Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
مي إليان رزق الزرقاء بؤرة ساخنة و"ضانا" محمية مثالية  
أيلول (سبتمبر) 2005 / عدد 90
 عين خالد الايراني قبل بضعة أشهر وزيراً للبيئة في الاردن، وهو لا يتجاوز 42 سنة، أمضى نصفها في العمل البيئي غير الحكومي. واعتبر كثيرون اختياره لهذا المنصب تتويجاً لنجاح القطاع الأهلي الأردني في مجال البيئة. فهو أمضى 17 عاماً في الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، أكبر منظمة بيئية غير حكومية في الاردن، حيث شغل منصب مديرها التنفيذي.
تعرَّفنا عبر حديثنا معه الى جزء من مشكلات الأردن البيئية. فأشار الى المشاريع الناجحة في محمية ضانا والتي من المهم الاقتداء بها. وتحدث بصراحة تامة عن المشكلات الشائكة والجدية التي تواجه الأردن، من النقطة البيئية الساخنة في الزرقاء الى تلوث الهواء وادارة النفايات الصلبة. وأشار الى مشروع إعادة احياء البحر الميت الذي يشكل موقعاً بارزاً من مواقع التراث العالمي التي من الضروري حمايتها.
في الجمعية الملكية
عمل الوزير خالد الايراني عقدين من الزمن في الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، التي باتت بحسب ما نقل الينا "أضخم من الوزارة، اذ تأسست عام 1966، وكلفت رسمياً بادارة كل المحميات في الأردن، حتى فاقت موازنتها وعدد موظفيها (300 موظف) عديد وزارة البيئة، علماً أن الوزارة باشرت عملها عام 2003 وتملك "بورتفوليو" أكبر بكثير من الجمعية التي ينحصر عملها في التنوع البيئي وادارة المحميات.
من خلال عمله في الجمعية، كانت له صلة وثيقة بالعمل البيئي. فقد ساهمت الجمعية في وضع استراتيجيات للعمل البيئي، ووضعت أول استراتيجيا بيئية وطنية عام 1992، وكان الايراني من المشجعين في اتجاه تأسيس وزارة بيئة في الأردن. وعلى رغم خبرته وديناميته، شكل اختياره لهذا المنصب "مفاجأة".
نسأله عن بدايات العمل البيئي في الأردن، فيجيبنا أنها كانت في الستينات، ولكن كان العمل الأكبر سابقاً لمديرية الحراج التي يعود تأسيسها الى العام 1920 أيام كان الأردن امارة: "في تلك الأثناء كان مدير الحراج يتمتع بقوة وزير، وكانت له هيبة كبيرة". أما بالنسبة الى الاهتمام بمسألة المحميات الطبيعية، فكان الملك حسين أول من طرح هذا الموضوع، و"كان يحظى برؤية شاملة لهذا الملف".
محمية ضانا
بعد قمة الأرض عام 1992، أدخل مفهوم التنمية المستدامة الى الأردن بشكل رسمي. وعلى ضوء قمة ريو، تلقى من صندوق البيئة (Environment Fund) منحة بلغت 6,3 ملايين دولار لانشاء محميتين. واثر ذلك أسست محمية "ضانا"، التي أدخلت مفهوم "التنمية المستدامة" في ادارة التنوع الحيوي، وكانت المرة الاولى التي تنجح فيها تجربة من هذا النوع في ايجاد فرص عمل لأبناء المنطقة التي كانت من أفقر المناطق اقتصادياً.
ولفت الايراني الى طريقة التحول من "عقلية السياج" (fence mentality) حيث على كل محمية ان يحوطها سياج، الى مفهوم الانفتاح، متحدياً العقلية المغلقة والتقليدية في المحافظة على المحميات. أما بالنسبة الى الرعي الجائر وتأثيره في التنوع الحيوي، فأشاد بما حققته "ضانا" التي غيرت هذا المفهوم أيضاً من دون "قمع". وأتى دعم المنتجات الصديقة للبيئة بديلاً عن التصرفات المسيئة للبيئة.
