Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
موضوع الغلاف
 
راغدة حداد وعماد فرحات سمّ في عطرك   
أيلول (سبتمبر) 2005 / عدد 90
 حتى أواخر القرن التاسع عشر، كانت العطور تستخدم غالباً لتمويه رائحة الجسم، في زمن لم تتوافر فيه تسهيلات الاستحمام والنظافة الشخصية. وكانت تستخرج من خلاصات أزهار ومواد طبيعية. أما اليوم، فهي باتت تصنع من تشكيلة مواد كيميائية اصطناعية يستخرج معظمها من البترول، ولكثير منها تأثيرات سُمّية على صحة الانسان. هنا عرض لأخطار كامنة في العطور، ولمحة عن استهلاكها في المنطقة العربية.
في ماض غير بعيد، كانت منتجات ''التجميل'' الوحيدة المتوافرة لغالبية الناس هي الصابون ومعجون الأسنان وبعض المراهم والمستحضرات البسيطة. أما حالياً، فتشكل منتجات ''العناية الشخصية'' صناعة عالمية تدر على أربابها مئات مليارات الدولارات (20 مليار دولار سنوياً في الولايات المتحدة وحدها). وتزدحم رفوف المتاجر بهذه المنتجات، التي تحوي مواد ملوِّنة وحافظة ومنظِّفة ومعطِّرة تبشرنا بحياة أكثر رونقاً وصحة. ولكن، خلافاً للوعود المدونة على أغلفة هذه المنتجات، فان للكثير منها انعكاسات سلبية على صحتنا.
عبر التاريخ، استخرج الانسان مواد عطرة من النباتات والحيوانات، واستعملها لأغراض متعددة، في ممارسة الشعائر الدينية، ودفن الموتى، ولحجب الروائح الكريهة، وصنع مستحضرات مثيرة للشهوة الجنسية. وكانت العطور كماليات ثمينة. وفي ثمانينات القرن التاسع عشر، أنتجت أول مواد عطرة مصنَّعة، ومنذ ذلك الوقت أخذ الناس يستعملون مواد كيميائية على نطاق واسع لمحاكاة مواد عطرة مستخرجة من الطبيعة. فباتت العطور أرخص ثمناً وأكثر انتشاراً، وتضاف الى مجموعة كبيرة من المنتجات التجارية التي تراوح من مواد التنظيف الى المناشف الورقية ومن الشموع الى أقمطة الأطفال.
التحول الى استخدام المكونات الاصطناعية في العطور سببه أنها أقل كلفة من المكونات الطبيعية وأن انتاجها ممكن على مدار السنة، في حين أن مصدر المكونات الطبيعية يعتمد على فصول السنة ومدى توافرها.
وقد أفادت الاكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة أن 95 في المئة من المواد المستعملة في العطور اليوم تستخرج من البترول، بما في ذلك سموم معروفة قادرة على التسبب بأمراض سرطانية وعيوب خلقية واضطرابات في الجهاز العصبي المركزي وتفاعلات حساسية.
أسرار تجارية ... وأعراض صحية
تعتبر تركيبات العطور من الأسرار التجارية، مما يعني أن الشركات المنتجة ليست ملزمة بالكشف عن المواد التي تحويها. وقد تم اختبار نحو 1300 مادة فقط من أصل ما يزيد على 5000 مادة تستعمل في صنع العطور. وكون هذه المواد لا تؤثر عليك الآن لا يعني أنك ستكون محصناً من تأثيراتها مستقبلاً، أو أنها لا تؤثر على أشخاص مقربين اليك، مسببة لهم صداعاً أو مشاكل تنفسية. هذه المواد الكيميائية تنتقل مباشرة الى مجرى الدم عند وضعها على بشرتنا. وهي تتبخر باستمرار، فنتنشق أبخرتها التي تنتقل الى أدمغتنا حيث يمكن أن تتسبب بأذى كبير، كما يمكن أن تؤثر في الرئتين والأنف والعينين.
