Thursday 21 Nov 2024 |
AFED2022
 
AFEDAnnualReports
Environment and development AL-BIA WAL-TANMIA Leading Arabic Environment Magazine
المجلة البيئية العربية الاولى
 
مقالات
 
سحر فرحات إكسبو 2005 في اليابان  
كانون الأول (ديسمبر) 2005 / عدد 93
 فيما التكنولوجيا التي ابتكرها الانسان تعرض البيئة لضغط كبير، قدم معرض "إكسبو 2005" في اليابان وجوهاً كثيرة تكون فيها التكنولوجيا المتقدمة رؤوفة بالبيئة. وأثبت أن الحرص البيئي لا يعني تخلفاً، وأن المستقبل يمكن أن يكون مزدهراً ونظيفاً وأخضر في آن معاً.
كان معرض "اكسبو 2005" في اليابان نموذجاً عصرياً جدد الأمل في إمكانات تخفيف العبء الذي نلقيه على الطبيعة نتيجة ما توصلنا اليه من تقدم تكنولوجي وعلمي. ومن خلال شعاره "حكمة الطبيعة"، كان بمثابة اقتراح للطريقة التي يتوجب على الجنس البشري اعتمادها لبناء مجتمع مستدام، من خلال تقديم تكنولوجيا يمكنها معانقة البيئة.
بدأ المعرض في 25 آذار (مارس) وانتهى في 25 أيلول (سبتمبر). وكان موقعه في إقليم آيتشي على بعد 320 كيلومتراً من العاصمة طوكيو. قصده نحو 22 مليون زائر، وضم أجنحة لمنظمات دولية و125 بلداً مشاركاً. وكان زاخراً بالأحداث، مثل الحفلات الموسيقية ومهرجانات الرقص والندوات والفعاليات الأخرى التي نقلت رسالة "حكمة الطبيعة".
معرض صديق للبيئة
فضلاً عن عرض أفكار وتكنولوجيات بيئية حديثة، كان المعرض ذاته صديقاً للبيئة. فقد طبق مبدأ "التخفيف ـ اعادة الاستعمال ـ اعادة التدوير" لإدارة النفايات المتولدة فيه. فقد صنفت النفايات التي ينتجها الزوار في تسع فئات وضعت لها مستوعبات مختلفة: قناني البوليثيلين تيريفثاليت (PET)، الأكواب والأوعية الورقية، البلاستيك، عيدان الطعام الخشبية، الورق، الفضلات النيئة، النفايات القابلة للاحتراق، المهملات غير القابلة للاحتراق، فضلة ماء الشرب. من جهة أخرى، تم تصنيف النفايات الناتجة عن أجنحة الدول والمنظمات ومرافق الخدمات ضمن 17 فئة، بينها علب الألومنيوم، وعلب الفولاذ، والقناني، وصناديق الكرتون، وزيت الطبخ المستهلك. والهدف من كل ذلك اعادة تدوير نحو 85 في المئة من النفايات المتولدة في المعرض.
التخلص من الاطارات المهملة مشكلة كبرى حول العالم. لكن اختبارها عملياً في موقع المعرض بيَّن أنها مفيدة في رصف الطرق. فقد تم استعمالها بدلاً من الحجارة لصنع رصفة من نوع جديد تدعى "سطح الطريق المسامي المرن" (PERS) الذي يخفف مستويات الضجيج ويمنع التجمد ويمتص الصدمات.
مفهوم آخر روَّج له المعرض هو "المجتمع الايكولوجي" (Eco-community). من ذلك استعمال منتجات التكنولوجيا الصديقة للبيئة، مثل أدوات الأكل "البلاستيكية" في مطاعم المعرض، وهي مصنوعة من نشاء الذرة، لذلك تتحلل بيولوجياً، وتكون انبعاثات ثاني اوكسيد الكربون الناجمة عنها من تلك التي امتصتها نباتات الذرة في حياتها فلا تضيف الى أثر غازات الدفيئة.
جدار جناح اليابان صنع من مواد قابلة للتحلل البيولوجي تولد كمية أقل من النفايات. وبالعودة الى التراث، أقيم الجناح داخل "شرنقة" من قصب الخيزران طولها 90 متراً وعرضها 70 متراً وارتفاعها 19 متراً، لتحجب ضوء الشمس وتوفر بيئة أبرد، مما يخفف الحاجة الى تكييف الهواء. وللتخفيف من انبعاثات غازات الدفيئة، وضعت على سطح الشرنقة لاقطات شمسية لانتاج الكهرباء اللازمة للجناح. وكانت هناك أيضاً توربينة هوائية سخرت الرياح لاستخدامها كمصدر متجدد للطاقة. كما استُخدمت في الموقع أنواع عدة من خلايا الوقود المتطورة التي تحول غازي الميثان والهيدروجين الى كهرباء.
"الرئة الايكولوجية" (bio-lung) ابتكار آخر جسَّد شعار المعرض. وهي عبارة عن جدار أخضر من النباتات والزهور ونموذج لادخال العمليات الطبيعية في قلب البيئة المدينية. كتل الاخضرار تشكل وسطاً لامتصاص ثاني أوكسيد الكربون واطلاق الأوكسيجين، ومصدراً طبيعياً لتبريد البيئة. ومن شأنها تحسين سبل العيش في المدينة وتخفيف عبئها البيئي.
