Sunday 24 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
موضوع الغلاف
 
نيروبي، بيروت ـ ''البيئة والتنمية'' أرضنا من الفضاء  
تشرين الثاني (نوفمبر) 2005 / عدد 92
 تكشف الصور الملتقطة من الفضاء الزوال المأسوي لما كان أكبر غابة نخيل في العالم. فعلى طول مصب شط العرب في العراق وايران كانت تنتشر ذات مرة 18 مليون نخلة، أي خمس أشجار النخيل في العالم. لكن الحروب والآفات وتملح التربة، نتيجة السدود وتجفيف الأهوار، ألقت بثقلها على المنطقة. وتشير الصور الفضائية الى زوال أكثر من 14 مليون نخلة، أي 80 في المئة مما كان موجوداً في سبعينات القرن الماضي. وكانت تجارة التمور من شط العرب في المرتبة الثانية اقتصادياً بعد النفط، فافتقر ملايين السكان المعتمدين على التمور كغذاء ومورد رزق.
منطقة وادي السرحان فيالمملكة العربية السعودية كانت في الماضي قاحلة وجافة بحيث تكاد لا تعيل بلدتي العيساوية وطبرجل. وحالياً، تبدو من الفضاء كمجموعة بقع خضراء بارزة في وجه الصحراء. وهذه نتيجة طريقة متطورة في الري (center-pivot irrigation)  تم اعتمادها في أوائل التسعينات. ويسحب المزارعون المياه من أحواض جوفية قديمة يعود تاريخ مياهها الى 20 ألف سنة خلت.
والصور الفضائية المأخوذة منذ 1973 حتى الوقت الحاضر تظهر مدى سوء حالة البحر الميت. فاسرائيل والاردن تسحبان المياه من الانهار التي تغذيه، وتتوسع برك التبخير المقامة لانتاج الملح. ومن وجوه التنمية الأخرى التي تلقي بثقلها على المنطقة مشاريع احتجاز المياه واستصلاح الأراضي. ونتيجة لذلك، ينخفض مستوى المياه في البحر الميت نحو متر كل سنة. والصور الفضائية لا تروي فقط التوسع الهائل لبرك التبخير في الجزء الجنوبي من البحر، وانما أيضاً الانكشاف السريع للاراضي الجرداء حول الخط الساحلي. وقد انخفض مستوى المياه الى حد أن الجزء الجنوبي يتحول الى بحيرة مستقلة بعدما انفصل تقريباً عن بقية البحر.
وتشهد العاصمة السعودية الرياض توسعاً سريعاً صارخاً. فقد ازداد عدد سكانها خلال السنوات الثلاثين المنصرمة من نصف مليون الى أكثر من مليونين، نتيجة الهجرة من المناطق الريفية وانخفاض معدلات الوفيات وارتفاع معدلات الولادة. الاموال الكبيرة التي استثمرتها المملكة في بناء محطات لتحلية مياه البحر جعلت هذا التوسع ممكناً. والرياض التي بدت كرقعة صغيرة داكنة وحمراء في صورة فضائية عام 1972، تظهرها صورة فضائية حديثة شبكة متداخلة من الطرق وتوسعاً في المساحة المدينية يفوق ثلاثة أضعاف.
التغيرات البيئية الدراماتيكية التي تجتاح الأرض رصدها بالتفاصيل المذهلة أطلس للصور الفضائية بعنوان ''كوكب واحد، سكان كثيرون''، مقارناً صوراً مثيرة التقطتها الأقمار الاصطناعية في العقود القليلة الماضية مع صور حديثة لم يشاهد بعضها من قبل.