وجسدت المحمية ما يعرف بالسياحة البيئية، من تنزه ومخيمات، كبدائل اقتصادية مستدامة، متيحة للرعاة (بدو رحّل) والفلاحين تصريف منتجاتهم، حين باتت مغنطيساً للزوار. وأضاف الايراني: "توافرت مئات الوظائف حول المحمية، وشجعنا المزارعين على التوجه الى الزراعة العضوية الخالية من استخدام كيميائيات. وتحول البدو الى مرشدين سياحيين، وخففوا من الرعي حيث لم نمنعهم من ذلك، بل نظمنا برنامجاً لرعيهم كي يحافظوا على نمط حياتهم. كما ساهمت حماية الطبيعة برفع مستوى وفرص عمل السيدات عبر صناعتهن منتجات فضية مستوحاة من أشكال النبات والحيوان في المنطقة".
الاستراتيجيا والمشاكل الأردنية
أشار الايراني الى أن "الأردن نجح في اعداد استراتيجيا بيئية، لكنه يوفق في تفعيل بنودها". ويتذكر: "عندما تسلمت الوزارة اكتشفت ان لديها استراتيجيات قديمة، لذا لا يجوز ان ننظر الى الاستراتيجيا كمنتج نهائي وانما كبداية، فتصبح مرشدة وتتَّبع آليات سنوية لمراجعتها وإعداد التي ستليها. لا بد من الاعتراف بأن لدينا ضعفاً في ترجمة الاستراتيجيات الى مشاريع وطنية".
ماذا عن المشكلات البيئية، وما هي المشكلة التي تتصدر رأس اللائحة في الاردن؟
أشار الايراني الى أن الاردن من أفقر عشر دول في العالم بالمصادر المائية، فضلاً عن انتشار المصانع في شكل عشوائي ولا سيما في مدينة الزرقاء، التي وصفها بالبؤرة البيئية الساخنة، لأن 52 في المئة من صناعات الأردن تتركز فيها. ثمة سيل في الزرقاء ملوث من المصانع، وتحاول الحكومة حالياً معالجة المسألة بتوسيع محطات التنقية، و"قد أتينا أخيراً بمحطة جديدة لتنقية المياه الصناعية واعادة استخدامها".
ولفت أيضاً الى مشكلة ادارة النفايات، قائلاً ان الحكومة تحاول وضع مشاريع لمعالجة هذه المشكلة، عبر استغلال أحد المكبات واستخراج غاز الميثان منه للطاقة. أما في عمان فالمشكلات أقل: "لدينا مشكلة تلوث الهواء في وسط المدينة، بسبب استخدام الفيول الذي يحتوي على رصاص، علماً ان المحروقات المستخدمة ليست بالمستوى العالي. أعتقد أن علينا ان ننتظر الى سنة 2008 لينتهي الامتياز القائم حالياً، كي نتمكن من التحرك".ومؤخراً قدمت الوزارة على نشر محطات لفحص عوادم المركبات في كل من عمان والزرقاء كمرحلة اولى وسيصار الى تعميم هذا الاجراء الى المدن الاخرى في المستقبل.
واعتبر الوزير الاردني أن التصحر من أبرز المشكلات في بلاده، ومن أسبابه الرعي أكثر من حمولة المرعى، وتحديداً في المناطق الشرقية. فنحو 90 في المئة من أراضي الأردن شبه جافة، يصل فيها معدل الأمطار الى 200 مليمتر أو أقل، علماً أن فيها نباتات فريدة من نوعها على مستوى الشرق الأوسط.
