شهدت منطقة شيترال الباكستانية قبل أسابيع عودة 86 صقراً الى الحياة البرية، في إطار برنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور ودراسة أنماط هجرتها وقدرتها على التأقلم مع الحياة البرية.
وقد أطلق البرنامج 943 صقراً منذ بدايته عام 1995. وقال الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء ونائب رئيس مجلس إدارة هيئة أبحاث البيئة والحياة الفطرية وتنميتها، ان الشيخ زايد أحيا تقاليد إعادة إطلاق العديد من صقوره في نهاية موسم الصيد، واعادتها الى مواطن تكاثرها الطبيعية، لاستكمال دورة حياتها ودعم أعدادها في الطبيعة والحفاظ على رياضة الصيد بالصقور.
المجموعة التي تم إطلاقها هذه السنة، في الفترة بين 18 و21 أيار (مايو)، تضم صقور المغفور له الشيخ زايد، وصقور الشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة، وصقور بعض الشيوخ، وصقوراً صادرتها السلطات المعنية خلال السنة الماضية لعدم حيازتها تصاريح السايتس (اتفاقية التجارة الدولية في الأنواع المهددة بالانقراض) أو الشهادات البيطرية اللازمة لنقلها، في إطار جهود الامارات القضاء على التجارة غير الشرعية بالحياة البرية، بالاضافة الى صقور قدمها بعض الصقارين من السعودية والكويت مشاركة منهم في برنامج الشيخ زايد.
أطلقت المجموعة الجديدة، التي ضمت 47 شاهيناً و39 صقراً حراً، تحت إشراف هيئة أبحاث البيئة والحياة الفطرية وتنميتها وبالتعاون مع المؤسسة الدولية للصقور في باكستان. وتم تزويد أربعة صقور (اثنين من الشاهين واثنين من الحر) بأجهزة إرسال تعمل عبر الأقمار الصناعية وتشغلها الطاقة الشمسية. وهي تتيح تتبع تحركات الصقور حتى انتهاء صلاحية البطاريات التي تزودها بالطاقة، والتي يراوح عمرها الافتراضي بين 3 و5 سنوات. وستوفر معلومات جديدة حول أنماط الهجرة ومعدلات البقاء.
وتجري الهيئة دراسات بالتعاون مع المؤسسات البحثية المهتمة بالحياة الفطرية في الاتحاد الروسي والصين ومنغوليا وكازاخستان، بهدف جمع معلومات أساسية عن الصقور ومواطنها وتوزيعها الجغرافي وبيولوجيتها وتحديد أماكن تكاثرها والمخاطر التي تهدد وجودها. وتتم مقارنة نتائج هذه الدراسات مع المعلومات التي تجمع من خلال رصد تحركات الصقور التي تطلقها الهيئة سنوياً، الأمر الذي يساعد على تحديد مسارات الهجرة والمناطق الأكثر أهمية للبرنامج. كما تقوم الهيئة حالياً بتطوير برامج تعاون مع السلطات المختصة في الأقطار المعنية للقيام بعمل مشترك لتفعيل استراتيجية حماية هذه الطيور المهاجرة التي وضعتها الهيئة.
ولقد اختيرت منطقة شيترال، الواقعة قرب الحدود الباكستانية ـ الأفغانية على سلسلة جبال هندوكوش، باعتبارها تمثل أحد مسارات هجرة الصقور المتجهة نحو الشمال خلال فصل الربيع الى مناطق تزاوجها في وسط آسيا. ويتوافر هناك عدد كبير من الطيور المقيمة والمهاجرة شمالاً والتي تمثل فرائس نموذجية للصقور. كما تتميز المنطقة بوفرة المياه ودرجة الحرارة المناسبة للصقور في هذا الوقت من السنة.
بدأت الاستعدادات لبرنامج الاطلاق قبل نهاية موسم القنص السنوي، باتباع اجراءات بيطرية صارمة معتمدة دولياً. فتم اختيار الصقور التي يعتزم إطلاقها، ووضعت في العزل تحت المراقبة الدقيقة لمدة شهر في مستشفى أبوظبي للصقور التابع للهيئة، بغرض فحصها للتأكد من خلوها من أي التهابات جرثومية أو طفيلية. وتم انتقاء الصقور التي ثبت خلوها تماماً من الالتهابات والفيروسات.
ولتسهيل التعرف على الصقور في حال أسرها مجدداً أو وجودها ميتة، تم تثبيت شريحة صغيرة تعرف بجهاز الارسال الحثي السالب (PTT) تزن نحو عُشْر غرام تحت جلد كل صقر، بالاضافة الى تثبيت حلقة (حجل) مرقمة في ساقه كجزء من مشروع الهيئة الخاص بتثبيت حلقات مرقمة على طيور الامارات.
ولرفع لياقة الصقور المعدة للإطلاق، خضعت لتمارين يومية استمرت عدة أسابيع، تم خلالها أيضاً تزويدها بغذاء متكامل لزيادة وزنها، الأمر الذي يزيد من فرص بقائها حية خلال الفترة الحرجة التي تقوم فيها بإعادة تكييف نفسها مع الطبيعة والتي تمتد لمدة أسبوعين بعد الإطلاق.
كما تم الحصول على التراخيص اللازمة لنقل الصقور من الامارات الى موقع الاطلاق بناء على اتفاقية السايتس. وبعد اكتمال الاستعدادات، نقلت مع الفريق المرافق في طائرة نقل تابعة لسلاح الجو الاماراتي الى منطقة شيترال.
أول عملية إطلاق في اطار برنامج الشيخ زايد تمت في نيسان (ابريل) 1995، حيث اطلق 107 صقور في منطقة خارات الواقعة في محافظة بلوشتان غرب باكستان. وفي منتصف نيسان (ابريل) 1996 تم إطلاق 65 صقراً في منطقة جلجيت في شمال باكستان. وجرى الاطلاق الثالث عام 1997 في بحيرة أيسيكول في قرقيزستان، التي شهدت الاطلاق الرابع عام 1998، حيث تم إطلاق 147 صقراً في هذين العامين. وشمل الاطلاق الخامس في 1999 تحرير 79 صقراً في جلجيت. وفي العام السادس للبرنامج في 2000 تم إطلاق 111 صقراً بالقرب من الحدود الصينية ـ الباكستانية. وشهدت منطقة شيترال إطلاق 75 صقراً عام 2001، وبعدها 102 صقر عام 2002. وفي العام 2003 تم إطلاق 95 صقراً في محافظة جورجان الايرانية بالقرب من بحر قزوين. وخلال 2004 تم إطلاق 76 صقراً في جلجيت الباكستانية.