وضم المعرض تقنيات كثيرة أخرى تستوحي "حكمة الطبيعة". من ذلك استخدام النفايات الخشبية لصنع أجهزة، ومنها ساعة يابانية مصنوعة من الخشب مئة في المئة. وعرضت منسوجات جديدة ابتكرها علماء من جامعتي باث وريدينغ البريطانيتين بامكانها تنظيم درجة حرارتها، فتكون باردة صيفاً ودافئة شتاء، بتقليد تركيبة أكواز الصنوبر.
نقل نظيف وخدم آليون
من التكنولوجيات التي اعتُبرت "أسلوب عيش في المستقبل" جهاز الاتصال الهجين “AL-MATE” الذي يجمع بين قدرات هاتف خليوي وجهاز كومبيوتر. وهناك نوعان منه، البرتقالي للمعاقين لمساعدتهم في التجول وفهم العروض وارسال رسائل بالبريد الالكتروني الى مجموعات من الأشخاص في وقت واحد، واستخلاص المعلومات من الانترنت واستعمال دليل العناوين لاجراء اتصالات تتعلق بالأعمال. والجهاز الأزرق يتيح للزوار الحصول على معلومات مفصلة حول المعارض المقبلة بعد عودتهم الى بلادهم، ولتأكيد الحجوزات.
لم ينس مسؤولو المعرض مساهمة قطاع النقل الرئيسية في إطلاق غازات الدفيئة التي تسبب الاحترار العالمي. فتم استخدام تكنولوجيات صديقة للبيئة لنقل الزوار. مدينة ناغويا، مقر "تويوتا" أكبر شركة يابانية للسيارات، أنتجت "مركبة الأجيال المقبلة"، وهي حافلة هجينة مزودة بمحرك تشغله خلايا وقود هيدروجيني عالية الضغط وبطارية هايدرايد ثانوية من النيكل، ولا تنفث ثاني اوكسيد الكربون أو مواد سامة، كما أنها مقتصدة جداً بالطاقة وصامتة.
وكان هناك أيضاً "نظام النقل الذكي المتعدد الأغراض" الذي يجمع بين دقة المواعيد والسرعة العالية والسعة الاستيعابية التي تتصف بها القطارات، والجدوى الاقتصادية والمرونة التي تميز الحافلات. هذا النظام يغني الركاب عن الانتقال من القطار الى الحافلة. وهو مزود بمحرك يعمل بالغاز الطبيعي المضغوط الأنظف.
أما I-unit فهي تجسيد لفكرة "حركة تمدد إمكانات القدرة البشرية". انها مركبة مستقبلية لشخص واحد تمثل تطور نموذج PM الذي قدم في معرض طوكيو للسيارات عام 2003.
وتحت عنوان "حلم وبهجة وإلهام التحرك في القرن 21" رحب "أناس آليون" بالمشاركين في عالم المستقبل. وضمن مشروع "نحن نعيش في عصر الروبوت"، كانت هناك روبوتات عاملة تنظف الأرضيات وتجمع القمامة وتحفظ الأمن وتوجه الزوار وتعتني بالأطفال، فضلاً على روبوتات كراسي المقعدين. ولفتت روبوتات جمع القمامة الأنظار بابدالها المستوعبات الممتلئة بأخرى فارغة من دون الاصطدام بالعابرين.
كجزء من البرنامج التربوي في "إكسبو 2005"، نظمت ثلاث رحلات بيئية مختلفة، احداها "جولة في الفناء الخلفي" لمجموعات من مندوبي المؤسسات الحكومية وقطاعات الاعمال والطلاب، للتعرف الى التكنولوجيات البيئية التي تبناها المعرض، بما في ذلك محطة حديثة لتوليد الطاقة من قمامة المطاعم زودت جناح اليابان بالكهرباء، ومحطة لتزويد الهيدروجين للسيارات العاملة بخلايا الوقود. وخصصت الرحلة الثانية للأولاد الذين زاروا مرافق متنوعة صديقة للبيئة. والرحلة الثالثة "جولة بيئية ذاتية" يقوم بها الزائر على راحته.
وضمن برنامج تحريج سبق إقامة المعرض وتواصل خلاله تحت عنوان "اختبر الطبيعة"، تم غرس ما مجموعه 35,150 شجرة متنوعة.
وقدم كل من البلدان الـ125 المشاركة عروضاً أظهرت ثقافته وتقاليده وتقنياته القريبة من الطبيعة. فعلى سبيل المثال، جسد الجناح الاوسترالي نواحي صون البيئة الفريدة في القارة النائية. وركز جناح جنوب افريقيا على "ايقاع الحياة"، حيث عرضت مشاهد مثيرة حول أحداث جرت هناك قبل عهد الدينوصورات، مروراً بالاستيطان البشري والاحتلال، وانتهاء باحتفال الحرية. وتحت شعار "تقاسم الفن وحكمة الحياة"، قدم الجناح الاسباني عروضاً ثقافية ومنتجات محلية من وحي الطبيعة.
وشاركت في المعرض بلدان عربية. ففي جناح قطر، مثلاً، كان شخص يقوم بأعمال الحياكة، وآخر يصنع سفينة خشبية، وثالث ينقش في الجصّ. وركز جناح مصر على التعريف بحضارتها القديمة. واهتم جناح السعودية بتحسيس الزوار بحكمة الثقافة الاسلامية في ما يتعلق بالبيئة الطبيعية، وتجلى فيه نمط العيش والحكمة التي ميزت حياة الناس في الصحراء.
بعد انتهاء المعرض الذي دام ستة أشهر، تم تفكيك الأجنحة وأعيد الموقع الى حالته الأصلية، منتزهاً حرجياً كثيف الأشجار.
 