النمو الهائل في البيوت الزراعية المحمية في جنوب اسبانيا، والارتفاع السريع في أعداد مزارع تربية الروبيان (الجمبري أو القريدس) في آسيا وأميركا اللاتينية، وبروز شبه جزيرة عملاقة بشكل لعبة عند مصب النهر الأصفر في الصين، هي من بين مجموعة تغيرات غريبة ومدهشة شوهدت من الفضاء. وهذه تترافق مع صور مألوفة أكثر، إنما ليست أقل اثارة، لزوال غابات المطر في باراغواي والبرازيل، والتطور السريع لمشاريع النفط والغاز في ولاية ويومنغ الأميركية، وحرائق الغابات جنوب الصحراء الافريقية، وتراجع الأنهار والكتل الجليدية في المناطق القطبية والجبلية.
أطلس البيئة المتغيرة هذا، الذي أصدره حديثاً برنامج الأمم المتحدة للبيئة بالتعاون مع منظمات دولية، منها وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، يبين أيضاً النمو الانفجاري والتغيرات حول مدن كبرى مثل بيجينغ ودكا ودلهي وسانتياغو، وأيضاً لاس فيغاس، المنطقة المدينية الأسرع نمواً في الولايات المتحدة، وميامي التي يهدد تمددها نحو الغرب مستنقعات ''إفرغليدز'' الشهيرة في فلوريدا وما فيها من حياة برية وإمدادات مائية مهمة.
افريقيا: حروب وزحف سكاني ونباتات غازية
آثار الحروب الأهلية في ليبيريا وسيراليون على بيئة غينيا المجاورة تروي قصتها منطقة ''منقار الببغاء'' الحدودية. ففي العام 1974، كانت الغابات تغطي المنطقة بكثافة. وكانت القرى والحقول تظهر من الفضاء كرقع رمادية باهتة في بحر أخضر. وحالياً، أدى تدفق مئات ألوف اللاجئين الى زوال واسع للغابات، حيث تقطع الأشجار للحصول على حطب الوقود ومواد البناء ومزيد من المحاصيل. وهذا يمكن رؤيته بوضوح في الصور الفضائية منذ العام 2002، حيث ينحسر اللون الأخضر ويزحف الرمادي في جميع الاتجاهات.
وكان النمو السكاني حول بحيرة فكتوريا في شرق افريقيا الأعلى في القارة الافريقية، وذلك نتيجة وفرة الموارد الطبيعية الموجودة هناك مثل الأسماك. وتتجلى هذه الظاهرة في سلسلة من الصور منذ ستينات القرن الماضي حتى الوقت الحاضر، حيث يظهر الازدياد السكاني بشكل مساحة من الأحزمة الحمراء سريعة التمدد. ومن بين البلدان المحاوطة للبحيرة، يبدو أن كينيا عرفت أكبر زيادة سكانية ضمن مسافة 100 كيلومتر من ضفافها.
ورُصد في صورة فضائية أخذت عام 1995 ابتلاء البحيرة بنبتة غريبة تدعى ياقوتية الماء (water hyacinth). وتنتشر في البحيرة بقع كبيرة من هذه النبتة الغازية، يمكن أن تسد أنابيب سحب المياه وتعوق حركة السفن والصيد وتشكل موئلاً للبعوض الناقل للملاريا، وتشاهد بوضوح كدوامات خضراء في أماكن مثل خليج غوبيرو وخليج وازيمينيا وقرب ميناء كيبانغا في اوغندا. لكن يبدو أن ادخال مفترسات حشرية طبيعية لهذه النبتة في الآونة الأخيرة يؤتي ثماره. فآخر صورة فضائية للجزء الأوغندي من البحيرة تظهر أنه خال في مجمله تقريباً من نبتة الياقوتية.
آسيا: وحول وجفاف وتفجر سكاني
هوانغ هي، أو النهر الأصفر في الصين، هو أكثر أنهار العالم تلوثاً بالوحول، ويجلب كميات هائلة من الرسوبيات خصوصاً الميكا والمرو (الكوارتز) والفلسبار (سليكات الألومنيوم)، من السهول في شمال وسط البلاد ومناطق أخرى. ويشاهد من الفضاء حالياً تغير مثير في مصب النهر بالمقارنة مع صورة التقطت في أيار (مايو) 1979. فقد تشكل فيه ما يشبه رأس حيوان عملاق يمتد داخل بحر بوهاي، نتيجة تجمع الرسوبيات الآتية من الداخل.
