انتقل زوجان هولنديان متقاعدان الى قرية في عمق الريف الفرنسي. وها هما يواجهان محنة صحية ومالية، بعدما تبين أن المنزل الذي اشترياه مبني بحجارة اقتلعت من منجم سابق لخام اليورانيوم.
اشترى الزوجان، كيس وإينا فاندر سانت، منزلاً حجرياً بدا طبيعياً تماماً، في قرية سان جوليان أوبوا بمقاطعة كوريز، لقضاء بقية حياتهما فيه بعد تقاعدهما من العمل. وهما أمضيا خمس سنوات في تجديده، قبل الانتقال إليه عام 2008 ليحوِّلاه إلى نزل سياحي يعيشان من إيراده.
بحلول العام 2011، تبخرت أحلامهما بتقاعد آمن في إحدى أروع مناطق الريف الفرنسي. فبعد استقصاء أجراه فريق من اختصاصيي الإشعاع من شركة «ألجاد» الفرنسية، تبين أن الزوجين معرضان لخطر عظيم في منزلهما، لأنه بني بحجارة اقتلعت من منجم يورانيوم قريب، منحت الحكومة الفرنسية شركة «جالادي» للمقالع حق استخراج الحجارة منه عام 1980.
تقول إينا فاندر سانت: «أخبرنا مجلس المقاطعة أن منزلنا غير مأمون بسبب انبعاث غاز الرادون. حياتنا في خطر. والحل الوحيد تهوئة الغرف خمس أو ست ساعات في اليوم. لكن في الشتاء، عندما تتراوح الحرارة في الخارج بين 5 و10 درجات مئوية تحت الصفر، تستحيل تدفئة منزل يحتاج إلى تهوئة دائمة».
اجتمع الزوجان باختصاصيي بناء لمعرفة الأعمال الضرورية الممكنة ليصبح منزلهما مأموناً، لكن السلطة المحلية أبلغتهما أن عليهما تحمل نفقات أي أعمال إصلاح. يقول كيس فاندر سانت: «نحن نعلم أن الأعمال الإصلاحية ستكون مكلفة جداً بالنسبة الى منزل لا يمكن بيعه. ولسنا قادرين على شراء منزل آخر. نحن محكومون بالعيش في هذا المنزل إلى أن يقضي علينا المرض».
الأمل الضئيل للزوجين بتعويض مالي هو في مقاضاة شركة «أريفا» الفرنسية العمـلاقة للطاقة التي كانت تملك المنجم. وقد اتصلا بالشركة، فأُبلغا بأن منجم اليورانيوم كان متوقفاً عن العمل عند بناء منزلهما. وأنكرت «أريفا» مسؤوليتها على أساس أنها ليست معنية بالمطورين العقاريين الذين بنوا المنزل بحجارة وجدوها في محيط المنجم السابق.
يقول يونين كيفين، رئيس الفرع المحلي لجمعية الدفاع عن البيئة: «أريفا هي التي تركت مواد مشعة مكشوفة لعوامل الطبيعة، تعرض حياة الناس للخطر. الوضع شبيه بمعسكر انتقل فجأة مخلفاً وراءه أكوام ذخيرة ملأى بالمتفجرات».
وهي ليست المرة الأولى التي تتهم فيها «أريفا» بمسؤولية عن أشغال منجم اليورانيوم السابق. ففي العام 2011، أفادت جمعية بيئية أخرى أنها اكتشفت صخوراً مشعة، يزن بعضها 20 كيلوغراماً، استخدمت في بناء سدود ودروب حرجية حول بحيرة في بلدة سان بريفا المجاورة.
ينطلق الرادون عندما تتحلل عناصر مشعة مثل اليورانيوم والثوريوم. وهو غـاز مشـع يوجد طبيعياً في البيئة وفي مواد عـدة مثل الغرانيت والرمال. وعـادة لا يكون هناك خطر على الانسان من هذه المـواد المشعة الموجودة طبيعيـاً بمستوى منخفض. لكن الخطر على الصحـة ينشأ إذا تـراكمت تـركيزات غـاز الـرادون، كمـا حصـل في منزل آل فاندر سانت.
|