 
 
 

اضف تعليق
*الاسم الكامل  
*التعليق  
CAPTCHA IMAGE
*أدخل الرمز  
   
كيوتو ـ «البيئة والتنمية» الاقتصاد الأخضر يخلق الوظائف
"البيئة والتنمية" يوم تجاوزنا قدرة الأرض
مايكل بويد (لندن) ديموقراطية الحيوانات
ميريل حداد - سنغافورة سنغافورة مدينة في حديقة
"البيئة والتنمية" عجائب المحيطات إرث للعالم
 
بندر الأخضر صديق البيئة
(المجموعة الكاملة)
البيئة والتنمية
 
اسأل خبيرا
بوغوص غوكاسيان
تحويل النفايات العضوية إلى سماد - كومبوست
كيف تكون صديقا للبيئة
مقاطع مصورة
 
احدث المنشورات
البيئة العربية 9: التنمية المستدامة - تقرير أفد 2016
 
ان جميع مقالات ونصوص "البيئة والتنمية" تخضع لرخصة الحقوق الفكرية الخاصة بـ "المنشورات التقنية". يتوجب نسب المقال الى "البيئة والتنمية" . يحظر استخدام النصوص لأية غايات تجارية . يُحظر القيام بأي تعديل أو تحوير أو تغيير في النص الأصلي. لمزيد من المعلومات عن حقوق النشر يرجى الاتصال بادارة المجلة
©. All rights reserved, Al-Bia Wal-Tanmia and Technical Publications. Proper reference should appear with any contents used or quoted. No parts of the contents may be reproduced in any form by any electronic or mechanical means without permission. Use for commercial purposes should be licensed.