تاكانا قبيلة من السكان الأصليين في بوليفيا انخرطت منذ سنوات في مشروع لتطوير طرق مستدامة في استخدام الأراضي. وكوفئت على جهودها مؤخراً بجائزة «خط الاستواء» (EquatorPrize) في احتفال أقيم على هامش مؤتمر المناخ في باريس في كانون الأول (ديسمبر) 2015. وتكرم هذه الجائزة، التي ترعاها «مبادرة خط الاستواء»، حلول التنمية المستدامة. وقد فاز بها 21 مشاركاً من أصل 1461 مرشحاً من 126 بلداً، وكان موضوعها «منع إزالة الغابات» كعامل أساسي في إبطاء الاحترار العالمي.
يتوزع شعب تاكانا في نحو 20 مجتمعاً في شمال غرب بوليفيا، قرب حدودها مع البيرو. وقد حصل بعد سنوات من الكفاح على حقوق قانونية في 390 ألف هكتار من أراضيه التقليدية، يعمل على ضمان حمايتها بتطوير سبل عيش مستدامة والحفاظ على التنوع البيولوجي وحماية الغابات. وتساعد منظمة الحفاظ على الحياة البرية (WCS) شعب تاكانا ومجتمعات بوليفية أصلية أخرى في هذا المجال منذ العام 2001. وتقدر المنظمة أن المناطق التي يديرها شعب تاكانا تعرضت لإزالة الغابات بوتيرة أقل أربع مرات من المناطق الواقعة خارج حدوده.
هذا يؤكد نتائج أبحاث وجدت أن المجتمعات المحلية تدير أراضيها غالباً بفعالية أكبر من مالكي الأراضي أو الحكومات، إذا توافرت لها حقوق حمايتها. وبما أن المجتمعات الأصلية حول العالم تفتقر للحقوق في 75 في المئة من أراضيها، فهناك مجال كبير للتحسين إذا منحت هذه الحقوق.
ويعتبر كثير من دعاة الحفاظ على الطبيعة أن وضوح حقوق الأراضي عامل حاسم في رعايتها. وتقول الدكتورة ليليان بينتر، مديرة برنامج WCS في بوليفيا، إن اعتراف الدولة بحقوق السكان الأصليين في أراضيهم حفزهم على اتباع خطط لتصنيف هذه الأراضي، وتضيف: «لديهم تنظيم للموارد الطبيعية وهيكلية لصنع القرار تمثل حقوق المجتمعات في الملكية الجماعية للأراضي. ونظراً لحصولهم على الحق في الأراضي، بات لديهم الدافع والحافز لإدارة هذه الموارد بطريقة مستدامة».
تشتمل الإجراءات الإدارية المستدامة التي يمارسها شعب تاكانا على حصاد موارد الغابات من دون إلحاق الأذى بالأشجار، مثل إحداث عدد محدد من الجروح في الجذوع عند حصاد البخور. وأشارت بينتر إلى أن المجتمعات الأصلية «تطور هذه الأنظمة بنفسها، ويعلم أفرادها أنهم إذا أحدثوا كثيراً من الجروح في شجرة فسيكون مصيرها اليباس».
وتشارك المجتمعات بنشاط في أعمال المراقبة وتسجيل البيانات، مثل حجم البخور الذي يتم استخراجه من كل شجرة، وعدد الأشجار التي يتم «حلبها». وتجرى تقييمات خارجية دورية كل ثلاث إلى أربع سنوات لضمان اتباع ممارسات مستدامة.
تتداخل أراضي تاكانا الأصلية مع متنزه ماديدي الوطني، وهو من المحميات الأكثر تنوعاً بيولوجياً في العالم، ويمتد من قمم جبال الأنديز المغطاة بالثلوج إلى الغابة المطيرة في حوض الأمازون. وتعتبر تقنيات الاستخدامات المستدامة للأراضي التي تعتمدها مجتمعات تاكانا مهمة لتواصل أراضي متنزه ماديدي الشاسع التي تؤوي أكثر من 50 نوعاً من الحيوانات والنباتات البرية المهددة. وقد اكتشفت منظمة WCS عدة أنواع جديدة على العلم هناك، كان آخرها نوع من الضفادع اكتشف في حزيران (يونيو) 2015.
تقول الدكتورة جولي كونين، المديرة التنفيذية لبرنامج أميركا الجنوبية والكاريبي في المنظمة: «ثمة أماكن قليلة في العالم يمكنها الادعاء أن لديها من الغنى في التراث الطبيعي والثقافي ما لدى بوليفيا. وأراضي متنزه ماديدي هي جوهرة تاج البلاد. نحيّي السكان الأصليين القيمين على هذه الأراضي ونحتفي بنجاحهم».
|