حتى 25/10/2005، تاريخ إرسال هذا العدد من "البيئة والتنمية" الى المطبعة، لم تسجل أي إصابة بانفلونزا الطيور القاتلة في أي بلد عربي، في حين تم إعدام ملايين الطيور حول العالم وسجلت 64 وفاة بالمرض في أربع دول آسيوية هي فيتنام وتايلاند واندونيسيا وكمبوديا.
150 مليوناً كان الرقم الذي ذكرته منظمة الصحة العالمية في نهاية أيلول (سبتمبر) 2005 كحد أقصى لضحايا هذا الوباء متى تحول الفيروس المسبب له جينياً لينتقل بين البشر. ولم تلبث المنظمة أن سارعت الى تهدئة حالة الهلع التي أثارها تصريح منسق جهودها لمكافحة انفلونزا الطيور ديفيد نبارو، وأعلنت أن "العدد المتوقع لضحايا وباء محتمل هو بين مليونين و7,4 ملايين إنسان". وفي 25/10/2005 أعلن مدير عام المنظمة لي يونغ ووك أن انتقال الفيروس الى مرحلة يستشري فيها بين البشر أمر حتمي!
وقد حذر البنك الدولي من انهيار الاقتصاد العالمي والمجتمعات كما نعرفها اليوم اذا تعرضت البشرية لموجة حادة من هذا الوباء تزهق أرواح عشرات الملايين.
وكان آخر انتشار وبائي لانفلونزا الطيور حصل عام 1918 وقتل أكثر من 40 مليون شخص، وسمي آنذاك "الحمى الاسبانية". السلالة التي تهدد العالم حالياً هي فيروس "إتش 5 ان 1" (H5N1). وقد ظهرت للمرة الاولى في هونغ كونغ عام 1997 وحصدت آنذاك 1,5 مليون طائر و6 أشخاص. وعادت فظهرت في كوريا أواخر عام 2003 وانتقلت الى الصين وتايلاند وفيتنام ولاوس واندونيسيا، ومؤخراً الى تركيا ورومانيا وكرواتيا وروسيا واليونان وبريطانيا...
وفيروس الانفلونزا قابل للتحول جينياً بسرعة، لذا يجب تطوير اللقاح سنوياً كي يحافظ على فعاليته.
توصيات من منظمة الصحة العالمية
ينتقل فيروس إنفلونزا الطيور من طائر الى آخر عبر إفرازات الأنف والبراز واللعاب، ومن خلال الهواء والسماد والمياه الملوثة. أما انتقاله من الحيوان الى الانسان فيتم بالاتصال المباشر، وأعراضه عندئذ شبيهة بالانفلونزا الحادة أو التهاب العينين. ويبدو أن أكثر الناس تعرضاً للاصابة مربو الدواجن والصيادون و... كشّاشو الحمام.
وقد أصدرت منظمة الصحة العالمية توصيات وقائية لتخفيف خطر التقاط الفيروس. فاضافة الى الامتناع عن الاحتكاك بالطيور المصابة أو المشكك باصابتها، أو بريشها وبقاياها، ينصح بطهو اللحوم جيداً وعلى حرارة تزيد عن 70 درجة مئوية. وفي حال الشيّ، يجب التأكد أن داخل الطائر قد نضج.
والأمر ينطبق أيضاً على البيض، الذي يمكن للفيروس أن يستوطن داخله وعلى قشرته الخارجية. لذا يجب غسله بالصابون وغسل اليدين جيداً بعد لمسه، وطهوه على درجة حرارة تزيد عن 70 مئوية. وينصح بعزل الدجاج النيء عن المأكولات المطبوخة، وعدم استخدام خشبة التقطيع والسكين ذاتهما في التعامل مع الدجاج النيء والخضار أو الأطعمة المطبوخة.
وعلى الصيادين أن لا يعترضوا طريق الطيور المهاجرة. وان وقع طائر فيجب عدم لمه أو لمسه.
ويتعين على مربي الدواجن خلال هذه الفترة أن يضعوا طيورهم داخل أقنان مسقوفة ومشرّطة من كل الجوانب، وألا يضعوا الغذاء في متناول أي طير قد يحط ليأكل من الجو. ومن أهم مؤشرات الاصابة الموت السريع الذي يمكن أن يؤدي الى نفوق ثلثي السرب خلال 48 ساعة. ومن أعراض المرض ازرقاق العرف والاسهال والنزف الداخلي وارتجاف الرأس وسيلان الأنف والعيون والهمود وعدم الرغبة في الطعام.
أوصت منظمة الصحة العالمية بأن تؤمن الدول اللقاح لعلاج 30 في المئة من سكانها. ومن الاجراءات الوقائية في حالة الوباء إغلاق المدارس، وتأمين أماكن للحجر الصحي على المصابين، وحظر التجمعات كالمؤتمرات والندوات والحفلات.
الوضع في العالم العربي
وفيما يواصل الفيروس تنقله، حذرت منظمة الصحة العالمية في 25/10/2005 من تعرض دول شرق المتوسط لانتشار المرض القاتل، خصوصاً وان مسار الطيور المهاجرة، الناقل الرئيسي للمرض، يمر في دول هذا الاقليم الذي تقع فيه معظم الدول العربية.
واتخذت البلدان العربية تدابير وقائية، وحظر كثير منها الصيد البري واستيراد الطيور من البلدان التي سجلت فيها إصابات وتشديد الرقابة على مزارع الدواجن ومحلات بيع طيور الزينة وحدائق الحيوان. ومع اقتراب موسم الحج، ألزمت وزارة الصحة السعودية المستشفيات والمراكز الطبية بفحص المرضى للكشف عن أي إصابة بانفلونزا الطيور. كما ألزمت الحجاج الآتين من دول مصابة أن يقدموا شهادات دولية تثبت خلوهم من الفيروس. وأوصت باستيراد كمية كافية من عقار "تاميفلو" المستخدم في علاج الاصابات البشرية.
وفي لبنان، أصدرت وزارة الزراعة تعاميم بمنع تربية الدجاج البلدي والحمام والطيور الداجنة الاخرى في محيط مزارع الدواجن لمسافة قطرها خمسة كيلومترات، وبتفعيل رقابة المجالس الصحية والبلديات على مسالخ الدواجن الصغيرة والملاشات، ومنع استخدام بقايا مسالخ الدواجن في تغذية الخنازير.
ويعتبر لبنان معبراً هاماً لأكثر من 15 نوعاً من الطيور المهاجرة. والآن موسم الهجرة الى الجنوب الذي يستمر حتى نهاية تشرين الثاني (نوفمبر)، حيث تتوجه الطيور من الأماكن الباردة الى الأماكن الدافئة. لذا أعلنت وزارة البيئة تمديد منع الصيد البري خلال 2005 و2006. ومُنع إطلاق الحمائم في محافظتي بيروت وجبل لبنان وفي طرابلس. وطلبت جمعية المستهلك من الصيادين أن يدعوا الطيور المهاجرة تمر بسلام... بحمولتها الخطرة ربما.
في هذه الأثناء، استنكرت جمعية هواة الصيد البري "القرار المجحف" طالبة فتح موسم الصيد. وأصدرت نقابة تجار أسلحة الصيد وذخائرها في لبنان بياناً استهجنت فيه طريقة تعاطي المسؤولين في الدولة ووسائل الاعلام مع هذا الموضوع، وأعلنت عن عقد مؤتمر صحافي للاضاءة على الواقع وطمأنة الجميع!