المستغرب أن صناعة العطور، التي لا تخضع لأي أنظمة أو قيود، تستطيع أن تضيف أي عدد من المواد الكيميائية الى منتجاتها من دون ان تكشف ماهيتها وكيف تؤثر على الانسان. ويمكن أن تدخل 600 مادة كيميائية أو أكثر في صنع عطر واحد. وتحوي العطور عدداً كبيراً من المواد السامة المنصوص عليها في لوائح النفايات الخطرة. تتحد هذه المواد بعضها ببعض لتسبب عند الاستنشاق أضراراً، منها: اضطرابات في الجهاز العصبي، ودوار وغثيان وصداع وإرهاق، وفقدان التنسيق، واختلاط في اللفظ، ونعاس، وتهيج في الفم والحنجرة والعينين والجلد والرئتين والمعدة والأمعاء، وتلف في الكليتين، وفشل في جهاز التنفس، وأعراض وأمراض أخرى.
وأظهرت دراسات أن حالات من ضيق التنفس وأعراضاً شبيهة بنوبات الربو سببها استنشاق العطور. ولدى كثير من المصابين بصداع نصفي (ميغرين) حساسية للعطور، الى حد أن الذين يضعونها يثيرون لديهم نوبات فورية وحادة من الصداع. وتشكل الكيميائيات العضوية المتطايرة أكثر من 80 في المئة (وزناً وقيمة) من المواد الأولية المستعملة في تركيبات العطور، وهي من ملوثات الهواء الشائعة داخل المنازل ومهيجة لمجرى التنفس، وتتراكم في أنسجة الانسان وفي حليب الأم. وقد صنف معهد الطب الأميركي العطور في مرتبة دخان السجائر غير المباشر، الذي يتنشقه غير المدخِّن، كمثير لنوبات الربو لدى الكبار والصغار.
والأطفال أكثر عرضة من البالغين لتأثيرات المواد الكيميائية الموجودة في العطور، بسبب صغر حجمهم وارتفاع معدل تنفسهم ورقة بشرتهم. ومع ذلك تضاف المعطرات الى معظم منتجات الأطفال المنزلة الى الأسواق. والأم التي تضع عطراً يحتمل أن تتسبب في تسمم الهواء الذي يتنفسه أطفالها. والتعرض للعطور قد يجعل الطفل يعاني من صعوبة في التركيز وعجز في تحصيل العلم وسلوك ينطوي على نشاط مفرط، وحتى تخلف في النمو ونوبات مرضية في الحالات القصوى.
والمواد الكيميائية الموجودة في العطور قد تؤثر في أنسجة الدماغ وتلحق به تلفاً. اللينالول مثلاً، وهو المادة الكيميائية الأكثر توافراً في العطور ومنتجاتها، يُعرف أنه يسبب نعاساً وكآبة واضطرابات تنفسية قد تهدد الحياة.
ومركبات الفثالات، التي تستعمل في صنع مواد بلاستيكية أكثر مرونة، هي أيضاً شائعة الاستعمال في العطور ومنتجات التجميل وطلاء الأظافر ورذاذ الشعر (سبراي) وغيرها. لكن دراسات أجريت على الحيوانات ربطتها بحدوث عيوب خلقية تشتمل على تلف في الكبد والكليتين وتشوه في الخصيتين. وتشير دراسات أميركية الى أن الفثالات تحتجز في أنسجة الانسان بمستويات أعلى كثيراً مما كان يعتقد سابقاً. واستجابة لضغوط قوية مارسها ناشطون بيئيون ومستهلكون، أصدر البرلمان الأوروبي في كانون الثاني (يناير) 2003 قراراً منع بموجبه استعمال مركبات الفثالات في منتجات التجميل.
