قبل 12 عاماً، قررت مجموعة من الغواصين الانضمام الى حملة "نظفوا العالم" لمنع مزيد من الضرر الواقع على خليج العقبة. وبقيادة الغطاسة الرائدة في الاردن، الأميرة بسمة بنت علي، أسسوا الجمعية الملكية لحماية الحياة البحرية (JREDS)، وهي المنظمة غير الحكومية الوحيدة في البلاد المكرسة لحماية الموارد البحرية.
ملايين السياح يزورون منتجعات البحر الأحمر كل سنة، فلا عجب أن تكون الحياة البحرية فيه، وهي من الأغنى على الأرض، تحت ضغط كبير. ويؤوي هذا البحر عشرات الأنواع المعرضة للخطر عالمياً، منها سلاحف منقار الصقر والأطوام (العرائس أو أبقار البحر)، والعديد من النظم الايكولوجية المهددة وخصوصاً الشعاب المرجانية في خليج العقبة. وكانت المهمة الأولى أمام الجمعية تقييم صحة هذه الشعاب لارساء قاعدة مسوحات للمستقبل.
تقول أروى حلو مديرة البرامج في الجمعية: "هدفنا انشاء نظام مراقبة لتتبع كمية النفايات وأنواعها واجراء بحوث حول أثرها على الحياة البحرية". لذلك وضع ناشطو الجمعية خرائط للمناطق الحساسة في خليج العقبة للمساعدة في مراقبة التلوث والتهديدات البيئية الأخرى.
اضافة الى التلوث وتغير المناخ اللذين يؤثران حالياً على الأنواع والنظم الايكولوجية الهشة، برز تهديد آخر لبيئة البحر الأحمر هو انتشار نجم البحر الشوكي (Acanthaster planci). هذا الحيوان الشره و"الوصولي" يقتات على المرجان الحي، وهو مزود بجهاز دفاعي مذهل من أشواك حادة شديدة السمية. وفي غياب المفترسات الطبيعية، بات حجم الضرر الذي يلحقه بالشعاب المرجانية وبائياً، مما يجعله من أسوأ الأنواع الغازية في العالم. تقول حلو: "لمراقبة انتشار هذه الآفة، طلبنا من الغواصين الابلاغ عن أي مشاهدات لنجوم البحر الشوكية في خليج العقبة وبعيداً عن الشاطئ. ونحن نحتفظ بسجل لكل شعب مرجاني وجدت فيه هذه النجوم".
وكخطوة تالية، نظمت الجمعية حملات غطس لازالة نجوم البحر الضارية والمرجان الميت عن الشعاب، فضلاً عن النفايات الموجودة في القاع، مثل قطع البلاستيك والزجاج والمعادن وفضلات أخرى، لتصبح هذه المناطق جاهزة لاستقبال "زريعات" مرجانية منقولة من أجزاء سليمة في الشعاب. وأفادت حلو أن "أول عملية زرع للمرجان قمنا بها في خليج العقبة كانت في العام 2003 ونجحت بنسبة 60 في المئة".
يشارك نحو 100 متطوع في أعمال التنظيف تحت الماء التي تنظمها الجمعية سنوياً، كما يشارك أفراد كثيرون من المجتمع الأهلي والطلاب والسياح والسلطات المحلية وجهات أخرى في تنظيف الشواطئ ومدينة العقبة.
السياحة قطاع مزدهر على الساحل الاردني للبحر الأحمر الذي يبلغ طوله 27 كيلومتراً. وتعمل الجمعية مع وكالات السياحة المحلية على ترويج رياضة الغوص البيئي وتحسين اسطول القوارب الزجاجية لمنع الإضرار بالشعاب المرجانية الذي يسببه بعض ربابنة الزوارق. وفي العام 2001، أطلقت الجمعية حملة "خليج العقبة الخالي من البلاستيك" التي أدت الى تخفيض كمية النفايات البلاستيكية الواصلة الى البحر. ومن المآثر الأخرى الملحوظة للجمعية تحسين كفاءة استهلاك المياه في مدينة العقبة، وقد ساعد ادخال أجهزة للاقتصاد بالمياه الى مؤسسات كبيرة، مثل الفنادق والمستشفيات والمدارس وأماكن العمل، في تخفيض الاستهلاك بمقدار الربع في سنة واحدة فقط.
لكن المحافظة على الحياة البحرية تمتد أبعد من الحدود الوطنية. وكجزء من برنامج دولي لاحياء البحر الأحمر، أطلقت الجمعية نحو 40 سلحفاة من نوع منقار الصقر في البحر، وهي تعمل مع بلدان مجاورة على الاكثار من هذه السلاحف المعرضة لخطر الزوال.
خلال حملة "نظفوا العالم" في 16 ـ 17 أيلول (سبتمبر) الماضي، انصب عمل ناشطي الجمعية على البحر الميت. وتحت شعار "دعوا البحر الميت يعيش"، نظف مئات المتطوعين أدنى موقع مأهول تحت مستوى سطح البحر على وجه الأرض. وشاركت في الحملة الأميرة بسمة بنت علي، التي ترعى الجمعية، وأفراد من الأسرة المالكة وشخصيات أخرى. وقالت أروى حلو في المناسبة: "نحن نقطة صغيرة على خريطة العالم، لكننا جزء من حملة كبيرة".
زينيا تشيرني هي المستشارة الاعلامية لحملة "نظفوا العالم" ومقرها اوستراليا.
|