاعات الاونيسكو معرض رسوم ومجسَّمات بالعنوان نفسه.

ناشر ورئيس تحرير "البيئة والتنمية" نجيب صعب بدأ بطلب الوقوف دقيقة صمت "تحية وفاء لراعي نوادي البيئة والتنمية المدرسية الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ورفيق القلم سمير قصير". وقال إن الرئيس الحريري كان يرعى كل عام احتفال “البيئة والتنمية”بيوم البيئة العالمي، مع المدارس اللبنانية، و”هذه هي المرة الأولى منذ تسع سنوات نحتفل وهو غائب عنا بالجسد، لكننا نعتبر انه ما زال يرعاكم، بحبه لهذا البلد وبالأمل العظيم بالمستقبل الذي غرسه في قلوبكم”. وكشف أن الرئيس الحريري “كان في طليعة المتحمسين للعمل البيئي في المدارس، فواكبه منذ انطلاقته، وكان يحرص على متابعة تقارير الطلاب ونشاطاتهم البيئية. ولطالما طلب اتخاذ اجراءات تصحيحية بناء على تقرير قدمه أحد نوادي البيئة المدرسية عن مشكلة أو مخالفة”.

ثم أعلن افتتاح الاحتفال مع أغنية “حكاية أبطال”، التي قدمتها المجلة والنوادي الى روح الرئيس الحريري، وهي من كلمات الدكتور أديب صعب وألحان الأب طوني كرم، وأداها كورال مدرسة القلبين الاقدسين في عين نجم. فضجت القاعة بمشاركة جماعية، وتم استعادة الأغنية مرات.

وألقى جوزف نهرا كلمة لجنة نوادي البيئة والتنمية المدرسية.

الدكتور حبيب الهبر، الممثل الاقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، نقل تحيات المدير التنفيذي للبرنامج الدكتور كلاوس توبفر، “الذي طلب مني تقديم تقديره الشخصي لريادة لبنان في الاهتمام البيئي، رغم كل انشغالات الأمن والسياسة. وهو يود أيضاً التعبير عن تقديره لحيوية المجتمع الأهلي في لبنان، حيث يتم تنظيم هذا المهرجان الكبير بمبادرة مؤسسة إعلامية ومشاركة مؤسسات تربوية ووزارتي البيئة والتربية، بما يعتبر نموذجاً في التعاون بين جميع القطاعات، من أجل تنمية مستدامة تبدأ من القاعدة”.

وعن شعار المدن الخضراء، ذكر الهبر أن “أكثر من نصف سكان العالم يعيشون في مدن، ويُتوقع أن ترتفع النسبة الى الثلثين بحلول سنة 2030. وتشكل هذه الزيادة ضغطاً ضخماً على البنية التحتية، ولا سيما شبكات مياه الشرب والصرف الصحي وادارة النفايات. ويعيش مليار شخص، أي سدس سكان العالم، في أحياء بائسة عشوائية خالية من الخدمات”.

وأضاف: “يتعرض المقيمون في المدن لمستويات خطرة من تلوث الهواء، ناجمة بشكل خاص من انبعاثات عوادم السيارات. وقد تكون حرارة الجو في المدن أعلى بخمس درجات عما هي في الضواحي، اذ تحلّ الطرق والمباني مكان الغطاء الأرضي الطبيعي. وهذه الظاهرة يمكن تخفيفها بزيادة المساحات الخضراء التي تحسّن نوعية الهواء”.

وأكد انه “يمكن حل هذه المشاكل وغيرها، بوجود قادة يتمتعون بالرؤية والابداع والحماسة، وبتعاون السكان والمؤسسات العامة والخاصة. ومن وجوه الادارة الجيدة اتخاذ إجراءات للحد من استعمال السيارات وتعزيز النقل العام المنظم لتخفيف تلوث الهواء، وإنشاء محطات لمعالجة مياه المجاري، وغرس الاشجار وإنشاء الحدائق والمنتزهات، واعتماد برامج مدروسة لفرز النفايات واعادة تدويرها››.

وأعلن الهبر عن إنطلاق برنامج تعاون اعلامي بين برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومجلة ‹›البيئة والتنمية›› لدعم خطط التوعية البيئية في العالم العربي.