وفي حين يستمتع كثيرون بوضع العطور، برز مؤخراً احتجاج عنيف ومتزايد من الذين يشكون أن التعرض لأنواع منها يؤثر على صحتهم. وفي دراسات أجريت على عينات عشوائية من الأميركيين، أبلغ 15 ـ 30 في المئة عن حساسية لمواد كيميائية، منها العطور، وأبلغ 4 ـ 5 في المئة عن حساسية مفرطة لها تأثير كبير على نوعية حياتهم. من هؤلاء، أفاد أكثر من 80 في المئة بأن التعرض للعطور يزعجهم.
وهناك منظمات ومؤسسات باتت تأخذ مسألة الحساسية للمواد العطرة على محمل الجد. وعلى سبيل المثال، في اجتماع عقدته الجمعية الكيميائية الأميركية، طُلب من المشاركين عدم وضع عطور بسبب وجود عدد من الأشخاص الذين لديهم حساسية لمواد كيميائية. وفي مبنى كلية العمل الاجتماعي في جامعة مينيسوتا، وضعت لافتات تقول: ''أفاد عدد من العاملين والطلاب في الكلية أن لديهم حساسية لمنتجات متنوعة كيميائية أو معطرة. نطلب تعاون الجميع في جهودنا لاحترام أوضاعهم الصحية''. ويقدر أن 5,75 ملايين شخص في الولايات المتحدة لديهم حساسية جلدية للعطر. والعطر هو السبب الأول للحساسية ازاء مستحضرات التجميل والتنظيف والغسيل. وتشير بعض المعطيات الى أن 75 في المئة من مرضى الربو المعروفين في الولايات المتحدة، أي نحو 9 ملايين شخص، يصابون بنوبات تثيرها العطور.
وترى بعض الجمعيات المدافعة عن حقوق المرضى أن قضية العطور ستكون خلال العقد المقبل مثيرة للجدل مثلما هي قضية دخان التبغ حالياً.وتعتبر أن الجدل حول حق الناس في التدخين ازاء حق الآخرين في تنفس هواء نظيف قد ينطبق أيضاً على العطور.
تربط الاعلانات العطور بصفات حميدة مثل ''الرجولة'' و''الحيوية'' و''الانتعاش'' و''الطهارة''، مما جعل كثيرين يعتبرونها جزءاً أساسياً من حياتهم. لكن يبدو أن هذه النظرة الرومانسية الى العطور آخذة في التلاشي. وفي المرة المقبلة، عندما تهمّ بوضع عطرك المفضل، تذكر المواد الكيميائية التي تعرض نفسك ومن حولك لأضرارها.
كادر
العرب في طليعة المتعطرين
كان قدماء البابليين والسومريين والفراعنة من أوائل مستهلكي العطور، واستعملوها في مختلف نواحي الحياة، بما في ذلك مراسم الدفن. وجعل لها العرب دلالات، اذ قرنوها بالمعتقدات الدينية التي تدعو الى النظافة وتطهير الجسد والروح والرائحة الطيبة.
صناعة العطور العربية واستهلاكها ما زالا يتبعان العادات الموروثة عن الاجداد، باستعمال الزيوت المستخرجة من الأزهار والأخشاب العطرية. ولكن منذ اكتشاف النفط في حقبة الثلاثينات من القرن الماضي، ازداد اهتمام الغرب تجارياً بهذه المنطقة الحيوية من العالم، وكان من ضمنالبضائع المرسلة الى العرب العطور الغربية المستحضرة من المواد الكيميائية والصناعية غير الطبيعية.