وتتم متابعة تجفيف بحيرة بلكاش في كازاخستان من الفضاء. وهي ثاني أكبر بحيرة في آسيا بعد بحر آرال، وتعتبر حيوية لتزويد المياه الى المزارعين والبلدات والمدن والصناعة، كما تمدّ مزارع كبيرة للأسماك. لكن الاستهلاك المفرط للمياه يتسبب في جفاف البحيرة، وقد تزول نهائياً ما لم يُعكس هذا الاتجاه. ويظهر الأطلس الفضائي التجفاف على جوانب بلكاش واختفاء بحيرتين صغيرتين مجاورتين الى الجنوب الشرقي.
وقد شهدت العاصمة الصينية بيجينغ نمواً هائلاً منذ بداية الاصلاحات الاقتصادية عام 1979، ويبلغ عدد سكانها حالياً نحو 13 مليون نسمة. وتوضح الصور الفضائية ضخامة هذا النمو الذي حول بيجينغ من منطقة مركزية صغيرة الى مدينة أحالت مدناً وبلدات بعيدة مثل غينغي وفنغتاي الى ضواح. التوسع التهم أيضاً الغابات النفضيّة (التي تطرح أوراقها) في غرب العاصمة وحقول الرز والقمح الشتوي والخضار التي كانت تحاوطها.
أوروبا: مشاكل زراعية وتحوُّل مديني
اقليم ألميريا في جنوب اسبانيا كان منطقة زراعية ريفية، كما يظهر في الصور الفضائية منذ 1974. لكن الصور الأخيرة تظهر كيف تحولت منطقة مساحتها نحو 20 ألف هكتار الى امتداد واسع منالبيوت الزراعية المحمية. هذا التطور سبب مشكلات كبيرة للامدادات المائية الاسبانية، حتى أن الحكومة تنظر في اللجوء الى تكنولوجيات مثل محطات تحلية مياه البحر.
سدّ أتاتورك الذي بنته تركيا على نهر الفرات عام 1990 يولد 8,9 مليار كيلواط ساعي من الكهرباء، ما يعادل أكثر من خُمس حاجة البلاد المتوقعة لسنة 2010. وأثره كبير على الاراضي، كما شوهد من الفضاء. فالمناطق المغمورة تبدو كتلة مثلمة كبيرة من السواد. والى جنوب السد، حول بلدة حران، أصبح لون الأرض أخضر نتيجة مشاريع الري التي أتاحها السد.
ويقارن الأطلس ماضي المدن الاوروبية وحاضرها. لندن هي المدينة الرابعة الأكثر اكتظاظاً في الاتحاد الأوروبي بعد كوبنهاغن وبروكسل وباريس. وهي غنية ثقافياً، ففيها أكثر من 300 لغة محكية، ويتحدر نحو ثلث سكانها السبعة ملايين من أقليات عرقية، ويتوقع ان يزداد عددهم الى 15 مليوناً بحلول سنة .2020وتظهر صور فضائية من عامي 1976 و2004 أن شكل العاصمة البريطانية ومساحتها لم يتغيرا الا قليلاً في السنوات الثلاثين المنصرمة.