ويرى الايراني ضرورة وضع خطة واضحة وسياسة لاستخدام الاراضي ولتنظيم أماكن المزارع، اذ ان 65 في المئة من الحاجة الى المياه هي للأراضي الزراعية. وتسعى وزارة المياه حالياً الى تخفيف الاستهلاك عبر التركيز على محاصيل تحتاج الى مياه اقل. وثمة توجه عام للحكومة لاعادة استخدام المياه المعالجة في مجال الزراعة وتوفير المياه العذبة للشرب: "بلدنا فقير جداً مائياً، ويتوقع في سنة 2010 أن تنضب معظم مصادرنا المائية ما لم يتم التحرك في الاتجاه الصحيح".
وزارة فقيرة وقوية
وزارة البيئة في الأردن من أفقر الوزارات مالياً. لكنها ليست كنظيرتها اللبنانية من ناحية الصلاحيات، اذ انها من أقوى الوزارات الأردنية في القانون، الذي يجيز لوزير البيئة ان يغلق أي مصنع. يقول الايراني: "القانون قوي، ولكن في الوقت عينه يجب أن يوفر بدائل. الهدف هو في التخطيط، فعلينا التدخل مع أخذ التخطيط الاستثماري في الاعتبار. ويجب ان تكون البيئة جزءاً من التخطيط الوطني لنتمكن من تدارك الشواذ". وتابع: "في الاردن نأخذ قرارات صعبة، لكن في الوقت عينه ثمة مصانع عدة تتجاوب معنا في وضع الفلاتر والمصافي".
وقد صدر قانون تقييم الأثر البيئي في 16 أيار (مايو) 2005، وهو يمنع قيام أي منشأة قبل إجراء دراسة لتقييم تأثيرها على البيئة. أما بالنسبة الى القدرات التنفيذية لوزارة البيئة، فأشار الايراني إلى أن الوزارة قوية في السلطات الممنوحة لها، ولكن قدرتها ضعيفة: "لدينا فريق لا يكف عن العمل، ولدينا مشروع لبناء قدرات الوزارة وطاقمها على مدى 18 شهراً، ممول من الاتحاد الاوروبي".
البحر الميت... يموت
أشار الوزير خالد الايراني الى أن الحكومة الأردنية تسعى الى مد قناة أنابيب من وادي عربة تحت البحر الاحمر الى البحر الميت بهدف إنقاذه. فهو من أهم مواقع التراث العالمي، كونه البقعة الأكثر انخفاضاً على سطح الارض. وهو مميز لغناه بالمعادن ولتنوعه الحيوي، علما أنه كانت هناك محمية على ضفاف البحر الميت تضم نباتات نادرة.
أضاف: "الهدف من المشروع هو الاتيان بالمياه من البحر الأحمر الى البحر الميت للمحافظة على مستواه. ومن الفوائد المهمة فارق الارتفاع بين البحرين الذي يصل الى نحو 400 متر، وهو قادر على توليد الطاقة، ويسمح باقامة محطات تحلية، فيفيد الأردن بنحو 500 مليون متر مكعب من المياه".
وقد تنبه الأردن جدياً الى خطورة ما يواجههه البحر الميت عندما صدرت تقارير دولية تنبه الى "موته"، فوجد ان من الضروري التحرك في اتجاه انقاذ ما يمكن انقاذه. ولم يجد خياراً الا استجلاب المياه. وكان سبق للحكومة أن فكرت في استجلاب المياه من البحر المتوسط، الا أنها عدلت عن الفكرة، مفضلة الاعتماد على البحر الأحمر والتحرك داخل أراضيها. ولفت الوزير خالد الايراني الى ضرورة درس عواقب خلط مياه البحر الميت بمياه البحر الأحمر: "قبل أن نقوم بالمشروع ستوضع دراسة جدوى شاملة اقتصادية وبيئية، وستستغرق نحو سنتين لأنه مشروع ضخم لا يمكن مباشرة تنفيذه من دون معرفة الآثار والانعكاسات. هذه الدراسة ستدلنا على العواقب البيئية، وسندرس تالياً اذا كان من الممكن تجنبها أم لا، وبالتالي ما اذا كنا سنستمر في المشروع أم لا".
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.