الخبير في العطور نظير أجمل، الذي تعتمده مؤسسة المواصفات القياسية السعودية (ساسو) لتحديد مستوى جودة العطور الشرقية، قدر حجم سوق العطور في منطقة الشرق الاوسط بنحو خمسة مليارات دولار، أي ما يزيد عن عشرة أضعاف ما كانت عليه قبل 50 عاماً، وان معدل استهلاكها يزيد خمسة أضعاف عن المعدل العالمي. وأشار الى أن المناخ يشكل عاملاً مهماً في تحديد نوعية العطور، اذ لا تحتاج المناطق الباردة الى عطور قوية كتلك التي تحتاجها المناطق الحارة حيث التبخر أسرع. وفي حين اعتبر خبراء تجاريون فرنسيون أن السوق اللبنانية هي في رأس قائمة الدول العربية استهلاكاً للعطور ومستحضرات التجميل، قال أجمل ان دول الخليج أكبر سوق عربية للعطور الشرقية ، بحكم ارتفاع القوة الشرائية وارتباط هذه العطور بتراث المنطقة وعاداتها، مقدراً حصة العطور في ميزانية الأسر الخليجية بنسبة 30 في المئة من مخصصات السلع الاستهلاكية الكمالية.
وقدر رئيس مجلس ادارة الشركة العربية للعود عبد العزيز الجاسر حجم انفاق السعوديين على العطور ومنتجات العود بأكثر من 2,5 مليار ريال سنوياً (666 مليون دولار)، منها نحو مليار ريال (266 مليون دولار) على بخور العود. وقال ان حجم تجارة العطور الشرقية في أسواق دول مجلس التعاون يتجاوز الثلاثة مليارات ريال (800 مليون دولار)، تشكل منتجات العود وخاصة الدهن والبخور نسبة 50 في المئة منها. يذكر أن الشركة العربية للعود، التي تملك 320 فرعاً حول العالم ومقرها مدينة الرياض، هي الأولى في المنطقة التي تحظى بعضوية هيئة العطور البريطانية، وتستأثر بحصة تتجاوز 60 في المئة من سوق العود والعطور الشرقية في العالم.
كانت سوق العطور الخليجية الى عهد قريب سوقاً موسمية، لكن التغيير الذي طرأ على أنماط الحياة الاستهلاكية في السنوات الاخيرة جعلها نشطة في معظم أيام السنة. كما أن برامج الترويج السياحي في الصيف أبقت على القوة الشرائية الرئيسية في السوق الخليجية خلال هذا الفصل. وبعد انتهاء إجازة الصيف يأتي شهرا شعبان ورمضان اللذان يشهد فيهما بيع العطور نشاطاً لافتاً، ثم يأتي بعد ذلك موسم الاعراس الذي يمتد من شهر كانون الثاني (يناير) حتى نهاية نيسان (ابريل).
وأشارت الاحصائيات الصادرة من جمارك دبي الى أن واردات العطور بلغت عام 2003 نحو 50 ألف طن، استهلك 85 في المئة منها في السوق المحلية وأعيد تصدير 15 في المئة الى دول أخرى.
وسجلت الاسواق الحرة في الشرق الأوسط مبيعات عطور بلغت 198 مليون دولار في العام .2003 وخلال الربع الأول من سنة 2005 ارتفعت مبيعات العطور في سوق دبي الحرة بنسبة 27 في المئة عن الفترة نفسها من السنة الماضية لتصل الى 61 مليون درهم (17 مليون دولار) وتحتل المركز الثاني في المبيعات، متفوقة على الذهب والأجهزة الالكترونية.
وتشهد العطور الشرقية مثل ''دهن العود'' اقبالاً متزايداً من الاوروبيين والاميركيين، أدى الى اهتمام عالمي بأسرار صناعتها. وقال مشتغلون في هذا القطاع إن موسم صيف 2005 شهد توحيد جهود بين شركات عطور خليجية لإطلاق عطور جديدة تناسب الذوق الخليجي العام. فعلى سبيل المثال، طرحت شركة ''سيد جنيد عالم'' البحرينية بالتعاون مع شركة ''عطر البحرين'' السعودية عطراً جديداً في الأسواق الخليجية هو باكورة جهودهما المشتركة.