أميركا: توسع المزارع وتقلص الغابات
التوسع الكبير في تربية الروبيان تجسده الصور الفضائية التي التقطت لخليج فونسيكا في هندوراس، ثاني بلد بعد الاكوادور في تربية الروبيان وتصديره في أميركا اللاتينية. وهي تظهر كيف توسعت مزارع وبرك الروبيان خلال 12 سنة، محولة الاراضي حول الخليج الى بساط من الاشكال الزرقاء والسوداء. وتسبب مزارع الروبيان مشاكل بيئية جوهرية. فقد اجتثت غابات المنغروف، التي تشكل دفاعات وملاذات ساحلية طبيعية للأسماك، افساحاً في المجال لاقامة المزارع، التي ترتبط أيضاً بالتلوث وتضرر النظم الايكولوجية في الخليج، نتيجة عدم التمييز في التقاط الكائنات البحرية أثناء جمع يرقات الروبيان لاعادة تزويد البرك.
وتظهر صورتان مدهشتان تفصل بينهما 30سنة زوال الغابات على حدود الأرجنتين والبرازيل وباراغواي. ففي عام 1973، كانت غابة بارانينسي المطيرة الاستوائية الفريدة سليمة الى حد كبير. وتؤكد صورة فضائية التقطت عام 2003 خسارة أكثر من 90 في المئة من الغابة لمصلحة زراعة المحاصيل، خصوصاً فول الصويا والذرة. وتقع غالبية الخسارة، التي تشاهد في شكل فسيفساء من الألوان، على حدود باراغواي ـ البرازيل، مع خسارة أقل بكثير في الأرجنتين، ما يعكس أولويات مختلفة لاستخدامات الأراضي في هذه البلدان.
مكسيكو هي إحدى أسرع المدن نمواً في العالم، كما تبين الصور الفضائية بوضوح. كان عدد سكانها نحو 9 ملايين عام 1973، فارتفع الى 14 مليوناً في 1986، والى نحو 18 مليوناً في 1999، وحالياً يزيد على 20 مليوناً. هذه المدينة وبنيتها التحتية، التي تبدو رمادية اللون، يمكن مشاهدتها زاحفة ومتوسعة في جميع الاتجاهات، مسببة زوالاً خطيراً للغابات الجبلية غرباً وجنوباً.
التطور السريع لمنجم الألماس الأول في كندا، الذي يقع في شمال غرب البلاد، مرصود بوضوح من الفضاء. ويشاهد مهبط طائرات صغير جداً في صورة لمرحلة ما قبل التنقيب التقطت عام 1991. اما اليوم، فان موقع منجم ايكاتي، بما في ذلك الطرق والبنى التحتية، مرئيّ بوضوح كمنطقة بيضاء كبيرة متمددة. ويتتبع مسؤولو الحياة البرية بأجهزة اللاسلكي قطعان الرنة (caribou) التي يراوح عدد أفرادها بين 350 ألف ومليون رأس، للتأكد مما اذا كانت أعمال التنقيب تؤثر على سلوكياتها.
نمو مدينة لاس فيغاس القابعة في صحراء نيفادا كان مذهلاً منذ أوائل السبعينات. وهي كانت في الخمسينات تؤوي نحو 24 ألف نسمة فقط، أما الآن فيفوق عدد سكانها المليون، باستثناء السياح، وقد يتضاعف بحلول سنة 2015. وتظهر الصور كيف أن المدينة امتدت في جميع الاتجاهات، فأتت على الأراضي الزراعية القليلة، وأحلت المنازل وملاعب الغولف المروية مكان الصحراء الطبيعية. وقد هبط مستوى بحيرة ميد، التي تشكلت ببناء سد هوفر العظيم، 18 متراً من عام 2000 الى عام 2003، وعلى رغم ثالث أسوأ موجة جفاف تشهدها المنطقة في التاريخ الحديث، ما زالت تقام ملاعب غولف جديدة تتطلب رياً دائماً ومكثفاً.
أطلس ''كوكب واحد، سكان كثيرون'' يعرض حقيقة الأرض عارية من الفضاء، موثقاً التغيير في صور دامغة لا تقبل الجدل.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
نيروبي، بيروت ـ ''البيئة والتنمية'' أرضنا من الفضاء
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.