وخاطب وزير البيئة الدكتور طارق متري الطلاب: "من حقكم أن تتمتعوا بنوعية حياة لائقة وصحية، في مدن وقرى تتنفس بالحدائق ولا تختنق بعمارات الباطون وطرقات الاسفلت"، مشيراً إلى أن الغطاء الأخضر في لبنان انخفض خلال 30 سنة من 12 في المئة الى أقل من 6 في المئة، والفسحات الخضراء هي اليوم أقل من نصف في المئة من مساحة بيروت. وتابع: "لهذا فإن تشجير لبنان وتخضير بيروت يجب أن يكونا في طليعة الأولويات. وأنا أدعو الى البدء فوراً بتطبيق شعار "المدن الخضراء"، من خلال إطلاق خطة لزرع كل فسحة فارغة في المدن اللبنانية بدءاً من بيروت، وتخصيص حديقة عامة لكل حي".

وبعدما وعد متري بادخال مطالب الطلاب في أولويات وزارة البيئة، هنأ مجلة "البيئة والتنمية" بعيدها التاسع، "لعملها الدؤوب مع الطلاب، ورعايتها مئات النوادي البيئية المدرسية، في حملة توعية بيئية وصلت الى كل بلد عربي". وتمنى للجميع أياماً خضراء.

بدأ البرنامج الفني بعرض ايمائي قدمه  طلاب مجمَّع نازك الحريري لانماء القدرات الانسانية، وهم صمّ وبكم، أظهروا فيه ببراعة عواقب رمي الناس لنفاياتهم عشوائياً وتراكمها الى درجة تغلغل سمومها في رئاتهم وأعصابهم وشرايينهم وحتى أحشائهم، فأتى مولود في شكل كيس نفايات. ورقص تلامذة مدرسة وطى المصيطبة الرسمية على وقع أغنية "شوارع المدينة" التي تندد ببشاعة الطرقات إذا رمينا فيها النفايات. وبعد أغنية "احترنا يا ناس" لمدرسة العبادية الرسمية التي تحسرت على تدهور الوضع البيئي وعجبت من أفعال الانسان المخربة، احتجت "ثمار الفريز" من مدرسة الضحى في الغبيري على المبيدات السامة التي ترش بها بكثافة فتحولها من زينة الفواكه الى مصدر للأمراض.

وقدم تلامذة متوسطة عين المريسة رقصة "عطاء الأرض" التي تحثّ على المحافظة عليها. وأنشدت طالبات ثانوية صيدا الرسمية الثانية للبنات أغنية "واجهينا" حول التصدي لمخربي البيئة. وقدمت تكميلية طرابلس الأولى للبنات "قصة السنديانة" في عرض مسرحي عن السنديانة والاخضرار المحيط بها وكيف ذبل بعدما قطعها الحطاب ثم ندم حين رأى نتائج فعلته. وغنى تلامذة مدرسة المخلص في المتحف "حافظوا على البيئة" بالعربية والفرنسية والانكليزية. وختاماً رقص طلاب ثانوية الأرز الثقافية في قبرشمون الدبكة اللبنانية على وقع "توليفة" أغنيات وطنية.

وتم توزيع طبعة خاصة من عدد ‹›البيئة والتنمية›› لشهر حزيران، الخاص بيوم البيئة العالمي، كهدية من برنامج الأمم المتحدة للبيئة.

يُذكر ان مجلة "البيئة والتنمية" تقيم هذا الاحتفال السنوي للمرة التاسعة، حيث يعرض الطلاب نتائج نشاطاتهم البيئية ضمن برامج ترعاها المجلة في المدارس اللبنانية. ومن مواضيع الأعوام السابقة: "البيئة الأفضل تبدأ بك أنت" حيث قدم الطلاب أفكارهم لبيئة أفضل، و"المدرسة الصديقة للبيئة"، حيث طوروا مخططات لتحسين الوضع البيئي في حرم المدرسة ومحيطها، ومسابقة "الفن صديق البيئة" التي قدم فيها الطلاب أغنيات ومسرحيات بيئية باشراف الفنانين الياس الرحباني ونضال الأشقر. وخلال أربع سنوات، أعد الطلاب دراسات دورية عن وضع البيئة في محيط مدارسهم تم نشرها في سلسلة تقارير تحت عنوان "البيئة بعيون الطلاب".