وجهان لسحر العطور
أيُعقل أن يكون في العطر سم؟ هذا ما أكده تقرير خطير لمنظمة ''غرينبيس'' استند الى تحاليل مختبرية لعشرات العطور الرائجة
بسمة بدران
هل من هدية أجمل من قارورةعطر يقدمها المرء الى أحبائه؟ اهداء العطور يمنح الفرح، كذلك اختيارها ووضعها، أليس كذلك؟ فكروا ملياً في الاجابة، لأن ما ستقرأونه سيكشف لكم وجهاً آخر لصناعة العطور التي تنشر على أجسامنا أكثر من مجرد أريجها الساحر.
كلفت منظمة ''غرينبيس'' مختبراً مستقلاً في هولندا اجراء دراسة حول بعض الكيميائيات المستخدمة في العطور الشائعة، استدعت نتائجها اصدار المنظمة مؤخراً تقريراً حول الفثالات والمسك الصناعي في العطور. ويعرض التقرير، وعنوانه L’eau de toxines  أي ''ماء السموم'' (بدلاً من eau de toilette)، نتائج تحاليل أجريت على 36 صنفاً مــن العطور المعروفة تم اختيارها عشوائياً، بحثاً عـن مجموعتين مـن المركبات الكيميائية الصناعية التـي تشكل خطــراً محتملاً علــى الصحة والبيئـة، وهمـا الفثالات (phthalate esthers) وخصوصاً Diethyl phthalate (DEP)، ومركبات المسك الصناعي (synthetic musks).
كشفت الأبحاث ان مادة DEP، التي عثر عليها في 34 من 36 عطراً، تتغلغل في الجلد أو عبر التنشق وتنتشر في أنحاء الجسم بعد كل تعرض لها. وتتحول بسرعة إلى مادة فثالاتية اخرى هي monoethyl phthalate  (MEP) التي تعزى اليها تأثيرات على تركيبة الحمض النووي في السائل المنوي، اضافة إلى الاخلال بعمل الرئتين لدى الرجال. وتستخدم مركبات الفثالات في مستحضرات التجميل كمذيبات وناقلات للأريج وكذلك كمصعّد للكحول (كي يصبح غير صالح للشرب).
اما مركبات المسك الصناعي فهي مركبات عطرية تستخدم عوضاً عن أنواع المسك الطبيعية الأغلى ثمناً، وهي قابلة للتراكم في الانسجة الحية حيث عثر على نسب مركزة منها في الدم وحليب الأم. وتستخدم هذه المركبات في منتجات كثيرة تستعمل يومياً، كمبيضات الغسيل ومعطرات الجو وكريمات نعومة اليدين والصابون والعطور. ولكونها مواد دائمة الأثر في البيئة، عثر عليها فيالأنظمة الطبيعية المائية والبحرية وفي الطبقة الجوية وداخل المباني وفي مياه المطر. بعض هذه الكيميائيات يؤثر على انظمة التواصل الهورمونية لدى الأسماك والحيوانات البرمائية والثدييات، كما قد يضخم نتائج التعرض لمواد كيميائية سامة اخرى.
احتوت جميع العطور التي اجريت عليها التحاليل على الفثالات والمسك المركب. وعثر على نسب مرتفعة جداً من مركب DEP، أعلاها في عطر ''اترنيتي'' للسيدات من كالفن كلاين (2,2٪ من الوزن الاجمالي) وفي ''أيريس بلو'' من ملفيتا (1,1٪) و''لو مال'' من جان بول غوتييه (نحو 1٪). في المقابل، لم تبرز أي نسبة تذكر من مركبات الفثالات المحددة في عطر "فاندربيلت".
اما مركبات المسك الصناعي فقد وجد بعضها بنسب مرتفعة، أعلاها في ''وايت مسك'' من بادي شوب (9,4٪ من الوزن الاجمالي) و''لو مال'' من غوتييه (6,4٪) و''لو بيزيه دو دراغون'' من كارتييه (4,5٪). في المقابل،عثر على النسب الأدنى من تلك المواد في عطر ''بوما جامايكا مان'' من بوما و''أكوا ناتورال'' من ألكيميا و''صانست'' من ناومي كامبل و''بور بوازون'' من كريستيان ديور.
تفشّي الكيميائيات السامة
الانتشار العشوائي لكثير من الكيميائيات الخطيرة، في غياب التشريعات الكفيلة بتنظيم انتاجها وتفشّيها، مشكلة كبرى تثير القلق في أنحاء العالم. فنحن غالباً ما نستخدمها بلا انتباه، وننشرها في البيئة وفي أجسامنا جاهلين تأثيراتها الفعلية. والقوانين السارية تعجز عن الحد من تعرضنا لأخطار تلك المواد، حتى التي تعرف بسميتها.
وقد كشفت دراسات وتحاليل وجود التلوث الكيميائي في اماكن بعيدة عن مصدر المواد، فعثر عليها في أنسجة بعض الحيوانات من القطب الشمالي إلى اعماق المحيط، وكذلك في مياه الأمطار وفي الغبار وفي منازلنا وفي أجسامنا. وهي تراكمية، اي ان نسبتها تتفاقم كلما انتقلت من حلقة إلى اخرى فيالسلسلة الغذائية، وبعضها مسبّب للسرطان او لاختلال في الوظائف الهورمونية، كما أن تأثيرها على النمو غير معروف النتائج.
بشكل عام، يجهل المستهلكون وجود هذه المواد في السلع التي يشترونها، ما يحد من قدرتهم على المطالبة بتغييرها أو على الأقل الامتناع عن شرائها لحماية انفسهم من أخطارها. فنادراً ما يذكر وجودها على أغلفة المنتجات، لذلك يعجز المشترون عن تجنبها ان أرادوا. ولعل تقرير ''غرينبيس'' الذي يقدم معلومات جديدة عن محتوى العطور، يكون حافزاً للمستهلكين كي يطالبوا مصنعي العطور بوضع خطط للتخلي تدريجياً عن الكيميائيات الخطرة في منتجاتهم. ويعتبر مبدأ الاحتراز والوقاية وسيلة للحد من تعرض الناس لهذه المواد الخطيرة، والضغط على الصناعات من اجل ابتكار واستخدام بدائل آمنة في سبيل إلغاء الكيميائيات المثيرة للمخاوف.
تشريع ''ريتش''
تعجز التشريعات السارية في الاتحاد الأوروبيعن تنظيم التعرض لهذه المواد الكيميائية المستخدمة في مستحضرات التجميل وغيرها من المنتجات. غير أن الحل موجود في اطار ما يعرف بتشريع REACH وهو مشروع قانون من أجل ''تسجيل وتقييم وترخيص المواد الكيميائية''، تم اقتراحه عام 2003 وما زال موضع نقاش بين دول الاتحاد والبرلمان الأوروبي. وتضغط مجموعات تعنى بالبيئة والصحة، اضافة إلى بعض الشركات، من أجل إدخال مبدأ الاستبدال الكيميائي كجزء اساسي في القانون.
تشريع REACH كفيل بضمان الحماية الفعلية من المخاطر الكيميائية ما ان يفعّل مبدأ الاستبدال، الذي يؤدي إلى تقييم المادة الكيميائية حسب خطورتها والاستعاضة عنها ببديل أكثر أماناً عند توافره. وهو تعرض لضغوط كبيرة ومحاولات كثيرة لعرقلته من شركات الصناعات الكيميائية ومن الادارة الاميركية.
لكن تنامي الوعي الشعبي في أوروبا حول خطورة هذه المواد الكيميائية والمنتجات التي تحتويها أدىإلى مطالبة المستهلكين الأوروبيين الشركات المعنية بوقف استعمالها تحت طائلة مقاطعة المنتجات. وهذه الطريقة بدأت تأتي بالنفع، اذ بدأ عدد متزايد من الشركات وضع الخطط من أجل الغاء الكيميائيات الخطيرة من السلع. وهذا يعد بجيل جديد من المنتجات الأكثر أماناً، التي تشكل بدورها دليلاً على أن الحماية البيئية والصحية مربحة أيضاً.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.